Prof. Jassem AJAKA
Physicist and Economist

التأمين المصرفي في لبنان.. قصة نجاح أم احتكار بقوانين عجاقة: القوانين تطبق وهيمنة المصارف سببها طريقة التسويق

التأمين المصرفي هو عبارة عن استراتيجية للمصرف تقضي ببيع منتجات التأمين عبر شبكة فروعه. وقد دخلت المصارف اللبنانية في هذا المجال منذ نهاية التسعينات. وتتضمن هذه المنتجات «التأمينات الشخصية على غير الحياة» و«التأمين على الحياة» و«التوفير والادّخار». وإستحوذت على حصة ملحوظة من السوق في فترة قصيرة نسبياً. إذ شكلت منتجات التأمين المصرفي حوالي 23 في المئة من مجموع الأقساط في العام 2002، ولا يزال هذا النمط مستمراً على نحو متزايد. وفي الوقت الذي تتجاوز نسبة مساهمة التأمين في الناتج المحلي 3,5 بالمئة، يرى بعض خبراء الإقتصاد أن المصارف أثبتت انها الوسيط الأكثر نفوذاً وقناة التوزيع الأقوى لشركات التأمين، هذا الواقع يحمل الشركات المستقلة عن المصارف على رفع الصوت بين حين وآخر لتطالب بإصدار تشريعات أو أنظمة تضبط تسويق المصارف للمنتجات التأمينية وتخضعه لشروط تمنع تحكّم المصرف بطالب «القرض المصرفي». وعلى الرغم من أن نجاح المصارف في بيع منتجات التأمين يعود إلى عدة أسباب، لا بد أن نسأل: «هل بدأت شركات التأمين المستقلة (تصرخ) فعلا؟ وهل التأمين عبر المصارف هو مصلحة للشركة أم للبنك أم لحامل البوليصة؟ ولماذا يعتبر بعض المراقبين أن المبدأ الأسلم أن تكون شركات التأمين مستقلة»؟ مجلة «إتحاد المصارف العربية» إلتقت بعدد من خبراء الإقتصاد في العاصمة اللبنانية- بيروت، وإستعرضت معهم هذه الإشكاليات، وأبرز الإيجابيات والسلبيات المرتبطة بإستقلالية شركات التأمين، أو بإرتباطها بالمصارف وفق التحقيق التالي: عن العوامل التي تقف وراء نجاح تجربة «BANCASSURANCE» وبعض الخطوات المطلوبة لتنظيم قطاع التأمين تحدث مستشار وزير الإقتصاد اللبناني البروفسور جاسم عجاقة فقال: «لا يُمكن القول أن قطاع التأمين اللبناني بتركيبته الحالية مُخالف للقوانين، بل على العكس، هذا القطاع يُطبق القوانين بحرفيتها. وإذا ما كان هناك هيمنة للتأمين بواسطة شركات تابعة للمصارف، فإن هذا الأمر يعود إلى طريقة التسويق التي تتم عبر فروع المصارف والتي هي حاضرة بنسبة أكبر بين المواطنين». ويتابع: «لا يوجد شارع تقريباً في المدن لا يوجد فيه فرع لمصرف، في حين أن مكاتب شركات التأمين لا تتوافر إلا في نقاط محددة، وهذا يحد من قدرتها على التواصل مع الزبائن. كما أن جمع الخدمات في مُنتج واحد (قرض + تأمين) يُشكل فرصة للعديد من العملاء الذين لا يرغبون بالبحث عن شركة تأمين». ويضيف عجاقة، هذان العاملان يلعبان دوراً أساسياً في نجاح تجربة الـ «BANCASSURANCE»، وإذا كانت المصارف تُلزم المُقترض بالتأمين لدى شركة تأمين تابعة لها، إلا أن هناك قانوناً موجوداً في أدراج مجلس النواب لتنظيم قطاع التأمين وفي أحد بنوده يوجد إلزامية للمصارف المُقرضة بإعطاء العميل الخيار بين شركات التأمين. والسؤال ماذا لو تم إقرار هذا القانون؟ يجيب عجاقة في حال إقراره فسيجد العميل نفسه أمام إمكانية إختيار شركة التأمين، لكننا نعتقد أن إقرار القانون لن يُغير كثيراً على هيكلية سوق التأمين لأن دمج الخدمات في منتج واحد، له من التأثير الكبير على رأي المستهلك لناحية إختياره. وإذ يعتبر أن النموذج الاقتصادي بحد ذاته ليس بالسيء، يبدي تأييده مبدأ «الحرية»، «فالأموال الناتجة عن أقساط التأمين تعود مباشرة إلى المصرف الذي وضمن إستراتيجية إستثمارية ورؤية موحدة للتأمين وللمصرف، يتم إستخدامها بشكل مرن أكثر مما إذا كانت الأموال تابعة لشركة تأمين لا تتبع المصرف». وفي ما يتعلق بخدمات التأمين التي تؤمنها شركات التأمين عموماً، يؤكد عجاقة أنها خدمات لا تعلو إلى مستوى الخدمات التي تقدمها الشركات في الدول الغربية، لافتاً إلى أن هذا الأمر يحتاج إلى مجهود كبير يُمكن من خلاله لشركات التأمين غير التابعة للمصارف تحقيق تفوّق على الشركات التابعة للمصارف. ويبدو أن ثمة شروطاً تقف دون تحقيق ذلك، باعتبار أن «الأمر يفرض عليها نظاماً لإدارة المخاطر متطوراً بشكل كبير أكثر مما هو موجود حالياً في هذه الشركات، فمهنة التأمين قائمة قبل كل شيء على إدارة المخاطر وهذه هي المهنة الأساسية لشركات التأمين». وفق عجاقة. ومع ولوج عصر الغاز في لبنان، يظهر إلى الواجهة السؤال التالي: «هل لشركات التأمين في لبنان القدرة على تأمين خدمات في هذا القطاع وحجم هذه الشركات لا يتخطى الملياري دولار»؟ قد يجد البعض أن الجواب سهل ويكمن في إعادة التأمين، لكن وبرأي عجاقة فإن هذا الحل ليس بكاف من ناحية ربحية هذه الشركات لأنها ستقل نسبة إلى رأس المال الاقتصادي للعملية. «من هنا نرى أن إدارة مخاطر متينة تسمح بتقييم المخاطر طبقاً لنماذج مُطورة داخلياً على أساس قواعد عملية مُعمّقة، ستسمح لهذه الشركات بقطف هذه الفرصة».

رابط إتحاد المصارف العربية

Print Friendly, PDF & Email