Prof. Jassem AJAKA
Physicist and Economist

ما هي تداعيات السلسلة والرواتب على الليرة والاقتصاد ومن أين ستموّل؟

عجاقة: التضخّم سيزيد واقتراض الدولة من المصارف سيخفّض تصنيفهما

حق طالما طالب به موظفو القطاع العام وحق أهمله أصحاب القرار. على أبواب مجلس النواب تعثّر مرة جديدة مشروع سلسلة الرتب والرواتب وذلك خلافاً للوعود التي تلقتها النقابات العمالية. فإذا ما استندنا الى تصريحات الأطراف السياسيين نستنتج أن كل الأفرقاء موافقون على مشروع سلسلة الرتب والرواتب. كذلك، ووفق تصريحات رئيس لجنة المال والموازنة النائب ابرهيم كنعان، فإن تمويل السلسلة أصبح جاهزاً. إذاً، أين المشكلة في تحويلها الى الهيئة العامة للمجلس للتصويت عليها؟

Print Friendly, PDF & Email

النهار / سلوى بعلبكي

من الواضح أن للسلسلة جوانب خفية لم يُصرّح عنها المعنيون ومن بينها التداعيات على التضخم، الدين العام، التصنيف الائتماني والليرة. فما هي حقيقة هذا الواقع؟ ولماذا لم يتم تحويل السلسلة من اللجان العامة المشتركة الى الهيئة العامة لمجلس النواب؟ وفق الخبير الاقتصادي والاستراتيجي البروفيسور جاسم عجاقة، ثمة مشكلتان أساسيتان في مشروع السلسلة كما هو مطروح في اللجان المشتركة:

التمويل، اذ عمدت اللجنة المنبثقة من اللجان المشتركة الى وضع بنود تمويل تعتمد على النشاط الاقتصادي. وبما أن النشاط الاقتصادي هو بحالة شبه ركود، فإن المداخيل المقترحة لن تكون على الموعد، وهذا ما سيدفع الدولة الى الاقتراض من الأسواق بما يعني زيادة الدين العام وخدمة الفائدة. وبما أن المالية العامة في حالة تعيسة، فهذا سيدفع وكالات التصنيف الائتماني الى خفض التصنيف الائتماني للبنان لمرتبة الخطر. وبرأينا، تكون المصارف اللبنانية عرضة للخفض الائتماني أيضاً.

المشكلة الثانية هي التضخم، إذ أنّ ضخ سيولة بقيمة 3000 مليار ليرة في الأسواق سيكون له تداعيات كبيرة على نسبة التضخم. فنحن في فترة لا يمكن فيها قبول تضخم يزيد عن الـ 3 الى

وبرأي عجاقة، فإن التوازن في سوق النقد يحصل حين يكون الطلب على العملة يُساوي العرض. أي، أنه ولمستوى معيّن من المدخول (بمعنى آخر عدد معيّن من التبادلات التجارية)، إذا أراد الناس الاحتفاظ بالقليل من العملة، يجب أن تتدفق هذه العملة بشكل أسرع. وتقترح النظرية الكمية للنقد أن سرعة تدفق العملة هي شبه ثابتة، كذلك الأمر بالنسبة الى المدخول مما يعني أن مستوى الأسعار متعلّق بشكل مباشر بحجم العملة المتداول بها. وهذا ما يسمى بالحياد النقدي: على الأمد الطويل، لا يكون لعرض العملة إلا تداعيات إسمية على مستوى الأسعار، ولكن ليس على المدخول.

وهذا يمكن تفسيره كذلك بأن السياسة النقدية لا يمكن استخدامها إلا على الأمد القصير. من هنا يمكن الاستنتاج أن التضخم يساوي نسبة نمو الكتلة النقدية. كل هذا للقول أن ضخّ عملة في السوق كنتيجة لإقرار السلسلة سيدفع بالتضخم الى حدود الـ 1

ويعتقد البعض ان اقرار السلسلة سيزيد من القدرة الشرائية وتاليا الاستهلاك والنمو، ولكن المشكلة برأي عجاقة تكمن في سرعة التضخم مقارنة بسرعة النمو. فاذا كانت سرعة التضخم اكبر من سرعة النمو فان كل ما حصلنا عليه من نمو جراء زيادة القدرة الشرائية سيذهب في الهواء. لكن اذا كانت سرعة النمو اعلى من سرعة التضخم، ففي هذه الحالة يكون لزيادة الاجور مفعول ايجابي. لكن في حالة لبنان، فان القدرة الانتاجية لن تستطيع تلبية الطلب على السلع والخدمات، مما يعني ان التضخم سيعلو بسرعة اكبر من النمو.

وبما ان البنود المطروحة في السلسلة لا تؤمن التمويل والعجز في المالية العامة لا يمكنه تمويل السلسلة، فكيف سيتم تمويلها؟ يلفت عجاقة الى ان البنود المطروحة والمؤلفة من 19 بندا للتمويل، لا تؤمن تمويل كلفة السلسلة. فالبنود في معظمها تقترح التمويل من زيادة الضرائب والرسوم والغرامات وتسوية الاوضاع، مفترضة بذلك ان هذه التدابير ستؤمن كلفة السلسلة والتي لا تعرف الحكومة حتى الآن كلفتها تحديدا.

مثلا، تقترح الحكومة زيادة الضريبة على القيمة المضافة الى 1

ومن بين البنود المقترحة، رفع رسم الطابع المالي على رخص البناء، وفرض ضريبة على ارباح المبيعات العقارية بمعدل 1

كان ثمة اتجاه الى اقرار السلسلة بغض النظر عن التمويل على اساس ان القانون لا يفرض تمويلا لبند معين انما على اساس الموازنة ككل، الا ان العجز المزمن في المالية العامة لا يسمح بذلك. لذا ستعمد الحكومة الى الاستدانة والمرشح الاول لاقراضها هي المصارف بما يعني ان التصنيف الائتماني للدولة وللمصارف سيخفض. علما ان التمويل يجب ان يكون من مداخيل لا علاقة لها بالنشاط الاقتصادي كالاملاك البحرية، والضرائب على الشقق الشاغرة، والتشدد في جباية الضرائب والفواتير (المستحقات 3 مليارات دولار)، والضرائب على الارباح العقارية مع مفعول رجعي 5 اعوام الى الوراء.

وبالحديث عن الضغوط من المؤسسات الدولية كصندوق النقد والبنك الدولي لعدم اقرار السلسلة، تمنى عجاقة ان يكون الضغط باتجاه تقسيط السلسلة لتفادي التضخم في الاقتصاد لان هذا التضخم مخيف وقد يؤدي الى ضرب الثبات النقدي، وان تعمد هذه المؤسسات بالضغط على الدولة لخفض نفقاتها وايجاد سياسة ملائمة للجم العجز المزمن في الموازنة والذي اصبح يتحول تلقائيا الى دين عام لعدم قدرة الاقتصاد على استيعاب هذا العجز.

Print Friendly, PDF & Email
Source النهار