Prof. Jassem AJAKA
Physicist and Economist

جاسم عجاقة.. لتحفيز مناخ الأعمال وتخفيف دور الدولة في العملية الإنتاجية

في زحمة الأحزاب السياسية في لبنان، انطلق مؤخراً حزب سبعة معرّفاً عن نفسه بأنه : مشروع سياسي جدّي وطموح على الساحة السياسية اللبنانية اليوم. يتعدى المفهوم الكلاسيكي للأحزاب السياسية اللبنانيّة ويشكل نموذجا” عصريّا” جديدا” للعمل السياسي يتّبع آخر التكنولوجيات واحدث المفاهيم السياسية والإجتماعية الموجودة حول العالم اليوم.حزب سبعة، يدخل وللمرة الأولى معترك السياسة عبر إنتخابات 2018 النيابية على أنه ضرورة إنقاذية ملحّة وحتميّة للخروج من الوضع الدراماتيكي والدمار الممنهج لمؤسسات لبنان واقتصاده وإنسانه!

فما هي أبرز نقاط برنامج الحزب الإنتخابي الإقتصادي؟ الخبير الدكتور جاسم عجاقة يفصّل أهم المبادىء والخطوات والإصلاحات الضروروية ويطرح وجهة نظر حزب سبعة  في حديث لـ “الإعمار والإقتصاد”:

ما هي أهم نقاط برنامج حزب سبعة الإنتخابي الإقتصادي؟ إن برنامج حزب سبعة الإنتخابي هو نتاج أكثر من عام من العمل الدؤوب حيث تمّ النزول إلى الأرض وملاقاة المواطنين لمعرفة إهتماماتهم ومشاكلهم وذلك من خلال حملة إبتسامة وطن التي جالت في كل لبنان. وقام مُتطوعو حزب سبعة بمقابلة ما لا يقلّ عن عشرة ألالاف مواطن لبناني وأُخذت أرائهم في كل المجالات الإقتصادية، الإجتماعية، الصحيّة، البيئية…

من الإستمارات التي تمّ جمّعها، تمّ ترتيب المواضيع الواردة فيها بحسب أهميتها بالنسبة للمواطن اللبناني وتمّ توزيعها على خبراء في كافة القطاعات لتوصيفها وإعطاء حلول مع دراسة جدوى إقتصادية لكل حلّ تمّ إعطائه، أخذين بعين الإعتبار العديد من العوامل: الحلول العلمية الموجودة، التجارب في الدول الأخرى، الواقع اللبناني، الوضع المالي للدوّلة اللبنانية….

ثم قامت لجنة خبراء الحزب بتجميع هذه المعلومات ومقارنتها في ما بينها (كل مُشكلة كان لها أكثر من حلّ ) وبالتالي تمّ إختيار الحلّ بما يتناسب ومصلحة المواطن بالدرجة الأولى، إستدامة الحلّ المُقترح، الوضع المالي للدوّلة اللبنانية، وغيرها من العوامل عبر إستخدام منظومة تقييم (Matrix) سمحت لنا بإعتماد الحلول.

البرنامج أظهر إلى العلن أن المشاكل الإجتماعية والإقتصادية مثل الفقر، الصحّة، التعليم، البيئة، البطالة إحتلّت طليعة الإهتمامات للمواطن اللبناني الذي عزى هذه المشاكل إلى تفشّي الفساد في الدوّلة اللبنانية وإلى تراخي الدّولة في تأمين واجباتها تجاه المواطن اللبناني.

خبراؤنا أظهروا إلى العلن مشكلتين أساسيتين هما مُشكلة المالية العامة ومُشكلة النمو الإقتصادي. وبحسب هؤلاء الخبراء، السبب الرئيسي لهذا الواقع يعود إلى الفساد في إدارة الدوّلة لكن أيضًا إلى عدم كفاءة أصحاب القرار.

