jassemajaka@gmail.com
عجاقة: موازنة العام 2018 بداية الخروج من النفق؟
بدأت تظهر على الساحة السياسية – الاقتصادية ثلاثية قد تكون مؤشّراً لبدء خروج لبنان من نفق الظلام الاقتصادي الذي يعاني منه منذ ما يوازي العقد. هذه الثلاثية تتمثّل في موازنة تحتوي على إصلاحات، قطاع مصرفي متين، ودعم دولي يظهر من خلال المؤتمرات الداعمة. فهل يكون إقرار مشروع موازنة العام 2018 بداية الخروج من النفق؟الخبير الاقتصادي والاستراتيجي البروفسور جاسم عجاقة اعتبر في حديث لـ»الشرق»، أن «الإصلاحات التي يحتويها مشروع موازنة العام 2018 هي إصلاحات خجولة لكنها مهمّة ومؤشّر إيجابي تجاه الأسواق المالية وتجاه اللاعبين الاقتصاديين (مستثمرون ومستهلكون)، فالإصلاحات المنصوص عليها في مشروع الموازنة تطاول التهرّب الضريبي والإيجارات وخفض الهدر من خلال خفض الإنفاق غير المُجدي بنسبة
وقال: هذه الإصلاحات تبقى مهمّة بالنسبة إلى الأسواق المالية لأنها تُرسل إشارة إيجابية عن نيّة السلطة في معالجة موضوع التهرّب الضريبي الذي يستنزف الخزينة ويحرمها مما يوازي 7.
ولفت إلى أن «الإيجارات وما تُشكّله من هدر سنوي على مرّ العقود، أصبحت أيضًا في مرصد سياسة الحكومة من خلال تحويلها إلى إيجارات تملكيّة على فترة خمس سنوات. وهذا الأمر يُشكّل أيضًا نقطة إيجابية يجب الاعتراف بها والقول إنها خطوة إصلاحية بامتياز». وتابع: كما لا يُمكن تناسي موضوع الهدر في الإنفاق الناتج عن مصاريف من المُمكن الاستغناء عنها كشراء المفروشات والقرطاسية وغيرها من الأمور التي سمحت للحكومة بتوفير ما يُقارب الـ
أضاف: تأتي إعادة جدولة بعض المشاريع والخدمات المُستحقة في العام 2018 إلى الأعوام 2019 و2020 لتدلّ إلى أنها خطوة حكيمة حتى ولو أنها ناقصة إذ يتوجّب في المستقبل تصفية مشاريع «الفيل الأبيض» (أي المشاريع ذات الجدوى المتدنية والمكلفة).
سلامة أسّس لقطاع مصرفي متين على صعيد آخر، أشار عجاقة إلى أن «مصرف لبنان أظهر بشخص حاكمه رياض سلامة، أنّه أسّس لقطاع مصرفي متين وجعل من الليرة عملة يُمكن الوثوق بها واستخدامها في الماكينة الاقتصادية من دون أي مخاوف. وبما أن المصارف هي المموّل الأساسي للاقتصاد اللبناني، فإن متانتها تدّل إلى قدرة تمويل عالية للاقتصاد في حال مضت الحكومة في إصلاحاتها. كل هذا في ظل ثبات نقدي عالي المستوى.
وكي تكتمل المؤشّرات الإيجابية، تأتي المؤتمرات الدولية الثلاثة: سادر 1 (لدعم الاستثمارات في لبنان)، روما 2 (لدعم الجيش اللبناني) وبروكسل (لدراسة أزمة النازحين السوريين) لتُشكّل دعمًا قويًا للدولة اللبنانية ما سينعكس إيجابًا على الاقتصاد اللبناني. هذه الإيجابية محتّمة بحكم أن الاقتصاد لا ينمو بدون استثمارات وبالتالي فإنه كما ذكر حاكم مصرف لبنان أن كل مليار دولار أميركي استثمار في الاقتصاد اللبناني سيُترجم نمواً بنسبة
وتابع: من المعروف أيضاً، أن الثبات الأمني هو عنصر أساسي في الاقتصاد إذ أن ثقة المستثمرين تعتمد على هذا العامل، من هنا نرى أن دعم القوى المسلّحة اللبنانية هو أمر أساسي في ضبط الحدود وفرض الأمن داخليًا وبالتالي زيادة الثقة بالاقتصاد.
وقال: من هنا نرى أن هناك بوادر أمل بدأت تظهر من خلال هذه الثلاثية، وتُنبئ ببدء خروج لبنان من النفق المُظلم الذي عاش فيه خلال عقد من الزمن. لكن هذه الإيجابية تبقى رهينة الخطوات التي ستتخذها الحكومة في فترة ما بعد الانتخابات وعلى رأسها استكمال الخطوات الإصلاحية ومنها:
أولًا – فرض السيادة المالية على الأراضي اللبنانية من خلال ضبط الحدود ومنع التهرّب الجمركي؛
ثانيًا – قمع الفساد وضربه في وِكره في كافة مؤسسات ووزارات الدولة اللبنانية؛
ثالثًا – وضع خطّة اقتصادية تُغيّر من خلالها هيكلية الاقتصاد اللبناني وتُحوّله من اقتصاد ريعي إلى اقتصاد إنتاجي يكون فيه للقطاع الأوّلي والثانوي، دور أساسي. كذلك يبدأ لبنان مرحلة دخول الصناعات الثقيلة؛
رابعًا – دعم البنى التحتية والفوقية للاقتصاد لتأمين مناخ استثماري واستهلاكي يسمح بتكبير حجم الاقتصاد اللبناني؛
خامسًا – إشراك القطاع الخاص في كل خطوات الدولة الاستثمارية عبر المضي في تطبيق قانون الشراكة بين القطاعين العام والخاص واحتضان القطاع الخاص لأنه يبقى اللاعب الاقتصادي الأساسي في المعادلة؛
ورأى أن «كل هذه الخطوات تتطلّب سنوات للقيام بها وقبل أن يبدأ لبنان بتلمّس تداعياتها، لكن مسيرة الألف ميل تبدأ بخطوة وهذا ما قامت به الحكومة اللبنانية بإقرارها مشروع موازنة بعجز أقلّ من عجز السنة الماضية. وتبقى العبرة في التزام الحكومة سقف الإنفاق الذي وضعته والذي سيُحدّد مدى صدقيتها».
وختم عجاقة: يبقى القول إن نتائج الانتخابات النيابية ستُحدّد مسار الإصلاحات الاقتصادية، فمدّة تشكيل حكومة ما بعد الانتخابات ستكون مؤشّراً أساسياً إلى جدّية الطبقة السياسية في تطبيق الإصلاحات والنهوض بالاقتصاد اللبناني وتنفيذ ما ورد في خطاب قسَم رئيس الجمهورية.