Prof. Jassem AJAKA
Physicist and Economist

عجاقة يفنّد المسار الضريبي لتمويل السلسلة: الشراكة بين القطاعين العام والخاص الحل الوحيد لمشكلة الكهرباء

عشية الجلسة التشريعية المقرّرة اليوم الإثنين والمخصّصة للبحث في مشاريع القوانين المتعلقة بسلسلة الرتب والرواتب المحالة من الحكومة إلى مجلس النواب، وإقرارها، واصلت الهيئات الاقتصادية مشاوراتها في هذا الشأن. فغداة لقائها رئيس الحكومة سعد الحريري ووزير المال علي حسن خليل، زارت الخميس الفائت قصر بعبدا حيث شدد رئيس الجمهورية العماد ميشال عون أمامها على أن «لا عودة عن الإجراءات التي تضبط الواردات والنفقات ومتابعة مكافحة الفساد التي لها تأثيرها المباشر على الإصلاح المنشود»، وأبلغها أن «الدولة في صدد إنجاز خطة اقتصادية تعطي لقطاعات الإنتاج دوراً مهماً بعدما تم تغييب هذه القطاعات خلال الأعوام الماضية ما انعكس سلباً على الانتظام العام في البلاد». في غضون ذلك، اعتبر الخبير الاقتصادي البروفسور جاسم عجاقة في حديث إلى «الشرق»، أن «الوعود التي قطعتها الحكومة بدفع السلسلة على أساس القانون 46/2017 مبنيّة في الدرجة الأولى على وجود 4000 مليار ليرة لبنانية في الحساب رقم 36 التابع للدولة في مصرف لبنان. هذا الحساب يكفي لدفع الأجر الشهري للقطاع العام البالغ 607 مليارات ليرة لبنانية إضافة إلى 150 ملياراً عبارة عن الزيادة في الأجور الناتجة عن القانون 462017، أي ما مجموعه 757 مليار ليرة لبنانية (505 ملايين دولار)». ولفت إلى أن «المشكلة المطروحة أن هذا الحساب لا يكفي لتمويل كل نفقات الدوّلة البالغة 1500 مليار ليرة لبنانية (أجور 757 مليار ليرة، دين عام 400 مليار ل.ل، مؤسسة كهرباء لبنان 155 مليار ل.ل إضافة إلى 380 مليار ل.ل نفقات أخرى) لأكثر من شهرين! وبالتالي، فهي مُضطرّة إلى الإستدانة في غياب ضرائب تموّل خزينة الدولة اللبنانية. الاستدانة في الوضع الاقتصادي والمالي الحالي، سيُعرّض الدولة اللبنانية إلى خفض في تصنيفها الائتماني كما أنذرت به المنظمات الدولية وعلى رأسها صندوق النقد الدولي. وفي حال تمّ خفض التصنيف الائتماني، فالمشكلة ستنتقل إلى مستوى أسعار الفوائد وبالتالي ارتفاع خدمة الدين العام. ولفت إلى أن «الحلول التي طُرحتّ هي الاستدانة من مصرف لبنان على أساس أن المبالغ المطلوبة هي بالعملة الوطنية. إلا أن البنك المركزي ليس مستعدًا لتمويل السلسلة من دون أن تكون هناك إيرادات للدولة التي لا يمكن أن تأتي إلا من الضرائب»، وقال: هذا الأمر هو تصرّف سليم من قبل مصرف لبنان الذي يرفض أن يطبع العملة لتمويل السلسلة. واعتبر أن «هذا الواقع يعني أن الحكومة عادت إلى نقطة الصفر حيث أن الاستمرارية المالية مرهونة بوضع سلّة ضريبية تسمح بتمويل إنفاق الدولة. العبارة الأخيرة هي عبارة غامضة لأنها تحتوي على تفسيرين: – الأول: فرض سلّة ضريبية تحوي السلّة المنصوص عليها في القانون 45 مع تعديلات على بنديّ الازدواج الضريبي والغرامات على الأملاك البحرية كفيلة بتغطية كلفة السلسلة. – الثاني: فرض سلّة ضريبية تحتوي على ضرائب لتغطية قسم كبير من عجز الدولة البالغ حتى الساعة 6 مليارات دولار أميركي (من دون خطة الكهرباء)». وتابع: التفسير الأول هو أقرب إلى الواقع لأنه أصبح مقبولاً في ذهن المواطن اللبناني الذي يتوقّع سلّة ضريبية بقيمة 1.2 مليار دولار أميركي. في حين أن التفسير الثاني صعب التطبيق من دون إصلاحات جذرية في الإدارة والاقتصاد والمالية العامة خصوصًا أننا على أبواب انتخابات نيابية. من هذا المنطلق نرى أن الحلّ الذي ستختاره الحكومة هو إعادة السلة نفسها الموجودة في القانون 45 مع تعديلات على البنديْن المخالفين للدستور، وهذا يعني أن الحكومة تتهرّب من القيام بإصلاحات أصبحت أكثر من ضرورية.

