Prof. Jassem AJAKA
Physicist and Economist

هل يُولد الفقر في لبنان ثورة اجتماعية؟

 

الاف اللبنانيين حاولوا الهجرة من لبنان الى اوروبا مع عائلاتهم، ومنهم من قضى في البحر. هجرة غيرة شرعية تحمل في خفاياها سنين من الفقر ، لم يعد يتحملها المهاجرون، ففضلوا خوض المغامرة والوصول الى الجنة الموعودة.

 

3

والمُتضرر الاكبر من الفقر هما منطقتا عكار وطرابلس. فنصف اهل طرابلس يعيشون تحت خط الفقر، كما ان 7

وهذه الازمة ليست بجديدة، ففي ايلول 2013 غرقت عبارة الموت واخذت معها 27 لبنانيا كانوا يُحاولون العبور من اندونيسيا باتجاه استراليا. لكن الجديد في هذه الازمة استفحال الفقر بفعل النزوح السوري وانعدام فرص العمل التي تسمح للبناني بتامين حياة كريمة لعائلته. من هنا عمد العديد من اهالي هذه المناطق الى السفر خلسة الى تركيا للاستفادة من المساعدات التي تُقدم الى النازحين السوريين. لكن البعض ذهب الى حد تجربة “الالدورادو” الاوروبي عبر الدخول بشكل غير شرعي الى اوروبا عن طريق تركيا بحراً الى اليونان والبانيا وغيرها. وبالطبع حلت الكارثة مع عائلة صفوان التي سلطت الضوء على مُشكلة الفقر التي تضرب الشمال اللبناني وتفرض عددا من الاجراءات الضرورية لتفادي تكرار المآسي بحق الشعب اللبناني بعد كل ما مر عليه من احداث.

الفقر نتيجة فشل السياسات الاجتماعية

نص مؤتمر باريس 3 في العام 2007 على ان تتلقى الحكومة اللبنانية قروضا مُيسرة مقابل اصلاحات اقتصادية واجتماعية، وعلى رأسها الانماء المتوازن. وهذا الاخير كان يهدف قبل كل شيء الى تخفيف نسبة الفقر في المناطق الحدودية. بالطبع لم يُطبق شيء من هذا المؤتمر وظلت المناطق الحدودية رهينة بيروت وجبل لبنان، اذ من الالزامي لكل شاب ان يمر بهذه المناطق لكي يستحصل على شهادة وعمل، تحت طائلة العيش بالفقر. ومع ارتفاع اسعار الشقق ان للبيع او الايجار منذ العام 2007، عمد الكثيرون من اهل عكار وطرابلس الى العمل في بيروت والعودة الى بيوتهم في الشمال في نفس اليوم. وهذا الامر سمح الى حدٍ معين بتعزيز الدخل الفردي لعديد من العائلات الشمالية، لكن النزوح السوري سلب من هؤلاء فرص العمل في بيروت وجبل لبنان ودفعهم الى العودة الى مناطقهم ومواجهة الفقر من جديد. وعود كثيرة تم بيعها في الانتخابات ولا شيء على الارض، وحتى ان المشاريع التي تم تنفيذها هناك، كان الفساد لها بالمرصاد.

والحال في الجنوب والبقاع الشمالي ليست بافضل، اذ ان بعض القرى خالية من سكانها الذين يُسافرون الى الخارج او يقصدون العاصمة للعمل فيها.

وبالتالي تتحمل الحكومات المُتعاقبة النتائج التي نشهدها اليوم والتي تتمثل بعدد كبير من الاسر التي تعيش بمدخول شهري يقل عن الـ 320 دولار. وهذا يعني انه من ارتفاع الاسعار، يصعب على هذه العائلات اكفاء حاجاتها الفيزيولوجية كما ينص عليه هرم ابراهام ماسلو.

المطلوب خطة واضحة ان ترسيخ الانماء المُتوازن يمر عبر اللامركزية الادارية والاقتصادية، حيث يتم اعطاء كل ادارة محلية القرار المُتعلق بالاستثمارات الواجب القيام بها، كما ونوع الخدمات التي تُقدم لسكان المنطقة. ومن هذه الاستثمارات يُمكن ذكر (بحسب الاهمية): الطرقات، الكهرباء، المجمعات الصناعية والزراعية، الانترنت… والاهم في ذلك ان يتم انشاء مناطق حرة معفية من الضرائب في المناطق التي يضربها الفقر كعكار والهرمل والجنوب الشرقي. وهذا الامر سيسمح بتخفيف الفقر وبالتالي المآسي الناتجة عنه، وذلك بحسب الالية التي يقترحها البنك الدولي، اي دعم الشركات الصغيرة والمُتوسطة الحجم والتي لوحدها كفيلة بخفض الفقر الى نسب مقبولة. هذه الشركات الصغيرة والمُتوسطة الحجم سيكون لها دور كبير في نقل التكنولوجيا الى الاقتصاد اللبناني وهذا ما يؤكده صندوق النقد الدولي في مختلف تصريحاته.

اما السلطة المركزية فيقتصر دورها على الشق التشريعي والرقابي كما ودعم تمويل الشركات الصغيرة والمتوسطة الحجم من خلال مصرف لبنان والمصارف التجارية. هذا الامر مُبرر بفشل السلطة المركزية في ترسيخ العدالة الاجتماعية حيث ان 2

ويبقى القول ان السلطة المركزية ستُزعزَع مع تزايد نسبة الفقر خصوصا ان التوقعات تتجه الى الاسوأ مع احتمال دخول اكثر من 400 الف نازح سوري الى لبنان في الاشهر القادمة كنتيجة لسيطرة النظام الحاكم في سوريا على مناطق المعارضة السورية.

Print Friendly, PDF & Email