Prof. Jassem AJAKA
Physicist and Economist

عواقب إقتصادية وإجتماعية للائحة الإرهاب الأوروبية

في 22 تموز 2013، قرّر الاتحاد الاوروبي ادراج ما سمّاه بـ«الجناح العسكري» لحزب الله على لائحة الإرهاب. وهذا القرار المتوقع سيكون له أثار إقتصادية وإجتماعية على لبنان. وعلى الرغم من بعض المرونة التي تُظهرها بعض الدول بما خص تطبيق هذا القرار، إلا أن الواقع القانوني موجود. فما هي التداعيات الإقتصادية والإجتماعية لهذا القرار؟ بعد قرار الولايات المُتحدة الأميركية، وقرار دول الخليج بفرض عقوبات على حزب الله، أتى القرار الأوروبي ليُطوق قانونياً حزب الله. وعلى الرغم من تمييز الإتحاد الأوروبي بين ما سمّاه “الجناح العسكري” وبين الحزب السياسي، لا يعرف أحد كيف يُمكن التمييز عملياً بينهما.

تعريف الإرهاب

يُعرّف الأرهاب كإستعمال الرعب لأغراض سياسية. وعلى الرغم من إستعماله خلال الثورة الفرنسية، إلا ان إستعمال هذه الكلمة تطوّر مع الوقت ليطال طرق تخويف حديثة. ولكن المُشكلة في إستعمال هذا التعبير، تكمن في عدم موضوعيته؛ فالإرهابي بالنسبة إلى شخص، هو مُقاوم بالنسبة للأخر. وعلى سبيل المثال، المسلحون الشيشان يعتبرهم البعض مقاومين لروسيا، في حين تعتبرهم الأخيرة إرهابيين.

وقد سرت العادة في كل دولة عظمى أو منظمة عالمية، أن يتم خلق لائحة تُدرج فيها البلدان، والمنظمات التي تُصنف إرهابية من قبل الدولة صاحبة اللائحة. بريطانيا تمتلك لائحة، وكذلك الولايات المُتحدة الأميركية والإتحاد الأوروبي وروسيا وغيرها.

وعلى الرغم من وجود أسماء دول ومنظمات مشتركة على كل اللوائح، إلا أن عدم مطابقتها ينبثق من عدم موضوعية كلمة “إرهابي” والمصالح الضمنية لبعض البلدان. لذا يُستنتج مما سبق أن تصنيف كيان (دولة أو منظمة) هو عمل سياسي بإمتياز ولا أساس قانوني له.

يمكن اختصار العواقب المترتبة على إدراج دولة أو منطمة على لائحة الإرهاب على الشكل التالي:

أولاً على الصعيد الإقتصادي: مجرد إدراج دولة أو منظمة على لائحة الإرهاب، يعني وقف التعامل الإقتصادي والمالي معها بما فيها التجارة والمعاملات المصرفية كما وتجميد كل الحسابات في المصارف والأصول المادية وغير المادية.

ثانياً على الصعيد السياسي: تجميد كل تواصل مع أفراد من هذه الدولة أو المنظمة، مما يعني خلق جو عداء تجاه الدولة صاحبة اللائحة حتى ولو لم يكن البلد أو المنظمة موضوع اللائحة في حالة عداء معها (موقف حزب الله من قبرص!)

ثالثاً على الصعيد الإجتماعي: إن تصنيف دولة كدولة إرهابية له عواقب إجتماعية أكثر من تصنيف منظمة. فالإنتماء إلى منظمة هو خيار في حين أن الإنتماء للدولة هو أمر واقع. ومن هنا، هناك نوع من التمييز سيُطبق في التعامل مع أفراد الدولة سيكون مجحفاً بحق الأشخاص المعارضين فكرياً لنهج الدولة الإرهابية التي بدورها ستصنفهم كإرهابيين.

