Prof. Jassem AJAKA
Physicist and Economist

عازب وكبير في السنّ… ممنوعة عليك الإستفادة مـن أي ضمان صحّـي!!!… (2)

أنطون الفتى

(أ.ي) – إستكمالاً للموضوع الذي أثرناه أمس، حول شريحة “صامتة” من اللّبنانيين، وهي الأكثر تضرُراً من فوضى المعالجات والعلاجات على الطريقة اللّبنانية.تلك الفئة تتضمّن العازبين الذين كَبِروا في السنّ، وبلغوا مرحلة التقاعد، أو لم يبلغوها، (لكون بعضهم لم يعمل يوماً في أي مجال). تلك الفئة يُضطّر بعض من ينتمي إليها الى العمل بعد سنّ التقاعد (64 عاماً) في شكل تعاقُدي توافُقي مع إدارة المؤسسة التي ينتمي إليها، للحفاظ على مورد رزق معيّن، كما للحفاظ على ضمان صحي معيّن. أو انهم لا يعملون بسبب عدم موافقة إداراتهم على أي صيغة تعاقُدية، فيفقدون كل الإمتيازات التي كانت لديهم خلال مدّة العمل. فيما الذين لم يعمل منهم يوماً، يبقى بلا مورد رزق، كما بلا أي ضمان صحي، بموازاة عدم السّماح قانونياً لأي قريب له (إبن أو إبنة شقيق أو شقيقة، شقيق أو شقيقة، أو أي قريب آخر…) من جَعْله يستفيد من ضمانه على غرار إستفادة الوالد أو الوالدة مثلاً.

وكنّا ذكرنا أمس أيضاً أن القوانين التي تضبط عمل بعض القطاعات، تمنع العزباء من تقاضي تعويضها إذا رغبت في ترك وظيفتها قبل أن تكون أكملت عدداً معيّناً من السنوات في الخدمة، فيما تمنح هذا الحقّ للمرأة المتزوّجة، رغم أن الأخيرة لديها من يُعيلها ويهتمّ بـ “آخرتها” من زوج وأولاد، ولو نظرياً.

ونذكر اليوم أيضاً أن تلك الشريحة من المجتمع اللّبناني تُعاني من أوضاع مُقلِقة، وسط غياب أي ضمان صحي لها. فلا أحد من الأنسباء يسمح له القانون بتمكين عازب وكبير في السنّ من الإستفادة من ضمانه، كما أن إجراء عملية جراحية مثلاً لأحد المُنتمين الى تلك الفئة تشوبه صعوبات أيضاً، لأن المستشفيات الخاصّة يُمكنها أن لا تقبل إدخال مريض على نفقة وزارة الصحّة. فيما المستشفيات الحكومية لا تحتوي بمعظمها التجهيزات والآلات نفسها الموجودة في المستشفيات الخاصّة، فضلاً عن أن أداء بعض الأطباء (وليس كلّهم) يختلف بين المستشفى الخاص والحكومي، فيكون أكثر جديّة في الخاص. ونُشير أيضاً الى أن شركات التأمين الصحّي الخاصّة لا حلول لديها لتلك الفئة من الناس، خصوصاً أن تلك الشركات تبدأ بوضع شروط قاسية على قبول التغطية الصحية للّذين ينتمون الى الفئات الأصغر سناً، حتى ولو كانوا يعملون…

وبعدما اكتفينا في الجزء الأول بالإضاءة على الموضوع، نتوسّع في الكلام بشأنه، في ما يلي.عجاقة لـ “أخبار اليوم”: كلّ بلد لا يكون الإنسان محور سياساته الإقتصادية هو بلد فاشل لا معلومات بعد حول كلفة القيام بتغطية تلك الفئة صحياً وهذا يعود الى غيــــاب الدراسات بلد فاشل؟؟؟… شدّد الخبير الإقتصادي البروفسور جاسم عجاقة على أن “النقطة الأولى التي يجب معرفتها هي أن كلّ بلد، لا يكون الإنسان محور سياساته الإقتصادية هو بلد فاشل. وكلّ بلد لا يتوافر فيه الغطاء الصحي للمواطنين هو بلد فاشل. وكلّ بلد فيه فقر هو بلد فاشل، وهذه مسلّمات في علم الاقتصاد”.

