Prof. Jassem AJAKA
Physicist and Economist

الصدمات الإقتصادية في لبنان

يُعتبر النموّ الاقتصادي نتيجة لعوامل إقتصادية عدة، سياسية، أمنية وإجتماعية. وتتفاعل هذه العوامل معاً لتؤثر في الاقتصاد بشكل صدمات منها ما له تأثير على الأمد البعيد ومنها تأثير آني. سنحاول في هذا المقال تحديد مساهمة العوامل الاقتصادية في الاقتصاد اللبناني.   من المعروف أن النموّ الاقتصادي الذي يُقاس بالفرق بين الناتج المحلي الإجمالي لعام نسبة إلى العام السابق، هو معيارٌ أساس للتطوّر والإنماء الاجتماعي في بلد معين. فكلما كان هذا النموّ كبيراً كان المدخول الفردي أكبر وبالتالي إستفاد المواطن عبر تحسين شروط معيشته من طعام، سكن، تعليم وطبابة. بالطبع هذا في ظلّ إقتصاد متوازٍ حيث تسود عدالة إجتماعية يتقاسم من خلالها المواطنون هذه الثروة. لذا يظهر إلى العلن أهمية النموّ الاقتصادي الذي أصبح لبعض البلدان على رأس الهرم الإستراتيجي. تنصّ نظرية كوب-دوغلاس (Cobb-Douglas) على أنّ مستوى الإنتاج في بلد معيَّن يتعلق بحجم رأس المال الإستثماري، القوى العاملة والتكنولوجيا. لكنّ زيادة قيمة عامل لا تعني الزيادة نفسها في مستوى الإنتاج وهذا ما يُسمّى بالمرونة. ما يعني أنّ زيادة قيمة عامل يجب مواكبتها بدراسة مفصَّلة عن المرونة التي يتمتع فيها كلّ عامل علماً أنّ هذه المرونة تتغيّر مع الوقت ومع حجم الماكينة الإنتاجية. في الإقتصادات المُتطوِّرة لم يعد لرأس المال أو القوى العاملة المرونة التي كانت تتمتع بها في القرن الماضي والسبب يعود إلى أنّ هذه الزيادة في هذين العاملين أصبحت تُعطي مفعولاً سلبياً، لذا أتت التكنولوجيا لتدفع مرونة هذين العاملين إلى مستويات عالية. وهذا الأمر أعطى مفعوله على صعيد النموّ الاقتصادي الذي إستمرّ على مستويات عالية على الرغم من حجم الاقتصاد لهذه الدول. أما في الدول طور النموّ، فهذا الأمر لا ينطبق خصوصاً مع ضعف الماكينة الإنتاجية ومقوّماتها من بنية تحتية ورأس مال وقوى عاملة مؤهّلة. الإستثمارات يُعَدّ رأس المال بهدف الإستثمار عنصراً أساسيّاً للنموّ، فالعلاقة بين النموّ الاقتصادي وحجم الإستثمار هي علاقة تمّ أثباتها عبر الأرقام في كلّ الاقتصادات كما في الاقتصاد اللبناني. وتُظهر الأرقام أنّ الإستثمارات الأجنبية المُباشرة في الأعوام 2008 إلى 2014 دفعت بالنموّ إلى المنحنى نفسه، ففي كلّ مرة زادت الإستثمارات زاد معها النموّ والعكس بالعكس. وقد يتساءل القارئ عن تأثير الأزمة السورية في النمو الاقتصادي من العام 2011 إلى الأن، والجواب أنّ الإستثمارات تتأثر بشكل كبير بالأوضاع الأمنية والسياسية من ناحية أنّ تدهور هذه الأخيرة تؤثر بشكل كبير في ثقة المُستثمر وبالتالي تنخفض تلقائياً الإستثمارات ومعها النموّ. لذا يظهر أنّ القارئ على حق بقوله إنّ الأزمة السورية أثرت في النموّ لكنّ هذا التأثير هو بشكل أساس عبر الإستثمارات. القوى العاملة تُعَدّ القوى العاملة العنصر الثاني من ناحية الأهمية بالنسبة للنموّ الاقتصادي. هذه الأهمية تأتي على مستويَين: الأول له علاقة بتنفيذ العمل المطلوب والثاني له علاقة بالإستهلاك الذي يتمّ من خلال الأجور التي يتلقاها العامل. وعلى سبيل الذكر لا الحصر، يُشكل الإستهلاك في الولايات المُتحدة الأميركية ما يوازي 7 www.aljoumhouria.com/news/index/245051  

Print Friendly, PDF & Email