Prof. Jassem AJAKA
Physicist and Economist

انخفاض النفط لم ينعكس إيجاباً على أسعار مواد البناءعجاقـة: الوضـع الاقتصـادي تعـيس جـداً وأسعـار الشـقـقلـن تنـخـفـض ونحـن ذاهبـون الـى أزمـة عقاريّـة كــارثيـّة

رغم انخفاض اسعار النفط الذي ادى بدوره الى انخفاض اسعار مواد البناء الا انه لم ينعكس ايجاباً على السوق العقاري الذي يعاني ركوداً ملحوظاً وبقيت اسعار الشقق على ما هي عليه، اذ يبدو واضحاً ان المستثمرين والمتعهدين مستمرون بنهج «المتاجرة المبالغ بها» في سعيهم الى تحقيق اموال اضافية على حساب المواطن. ولأن الاقتصاد اللبناني اقتصاد حر ما يسهّل على التجار في التلاعب بهامش الربح رغم تقلبات الارقام في الحركة الاقتصادية اللبنانية يبقى انخفاض اسعار الشقق حلماً يطمح إليه العديد من اللبنانيين. ـ جاسم عجاقة ـ يشير الخبير الاقتصادي ومستشار وزير الاقتصاد البرفوسور جاسم عجاقة الى ان عوامل عدة تمنع أسعار الشقق من الإنخفاض وعلى رأسها إقتناع التاجر أو المالك بأن الأسعار سترتفع، اضافة الى عوامل إقتصادية مثل عدم ثقة اللبناني بالليرة اللبنانية وبذلك يُفضّل إمتلاك عقار على إمتلاك رأسمال بالليرة اللبنانية. وأيضاً قلة الأراضي الصالحة للبناء وإزدياد عدد السكان وسوء الوضع الاقتصادي الذي يدفع بالراساميل إلى القطاع العقاري. وفي ظل عدم تغيّر هذه العوامل من الصعب أن تنخفض الأسعار.ويلفت الى تأثير الازمة السورية بشكل مباشر على أسعار الإيجارات التي زاد الطلب عليها بشكل كبير. وهناك تأثير غير مباشر على أسعار البيع من ناحية أن مالك الشقة مُقتنع أن هناك الألوف من الزبائن الذين يطمحون إلى إمتلاك شقة في لبنان. لكن هذين التأثيرين قد يُصبحان كارثة تؤدي إلى أزمة عقارية في حال لم يعد النازحون السوريون إلى بلادهم. ـ الارتفاع المفاجئ للاسعار ـ وعن الحديث عن الارتفاع المفاجىء للاسعار بعد انتخاب رئيس للجمهورية، يوضح عجاقة ان هذه المعلومات هي من قبيل الشائعات بهدف المضاربة (Speculations) وذلك من منطلق أن مُطلقيها يهدفون إلى دفع الزبائن إلى شراء العقارات في ظل سوق يعيش حالة ركود. والمُطلقين لهذه الشائعات هم المُطورون العقاريون الذين يُعانون من أزمة لجم لقدرتهم على الإستثمار أكثر بحكم وجود رأسمالهم في العقارات التي لم يتمّ بيعها حتى الأن.ويؤكد انه إذا ما تمّ إنتخاب رئيس للجمهورية وأُقرّ قانون إنتخاب وتمّ إنتخاب مجلس نواب، فإن الوضع الاقتصادي سيتحسن وسيزيد الطلب على الشقق السكنية. إلا أن إحتمال حصول كل هذا ضئيل مع عدم وجود تغيير في المعطيات الإقليمية. من هذا المُنطلق نرى أن هذه الشائعات هي في خانة الترويج لا أكثر ولا أقل. يعاني المواطنون من عدة اشكال للاستغلال من قبل التجار فهل من قانون معين قد تتبعه الدولة يحاسب التاجر الذي يسعى الى تحقيق مكاسب اضافية بمعزل عن مصلحة المواطن والاقتصاد؟ يقول عجاقة ان الاقتصاد اللبناني هو إقتصاد حرّ لذا لا يُمكن التدخل بالأسعار مباشرة. إلا ان هناك وسيلتين وهما: المرسوم الإشتراعي رقم 73 تاريخ 9 أيلول 1983 والذي ينص على إستحالة بيع المنتج بأكثر من ضعف سعر الكلفة بالحد الأقصى. والصعوبة في القطاع العقاري تكمن في عدم قدرة الدولة على معرفة سعر الكلفة على التاجر لأن قسماً كبيراً من العمليات تُدفع نقداً كأجر العمال وشراء البضائع ونظام المقايضة المُتبع في هذا القطاع. والسياسة الضريبية التي تسمح بفرض ضرائب كبيرة على الأرباح مما يسمح بترشيد الأسعار على المدى البعيد. لكن سلبيات هذه الوسيلة تكمن قبل كل شيء في تخفيض عدد العمليات. لكن عملياً على الأرض هذه الوسائل لا يُمكن إستخدامها بسبب وجود المحصاصات والمحسوبيات، الأمر الذي يفرض خرق القوانين وعدم إجراء إصلاحات. ويختم: الوضع الاقتصادي هو وضع تعيس جداً خصوصاً مع تزايد الدين العام. هذا الأخير بدأ يأخذ منحاً إسّياً (Exponential) مع إزدياد العجز، وما حجم الإصدار الأخير إلا دليل على مدى الوضع الحرج الذي تعيشه المالية العامة. هذه المالية التي لها تأثير سلبي على القروض للقطاع الخاص، تحرم هذا الأخير من التمويل وبالتالي فقدان النمو الذي هو وحده خالق الثروات. من هذا المنطلق نرى أن اللبناني سيعيش أياماً سوداء في ظل إستمرار الوضع الحالي وفي ظل وجود سوري أكثر من كارثي. وهنا يجب القول أنه لا حلّ للمشكلة الاقتصادية من دون معالجة النقطتين التاليتين: لجم الوجود السوري على الأرض اللبنانية ودعم الإستثمارات في القطاع الخاص. وإذا ما تمّ حلّ هاتين النقطتين، فإن الاقتصاد سيتعرض لصدمة إيجابية ستسمح بخلق نمو وبالتالي إعفاء المواطن من المشاكل الاقتصادية والإجتماعية التي يعيشها يومياً.

رابط الديار

Print Friendly, PDF & Email