Prof. Jassem AJAKA
Physicist and Economist

اعتمادات متوقّعة لـ” المال” خلال أول جلسة للحكومة من يتحمّل الغرامات التي تفرضها المصارف على العسكريين؟

تتجه أنظار موظفي القطاع العام وتحديداً عناصر المؤسسات العسكرية والامنية الى أول جلسة يعقدها مجلس الوزراء الذي طالبه وزير المال بإقرار فتح اعتمادات اضافية لتغطية رواتب هؤلاء عن شهري تشرين الثاني وكانون الاول المقبلين. فرغم إصرار وزراء “تكتل التغيير والاصلاح” على ان يتضمن جدول أعمال أول جلسة للحكومة يدعو اليها الرئيس تمّام سلام بند النفايات فقط، يبدو أن الامور تتجه الى طرح سلام بند فتح الاعتمادات من خارج جدول الاعمال، بموافقة ضمنية من كل الافرقاء السياسيين داخل الحكومة.

 

 لم يقم وزير المال علي حسن خليل بتحويل رواتب المؤسسات العسكرية والامنية بسبب غياب قرار من مجلس الوزراء يخوله صرف الاموال ضمن آلية قانونية لا تخالف أصول الصرف. فقد كشف خليل أول من أمس عن وجود نقص مالي في تغطية بند الرواتب، علما ان قرار تغطيته من الاحتياط يحتاج الى موافقة الحكومة، رغم تأكيد الوزير ان الاموال متوافرة. فقد قامت وزارة المال امس، رغم عدم إقرار فتح الاعتمادات، بتحويل نصف راتب للعسكريين، على أن يتم صرف النصف الآخر بعد توقيع مجلس الوزراء قرار فتح الاعتمادات مباشرة، ما يجنب أيضا حرمان موظفي القطاع العام الحصول على رواتبهم في الايام المقبلة. وفي هذا السياق، استبعد المحامي الدكتور بول مرقـص تخلّف الدولة عن دفع رواتب القطاع العام لفترة تتجاوز المهلة المعقولة، بسبب مبدأ “استمرارية المرافق العامة” في القانون الإداري الذي يعتبر القطاع العام نظاماً (régime) وليس مؤسسة (institution)، وتالياً، فإن أصول هذا النظام وشروطه تحكمهما الإستمرارية التي تحتّم على الدولة المواظبة على دفع الرواتب والمستحقات. وأضاف: “يسمو مبدأ “استمرارية المرافق العامة” فوق أي نقصان أو خلل في الصرف يمكن أن يطرأ. كما أنه لا يستطيع صاحب العمل، أي الدولة، أن يستفيد من خطئه الشخصي لتبرير عدم صرف الرواتب والأجور والمستحقات، عملا بالقاعدة القانونية Nul ne peut se prévaloir de sapropre turpitude. وأشار إلى أن عدم إقرار القوانين والخلل في التشريع أو عدم انعقاد الحكومة هي من أخطاء الدولة الشخصية، وليس للموظفين أي حيلة في الموضوع. وعن الالتزامات والاستحقاقات التي ينوء تحتها الموظفون أمام المصارف في نهاية كل شهر، قال مرقص: “الجهات المُقرضة لا تتعامل مع موظفي الدولة على أساس مختلف عن موظفي القطاع الخاص. لذا، فإن تخلّف موظف الدولة عن تسديد ديونه أو سنداته بسبب تخلّف الدولة عن دفع الرواتب والأجور لا يُعتبر من ناحية الجهة المُقرضة من الأسباب القاهرة force majeure”. وأشار إلى أن المؤسسة الدائنة يحق لها في حال تخلّف موظفي القطاع العام عن التسديد، اتخاذ التدابير القانونية اللازمة لملاحقتهم. ولكنه لفت إلى أنه “غالباً ما تتعامل المصارف مع تلك الحالات برويّة، وتتمهل قبل الشروع في أي إجراء قانوني لأن موظفي القطاع العام ما زالوا في وظيفتهم وستُصرف أجورهم عاجلاً أم آجلاً على اعتبار أن الدولة، حتى وان تناقضت مصالحنا معها، تبقى “خصماً شريفاً”. ولكن من حق المصارف فرض فوائد تأخير على غرار ما تفرضه على جميع المقترضين، وهذا ما قد يتحمله العسكريون الذين لم يسددوا مستحقاتهم في الوقت المحدد بسبب عدم قبض رواتبهم”.

بدوره ، اعتبر الخبير الاقتصادي البروفسور جاسم عجاقة ان “عدم دفع رواتب القطاع العام وخصوصاً العسكريين منهم له تداعيات اقتصادية سلبية، بالاضافة الى ما قد يحمله من تداعيات اخرى على الصعيدين الامني والاجتماعي. فعدم دفع أجور العسكريين، وعددهم 130 ألفا تقريبا، يحرم الاقتصاد من استهلاك ما لا يقل عن نصف القطاع العام، ما قد يؤدي تاليا الى تسجيل نسبة نمو سلبية في حلول نهاية السنة الجارية. وفي هذا السياق، اعتبر ان هذا الأمر “لا ينم عن مسؤولية واقعية من المعنيين خصوصاً أنه ومنذ العام 2006، لم يتمّ تطبيق القوانين في ما يخص الإنفاق العام لأن الموازنة العامة غير موجودة ولأن الإنفاق يزيد باستمرار، ولا يُمكن احترام القاعدة الإثني عشرية التي تنص على إنفاق الأرقام كما وردت في موازنة عام 2005. فعلى سبيل المثال لا الحصر، زاد التوظيف في المؤسسات العامة، وزاد الإنفاق التشغيلي وتمّ دفع الكلفة عبر فتح اعتمادات خصيصاً لهذا الأمر، وفي بعض الأحيان كان الصرف يتمّ خلافاً لقواعد الموازنة بحكم الأمر الطارئ وغياب الموازنة”. اضاف: “من هذا المُنطلق، يُمكن إدراج عدم صرف أجور العسكريين ضمن العوامل السياسية الرامية الى زعزعة المؤسسة العسكرية، اذ كان من الاجدى صرف رواتب العسكريين بالطريقة التي كانت متبعة منذ سنوات، بدل حرمان من يحمي الوطن من حق مقدس حتى ولو لم تحترم الأصول القانونية، لأن طبيعة العامل الطارئ للأجور وخصوصاً للعسكريين، تتخطى الأصول التي لم تُحّترم منذ عقد ونيف”.

Print Friendly, PDF & Email