Prof. Jassem AJAKA
Physicist and Economist

تراجع النفط يؤثر ايجاباً على المواطن وسلباً على التحويلات وتوقع وصول سعر صفيحة البنزين الى 18 ألف ليرة

رائد الخطيب

يعيش الاقتصاد اللبناني تحت تأثيرات الوضع السياسي والأمني الذي يحرم الاقتصاد من الإستثمارات عصب الاقتصاد. هذا الوضع الاقتصادي وصل إلى مراحل خطرة بحسب الخبراء الإقتصاديين. ويأتي إنخفاض أسعار النفط كنفحة أوكسيجين لإقتصاد فاتورته النفطية 5 مليارات دولار سنوياً وعجزه السنوي يفوق الـ 4 مليارات دولار أميركي. فما هي تداعيات إنخفاض أسعار النفط على الاقتصاد اللبناني؟ لعلَّ توقعات كثيرة بدأت تلوحُ في الأفق حول المسار الانحداري لسعر الصفيحة في لبنان. فرئيس تجمع الشركات النفطية في لبنان مارون الشماس، توقع وصول سعر الصفيحة الى نحو 18000 ليرة، من ضمنها الرسوم والضرائب الثابتة في جدول تركيب الأسعار، اذا ما استمر سعر الانخفاض الى نحو 30 دولاراً. فيما توقع الخبير الاقتصادي والإستراتيجي جاسم عجاقة، أن ينتعش اقتصاد المستهلكين في لبنان، نظراً الى نمط الاقتصاد الاستهلاكي في لبنان.

وكان رئيس شركة «توتال» باتريك بوياني قال ان الأسعار لن تتعافى في لأن النمو في المعروض من النفط سيفوق الطلب.

وفي وقت توقع لاخبراء استمرار تراجع سعر برميل النفط، وصل بالامس الى اقل من 37 دولاراً. ومحليا، تراجعت الأسعار محلياً لسعر الصفيحة من 35000 ليرة الى ما دون 21000 ليرة.

وقال شماس، الذي التقته «المستقبل»، إن انخفاض أسعار برميل النفط كان يخضع لعوامل العرض والطلب. أما الآن، باتت المسألة تخضع لعوامل خارج هذه الأطر التقليدية، واصبح لها علاقة بالموضوع الاقليمي والجيوسياسي.

وأوضح أن المملكة العربية السعودية التي كانت تزيد أو تقلل من الانتاج لاحداث نوع من التوازن في السوق العالمية، قررت تثبيت حصتها التي كانت قبل الاتفاق النووي الشهير بين ايران ودول الغرب، بشكل لا يجعلها تتأثر بالانتاج الايراني الذي سيعاود أخذ دوره ما قبل الأزمة. بالإضافة الى أن هناك فائضاً كبيراً في الأسواق بسبب زيادة إنتاج النفط الأميركي الصخري وغير الصخري (الرملي). وقد أدى التباطؤ الاقتصادي في أوروبا والصين إلى تقليص ارتفاع الطلب على النفط، حيث لا نشهد اقتصاداً عالمياً لا يزال أقل من مستويات النمو التي عرفناها سابقاً.

واعتبر شماس أن المستهلك اللبناني والدولة انخفضت فاتورتيهما من المحروقات الى 50 في المئة، وهو ما سيعني انتعاشاً للمواطن بحيث أن الوفر المحقق سيعني أن المواطن سيتجه بالـ50 في المئة المتبقية الى شراء الكماليات التي توقف عنها خلال أزمة صعود البرميل، وكذلك الدولة التي لديها معامل انتاج كهربائي على مادتي الفيول والديزل أويل، انخفضت فاورتها الى النصف. وهوى النفط من مستويات فوق 100 دولار للبرميل منذ حزيران 2014 الى نحو 37 دولاراً، أي نحو 70 في المئة.

إلا أن شماس، الذي يملك شركة «ميدكو»، قال إن الشركات النفطية في لبنان تأثرت سلباً في لبنان مع ثبات حصتها 5 في المئة في جدول تركيب، والثابتة منذ 2003، وقال إن الشركات تخوض محادثات مع وزارة الطاقة لتعديل هذه الحصة التي هي عبارة عن مصارفات ومن ضمنها أرباح الشركات، علماً أن هذه المصارفات تذهب للاستثمار وأجور العالمين وتحسين البنى التحتية. وأشار الى أن سعر طن البنزين كان واصلاً الى لبنان بألف دولار أي أن قيمة 5 في المئة هي 50 دولاراً، أما الآن فسعر الطن اليوم فهو واصل بـ430 دولاراً أي الشركات تستوفي نحو 21 دولاراً، ولكن أيضاً زادت تكاليف النقل وكل متطلبات وصول الطن نحو 15 دولاراً.

