Prof. Jassem AJAKA
Physicist and Economist

حقائق عن الكبتاغون في لبنان

سلوى بعلبكي

أعاد ضبط تهريب نحو طنّين من الحبوب المخدرة على متن طائرة خاصة في “مطار رفيق الحريري الدولي” تسليط الضوء على مشكلة المخدرات التي بدأت تغزو لبنان في المدة الاخيرة. وظهر تفشي هذه الآفة الخطرة من خلال التوقيفات التي تقوم بها قطعات قوى الأمن الداخلي يومياً، مما يشير الى مدى الخطر الذي أصبح يطال كل الطبقات الاجتماعية ومُختلف الأعمار والمهن.

 

 

بلغت نسبة النساء اللواتي يتعاطين المخدرات في لبنان عام 2012 (بين 18 و28 سنة)، نحو 11. وفق إحصاءات حديثة نشرتها “الدولية للمعلومات”، تراوح المساحة المزروعة مخدرات بين 11.200 و12 الف هكتار، فيما تقدر المساحة المزروعة حشيشة ما بين 1.700 و2000 هكتار، وقد ترتفع لاحقاً الى نحو 3.000 هكتار أو أكثر تبعاً للأوضاع الامنية ومدى تغاضي الدولة عن هذه الزراعة التي لا تزال الارقام عن حجم تجارتها في لبنان مبهمة، خصوصا أنها تدخل ضمن العمليات غير المشروعة وفي اطار تبييض الاموال. علماً أن حجم عمليات تبييض الاموال في العالم يقدر بنحو 4 تريليون دولار، يتم نصفها في اميركا، فيما لا تناهز نسبتها 3 أو

الزراعات البديلة وضع مشروع الزراعات البديلة عام 1992، بغية تشجيع المزارعين في منطقتي بعلبك والهرمل على استبدال زراعة المخدرات بزراعات اخرى توفر مداخيل مالية كبيرة. وكان مقدراً أن يمتد المشروع على مدى 15 عاماً (1992 – 2006) بكلفة تصل الى 300 مليون دولار تعهدت الامم المتحدة المشرفة على المشروع توفيرها. إلا أن المبالغ التي تأمنت لم تزد عن 20 مليون دولار، فجرى الاستغناء عن المشروع عام 2000 بعدما ظهرت عمليات فساد كبيرة وجرت تدخلات سياسية، اضافة الى عدم تمكن المزارعين من الحصول على مداخيل كافية مقارنة بمداخيل زراعة الحشيشة. فزراعة الف متر مربع بنحو كلغ واحد من القنبز تعطي ما بين 40 و50 كلغ من الحشيشة يصل سعرها الى نحو 20 ألف دولار (تبعا للظروف وحركة الطلب وامكان التهريب وعدم اتلاف المحصول)، ولا يمكن لأي زراعة اخرى أن تعطي هذا المردود. أمام غياب الارقام الحقيقية عن حجم تجارة المخدرات والمردود المالي لبلد مثل لبنان، يبرز السؤال عن اسباب تفشي الظاهرة وزيادة حجم المساحات المزروعة؟ اعتبر الخبير الإقتصادي والإستراتيجي جاسم عجاقة ان الاسباب “تعود الى عوامل عدة أولها الفراغ الذي يطاول قبل كل شيء الشباب الذين يصبحون الضحية الأولى والسهلة للمخدرات. ويعود السبب الثاني إلى المشكلات الشخصية التي غالباً ما تدفع الانسان إلى القلق والخوف، وهذا الأمر كافٍ لإستدراجه إلى المخدرات التي تُنسيه همومه ولو لفترة وجيزة”. أما بالنسبة الى ارتفاع نسبة الاراضي المزروعة بالمخدرات على انواعها، فلفت الى أن “الواقع الاقتصادي اللبناني المتردي أدى الى لجوء بعض المناطق إلى إنتاج المخدرات بسبب عدم وجود خيارات أخرى. فالسياسات الاقتصادية للحكومات المُتتالية لم تأخذ في الإعتبار الواقع المعيشي والإقتصادي لهذه المناطق كسهل البقاع، علما أن الحشيشة مثلاً دخلت لبنان في أربعينات القرن الماضي، وكان لأجواء الحرب السائدة وطبيعة الأرض البقاعية الخصبة ووفرة المياه دور كبير في تنمية هذه الزراعة التي بلغت ذروتها في الحرب الأهلية”. واشار الى ان نسبة الأراضي المزروعة بالمخدرات بلغت نصف الأراضي الصالحة للزراعة (55,000 هكتار عام 1980)، لكنها ما لبثت أن تقلصت نتيجة الإتفاقات بين الدولة اللبنانية والحكومات الغربية وخصوصاً الأوروبية منها (السوق الاهم لصادرات لبنان من الحشيشة) على نحو أدى إلى لجم زراعة الحشيشة مع 1,100 هكتار فقط عام 2010. لكن هذا الأمر تغيّر كلياً مع بدء الحرب في سوريا التي ازدهرت سوق المخدرات فيها، اضافة الى تراجع عمليات تلف المحاصيل التي تتولاها الدولة اللبنانية، ما دفع بالمزارعين إلى رفع المساحات المزروعة بالمخدرات إلى 3500 هكتار عام 2013″.

استهلاك الكبتاغون في تزايد بين فترة واخرى، تقوم الجمارك بضبط عمليات تهريب لحبوب الكبتاغون وبودرة الكوكايين. وشهدت الحلقة الأخيرة من هذا المُسلسل، ضبط طنين من هذه المادة التي يزداد الطلب عليها في الدول العربية على نحو كبير، علماً انه يتم إنتاجها من جزيئيات منشطات الفنيثيلين كي لا يشعر المُدمن اثر تناولها بالتعب او بالجوع، او حتى بالخوف. يعود إنتاج هذه المادة “الطبّية”، وفق عجاقة، إلى ستينات القرن الماضي اثر محاولات لمعالجة النشاط المفرط ومشكلات النوم، قبل أن تعتبر مادة خطرة في الثمانينات ويتمّ منعها في العديد من البلدان. وبقي لبنان المُنتج الأول لهذه المادة حتى 2011، ولا سيما بعد إنشاء مصانع أكبر في سوريا نظراً الى زيادة الطلب عليها، لذا كان من الضروري زيادة الإنتاج نظرا الى “تنامي” حجم السوق في الشرق الأوسط بشكل غير متوقع، علما أن قسما كبيرا من هذه الأموال يموّل الحرب في سوريا.

Print Friendly, PDF & Email