Prof. Jassem AJAKA
Physicist and Economist

الشراكة الأورومتوسطيّة تعزّز التجارة لبنان لن يستفيد قبل إعادة النظر بكل الاتفاقات

أقرت لجنة المال والموازنة النيابية مشروع القانون الرامي الى الإجازة بإبرام الاتفاق الاقليمي الأورومتوسطي في شأن قواعد المنشأ في إطار اتفاق الشراكة الأورومتوسطية. فما هي التداعيات الاقتصادية والقانونية لهذا الإتفاق على لبنان؟  تعود الشراكة الأورومتوسطية إلى العام 1995 وتحديداً الى مؤتمر برشلونة الأورومتوسطي حين اقترحت اسبانيا مشروع شراكة بين دول الإتحاد والبلدان المطلة على البحر المتوسط وشمال أفريقيا وغرب آسيا. وشمل هذا الإقتراح العديد من القطاعات كالأمن وتعزيز الديموقراطية والحكم الرشيد وحقوق الإنسان، بالاضافة الى وضع شروط تفاضلية للتبادل التجاري بين دول الإتحاد وبين الدول الشريكة. تضمّ الشراكة الأورومتوسطية في شأن قواعد المنشأ دول الإتحاد، إضافة إلى 16 دولة من البلدان المُطلة على البحر المُتوسط ومنها لبنان ومصر وسوريا وفلسطين وغيرها، أما تركيا فغائبة عن هذه الشراكة كونها تقدمت بأوراق للإنضمام إلى الإتحاد الاوروبي وتنتظر الرد. يعتبر الخبير الاقتصادي والاستراتيجي البروفسور جاسم عجاقة أن “خلفيات هذه الشراكة تتمثل في أن الإتحاد الأوروبي يُسعى عبر سياسته مع الجوار الى توفير الاستقرار في هذه البلدان كي لا تنتقل عدوى الازمات التي تعصف بالعديد من دول البحر المتوسط إلى داخل الإتحاد، والحدّ من الهجرة من هذه الدول إلى دول التكتل. ويهدف الإتحاد إقتصادياً الى تعزيز العلاقات التجارية وفتح أسواق هذه الدول التي تضم مئات ملايين المُستهلكين للبضائع والمنتجات الأوروبية، فيما يبقى الهدف الأول منها ايجاد منطقة حرّة للتجارة بين دول الإتحاد والدول المُطلّة على البحر المُتوسط”. ولا يخفي إقتراح هذه الشراكة، توفير التقارب الثقافي بين دول الإتحاد ودول حوض المُتوسط وذلك من خلال مشاريع ثقافية مُشتركة، علماً أنّ لحقوق الإنسان دوراً كبيراً في هذه الشراكة عبر التأثير على قوانين دول المُتوسط بهدف حفظ حقوق الإنسان في المُطلق وخصوصاً حقوق المرأة والطفل. وبحسب عجاقة، “القانون الرامي إلى إبرام هذا الاتفاق يهدف قبل كل شيء إلى التصريح عن بلد المنشأ للمنتج الذي يُصدّر البضائع بين دول الشراكة، مما يضع حدّاً للمخالفات التي تطاول تصدير البضائع إلى أوروبا وأيضاً إلى الدول المُتوسطية. فالبضائع الصينية والبرازيلية تذهب إلى البلدان التي وقعت إتفاق تسهيل التبادل التجاري مع دول الإتحاد الأوروبية، ويتم تغيير بلد المنشأ ومن ثمّ تصدير البضائع إلى أوروبا كما لو تمّ تصنيعها في الدولة التي تملك إتفاق تسهيل التبادل التجاري مع دول الإتحاد. هذا الأمر يحصل حالياً مع لبنان والدول العربية إذ يعمد بعض التجار الخليجيين واللبنانيين إلى إستيراد البضائع من البرازيل ويتمّ تغيير بلد المنشأ على أساس أنه تمّ التصنيع في الخليج. وبما أن لبنان يملك معاهدة تسهيل التبادل التجاري بين لبنان ودول الخليج، يتمّ إدخال البضائع إليه على أساس أن بلد المنشأ هو دول الخليج”. وبواسطة الاتفاق الأورومتوسطي في شأن قواعد المنشأ، سيكون من الصعب تغيير بلد المنشأ إذ أن البضائع المُصنّعة في أكثر من بلد، مثالاً على ذلك يتم تصنيع قطع السيارات في ألمانيا وتجميعها في المغرب لذا سيكون التصريح عن ذلك إلزامياً (التصريح المُتراكم). ويبقى السؤال عن مبدأ المُعاملة بالمثل الذي لا تحترمه دول الإتحاد الأوروبي ما يبرّر العجز الكبير في الميزان التجاري بين دول المُتوسط ودول الإتحاد لمصلحة هذه الأخيرة. يجيب عجاقة: “يُطرح السؤال عن قدرة بعض الدول التي تملك معاهدات للتبادل التجاري مع دول أخرى غير دول الإتحاد على الإلتزام بالتصريح عن بلد المنشأ في حال كان هناك تراكم في التصنيع. من هذا المُنطلق نرى أن لبنان سيخسر نتيجة هذا الإتفاق إذ أنه من الصعب عليه الإلتزام بالتصريح خصوصاً إذا ما استفحل بعض التجار بعمليات الغش التي تشمل بضائع تُستورد من البرازيل وتأتي إلى لبنان بواسطة بعض الدول الخليجية من دون أي رسوم جمركية”. وعلى صعيد العلاقة التجارية اللبنانية – الاوروبية، تشير إحصاءات وزارة الصناعة الى ان صادرات الاتحاد الاوروبي الى لبنان منذ عام 2000 حتى 2016 ارتفعت من مليارين الى 8,5 مليارات دولار، في حين ارتفعت الصادرات اللبنانية الى الاتحاد من 200 مليون دولار الى 300 مليون، علماً أن حجم السوق اللبنانية التي تضم ما يقارب 4 ملايين مستهلك مقابل نحو 500 مليون مستهلك في السوق الاوروبية. هذا الأمر يعزز المساعي التي تقوم بها وزارة الصناعة لإعادة النظر بالعديد من الاتفاقات التجارية.

Print Friendly, PDF & Email