Prof. Jassem AJAKA
Physicist and Economist

عصابات تدير المنصات.. وسعر الصرف سياسيّ أيضاً!

جريدة الأنباء | لارا أبي رافع

قفز دولارنا عن عتبة العشرة آلاف ليرة لبنانية، ويمضي محلّقاً ليكسر الأرقام القياسية التي لم يتخيّل أحد أنه قد يناهزها، رغم التحذيرات المتكرّرة.

سبق لـ Bank of America أن توقّع أنّ الدولار سيناهز حوالي الـ 45 ألفاً، وها نحن نقترب بخطى ثابتة من هذه الكارثة. كما سبق للعديد من الخبراء الماليين والاقتصاديين أن حذّروا ممّا قد نصل إليه. ولكنّ السلطة غائبة، ولا معنيين فيها يسألون عمّا يحلّ بالليرة،  “يلي ما عادت تحكي ولا تفعل”. جلّ ما يفعلونه لقاءات واجتماعات لا أمل منها ولا فائدة.

وفي اجتماع بعبدا الأخير، غير المقونن أصلاً، أصدر المجتمعون سلسلة قرارات قد يكون أبرزها العمل على استكمال إقفال المنصات والمجموعات الإلكترونية غير الشرعية، وتكليف الوزارات المعنيّة والأجهزة الأمنية العمل على ضبط استعمال العملة الأجنبية إلّا لغايات قطاعية، أو تجارية، أو صناعية، أو صحيّة. “هذه الأمور تحتاج إلى آلية، والتنفيذ لا يكون على مستوى الإعلام، فالقرارات التي اتُّخذت تحتاج إلى آلية من أجل تنفيذها، وأعتقد أنّ الشيء الوحيد الذي يتمّ العمل عليه هو الشقّ المتعلّق بملاحقة الصيارفة المخالفين”، يقول الخبير الاقتصادي والمالي جاسم عجاقة في حديث لـ”الأنباء” الإلكترونية.

ويتابع: “في ظلّ غياب لأيّ آلية واضحة، لن تطبّق هذه القرارات. وحصر الدولار بالقطاعات التي حُكي عنها لن يحلّ المشكلة إنّما الحلّ الوحيد هو بتشكيل حكومة، و”غير هيك من كون عم نضحك على بعضنا”.

إلى ذلك، يؤيّد عجاقة إقفال المنصات، ويُشير إلى أنّه، “من أجل وقف المضاربة على الليرة يجب منع المضاربة. فلا مشكلة في تبادل الدولار في السوق من أجل أمور اقتصادية، إنّما المشكلة في أن تتمّ المضاربة على سعر الصرف، والدليل هو أنّ تجارة الشيكات ناشطة”. ويؤكّد: “لو أنّ المنصات تعكس السعر الحقيقي في السوق، لكانت ذات فائدة، ولكن هي لا تعكس حركة السوق إنّما تديره. وعادة تكون أسعار المنصة ناتجة عن العرض والطلب، ولكن هل يمكن لأحد أن يخبرنا كيف تتواجد الأرقام على المنصات؟ فليتمّ شرح ذلك للناس. وأين طلبات الشراء والبيع؟ إذاً، هم من يحركون السوق، وهذه الأسعار لا تعكس سعر صرف السوق السوداء، إنما الأسعار التي يضعونها هم”.

ويلفت عجاقة إلى أنّ، “هناك من يدير هذه المنصات والـتطبيقات  (Applications)، والأسعار تكون بحسب مصالحهم الخاصة، في حين أنّ المصلحة العامة تقتضي، في حال كان هناك ما يفرض تشريع السوق الحرّة، أن يكون تبادل الشراء والبيع تحت إشراف الدولة، وليس بإشراف عصابات. والسعر الاقتصادي الحقيقي للدولار أقلّ ممّا هو عليه حاليّاً، فالسعر الموجود هو سعر سياسي”.

الأكيد أنّ هناك شقٌ اقتصادي لأزمة الدولار ناتجٌ عن تردّي الأوضاع، وشقٌ مالي نتيجة طبع العملة. وبرأي عجاقة لا حلّ إلا بتشكيل حكومة تقوم بالإصلاحات، وتتفاوض مع صندوق النقد وعندها يتراجع سعر الصرف.

إذاً، سعر صرف الدولار سياسي، ولا يعكس الوضع على حقيقته، وهناك مَن يتلاعب بهذا السعر لأهداف شخصيّة ولكن مَن لديه سلطة تصمّ آذانها عن وجع الناس، هل يحركها ارتفاع سعر الصرف مثلاً؟

Print Friendly, PDF & Email
Source جريدة الأنباء الإلكترونية