من جهته، قال الخبير عجاقة لـ«المستقبل»، «إن الاقتصاد اللبناني هو إقتصاد إستهلاكي بإمتياز، وبالتالي فإن الفاتورة النفطية البالغة 5 مليارات دولار سنوياً تذهب بمعظمها إلى الإستهلاك أكثر منها إلى الماكينة الإنتاجية. فالمُشتقات النفطية تُستهلك في النقل بالدرجة الأولى، والإستهلاك المنزلي والكهرباء، ومن ثم تأتي القطاعات الأخرى. وبما أن الإنتاج يعتمد بشكل كبير على الكهرباء التي لا يتأثر سعرها بسعر الفيول من منطلق أن سعر الكيلواط مدعوم، فإن التكلفة على الماكينة الإنتاجية ستبقى تقريباً ثابتة. أما القدرة الشرائية للمواطن اللبناني فستتأثر ايجابياً لأنها ستزيد من ناحية أن سعر صفيحة البنزين سيقل وسعر الـ 5 أمبيرات من المولدات سيقل. وهذان الأمران يُشكلان من 10 في المئة إلى 30 في المئة من مصروف الأسر«.

وأشار الى أن «الدولة العاجزة مالياً سترى في إنخفاض أسعار النفط فرصة لن تفوتها وبالتالي ستعمد بعد رأس السنة إلى فرض ضريبة ثابتة أو تثبيت سعر المشتقات النفطية. وهذا الأمر سيسمح لها بمدخول إضافي آت من القطاع النفطي. بالطبع، هذا الأمر سيلجم القدرة الشرائية للمواطن وسيكون هذا الإجراء مفيد مالياً ومُضر إقتصادياً لأنه يُقلل الإستهلاك بالمجمل. ولكن بإعتقادنا، فإن هذا الأمر لن يحصل قبل الأعياد«. اضاف «إذا ما إنخفض السعر إلى مستويات أكبر، قد نشهد ظاهرة في القطاع الصناعي بالدرجة الأولى تتمثل بالإستغناء عن كهرباء الدولة والإتجاه إلى مولدات خاصة بالشركات نظراً لأن التكلفة ستكون أقل«.

وعلى صعيد الأسعار بالإجمال، قال عجاقة «منذ منتصف العام 2014 تاريخ بدء إنخفاض أسعار النفط أن الأسعار في لبنان لا تنخفض وبالتالي من المُستبعد جداً أن نشهد إنخفاض للأسعار حالياً مع استمرار إنخفاض الأسعار العالمية لبرميل النفط. من هذا المُنطلق، نرى أن التداعيات (الإيجابية) ستتوزع على المواطن بنسبة مقبولة في ما يخص المولدات والنقل، وعلى التجار الذين ستنخفض التكلفة عليهم (بما في ذلك تكلفة النقل) والدولة التي ستستفيد من ضرائب على سعر صفيحة البنزين والمازوت والكاز. ومن هنا يجب القول أن الترجمة الفعلية في الموازنة ستكون عجز أقل مما لو كان سعر برميل النفط على حاله«.

تبقى الاشارة الى أن معظم دول «أوبك« تأثرت من هذا الانخفاض ولكن في شكل متباين، ولا سيما دول الخليج التي توقفت فيها عن الكثير من الانفاق الاستثماري، لتتكيف مع الوضع المستجد، عبر إعادة النظر في جدولة مصاريف مشاريعها وتمديد فترة تنفيذها أو تأجيلها إذا لم تكن ضرورية، وهذا بالطبع سيؤثر على العمالة الوافدة اليها ولا سيما من لبنان والذين يبلغ تعدادهم نحو 550 الف، سيتأثرون بانخفاض الأسعار، وبالطبع فإن التحويلات الى لبنان والبالغة نحو 7.5 مليارات دولار، 60 في المئة منها دول الخليج ستتأثر.

رابط المستقبل 

Print Friendly, PDF & Email