تمّ وضع برنامج حزب سبعة الإنتخابي بطريقة غير تقليدية حيث أن الحزب يعتقد أن كل سياسة إقتصادية-إجتماعية-بيئية أو برنامج إنتخابي لا يكون محوره المواطن بالدرجة الأولى والبئية بالدرجة الثانية هو برنامج أو سياسة فاشلة. من هذا المُنطلق تقسيم برنامج حزب سبعة والحلول المطروحة فيه تدور حول مفهوم سعادة المواطن في ظل دولة قوية عادلة وفعّالة تمتلك إقتصادًا مُستدامًا وصديقًا للبيئة.

محاور برنامج حزب سبعة هي كالتالي:

١- سعادة  المواطن: الصحّة، العمل، التعليم، البنى التحتية، البيئة

٢- الإقتصاد: زراعة، صناعة، نفط وغاز، خدمات، مناخ الأعمال، تكنولوجيا

٣- عصامية وطن: الأمن القومي، مفهوم الوطنية، العدالة والقضاء، المرأة، ذوو الإعاقة

٤- ورشة الأمل: الإصلاحات في الإدارة العامة، محاربة الفساد، المالية العامّة، تحديث النظام السياسي. وفي كلّ جزء من هذا البرنامج هناك وصف علمي للمُشكلة والحل مع دراسة الجدوى الإقتصادية مما يعني أن هذا البرنامج يحصي مئات الصفحات تمّ تلخيصه بما يقارب المئة صحفة لوضعه بين يدي المواطنين.

هذا البرنامج له ميزتين أساسيتين: الأولى أنه شامل يُغطّي كل المواضيع التي تهمّ المواطن والدولة ويدخل في التفاصيل بعمق كبير مع دراسة جدوى إقتصادية والثانية هو أن لا أعباء له على الخزينة العامّة بل على العكس هناك توفير وفائض (7270 مليار ليرة لبنانية!) ناتج عن وقف الفساد والهدر ومن عائدات المشاريع المطروحة فيه. وهاتين الميزتين ليست موجودة في أي برنامج إنتخابي أخر ويدلّ على جدّية التعاطي السياسي لحزب سبعة.

كخلاصة يُمكن القول أن كل النقاط المذكورة في البرنامج محورها الأول هو المواطن ووضعه الإجتماعي والإقتصادي والبيئي.

ما هي وجهة نظر الحزب بالنسبة لـمؤتمر “سيدر 1”؟

إن أداء السلطة السياسية في إدارة البلد إقتصاديًا وماليًا خلال العقدين الأخيرين (منذ تسعينات القرن الماضي) أثّرت كثيرًا على ثقة المواطن والمُستثمرين بالأداء السياسي واوصلت الاقتصاد والمالية العامة الى مرحلة خطيرة. وبالتالي بغضّ النظر عن التقييم الإقتصادي لمؤتمر سيدر 1، هناك تخوّف من أن يكون تطبيق سيدر 1 مشابهًا لتطبيق مؤتمرات باريس 1، 2، و3.

أضف إلى ذلك هناك علامات إستفهام حول شرعية إقرار إتفاقات دولية من قبل حكومة لم يبقى على وجودها إلا أسابيع وهذا الأمر يطرح عن إحتمال إستخدام نتائج المؤتمر إنتخابيًا! بالاضافة الى كون هذه الحكومة انتاج مجلس نيابي ممدد لنفسه 3 مرات، والمرة الاخيرة كانت منذ سنة بحجة تنظيم انتخابات فقط.

إقتصاديًا، يُمكن القول أن الإقتصاد اللبناني يُعاني منذ سبع سنوات من نقص كبير في الإستثمارات الأجنبية المُباشرة كما أن الإستثمارات الداخلية قليلة جدًا. والمعروف في النظرية الإقتصادية أن “لا نمو من دون إستثمارات”. يرى حزب سبعة ان الخطط الخلاقة والتحفيذات الذكية والمقاربة العصامية قادرة على جذب الاستثمارات المحلية والاحنبية دون الحاجة الى الاستدانة. خاصة اننا وصلنا الى مستويات خطرة من دوامة الاستدانة.

