Prof. Jassem AJAKA
Physicist and Economist

رواد المطاعم يتذمّرون: أين الرقابة على الأسعار؟

«من يرِد طلب يد عروسٍ من أهلها، فليأخذ لهم صحن فاكهة وبطيخ من عند مطعم(…) عوضاً عن كيلو البقلاوة»، هكذا علّق عدد من الناشطين على مواقع التواصل الاجتماعي أمس الأول، إثر نشر مجموعة من الأشخاص صورة لفاتورة بلغت قيمتها نحو 600 ألف ليرة، وتضمنت أسعار الحلويات والفاكهة التي طلبوها من المطعم المذكور، والتي وُصفت بـ«الخيالية».  ليست هي المرّة الأولى التي يحتج فيها اللبنانيون على ارتفاع أسعار السلع في المطاعم والمؤسسات. منذ مدّة، نشر أحد الناشطين على صفحته عبر موقع «فايسبوك» صورة لفاتورة باهظة دفعها مع رفاقه في أحد مطاعم شارع الحمرا، مشيراً إلى أن المطعم المذكور وضع على الطاولة أصنافاً من الطعام لم يطلبوها وأجبرهم على دفع ثمنها. كما اشتكى العديد من اللبنانيين والمغتربين من أسعار السلع التي تُباع في مطار رفيق الحريري الدولي، حيث يتجاوز سعر زجاجة المياه الصغيرة الـ8 آلاف ليرة، فيما لا يتعدى سعرها في السوق الـ500 ليرة. كلّ ذلك، فتح الباب أمام طرح سلسلة من الأسئلة حول دور وزارتي الاقتصاد والسياحة في ضبط الأسعار ومراقبتها، لا سيما في ظلّ ما كشفته حملة سلامة الغذاء التي قامت بها وزارة الصحة، والتي أثبتت أن اللبناني يتكبد مبالغ طائلة في معظم المطاعم مقابل عدم التزام الأخيرة بالمعايير والمواصفات المطلوبة والحدّ الأدنى من النظافة. في هذا الإطار، يوضح مدير مصلحة حماية المستهلك في وزارة الاقتصاد المهندس طارق يونس أن «مراقبي الوزارة يعمدون عند زيارتهم المطاعم للكشف عليها إلى التأكد من أن لائحة الأسعار الموجودة لديهم مُصدقة من وزارة السياحة»، مشيراً إلى أنه «من مسؤولية وزارة السياحة التأكد من أن الأسعار المُعتمدة تتلاءم مع الكلفة التشغيلية للمطعم من جهة وإمكانيات الفئة الأكبر من اللبنانيين من جهة أخرى». وأشار إلى أنه «من واجب المراقبين أيضاً التأكد من أن المطعم لم يُلزم المواطن دفع ثمن سلع لم يطلبها، وهو ما نواجهه كثيراً في الآونة الأخيرة»، موضحاً أن «بعض المطاعم يلجأ إلى تقديم المياه أو المكسرات للزبائن فور دخولهم إلى المطعم من دون أن يطلبوها، ثم يلزمونهم بدفع ثمنها، وهو أمر مخالف للقانون». وكشف يونس لـ«السفير» أن «وزارة الاقتصاد، على أثر ما تم تداوله على مواقع التواصل، استدعت ممثلين عن نقابة أصحاب المطاعم، طالبة تقديم مستندات مفصلة عن الكلفة التشغيلية لمعظم المطاعم بهدف التأكد إن كانت تتناسب مع الأسعار المعمول بها»، موضحاً أنه «بحسب المرسوم الاشتراعي الرقم 73/1983 لا يحق للتاجر بيع المنتج بأكثر من ضعف سعر الكلفة». ويؤكد أنه «في حال الكشف عن مخالفة تنحصر صلاحيات مراقبي الوزارة بتسطير محضر ضبط للجهة المخالفة وتحويل الملف إلى القضاء المختص». وبرغم الدور الرقابي لوزارة الاقتصاد، فإن ضبط الأسعار لا يُمكن تحقيقه من دون خلق حلقات إنتاج تنافسية، وفق مستشار وزير الاقتصاد المستقيل البروفيسور جاسم عجاقة. ويشير إلى أن «حلقات الإنتاج والتنافسية مضروبة في البلاد، إذ تبسط مجموعة صغيرة من أصحاب المصالح سلطتها على كامل السوق، ما يلغي التنافسية وبالتالي لا يُحفز أصحاب المصالح على خفض الأسعار». ويعرج عجاقة على مشكلة إضافية في صلب تكوين الاقتصاد اللبناني، وتكمن في غياب الثقافة الاستهلاكية الواعية لدى المواطنين، موضحاً أن «المستهلك اللبناني يتحمل جزءاً كبيراً من المسؤولية، إذ إن من واجبه مقاطعة المطعم الذي يفرض أسعاراً خيالية على السلع العادية». بدوره، يرى مدير جمعية حماية المستهلك د. زهير برو أن «معظم المطاعم والمؤسسات السياحية تتذرع بأن الاقتصاد اللبناني هو اقتصاد حرّ وبالتالي يحق لها فرض الأسعار التي تراها مناسبة ومن شأن المستهلك أن يقبل بها أو أن يرفضها، لدرجة تصل أحياناً حجم الأرباح على الفاكهة إلى الـ70 أو 80 في المئة»، مشدداً على أن «الحلّ الفعلي لضبط الأسعار يكون بتعزيز المنافسة وتحفيز أصحاب المطاعم والمؤسسات على بناء صناعة سياحية واعية». من جهته، أكد نقيب أصحاب المطاعم والمقاهي والملاهي والباتيسري في لبنان طوني الرامي أن «الظروف التي يمرّ بها البلد لا تسمح بزيادة الأسعار، خصوصاً أن قطاع المطاعم يُعاني من أزمة نتيجة ارتفاع العرض مقابل انخفاض الطلب، بالتزامن مع تراجع أعداد السائحين، كذلك انخفاض القدرة الشرائية لغالبية رواد المطاعم»، داعياً اللبنانيين إلى «الاطلاع على لائحة الأسعار الموجودة في المطاعم قبل اتخاذ قرار ارتيادها أو لا». رابط السفير 

Print Friendly, PDF & Email