Prof. Jassem AJAKA
Physicist and Economist

وزراء لبنانيون إلى دمشق… والحكومة تعتبرها «زيارات خاصة»

نذير رضا

تجاوزت الحكومة اللبنانية أمس اختبار زيارات بعض وزرائها إلى سوريا، تلبية لدعوة من حكومة النظام السوري، حيث لم تتخذ قراراً بتلك الزيارة ولم تغطها، وتركتها تحت صفة «الزيارات الخاصة»، في وقت دعا رئيسها سعد الحريري إلى «النأي بالنفس عن الصراعات والمحاور الإقليمية». ورغم أن الحكومة التي ناقشت الزيارات، حيدت نفسها عن تداعياتها، فإن الانقسام داخل الكتل السياسية، تصاعد مع تأكيد رئيس البرلمان نبيه بري أن «هناك علاقات دبلوماسية واتفاقيات بين البلدين، وأن المراحل كلها أثبتت أن هذا التواصل والتعاون هو أمر طبيعي ولمصلحة البلدين»، فيما أكد رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع «أننا لن نقبل بأي تعاط رسمي بين الحكومة اللبنانية وما يسمى الحكومة السورية». وظهرت خطوات انفتاحية من قبل وزراء في الحكومة اللبنانية تجاه حكومة النظام السوري، تمثلت في زيارتين مقررتين لوزيري الصناعة حسين الحاج حسن، والزراعة غازي زعيتر إلى دمشق في 16 أغسطس (آب) الحالي تلبية لدعوة وزير الاقتصاد والتجارة السوري. كما تمثلت في توقيع وزير المال علي حسن خليل اتفاقية مع الحكومة السورية لتزويد لبنان بالكهرباء بـ100 ميغاوات. وجاء الإعلان عن الخطوتين، بعد دعوات ظهرت في السابق للتنسيق مع النظام السوري على ملف النازحين السوريين، ولاحقاً التنسيق مع الجيش النظامي السوري بشأن العملية العسكرية المرتقبة للجيش اللبناني ضد تنظيم داعش في المنطقة الحدودية في شرق لبنان. ورغم أن الزيارة إلى دمشق، تخص وزيرين ينتميان إلى «حزب الله» و«حركة أمل» اللذين تربطهما علاقات وطيدة بالنظام السوري، إلا أن الخطوة بدت على أنها «التفاف على القرارات الحكومية»، و«تفرد» في القرار، حسبما قالت مصادر سياسية لـ«الشرق الأوسط». وقال عضو كتلة «المستقبل» النيابية النائب محمد قباني لـ«الشرق الأوسط»، إن «الخيار الذي اتخذته الحكومة أمس، هو تجنب للانقسام، حيث تركت للوزراء التصرف كما تقرر قواهم السياسية بصفة شخصية»، لافتا إلى أن الحكومة «تجنبت الشرخ». وأوضح قباني أن تجنب البحث بالملفات الخلافية «هو عرف للحكومة يحظى بتغطية سياسية من الرؤساء»، مضيفاً: «هذا جزء من الوضع اللبناني والتعقيدات المحيطة به». ورداً على إعلان وزير الصناعة حسين الحاج حسن أنه ذاهب إلى سوريا كوزير للصناعة، أي بصفة رسمية، قال قباني إنه من الناحية الدستورية «لن تكون الزيارة رسمية إلا إذا كان الوزير حائزاً على موافقة مجلس الوزراء الذي يعطيه الغطاء السياسي». وبعد انتهاء جلسة مجلس الوزراء أمس التي عقدت برئاسة الحريري، قال وزير الإعلام ملحم الرياشي إن الحريري استهل الجلسة بالتشديد على قرار مجلس الوزراء إعطاء الجيش الأمر باتخاذ ما يلزم، وفي الوقت الذي يراه مناسبا لحسم معركة جرود القاع ضد الإرهاب. وعن النقاش المتعلق بزيارة بعض الوزراء لسوريا، قال الرياشي إن «مجلس الوزراء لم يتخذ قرارا بهذا الموضوع. لقد تم نقاش مستفيض حوله، لكن نقاشات مجلس الوزراء تبقى ملكه، والأهم أن أي قرار من مجلس الوزراء كان واضحا في كلام الرئيس الحريري النأي بالنفس عن الصراعات والمحاور الإقليمية، وإذا أراد الوزير زيارة سوريا يذهب بنفسه وليس بقرار من مجلس الوزراء، ومجلس الوزراء نأى بنفسه عن المحاور الإقليمية باعتبار أن الحكومة هي حكومة وحدة وطنية. في غضون ذلك، أعرب جعجع عن استغرابه طرح بعض الوزراء قيامهم بزيارات رسمية إلى سوريا»، متسائلاً: «هل يمكن إعادة إعمار سوريا قبل الوصول إلى حل سياسي فيها؟». ورأى «أن ما حدث اليوم هو محاولة إعطاء دفعة سياسية للنظام السوري». ورأى جعجع أن «الأمور كما طرحت في مجلس الوزراء بشأن الزيارات إلى سوريا ليست مقبولة، وهذه المحاولات تضر بلبنان وعلاقاته العربية والدولية»، مضيفا: «لن نقبل بأي تعاط رسمي بين الحكومة اللبنانية وما يسمى الحكومة السورية، وأي وزير يريد زيارة سوريا يستطيع بصفته الشخصية أن يبادر إلى ذلك ولكن ليس رسميا من قبل لبنان، ونتمنى على مجلس الوزراء أن يأخذ موقفا واضحا تجاه هذا القرار في هذه الظروف». وأشار إلى أن «هناك حكومات كتركيا والأردن وجدت حلولا لأزمة النازحين من دون التواصل مع النظام السوري». وكانت الخطوات الانفتاحية على النظام، تمثلت في تجديد لبنان اتفاقا مع دمشق، يقضي بشراء الكهرباء من سوريا إلى لبنان عبر استجرارها، وهي خطوة تعود على النظام بفائدتين، الأولى بإدخال عملة صعبة، والثانية تتمثل في إعادة تعويمه على الساحة الدولية كونه ينظم العقود التجارية مع دول أخرى. والعقد، ليس جديداً، إذ يشتري لبنان الكهرباء من سوريا منذ ما قبل الأزمة في سوريا، بحسب ما قال الخبير الاقتصادي الدكتور جاسم عجاقة، موضحاً أن الـ100 ميغاوات التي كان يستجرها «انخفضت خلال سنوات الأزمة السورية بسبب حاجات سوريا والتراجع بالإنتاج والتضرر الذي أصاب القطاع»، لافتاً إلى أن الكمية نفسها «ستزود دمشق لبنان بها الآن». Print Friendly, PDF & Email