اقتصاديًا يُمكن القول أن مؤتمر سيدر 1 قد يتج عنه ضخ الأموال بهدف الإستثمارات مما يعني امكانية خلق وظائف. لكن السؤال المطروح هو كيف سيتم استثمار هذه الاموال وهل سيلتهمها الفساد كما التهم الديون السابقة وهل سنتمكن من حسن ادارة هذه الاموال وسيتم صرفها على مشاريع وهمية او غير مجدية او لاعادة تهريبها لدفع فوائد متراكمة ؟

يُمكن القول أن دخول عملة صعبة قد يدعم الليرة اللبنانية ويحصنّها وهذا الأمر بجيد. لكن ما هو غير جيد هو عدم دعم قطاعي الصناعة والتكنولوجيا الذين يُعتبرا الأساس في كل إقتصاد مُتطور ويؤمّنان وظائف مُستدامة على عكس قطاع البنى التحتية حيث الوظائف محدودة الوقت.

ولا يُمكن نسيان غياب أي رؤية إقتصادية خصوصًا من ناحية تخفيف عجز الميزان التجاري عبر دعم الصناعات التي تُنتج أكثر السلع والمُنتوجات إستيرادًا.

اخيرا يُمكن القول أنه بحسب علم الإقتصاد مؤتمر سيدر 1 قد يكون جيد في دولة قادرة حوكمتها سليمة، لكن العبرة دائما تبقى في تطبيق الإلتزامات و تُشير الوقائع إلى ان مسيرة الطقم السياسي الحالي غير مشجعة على هذا الصعيد.

ما هو موقف الحزب من موضوع الخصخصة، خصوصاً وأنه يشكّل مادة دسمة في المجتمع الدولي والمحلي؟ موقف الحزب من موضوع الخصخصة، خصوصاً وأنه يشكّل مادة دسمة في المجتمع الدولي والمحلي : حزب سبعة وسطي في النظرة الاقتصادية وهو لا يمانع تحرير بعض القطاعات التي تشكل عبءا على الدولة بعد اجراء دراسة جدوى اقتصادية وسياسية لكل قطاع معني. سبعة عامة لا تشجع الخصخصة البحتة وتفضل مفهوم الشراكة بين القطاع العام والقطاع الخاص، خاصة في ظل الفساد المستشري في البلد.

ما هو موقف الحزب من موضوع الشراكة بين القطاعين العام والخاص؟ حزب سبعة يرى في الشراكة بين القطاع العام والخاص حلًا أساسيًا لمشاكل لبنان الإقتصادية لأنها تسمح بإستخدام أموال القطاع الخاص وخبرته على المنصّة العامة. وهنا نقول أن مُعظم المشاريع في برنامج حزب سبعة الإنتخابي مبني بالدرجة الأولى على الشراكة بين القطاع العام والخاص. هذا الأمر أدّى إلى توفير هائل في الإنفاق الإستثماري للدولة اللبنانية والتي من أهم فوائدها نقل الإقتصاد من مستواه الحالي إلى مستوى أعلى (نقلة نوعية) ستؤدّي إلى تسجيل نسب نمو تفوق الـ

برأي الحزب كيف يمكن تفعيل الاقتصاد؟

هناك شقيّن أساسيين:

أولًا – تخفيف دور الدوّلة في العملية الإنتاجية وزيادة دورها التشريعي والرقابي

ثانيًا – تحفيز مناخ الأعمال لجذب القطاع الخاص والمواطن العادي إلى الإستثمار في الماكينة الإقتصادية وفي بناء الوطن.

وكنتيجة لهذين الشقين يأتي تفعيل دور الشراكة بين القطاعين العام والخاص لكن أيضًا تقديم تحفيزات ضريبية للقطاع الخاص للإستثمار في الإقتصاد. هذا الأمر سيؤدّي إلى خلق وظائف وبالتالي فإن الشقّين الإستثماري والإستهلاكي للإقتصاد سينتعشان بشكل ملحوظ.