إصلاحات تسمح بالتمويل وقال عجاقة: هناك الكثير من الهدر في المالية العامة وهذا الأمر يعود في الدرجة الأولى إلى طبيعة النسيج اللبناني الذي فرض غياب المحاسبة الدستورية من خلال أجهزة الرقابة شبه المعطّلة. – المشكلة الأساسية في الهدر بالمال العام، تبقى في التوظيف الذي يعمد إليه بعض المسؤولين في وزاراتهم ومؤسساتهم من دون الرجوع إلى مجلس الخدمة المدنية. هذا التوظيف هو السبب الأول الذي أوصل كتلة الأجور إلى ما هي عليه اليوم (6 مليارات دولار سنويًا أي ما يوازي 40.1 – المشكلة الثانية تكمن في شركة كهرباء لبنان التي تستهلك 155 مليار ليرة شهريًا (1854 مليار ليرة سنويًا) من دون خدمة ترتقي إلى المطلوب. وفي اعتقادنا فإن قانون الشراكة بين القطاعين العام والخاص والذي لم تصدر مراسيمه التطبيقية بعد، يجب أن يكون الحل الوحيد لمشكلة الكهرباء مع تخلّي الدولة عن دورها الإنتاجي والإداري في هذا القطاع وحصره بدور رقابي تشريعي. – المشكلة الثالثة هي في مكامن هدر على مثال ما ورد في تقرير وزير المال علي حسن خليل الذي أرفقه بمشروع قطع حساب العام 2015 في جلسة الحكومة الأسبوع الماضي والذي كشف من خلاله عدم وجود قيود في وزارة المال لـ 92 في المئة من الهبات التي وصلت إلى الدولة اللبنانية في الفترة الممتدّة من العام 1993 حتى العام 2010 ، ووجود أكثر من 80 حساباً مصرفياً غير قانونية لوزارات ومؤسسات عامة، وتسديد مبالغ شهرية لقرض غير معروف الوجهة أو الهدف. هذا الأمر يفرض على الحكومة التدقيق في هذه الأمور ومعرفة ما إذا كانت هذه الممارسات مستمرة، ووقفها في هذه الحال. واضاف: كذلك لا يُمكن تناسي الدعم الذي تُقدّمه الدولة للجمعيات والمهرجانات واللتين تستهلكان الكثير من أموال الدولة من دون أن يكون هناك إثبات فعلي لفعالية هذه الجمعيات أو المهرجانات. ويُمكن أيضاً ذكر التجهيزات في الوزارات والمؤسسات العامة كما وتعويضات السفر واللجان التي تحوي أرقامًا خيالية في بعض المؤسسات (1500 دولار عن كل يوم سفر). الإصلاحات لا تُلغي الضرائب وأشار عجاقة إلى أن «هذه الإصلاحات على الرغم من ضرورة تنفيذها، لا تعفي من ضرائب لا على المدى القصير ولا البعيد لأن الضرائب هي مدخول الدولة الوحيد، ولبنان يرزح تحت دين عام يفوق الـ 77 مليار دولار أميركي. وبالتالي، فإن الضرائب هي حقّ على المواطن بشرطين: الأول تحقيق إصلاحات بنيوية في هيكلية وإدارة القطاع العام، وإظهار خطة تسمح بلجم الدين العام. وختم: نقول لمن يعوّل على مدخول النفط والغاز لسدّ الدين العام، إنه لا يمكن استخدام مدخول النفط والغاز في سدّ الدين العام لأن في ذلك جريمة في حق الأجيال المستقبلية والحالية من جهة، ومن جهة أخرى إلى حين البدء باستخراج هذه الثروة يكون على لبنان السلام. رابط جريدة الشرق

Print Friendly, PDF & Email