Prof. Jassem AJAKA
Physicist and Economist

اقتصاد لبنان في خطر

ميـرا عبـدالله & أميـن نصـر

منذ أسبوعين تقريباً، أعلنت الدول الأعضاء في مجلس التعاون الخليجي حزب الله “منظمة إرهابية”. جاء الإعلان هذا بعد وقت قليل من قرار السعودية وقف مساعدتها العسكرية بقيمة 4 مليار دولار الى الجيش اللبناني.

 

 

وجرى النظر إلى التصرّف السعودي هذا على أنّه إجراء عقابي بهدف إلى بعث رسالة لحلفاء الرياض في لبنان أكثر ممّا هي موجهة الى أخصامها اللبنانيين. غير أن إعلان دول مجلس التعاون الخليجي هذا، الذي اعترضت عليه بعض الدول العربية بالإضافة الى وزير خارجية لبنان جبران باسيل، دلّ على أنّ دول الخليج تخطّط للقيام بما هو أبعد من مجرّد تجميد مساعدة عسكرية.

لطالما كان النشاط الاقتصادي بين لبنان والسعودية محفزاً للاقتصاد اللبناني. من جهة، تشكّل الاستثمارات السعودية في القطاعات الصناعي والعقاري والسياحي عماداً صلباً للاقتصاد، بالاضافة الى استفادة المواطنين اللبنانيين الذين يعملون في دول الخليج من هذا النشاط الاقتصادي. حيث تشير احصاءات الجمارك الى أن واردات الخليج تشكل 3

“دول مجلس التعاون الخليجي هي الشريك التجاري الأول للبنان في المنتجات الصناعية والزراعية”، قال الخبير الاقتصادي وليد بوسليمان. “فيما خص تصدير المنتجات الزراعية، تستورد دول الخليج قرابة الـ 6

على الرغم من المخاوف التي أثارها المواطنون اللبنانيون حول احتمال فرض عقوبات اقتصادية على لبنان، اعتبر خبراء اقتصاديون تحدث اليهم NOW أن هذا الاحتمال مستبعد. إذ لطالما كان التبادل الاقتصادي بين السعودية ولبنان مستقراً ومهماً، لا سيما في القطاع الزراعي. “تساوي واردات دول الخليج من المنتجات الزراعية اللبنانية ما قيمته 920 مليون دولار”، قال البروفسور جاسم عجاقة، مستشار وزير الاقتصاد والتجارة آلان حكيم، “وتصل هذا الأرقام الى 1

بالإضافة الى ذلك، وبعد أن صنّفت دول مجلس تعاون الخليجي “حزب الله” كمنظمة إرهابية، قامت العديد من دول الخليج بترحيل عائلات لبنانية بدون إنذار مسبق. ولا يعلم اليوم المواطنون اللبنانيون الذين يعيشون ويعملون في دول الخليج إذا ما كانوا معرّضين لخطر ترحيلهم هم أيضاً.

“زار وزير الاقتصاد والتجارة مؤخراً السفيرين السعودي والإماراتي، وسألهم إذا ما كان هناك خطة لترحيل مواطنين لبنانيين من دول الخليج، وقد نفى السفيران هذا الاحتمال بشدة. غير أنّهم قالوا لنا إنّ الأشخاص الذين لديهم ملفات أمنية سوف يُرحّلون”، قال عجاقة، وأضاف أنّ فقط من لديهم علاقات بحزب الله من خلال الاتصالات الهاتفية او الرسائل التي تدعم الحزب معرضون لخطر الترحيل.

منذ بدء العلاقات اللبنانية- السعودية  عام 1962 بزيارة الرئيس كميل شمعون الى الرياض، تلقّى اللبنانيون عروضاً جذابة للعمل في السعودية خلال فترة صعود النفط السعودي.

اليوم، يوجد أكثر من 300 ألف مواطن لبناني يعملون في السعودية. في المقابل، استثمرت الحكومة السعودية بشكل كبير في قطاعات السياحة، والضيافة، والعقارات في لبنان. “تقوم السعودية بالاستثمار سياسياً، ومالياً، وعسكرياً في لبنان منذ اتفاق الطائف. لن تتخلى الآن عن لبنان وتقدّمه هدية الى إيران بهذه السهولة. بالاضافة الى أنّ اللبنانيين عملوا في قطاع النفط في دول الخليج منذ الستينات. وبالتالي، لا يُعتبرون عبئاً على اقتصاد الخليج. بل إنّ مواطني الخليج يستفيدون اليوم من خبراتهم”، قال عجاقة.

“لن يكون هناك أي عقوبات على القطاع الزراعي اللبناني”، قال ابراهيم ترشيشي، رئيس اتحاد المزارعين في لبنان. “كافة الطوائف في لبنان تستفيد من القطاع الزراعي. الناس الذين يعملون في هذا القطاع من كافة المناطق، والطوائف، والانتماءات السياسية”. وأضاف ترشيشي لـ NOW أنه على الرغم من الحرب في سوريا ومن الاختلافات السياسية بين السعودية والنظام السوري، استمر استيراد وتصدير المنتجات الزراعية. الاختلاف الكبير الوحيد يمكن أن يحصل مع المصدّرين السوريين الذين مُنعوا من دخول السعودية. الأمر نفسه يمكن أن يحدث مع المصدرين اللبنانيين ولكن هذا لا يعني بأن السعودية سوف تقاطع لبنان نهائياً. “بالاضافة إلى ذلك، فإنّ السعودية لن تؤذي الطائفة السنّية في لبنان. فعدد كبير من مالكي الشاحنات والسائقين من السنّة. بالتالي فإنّ حصر تأشيرات الدخول بالمواطنين اللبنانيين غير وارد على الأرجح”، قال ترشيشي.

وعلى نحو مشابه، أكّد خبراء تحدّث اليهم موقع NOW أنّ مشكلة السعودية ليس مع الحكومة اللبنانية، بل مع نفوذ حزب الله فيها. ضف إلى ذلك أنّ السعودية لطالما كانت داعماً أساسياً للطائفة السنّية في لبنان، وخصوصاً لتيار المستقبل. فرض العقوبات على لبنان يعني كذلك فرض عقوبات على الطائفة التي كانت السعودية تدعمها وتمولها لعقود. “السعودية لن تؤذي الفئات اللبنانية المهمة بالنسبة لها”، قال عجاقة.

“في حال قرّرت دول الخليج مقاطعة المنتجات اللبنانية، للأسف، ليس لدى لبنان خطة بديلة لإعادة انعاش اقتصاده”، قال بو سليمان، “لقد عانى المزارعون اللبنانيون بشكل كبير عند إغلاق الحدود خلال الحرب في سوريا. وفي حال قاطعت دول الخليج المنتجات اللبنانية، ليس لدى لبنان سوق بديل لتصدير منتجاته، وهذا ما سيجعل المزارعين اللبنانيين والقطاع الزراعي في وضع كارثي”.

Print Friendly, PDF & Email