هذا الأمر سيُحفّز النمو الإقتصادي على المدى القصير إلى المُتوسّط، إلا أن الأهم هي نظرة حزب سبعة لهيكلية الإقتصاد التي تتمحورّ حول:

١- خلق قطاع صناعي يسمح بتلبية حاجة لبنان الداخلية (لبنان يستورد سنويًا بقيمة 17 مليار د.أ) كما وتحفيز قطاع الصناعات التحويلية مثل قطاع البتروكيماويات (قطاع النفط) والصناعات الزراعية ولما لا الصناعات الثقيلة والذكية.

٢- خلق قطاع تكنولوجي أسسه التعليم-الأبحاث-الشركات. هذا الأمر مدروس بشكل جيد وبدقة في برنامج حزب سبعة حيث أن هذا القطاع يُعتبر أساس في التطور الإقتصادي لنقل الإقتصاد من إقتصاد يستهلك التكنولوجيا للتسلية إلى إقتصاد يستخدم التكنولوجيا في الإنتاج.

٣- ترشيق وتخفيض الإنفاق العام على الأمد المتوسط إلى الطويل لمنع الدولة من منافسة القطاع الخاص على أموال المصارف والتي تحرم الإقتصاد من إستثمارات هائلة كانت لتعطي نسب نمو تتخطى الرقمين.

٤- تحديث وتطوير البنى التحتية والفوقية لخلق بنية إقتصادية مُتطورة تستطيع دعم التطور الإقتصادي.

٥- خلق صندوق سيادي يلعب دور داعم للإقتصاد وذلك عبر تمويله من مداخيل قطاع النفط ويكون سحب الأموال منه ممنوعًا بواسطة قانون شبيه بالقانون الذي يمنع بيع إحتياطي الذهب.

٦- تحديث القوانين بما يخدم تحفيز الإستثمارات، دعم القطاعات كافة خصوصًا قطاعي الصناعة والتكنولوجيا، والأهم الشركات الصغيرة والمتوسطة الحجم والتي تُعتبر الحل للبطالة والفقر. أيضًا يهدف تحديث القوانين إلى لجم الفساد ورفع مرتبة لبنان في مؤشّر الفساد.

7- خلق صناديق استثمارية مموّلة من المواطنين العديين تسمح لهم بالمساهة في بناء الوطن.

هل برايكم اموال النفط ستصب للتخفيف من الدين العام؟ كيف يجب التعاطي مع الدين العام  و ما هي الاصلاحات الادارية المطلوبة؟

إن إستخدام أموال النفط لسدّ الدين العام أو قسم منه هو جريمة بحق الأجيال الحالية والمُستقبلية. والأمر الذي يجب تنفيذه هو خلق صندوق سيادي الذي بمجرد خلقه سيُحسّن التصنيف الإئتماني للبنان وبالتالي يُخفف من خدمة الدين العام. كما أن عائدات إستثمار الصندوق السيادي سيسمح بضخها في الماكينة الإقتصادية وبالتالي سيزيد النشاط الإقتصادي ومعه مدخول الضرائب. هذه الزيادة ستسمح بسدّ قسم من الدين العام مع كل إستحقاق.

لذا نقول أن النشاط الإقتصادي هو الوحيد القادر على سدّ الدين العام وليس الثروة النفطية التي إذا ما أستخدمت لسدّ الدين العام ستكون مهدورة بدون أية قيمة.

أيضًا لتخفيف الدين العام يتوجّب تخفيف العجز في الموازنة الذي يُعتبر المسؤول الأول عن تراكم الدين العام. وهذا الأمر يفرض إصلاحات أساسية على رأسها تفعيل ومراقبة ومُحاسبة الإدارة في القطاع العام حيث لهذه النقاط حصّة مهمة في برنامج سبعة.

رابط الإعمار والإقتصاد

Print Friendly, PDF & Email