وشرح في حديث الى وكالة “أخبار اليوم” أن “لا معلومات بعد حول كلفة القيام بتغطية الدولة لفئة كبار السنّ العازبين، صحياً، رغم أن المشكلة موجودة، وهذا يعود الى غياب الدراسات حول أعداد الذين ينتمون الى تلك الشريحة”.

وتساءل حول أن “كيف يمكننا اعتبار أن الدولة في لبنان تحترم مواطنيها فيما لدينا فئة منهم (المواطنين) تتمثل بالأشخاص الذين لا تغطية صحية لديهم، وحتى من الممكن أن لا يوجد لديهم أي مدخول. وهنا يظهر وجود ثغرة كبيرة جداً، وهي من الأمور غير المقبولة في كلّ المعايير”.

تبايُن إجتماعي وأضاف عجاقة: “المزايدات خلال فترة الإنتخابات كانت تدور حول موضوع واحد في شكل أساسي وهو “ضمان الشيخوخة”، ولكن دون القيام بأي شيء ملموس في هذا الإطار، ولن يتمّ العمل على شيء، وهذه مع الأسف نقطة سوداء”.

وقال: “ملف الأشخاص الذين كبروا في السنّ ولا ضمان صحياً لديهم ليس موضوع اهتمام من قِبَل أحد، وهو يخلق نوعاً من التباين في المجتمع اللبناني، بنسبة كبيرة جداً، في ظلّ وجود بعض الفئات من جميع الأعمار التي لديها الغطاء الصحي اللّازم وكلّ شيء، فيما فئات أخرى تعيش مهمّشة. وبالنظرية الإقتصادية، هذا الأمر مرفوض لأنه يجعل العمل على تطوّر الإنسان مستحيلاً بسبب سياسات تخلق التفاوت في المجتمع، وتوجد مشكلة كبيرة على هذا الصعيد”.

حلول ومعوقات؟ وعن الحلول المُمكنة في هذا الملفّ، تابع عجاقة:”نحن ننتظر ماذل يُمكن لـ “خطة ماكينزي” أن تقترح على هذا الصعيد. ولكن لا تأكيدات كاملة حول ما إذا كانت الخطة تناولت هذه النقطة بالذات أو دخلت الى مستوى متقدّم من التفاصيل في هذا الإطار. ولكن يبقى هذا الملفّ واحداً من التعديلات التي يجب ان توضع على “خطة ماكينزي” إذا لم تَكُن ذكرت أي شيء عن إعطاء الغطاء الصحي لفئة كبار السنّ العازبين الذين لا تقديمات صحية من قِبَل الدولة اللبنانية لهم حالياً، بالإضافة الى أنه يجب المطالبة بإعطائهم مدخول الحدّ الأدنى من العيش الكريم إذا لم تكن تلك التفاصيل مذكورة في خطة “ماكينزي”، لتأمين حاجاتهم الأساسية، ووضع حلّ لمسألة استشفائهم ضمن package واحدة”.

وقال عجاقة: “هذا الملف يُعاني من التقصير في لبنان، ولا أفق إيجابياً لأن مالية الدولة تعاني عجزاً كبيراً. وفي سياق متصل، توجد توقعات أنه لن يتمّ دفع سلسلة “الرتب والرواتب” العام القادم، وهو أمر خطير جداً، ولكن من المتوقّع أن يحصل مع الأسف”.

القطاع الخاص ورداً على سؤال حول إمكانية أن يلعب القطاع الخاص دوراً في إمكانية حلّ هذه المشكلة، أوضح عجاقة: “يُمكن للقطاع الخاص أن يدخل على طريق الحلّ في هذا الملف، ولكن الحلّ هنا قد يكون تدريجياً وبناء على إشتراكات معيّنة تبدأ الإستفادة منها بعد فترة. ولن تتمّ تغطية المدّة التي تسبق أي حلّ يُمكن وضعه في هذا الإطار”.

Print Friendly, PDF & Email