Prof. Jassem AJAKA
Physicist and Economist

العلاقة بين الجامعة اللبنانيّة والهيئات الاقتصاديّة

يبدو أنّ العلاقة بين الهيئات الاقتصادية والجامعة اللبنانيّة، تحتاج إلى المزيد من الوضوح. فبالرغم من التجاذبات الكلامية بين الطرفين لم يحدد إطار هذه العلاقة بعد. فالجامعة اللبنانية لا زالت مفتقرة لمجمل الدعم المادي من قبل هذه المؤسسات، في مقابلِ دعمٍ هائل يقدّم للجامعات الخاصّة. فلماذا يفضل الانفاق على الجامعات الخاصّة؟ هل هناك نظرة دونية للجامعة اللبنانيّة؟ وإلى أي مدى هي بحاجة لدعم هذه الهيئات الاقتصاديّة؟   لم يسبق أن تمّ الاتفاق على تفاصيل العلاقة بين المؤسستين، رغم أهميّتها. إلا أن الموضوع أُثير مؤخرا على خلفية حفل الذكرى الـ 64 لتأسيس الجامعة اللبنانيّة. هذا الحفل الذي كان تحت عنوان “تعزيز العلاقة بين الجامعة اللبنانية والهيئات الاقتصاديّة ومؤسسات الإنتاج”  لم ينبثق عنه أي قرار يخص تفاصيل تعزيز العلاقة.

حاجة الجامعة اللّبنانيّة لدعم الهيئات الاقتصاديّة 70,000 طالب في الجامعة اللبنانيّة. رقم كبير يساوي عديد القوى العسكرية في الجيش والأمن الداخلي اللبناني. يتخرّج ما يقارب 16,000 طالب سنويّا، فيدخل 3000 طالب سوق العمل، أمّا البقية فيظلون على هامش الحصول على وظيفة. إنّ مسألة تأمين هذه الوظائف كانت ولمّا تزل من أبرز الحاجات، و قد تكون العلاقة بين الجامعة اللبنانية والهيئات الاقتصاديّة سبيلا لها. أهميّة هذه العلاقة لا تتجلّى بتأمين الوظائف للطلاب وحسب بل بتطوير الجامعة وتمويلها. هذا ما يبيّنه الخبير الاقتصادي الدكتور لويس حبيقة لـ”العهد”. حبيقة يعتبر أنّ الحاجة للهيئات الاقتصاديّة ملحّة اليوم، ليأخذ التلميذ في الجامعة اللبنانية حقّه كما في الجامعات الأخرى، “شو نفع ياخد التلميذ شهادة وما حدا يوظفه؟”. يثني على كلامه مستشار وزير الاقتصاد والتجارة البروفيسور جاسم عجاقة، الذي يعتبر في مقابلة مع “العهد”، أنّ “على الجامعة أن تخرّج طلابها لينخرطوا مباشرة بسوق العمل”. تساهم الجامعة من خلال ذلك،  بحسب عجاقة، بتأسيس مجتمع مثقف لديه خبرات وكفاءات تجعله مواطنا “ذا أهلية للمشاركة بالحياة الاجتماعية والاقتصاديّة”. ويضيف عجاقة أنّ “التعاون اليوم أساس بين الجامعة اللبنانية والهيئات الاقتصاديّة لبناء “اوتستراد” بين الأولى والاقتصاد اللبناني”.

هل هناك نظرة دونية للجامعة اللبنانيّة؟ لا مجال لنفي العلاقة الوثيقة بين الجامعات الخاصة والهيئات الخاصّة . هذا ما يؤكّده عجاقة الذي يشير إلى حجم التبرعات المقدمة في إطار العلاقة بين الجامعات الخاصة والهيئات من القطاع نفسه والتي تساوي مليارات الدولارات. “بينما الجامعة اللبنانية تفتقر لهذا الدعم”. عجاقة يعبر عن خيبة أمله نتيجة “عدم مبادرة الهيئات الاقتصادية لدعم جامعة الفقراء” في مقابل ذلك، لا يتوقع لويس حبيقة أي مبادرة فعالة من قبل الهيئات في سبيل توطيد العلاقة مع الجامعة اللبنانيّة. “فالهيئات الاقتصاديّة تفضّل الجامعات الخاصّة لمئة سبب وسبب”.  من ابرزها أسلوب العمل في الجامعة اللبنانية و البطء الذي يرافق القرارات فيها ووصاية وزارة التربية عليها” . علاقة الجامعة اللبنانية بوزارة التربيّة يرى  حبيقة ان ارتباط الجامعة بوزارة التربيّة من المعوقات التي تساهم في عدم تطوير هذا المرفق الوطني الهام . يعارضه عجاقة، الذي يرى أنّ خوف الهيئات الاقتصاديّة هو من الادارة العامّة إجمالاً وليس من ارتباط الجامعة اللبنانية بوزارة التربيّة فقط . “فالوزارة موجودة تحت مبدأ الوصاية، وهذه العلاقة لا يمكن تجاوزها كونها مؤسسة عامة ومن الطبيعي أن ترتبط بوزارة وصاية”.  لذلك يجد عجاقة أنّ ما يطمئن القطاع الخاص ليس تخفيف العلاقة مع وزارة التربيّة، بل تنفيذ استراتيجيّة مبنيّة على الشفافية في إدارة الجامعة، ما يضمن سرعة اتخاذ القرارات. لذلك يشدد عجاقة على دور أجهزة الجامعة الاداريّة من رئيس ومجلس، لتنفيذ الاستراتيجيّة الموضوعة في هذا المجال، وإقامة الخطوات الأساس لتطوير الجامعة اللبنانية وجعلها جامعة متطوّرة. ويختصر ذلك في عدّة محاور تتعلق “بتحديث وتطوير الأبحاث، تحديث وتطوير مناهج التعليم، تحديث وتطوير طرق التعليم حتى تواكب العصر الحديث، تحسين أمور المعاملات الادارية، تحويل المراكز والمجمعات إلى مجمعات بحثية من خلال إقامة بنية تحتية بحثية متطورة”. ويختم عجاقة  بالقول ان “هناك تحديّات للجامعة اللبنانيّة في ظلّ الوضع الاقتصادي اللبناني وعجز المالية العامة، وتبقى الارادة القويّة الحافز الوحيد لتنمية الجامعة”.

رابط العهد 

Print Friendly, PDF & Email