Prof. Jassem AJAKA
Physicist and Economist

هل يصطدم النمو بمستوى الديون السيادية ؟

تعتمد الحكومات اللبنانية على إختلاف إنتماءاتها السياسية على نصائح صندوق النقد الدولي، وخصوصاً في ما يتعلق بالتوقعات الماكرو-إقتصادية. واللافت في الأمر أن صندوق النقد الدولي يُصر على نسبة نمو حقيقي تُوازي 2.7

قام رينهارت وروجوف، وهما مسؤولان سابقان في صندوق النقد الدولي بدراسة لمستوى الدين والنمو الملحوظ في البلد المعني. وتم تقسيم العينة الى فئتين: الدول المتطورة والدول غير المتطورة. كما تم توزيع البلدان بحسب مستوى الديون السيادية الى أربعة أقسام: الدول مع دين عام أقل من 30

وجاءت النتائج على النحو التالي:

-بلغ النمو الحقيقي الوسطي للدول المتطورة 3.7، 3.0، 3.4، 1.7 بحسب مستوى الدين العام (نفس التقسيم أعلاه)

-بلغ النمو الحقيقي الوسطي للدول في طور النمو 4.3، 4.1، 4.2، 1.0 بحسب مستوى الدين العام (نفس التقسيم أعلاه)

وهذا يعني أن الإحتمال الأكبر للبنان، وهو البلد الذي يتمتع بدين عام يفوق الـ 90

للبحث عن الجواب قمنا بإستخدام بيانات indexmundi في ما يخص لبنان وقمنا بإستخراج الناتج المحلي الإجمالي كما والـDeflator. وعمدنا الى حساب النمو الحقيقي وإستطعنا الوصول الى كل الأرقام التي توقعها الصندوق حتى عام 2010. أما في ما يخص العامين 2011 و2012 فالفرق كبير مع الواقع كما يُظهر الرسم. وللأسف كل مشاريع الموازنة في لبنان تعتمد على هذه الأرقام.

كيف يُمكن للبنان تحقيق نمو 2.7

هذا السؤال هو حق شرعي لكل مواطن على دولته وخصوصاً أن مشاريع الموازنة تقوم على هذا الرقم. إذا كانت الدراسة التي قام بها رينهارت وروجوف أظهرت أن النمو الأكثر إحتمالا لإقتصادات مثل الإقتصاد اللبناني هو 0.96

نعتقد أن كواليس السياسة دخلت في المجال الإقتصادي. والخطأ الوارد في دراسة رينهارت وروجوف في 2010 ظهرت الى العلن بعد إعتماد صندوق النقد الدولي عليها لتحديد مستوى التقشف في اليونان. حيث قام طالب أميركي بإكتشاف هذا الخطاً.

من جهتنا، حاولنا إعتماد نهج لحساب توقعات النمو الحقيقي في 2013 حتى 2017 وتوصلنا إلى أن الإقتصاد اللبناني، وفي حال أن الأوضاع إستمرت على هي عليه (لا حروب ولاموجات إيجابية تصدم الإقتصاد)، سيشهد نمواً حقيقيا يساوي 0.60

أما في ما يخص الدين العام فلا يُمكن الإستمرار بالقول أن نسبة الدين العام الى الناتج المحلي الإجمالي تتدنى. هذا الإبتكار الذي قامت الحكومات السابقة والذي إعتمد على إعادة تقويم إحتياطات مصرف لبنان من الذهب وإعتبار الفارق قسم من الناتج المحلي الإجمالي، تم تنفيذه في الأعوام التي كانت فيه أسعار الذهب ترتفع. أما الأن ومع إنخفاض أسعار الذهب من المفروض إعادة العملية بنفس الشروط.

وقمنا من ناحيتنا بإحتساب الإنخفاض الذي سيتعرض له الدين العام على الناتج المحلي الإجمالي وذلك بعد إعادة تقويم 287 طنا من الذهب بأسعار اليوم ووجدنا أن مؤشر الدين العام إلى الناتج المحلي الإجمالي، سيشهد إرتفاعاً كبيراً كما يُظهر الرسم.

إن النمو الحاصل في لبنان سببه الأموال الهائلة التي يُرسلها المغتربون اللبنانيون المنتشرون في بلاد الإغتراب. وغياب الإستثمارات مع غياب الحركة الإقتصادية بسبب الأوضاع الأمنية لا تسمح لهذا النمو أن يكون كافياً لتغطية الديون السيادية. وإستمرار الوضع الإقتصادي كما هو عليه سيؤدي إلى تآكل العوامل الإقتصادية مما يعني كلفة أكبر بكثير في حال إعادة الإستثمار من جديد.

أيضاً يُمكن القول أن إستمرار زيادة الدين العام، وخصوصاً خدمة الدين العام، ستكون عائقا أساسيا أمام أي نمو كما أظهرته دراسة رينهارت وروجوف. وهنا يجدر الذكر أن دول مجموعة العشرين تُناقش إقتراح لجم الديون السيادية لأعضائها تحت عتبة الـ90

رابط الجمهورية

Print Friendly, PDF & Email