Prof. Jassem AJAKA
Physicist and Economist

خاص- الموازنة أقرّت… والاصلاحات تُصرف انتخابياً!؟

ضحى العريضي

في بلد “المؤقت والاستثنائي”، قد يبدو “طبيعياً” مرور 12 عاماً دون موازنة، فالسياسة “تبيح المحظورات”، إذا صح التعبير. في الأساس، ووفق المفهوم العام،”الميزانية هي بيان تفصيلي يوضح تقديرات إيرادات الدولة ومصروفاتها ويعكس في مضمونه خطتها لسنة مالية مقبلة”، ما يعني أن إقرارها واجب سنوياً ولا بدّ منه.في لبنان، كانت “الموازنة الإثنتي عشرية” “مخرجا” للسلطة منذ 2005، بفعل الخلافات السياسية، رغم أن هذا “المخرج” تعدّى الوقت المسموح به قانوناً، فهذه التسمية لا تدل بأي شكل من الأشكال على إمكانية إعتماد هذه الموازنة لإثني عشر شهر، بل على العكس، تأتي التسمية إنطلاقاً من كون الإنفاق يتم على أساس جزء من 12 من الموازنة السابقة، أي شهر واحد من أصل 12. بناءً عليه، يُعدّ أي تفسير للصرف وفق القاعدة الاثنتي عشرية بعد شهر كانون الأول من السنة الجديدة تفسيراً غير قانوني.

إلا أنّ كل ذلك ضُرب بعرض الحائط حتى سنة 2017، عندما أَقِرّت موازنتها في أواخر العام، فيما كان يجب أن تقرّ موازنة 2018 في حينها. على كل حالّ، ورغم التأخير، كان “حظّ” موازنة 2018 أفضل من سابقاتها، فعلى أبواب الانتخابات أقِرّت في مجلس الوزراء وأحيلت إلى مجلس النواب لدرسها وإقرارها.

وفي السياق، تبرز تساؤلات حول أرقام الموازنة وبنودها، سيما وأنها أقرت بسرعة ملحوظة.

هذا الاستعجال لم يستغربه كثيراً الخبير الاقتصادي البروفسور جاسم عجاقة، فالقرار بإقرار الموازنة “سياسي”، كما يؤكد في حديث لموقع “الكلمة أون لاين”، لافتا في الوقت عينه إلى أن “الإصلاحات الواردة فيها لم تأت على قدر التوقعات”، من دون أن ينكر أهمية بعض الإجراءات التي تم اتخاذها سواء لجهة التقشف أو لجهة بعض الإصلاحات.

ولكن، هذا لا يكفي، بحسب عجاقة، الذي يشدد على ضرورة الانتقال من “الموازنة بالبنود” التي يُعمل بها في لبنان، إلى “الموازنة بالأهداف”، حيث جرت العادة هنا على اخذ بنود موازنة العام السابق والعمل عليها ، من دون وضع خطة عامة أو استراتيجية اقتصادية، كما تفرض “الموزانة بالاهداف”.

على كل حال، وبغض النظر عن المقاربة، تبقى العبرة بالتزام الحكومة بما تم إقراره، وهو ما يبدو صعبا، كما يتوقّع عجاقة، وأعطى مثالا على ذلك ما حصل بالنسبة لموازنة 2017، إذ انها أقرت في أواخر السنة “ما يعني عملياً ان الأرقام التي وضعت كانت دقيقة، ولكن رغم ذلك حصلت مفاجآت سواء لجهة الانفاق وخاصة بعد إقرار سلسلة الرتب والرواتب، أو لجهة الايرادات كون أرقام الضرائب التي أقرّت لم تكن على قدر التوقعات”.

وبالحديث عن الضرائب، يشدد بروفيسور عجاقة على أن عدم زيادتها يأتي في “السياق الانتخابي”، رغم أن رفع الضرائب هو احدى الاصلاحات التي تطلبها الهيئات الدولية لدعم لبنان.

ولأجل “عيون” هذه الهيئات أيضاً، جرى فصل عجز الكهرباء عن الموازنة لخفض العجز ظاهريا امام مؤتمر “سيدر”، الأمر الذي لم يفهمه عجاقة، وقد استشفّ من خلال هذه الخطوة “نية لرفع الدعم عن الكهرباء”.

والكهرباء ليست العبء الوحيد، فهي تشكّل فقط 8 بالمئة من الانفاق، وهنا تبرز ضرورة وقف “بدعة التوظيف” في الدولة، كما يصفها عجاقة، أكان عبر ما يعرف بـ “عقود المصالحة”، أو “اجير مياوم” أو “اشغال بالامانة”. ويحذر من أن هذا التوظيف العشوائي بات يشكل عبءا كبيرا على الدولة، حيث “وصلت كتلة الاجور إلى ما يقارب 40

على أي حال، تتجه الأنظار إلى جلسات مناقشة الموازنة في مجلس النواب، والتي من المتوقع أن تشهد “عراضات انتخابية”، لن تحول دون إقرارها في نهاية المطاف>

رابط الكلمة أونلاين

Print Friendly, PDF & Email