وفي هذا السياق، يمكن الحديث على العواقب المُترتبة على إدراج «حزب الله» على لائحة الإرهاب. ومن أولى الصعوبات لتطبيق العقوبات على الجناح العسكري لحزب الله، هو كيفية التمييز بين الجناح العسكري والحزب السياسي.

ففعلياً على الأرض وعلى الرغم من وجود أصحاب إختصاص في المجال العسكري وأخرين في المجال السياسي، إلا أن حزب الله كقيادة، يدمج وبشكل سرّي، كل المعطيات وكل الأراء قبل القيام في خطوة معينة. لذا من الإستحالة تصنيف الأشخاص بحسب عملهم السياسي والعسكري.

أيضاً لا نعرف كيفية فرض عقوبات على أعضاء الحكومة التابعين للحزب وعلى نوابهم، إذا ما تم إثبات تدخلهم في الشق العسكري. وكيف سيتم إعفاء باقي أعضاء الحكومة ومجلس النواب من هذه العقوبات. وبإعتقادنا فصل الجناح العسكري عن الحزب السياسي أتى في هذا المضمار لمنع العقوبات من التمدد على كل من يتعامل مع أفراد الحزب.

والسؤال المطروح : هل ستطال العقوبات الحلفاء السياسيين؟

المفاعيل الاقتصادية

على الصعيد الإقتصادي، وبعكس ما تردد في بعض الاعلام، سيكون للعقوبات أثار إقتصادية سلبية. فالمُكّون الشيعي في لبنان يُساهم في الإقتصاد اللبناني ما بين 20 إلى 3

كذلك تمتلك الطائفة الشيعية الكثير من المصارف وشركات العقارات وغيرها من المؤسسات. فهل سيتم إدراج كل من يتعامل مع هذه الشركات والمصارف على لائحة العقوبات؟ وقد يتساءل البعض عن سبب ذكر الطائفة الشيعية في ما ورد، وهذا حق.

والجواب بكل بساطة هو استبعاد أن يكون هناك من ممولين لحزب الله من غير الطائفة الشيعية وبما أن معظم الطائفة مؤيدة للحزب (الإنتخابات النيابية 2009)، فهذا يعني أن قسماً كبيراً من أصحاب الرأسمال سيجدون أنفسهم تحت المراقبة.

عملياً وعلى الأرض، سيتم وضع لائحة ممكننة بكل الأسماء التي تمتلك حسابات في المصارف والمؤسسات المالية (مرحباً السرية المصرفية!) وسيتم تعقب التحاويل كما والعمليات في الأسواق. ولكن إمكانية الدفع نقداً في كثير من المواقف سيقلل من فعالية المراقبة.

أما على الصعيد الإجتماعي، فسنجد أن المساعدات لبعض المناطق ستتوقف واستطرادا، سيتوقف الإنماء فيها. مما سيجعلها رهينة الأحزاب على الأرض. كما وأن صرف أشخاص يُعتبرون مؤيدين للحزب سيؤدي إلى مشاكل إجتماعية لعدد من العائلات التي ستجد مأوى لها في أحضان الحزب.

دور الحكومة

ماذا على الحكومة القيام به لتخفيف الأثار الجانبية لهذا القرار؟

مع الوضع الإقتصادي المتردّي الذي يُعاني منه الإقتصاد اللبناني، ومع غياب الإستثمارات الداخلية والخارجية ومع موت القطاع السياحي لهذا العام، نرى أن العقوبات ستؤثر بنسبة 1

من هنا، لا بد لرئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان من أن يستمر في سعيه إلى عقد طاولة حوار في أقرب فرصة. كما على الحكومة أن تتدارك الردود السياسية والإقتصادية لهذا الإدراج على لائحة الإرهاب عبر فتح القنوات مع الإخوة العرب ومع فرنسا بهدف تخفيف تطبيق العقوبات، والحد من مضار هذا القرار الذي سوف ينعكس سلباً على لبنان بكامله.

رابط الجمهورية 

Print Friendly, PDF & Email