Prof. Jassem AJAKA
Physicist and Economist

فوز ترامب هزّ أسواق المال العالمية… والآتي أعظم !

نوال الأشقر

أحدث فوز الجمهوري دونالد ترامب برئاسة أميركا هزة في الأسواق المالية العالمية، بدأت بتراجع الدولار أمام سلّة العملات، وهبوط جماعي لمؤشرات أسواق الأسهم في أميركا وأوروبا، وهبوط أسعار النفط، وارتفاع أسعار الذهب، وسادت حال من الفوضى والإرباك، وسط حديث رجال الإقتصاد عن نتائج كارثية مقبلة لا تقل وطأة عن خروج بريطانيا من الإتحاد الأوروبي. فلماذا كل هذه الخضّة في الأسواق المالية العالمية؟عندما طرحنا هذا السؤال على الخبير الإقتصادي الدكتور جاسم عجاقة ذهب إلى الحديث عن شخصية ترامب الجدلية الغريبة، “فهو رجل أعمال لا يقبل أن يتقاضى عملة في سياق أعماله سوى بالذهب، وعندما سُئل عن سبب تعامله بالذهب وليس بالدولار، ردّ ذلك إلى احتمال هبوط أسعار الدولار، ولأنّ الأسواق تعتمد بالدرجة الأولى على الثقة والصدقية. فهذا الكلام الصادر عن مرشح رئاسي يهز الثقة بالدولار، وهو بمثابة رسالة أحباط حيال قيام الرئيس الأميركي بمعالجات لأي انتكاسة للدولار في المستقبل”. عجاقة وفي حديث لـ “لبنان 24” انطلق من بعض تصريحات ترامب ليصوب على تداعياتها السلبية على الإقتصاد الأميركي والعالمي، ومنها على سبيل المثال تصريحه عن نيته بتشييد جدار عازل بين بلاده والمكسيك، “بطبيعة الحال هذا العمل سيرتّب على أميركا كلفة مادية ويراكم دينها العام، وهنا يتضرر الدولار. تصريح آخر أكد فيه طرد كل المهاجرين، أي عملياً طرد اليد العاملة، الأمر الذي من شأنه ان يُحدث خللاً كبيراً بين سوق العمل وحاجات السوق ومتطلباته، مما يؤدي إلى ضعف الإقتصاد الأميركي الذي يُترجم بضعف الدولار”. لماذا رفع فوز ترامب أسعار الذهب إلى أعلى مستوى منذ ستة أسابيع ؟يوضح عجاقة أن الفرنك السويسري كذلك ارتفع “والسبب يعود إلى أنّ هناك ثلاثة أصول تُعتبر ملاذات آمنة، الذهب والفرنك السويسري والين الياباني، هذه العملات تعتبر عملات ثابتة لا تتغير. وردة فعل الأسواق مردّه إلى عدم مصداقية ترامب في الأسواق، على خلفية طروحاته حول بناء الجدار العازل على سبيل المثال، فإذا شيّد الجدار يسيء إلى الإقتصاد، وإذا عدل عن إقامته يظهر بصورة المتنكر لإقواله، وفي الحالتين عنصر المصداقية مفقود”. أوروبا تلقت صدمة فوز ترامب بالكثير من القلق المبرر، جعل الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند يحذّر من “مرحلة من الغموض”، في حين وصف نائب المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل فوزه بأنّه يمثل تحذيراً لألمانيا، لأنّ ترامب “رائد حركة استبدادية وشوفينية دولية جديدة”. وفي هذا السياق يشير عجاقة إلى التداعيات الإقتصادية لوصوله بالتزامن مع انطلاق محادثات أميركية أوروبية حول تجارة حرة، من شأنها أن تشهد تعقيدات بوصول ترامب إلى البيت الأبيض. وذكّر عجاقة بزيارة أوباما عندما كان مرشحاً رئاسياً لفرنسا وألمانيا، حيث ألقى خطاباً انتخابياً في كل من الدولتين اتّسم بالإنفتاح الأميركي باتجاه أوروبا”. أمّا “علاقته المشبوهة ” مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين التي كُشفت أثناء حملته، وما قد تسببه من تصعيد عسكري في المنطقة، لفت الدكتور عجاقة إلى وجوب ترقب الموازنة التي سيضعها ترامب وما سيخصصه من ضمنها للشق العسكري لتبيان ميوله العسكرية، فضلاً عن وجوب رصد فريق عمله وإدارته، وتسليم زمام الأمور لعسكريين أم لمدنيين، وهذا يعتبر مؤشراً في هذا السياق. “ويجب الإنتباه إلى قوته الحقيقية كجمهوري على رأس السلطة مدعوم بغالبية في الكونغرس، وقادر بالتالي على تمرير قوانينه”. وعن انخفاض أسعار النفط فور اعلان فوزه، فإنه يعود إلى أنّ استهلاك النفط محكوم بقوى العرض والطلب، “ورؤية ترامب الإقتصادية من شأنها أن تجعل المستثمر ينكفىء، الأمرالذي يحتّم انخفاضاً في استهلاك النفط”. إذن على ما يبدو فإنّ العالم الذي حبس أنفاسه مترقباً نتائج السباق الرئاسي الأميركي، وتلقّى النتيجة بمزيج من الصدمة والترقب، وعليه أن يُبقي أنفاسه محبوسة بانتظار تولي ترامب رسمياً قيادة أعظم دولة في العالم، لتبيان ما قد يحمله صاحب “الرأس الجهنمي” من انقلابات كونية .

رابط لبنان ٢٤ 

Print Friendly, PDF & Email