Prof. Jassem AJAKA
Physicist and Economist

الفساد ينخر الإدارات العامّة في لبنان… والحلّ بالحكومة الإلكترونيّة رشاوى وهدر في أموال الدولة… والإصلاحات بدأت

رشاوى بالجملة وعـ «عينك يا دولة»… تعتبر «الرشوة» من احد اهم مظاهر الفساد المستشري في المجتمع اللبناني فهي من اخطر الثقوب التي تستنزف خزائن الدولة وجيوب المواطنين معاً. فالموظفون المرتشون ينهبون الخزينة في عملية او آلية يدفع رسومها اصحاب المعاملات القانونية وغير القانونية في الدوائر الحكومية. هذه المأساة الحقيقية التي اقترنت بعمل معظم موظفي الدولة اصبحت امراًواقعاً سلم له اللبنانيون، فبعضهم اتجه الى تسميتها «اكرامية» للتخفيف من حدة الكلمة والبعض الآخر أبقاها «رشوة» لادراكه مدى خطورتها فهي دوماً ما تقف حائلاً بين المواطن ومعاملته. الموظف المرتشي يقبض الرشوة من صاحب المعاملة الذي يربح الكثير من جرّاء تهربه من دفع الرسم الفعلي للدولة كضريبة على ممتلكاته. اذاً، الطرفان رابحان فيما الدولة خاسرة في هذه المعادلة «المنحطة»، التي يلعب دور البطولة فيها مجرمان اثنان أحدهما مفسد وثانيهما فاسد. فما هي الأسباب التي تؤدي إلى فعل الرشوة وما هي الخطوات التدبيرية التي يجب أن تتخذ لمحاربة هذه الآفة التي تهز كيان الإدارات العامة للدولة؟ ـ الفساد ـ يشير مستشار وزير الاقتصاد البروفسور جاسم عجاقة الى ان الفساد هو السببب الأساسي للنمو المنخفض في الإقتصادات النامية وفي طور النمو. والفساد بشكله البسيط – في إطار تقديم الخدمات العامة – يأخذ ثلاثة أشكال: الرشوة، دفع الأموال مُقابل الخدمات المجانية، وسرقة الأموال العامة. ويأتي الفساد كنتيجة لعدة عوامل منها ثقافة الفساد الممزوجة بأجر منخفض، جشع بعض طالبي الخدمات من القطاع الخاص، غياب الرقابة، المحسوبيات التي يتوهم الموظف أنها ستحميه، وغيرها من العوامل الأخرى. ويلفت الى ان المرتشي هو قبل كل شيء شخص فاسد يستفيد من موقعه كموظف مدفوعاً بقلة الأجر الذي يجنيه. من هذا المنطلق يتم رصده عبر آلية بسيطة تنص على تحديد المواقع الحساسة في الوزارة، مراقبة الموظفين في هذه المواقع، وملاحقة كل من يثبت عليه الفساد مع التشهير به ليكون عبرة لمن تؤول له نفسه القيام بهكذا أمور. ويتابع:لكن الوسيلة المثلى تبقى قبل كل شي إعتماد نظام الحكومة الإلكترونية e-government على أن تشمل كل الخدمات المُقدمة إلى المواطن من أبسط المعاملات الإدارية إلى أكثرها تعقيداً. وقد قام وزير الاقتصاد والتجارة بالطلب من الإتحاد الأوروبي تمويل هذا البرنامج على أن يتم بدء العمل به فور الإنتهاء من إعداده. وعن الفئة المرتشية يقول انه لا يمكن تحديد المرتشون بفئة معينة، فثقافة الفساد منتشرة في كل دوائر الدولة. لكن بعد عام ونصف تقريباً من إستلام وزير الاقتصاد منصبه، لم يتمّ تحويل أي شخص إلى القضاء وذلك على الرغم من وجود العشرات من عمليات المراقبة على أشخاص داخل الوزارة. اما بالنسبة للحصانة التي غالباً ما يحتمي بها المرتشين، فيوضح عجاقة ان المحسوبيات هي التي تمنع المحاسبة في ظل نظام طائفي وحزبي. لكن الأمور تغيرت كثيراً مع هذه الحكومة حيث أن الأحزاب جميعها أعلنت رفع الغطاء عن الفاسدين أينما وجدوا. لذا الأمر الأن في يد الوزراء الذين لهم السلطة المطلقة في كشف الفاسدين وتحويلهم للقضاء المختص ليتم مجازاتهم بحسب القوانين المرعية الإجراء. وعن تأثير «الرشوة» على ايرادات الدولة، يلفت الى ان الرشوة تُؤثر على إيرادات الخزينة عبر حرمها من أموال كان ليدفعها طالب الخدمة لو كان أداء الموظف كما يجب. المشكلة في تقييم هذه التأثيرات يأتي من عدم معرفة كل أنواع الرشاوى الموجودة لكي يتم تقييم التداعيات. ويتابع: تقدر قيمة الرشاوى سنوياً بمليار ونصف مليار دولار أميركي تقريباً، وتبقى هذه الارقام تقريبية. اما بالنسبة للخطوات المتبعة للكشف عن المرتشين، فيوضح ان هناك آلية بسيطة تنص على تحديد المواقع الحساسة في الوزارات ومؤسسات الدولة، ومراقبة الموظفين الذين يحتلون هذه المواقع، وملاحقة كل من يثبت عليه الفساد مع التشهير به ليكون عبرة لمن تؤول له نفسه القيام بهكذا أمور. ونحن في وزارة الاقتصاد نتبع هذه الآلية منذ أكثر من ستة أشهر. في المقابل، يؤكد مصدر من وزارة المالية ان لا حصانة سياسية او ادارية على اي مرتشي، والقانون سيطبق على كل من يخالف، وزارة المال أحالت عشرات الاشخاص الذين تم اكتشاف تورطهم او تحوم حولهم شبهات الى النيابة العامة والقضاء سيأخذ مجراه في محاسبتهم ومساءلتهم. ويلفت المصدر الى ان وزارة المالية اتخذت اجراءات عدة لمنع كل انواع المخالفات والفساد داخل الادارات الرسمية واحدها الربط الاكتروني بين مختلف دوائرها لتسهيل تعاطي المواطنين والمكلفين معاً في الدوائر التابعة للمالية عبر هذه الطريقة التي تضع المواطن والمكلف مباشرة مع ادارته دون الاضطرار الى اللجوء الى وسطاء او معقبين، كما وتسهل عليهم عملية التنقل بين المكاتب وتوفر اوقاتهم. ويعطي المصدر مثالاً: تمكنا من تحقيق تنائج ايجابية في ما يخص «التخمين العقاري» حيث استطعنا من خلال الاجراءات الجديدة المطبقة من الحد بشكل كبير من عملية التلاعب في عمليات التخمين التي كانت تحرم الدولة من مبالغ كبيرة . رابط الديار

Print Friendly, PDF & Email