Prof. Jassem AJAKA
Physicist and Economist

النفط كمؤشر للربيع

تتوضح يوماً بعد يوم صورة الشرق الأوسط الجديد الذي وكما تُصوره الأحداث في المنطقة، يضمّ تشرذمَ دول عربية إلى دويلات تتصارع في ما بينها على الوجود. لكنّ التحاليل تُشير إلى أنّ الدول النفطية التي تُحافظ على نسبة تصدير إلى أميركا ثابتة مع الوقت، معفاةٌ من هذا الأتون. فهل أصبح النفط مؤشراً للربيع؟

Print Friendly, PDF & Email

الجمهورية / بروفسور جاسم عجاقة

 تحت عنوان نشر الديمقراطية في العالم العربي، أعلنت وزيرة الخارجية الأميركية السابقة كونداليزا رايس في العام 2005، أنّ الولايات المتحدة الأميركية تنوي نشر الديمقراطية في منطقة تعيش تحت الأحكام الديكتاتورية وتُؤكل فيها حقوق المرأة.

لكنّ الإدارة الأميركية التي تُخطط لهذا المشروع منذ إستيلاء حكم الشاه على السلطة في إيران، لم تكن لتُعرّض مصالحها الاقتصادية خصوصاً النفطية منها للخطر. لذا كان إنتقاء الدول التي سيتمّ ضربها من الداخل عبر الفوضى الخلّاقة يستند إلى معطيات إقتصادية.

ونظرية الفوضى الخلّاقة هي تكيّف لفكر الفيلسوف ليو شتراوس (1899- 1973) الذي اقترح أنّ الشعب مقسوم إلى قسمين: «عامة الشعب» وعددهم كبير و»الحكماء» وعددهم قليل. وبحسب هذه النظرية تتمحور مهمة الحكماء في الحفاظ على النظام من الفوضى، ولإنجاح مهمتهم يستخدمون «الأكاذيب النبيلة».

وتُبرّر نظرية الفوضى الخلّاقة «الحفاظ على النظام من الفوضى» بالقول إنه ومن دون قيود تنحرف «عامة الشعب» إلى الفوضى وفق النزعة الفرديّة والليبراليّة. وأحد أعمدة هذه الأكاذيب النبيلة، الأسطورة التي تُستخدم للسيطرة على الناس، ألا وهي «الحرب الدائمة».

وهذه تفرض وجود عدوّ بشكلٍ مستمرّ ما يعني أنّ القضاء على عدوّ يفرض خلق عدوّ آخر مكانه لتستمرّ الأسطورة. المحافظون الأميركيّون (Neo-Conservators) تبنّوا هذه النظرية واعتبروا أنّ السلطة لا تُمارس بالجمود بل بالفوضى الخلّاقة. من هنا نلاحظ أنّ السياسة الخارجية الأميركية تعتمد بشكل أساسي في صياغتها على ألافكار الرئيسة والمذاهب الفلسفية ولا يوُجد أيّ تدخل أميركي عفوي في العالم بل على العكس هي تدخلات ناضجة فكرياً.

وهذا يعني أنّ الإتجاه السياسي والعقائدي للرئيس الأميركي لا يؤثر في تطبيق هذه النظريات والأفكار التي تُشكل بدورها الأساس العلماني للسياسة الخارجية الأميركية.

دور النفط

من الواضح أنّ السياسة الأميركية تعفي الدول المهمة لها نفطياً من الثورات، لكنّ سوريا، العراق (بإستثناء المنطقة الكردية)، الجزائر، عُمان، اليمن… لا يشملها هذا الإعفاء. وفي التفاصيل، يُخبرنا التاريخ أنه وفي كل الدول التي شملها الربيع العربي، سبق بدء الثورة إنخفاضٌ حاد في إستيراد النفط الأميركي منها. وعلى سبيل المثال، قبل بدء حرب الخليج الثانية (2003) بعام، إنخفض حجم إستيراد النفط الأميركي من العراق بنسبة 8

وهذا يعني أنّ الولايات المُتحدة الأميركية إستعدّت للقرار مسبقاً حيث إستطاعت تعويض الإنخفاض بزيادة حجم الإستيراد من دول أخرى. أيضاً يُمكن ذكر ليبيا التي عصفت بها الثورة في 17 شباط 2011 وأدّت إلى الإطاحة بالعقيد معمر القذافي. لكنّ الفترة التي سبقت هذا التاريخ شهدت إنخفاضاً حاداً أيضاً بالطلب على البترول الليبي حيث إنخفض الطلب بنسبة 6

أما في المملكة العربية السعودية التي تُزود الولايات المُتحدة الأميركية بما يفوق 1

الجزائر وعُمان

وبإستخدامنا للتحليل السابق الذكر، وبالنظر إلى أرقام الإستيراد الأميركي من النفط الجزائري، نرى أنّ حجم الإستيراد إنخفض بنسبة 8

وما يزيد من مصداقية هذا التحليل أنّ إستيراد الأسلحة في الجزائر إرتفع من 2.8 مليار دولار قبل بدء الثورات العربية إلى ما يزيد عن 13 مليار دولار أميركي في العام الماضي. هذا الأمر يدلّ الى تمسك النظام الجزائري بالسلطة كما وأنّ الإسلاميين هناك لم يفقدوا من قدراتهم، بل على العكس، إزداد حجم الترسانة العسكرية التي يمتلكونها بفضل أموال بعض الدول العربية.

أيضاً، وبالنظر إلى أرقام الإستيراد الأميركي من النفط العُماني، نرى أنّ حجم الإستيراد إنخفض بنسبة 8

على صعيد آخر، وعلى رغم عدم إمتلاك لبنان والأردن للنفط لتصديره إلى أميركا، إلّا أنه وبالنظر إلى الموقع الجغرافي لهاتين الدولتين حول إسرائيل وعدم رغبة الولايات المُتحدة الأميركية بتعريض هذه الأخيرة لتداعيات الثورات، هناك قرار شبه بديهي بإعفاء هاتين الدولتين الهشتين من أيّ ثورات داخلية وهذا ما ظهر أخيراً في المساعدات الأميركية للجيش اللبناني والتي على رغم حجمها الصغير، تحمل مؤشرات كبيرة.

النفط كسلاح

إنّ أهمية النفط يكتسبها من خلال دخوله في 9

فقرار تغيير الأنظمة في العالم يتمّ بنسبة 80 إلى 9

Print Friendly, PDF & Email
Source الجمهورية