Prof. Jassem AJAKA
Physicist and Economist

التوظيف العشوائي… من يحاسب من وظّف وليس فقط من قَبِل الوظيفة؟

عجاقة لـ "أخبار اليوم": هل سيتحمّل أي مسؤول التبعات من ماله الخاص؟

ربما يكون القول إن ملف التوظيفات العشوائية هو “فضيحة” لا يشكّل مبالغة أبداً، ولا سيّما بعدما بات مسرحاً للمزايدات الأخيرة من قِبَل مختلف القوى، على خلفية ملف مكافحة الفساد. فضيحة، نعم، لأن “الكلّ يعني الكلّ” يتحمّلون المسؤولية في هذا الإطار، خصوصاً أن هذا التوظيف استمرّ خلال فترة حكومة “استعادة الثقة”، التي وإن اعتبرها الجميع حكومة “المرحلة الإنتقالية”، إلا أن الفساد والتنفيعات وشراء الذّمم والضمائر والمواقف على أبواب “نيابية” 2018، لا يمكنها أن تكون إنتقالية.

Print Friendly, PDF & Email

أخبار اليوم \ أنطون الفتى

وربّما يجوز اعتبار أيضاً أن هذا الملف يشكّل دليلاً قاطعاً على أن عناوين مكافحة الفساد “البرّاقة” لن تُصرَف عملياً إلا في الإعلام، خصوصاً أن كلّ الأطراف السياسية مشاركة عملياً فيه، بعضها من باب التوظيف، وبعضها الآخر من باب التستّر أو التلطّي لأهداف سياسية طبعاً. وما إن انتفت تلك الأسباب أو بهتت الإستفادة منها، تمّ الإنتقال الى الـ Plan B القائم على الإضاءة على أن “ريش” الدّجاجة ينتشر في كلّ مكان، دون أي كلام على صمت الجميع، خلال فترة “نتفها”.

وربّما يجوز القول إن هذا الملف يشكّل مؤشراً أيضاً، على مدى الصدق والجديّة في الكلام على محاربة الفساد، إذا تمّ الذهاب به (الملف) الى مسار قضائي جدّي. وأي عمل “ملموس” في هذا الملف يؤكد جديّة الذهاب نحو العناوين الكبرى في ما بعد، خصوصاً أن العمل في هذا الإطار أكثر من دقيق، لِكَوْنه يفترض محاسبة المتورّطين، مهما بلغت ارتفاعات مستوياتهم.

ولكن من أبرز التحدّيات التي تبرز على هامش دقّة العمل على هذا الملف، تبقى في إيجاد حلّ لـ “قنبلة البطالة” التي سيُنتجها، والتي ستعود لتنفجر في وجه الجميع، إجتماعياً وإقتصادياً. وهو ما يُمكنه أن يعطي الحجّة لعدم السّير بكلّ هذا المسار الى النهاية.

ولكي لا يتمّ الإكتفاء بعرض أرقام المخالفات المرتبطة بهذا الملف، وأعداد الجهات المخالفة في هذا الإطار، نسأل ما هي الحلول المُمكنة، منعاً من  الإستمرار بالفساد من جهة، كما منعاً من الوصول الى أزمة إقتصادية وإجتماعية مستفحلة، على خلفية إمكانية أن تتمّ الحلول على أدنى مستوى، أي أن يدفع أسفل الهرم وحده الثمن؟

إنتظار

رأى الخبير الإقتصادي البروفسور جاسم عجاقة أن “الحديث عن المحاسبة في هذا الملف كما نراها تصبّ في خانة المزايدات، ويجب الإنتظار لمعرفة الإتّجاه الذي ستذهب فيه الأمور، خصوصاً أن بعض التصريحات تظهر صعوبة في إمكانية التراجع عنها في ما بعد”.

وأشار في حديث الى وكالة “أخبار اليوم” الى أنه “إذا تمّت المحاسبة، نسأل “براس مين بدا تطلع؟” هل ستتمّ محاسبة من تمّ توظيفه عشوائياً فقط؟ وما هو وضع الذي وظّفه؟ وما هو مصير الأموال التي اُهدِرَت؟”.

112…

ولفت عجاقة الى أن “المادة 112 من “قانون المحاسبة العمومية” تحوي نقطة مهمّة وهي أن الوزير هو مسؤول شخصياً على أمواله الخاصة عن كل نفقة يعقدها متجاوزاً الإعتمادات المفتوحة لوزارته مع علمه بهذا التجاوز، وكذلك عن كل تدبير يؤدي الى زيادة النفقات التي تصرف من الإعتمادات المذكورة إذا كان هذا التدبير غير ناتج عن أحكام تشريعية سابقة… فهل سيتحمّل أي مسؤول تبعات التوظيف العشوائي من ماله الخاص؟ وماذا عن التداعيات المالية العامّة؟”.

وقال:”لنفترض أنه سيتمّ طرد الموظّفين. الأمور ستبقى عند هذا الحدّ، أي أن أحداً لن يذهب الى إدانة أي وزير أو مسؤول، لأنه سيُقال إن ذلك سيتسبّب بمشاكل نحن بغنى عنها حالياً، خصوصاً أن لهذا الملف تداعيات محتملة وغير سهلة أبداً على صعيد السّلم الأهلي”.

حلول

وعن الحلول المحتملة، شدّد عجاقة على ضرورة “ضبط التوظيف بالدرجة الأولى، كأفضل ردّ على هذه الفضيحة، يعني أن لا تدفع وزارة المال لأي شخص يتمّ توظيفه بعد الآن، خصوصاً أن في اللحظة التي نتكلّم فيها حالياً، لا يزال التوظيف “ماشي”.

وتابع:”أما جعل الحلول على حساب الموظفين فقط، فهذا أمر لا يجوز. هنا، قد يكون الحلّ بإبقاء من تمّ توظيفهم عشوائياً في وظائفهم شرط أن يتمّ التحقيق بما إذا كانت لديهم وظائف فعلية تستفيد الدولة من خدماتهم عبرها. أما الذين يتبيّن أنهم يستفيدون من رواتب مقابل وظائف وهمية، فيتمّ صرفهم من العمل. والآلية نفسها تطبّق على التوظيف الذي حصل قبل عام 2017 أيضاً. لا نقبل أن تُنهب الدولة، ولكن المشاكل الإجتماعية الكامنة خلف هذا الملف، يجب أخذها في الإعتبار في الوقت نفسه”.

Print Friendly, PDF & Email
Source رابط أخبار اليوم