Prof. Jassem AJAKA
Physicist and Economist

لبنان يصدّر نجومه إلى عواصم العالم في ليلة رأس السنة

عجاقة لـ «المجلّة»: هذا العام الحركة التجارية تأثرت بشكل كبير وكان هناك تراجع ملحوظ في نسبة المبيعات خصوصا خلال فترات الأعياد في نهاية العام التي سجلت نسبة تراجع مرتفعة جدا، وهذا كلّه بسبب الأوضاع السياسية والتعطيل الحكومي

بيروت/سهى جفّال: ينتظر التجار اللبنانيون وأصحاب المقاهي والمطاعم والملاهي الليلية بفارغ الصبر حلول الأعياد مع نهاية كل عام، على أمل أن تتحرك العجلة الاقتصادية في الأسواق بعد الركود والشلّل الذي أصاب الأسواق اللبنانية طيلة هذا العام، بسبب الأوضاع العامة في البلاد والتي انعكست سلبا على القدرة الشرائية لشريحة كبيرة من المواطنين. إذ لم يعد خافيًا على أحد أن الحالة الاقتصادية في لبنان متدهورة وصعبة، ويُخيّل للبعض أنها وصلت إلى ذروتها اليوم، وقد يكون الأمر صحيحًا، خصوصا أن النموّ الاقتصادي لم يتجاوز 2 في المائة وفق أرقام وتوقعات جهات اقتصادية عدّة من بينها البنك الدولي، وفي ظلّ الأرقام التي تتحدث عن إغلاق 2200 مؤسسة في لبنان بحسب رئيس اتحاد الغرف اللبنانية ورئيس الهيئات الاقتصادية محمد شقير. وهذا العام تتزامن أجواء عيدَي الميلاد ورأس السنة في لبنان مع استمرار التعثّر الحاصل في عملية تأليف الحكومة، على الرغم من أجواء التفاؤل التي سبقت الأعياد والوعود بعيدية حكومية للبنانيين التي سرعان ما تبدّدت لتعود بذلك عملية التشكيل إلى المربع الأوّل، هذا عدا عن التحركات المطلبية المتفرقة التي شهدتها مناطق لبنانية مختلفة يوم الأحد الفائت، احتجاجًا على الوضع الاقتصادي المتردي. وفيما تجزم جميع الوقائع والتطورات السياسية في لبنان أن الحكومة لن تبصر النور قبل نهاية العام، يتخوف اللبنانيون من التداعيات السلبية لذلك على الأسواق والحركة التجارية خلل فترة الأعياد، الأمر الذي سيشكل ضررًا كبيرًا على التجار وأصحاب المحال والمطاعم والملاهي الليلية. فهل تأثرت حركة الأسواق اللبنانية بالشلل الحكومي الحاصل؟ وكيف يستعد اللبنانيون لليلة رأس السنة؟ وماذا عن الحجوزات وحفلات رأس السنة؟

وزارة السياحة وزير السياحة في حكومة تصريف الأعمال في لبنان، أواديس كيدانيان، أعرب في حديث مقتضب لـ«المجلّة» عن شدّة امتعاضه وإحباطه بسبب الأوضاع العامة في البلد والشلّل الحكومي الحاصل. وفي سؤالنا عن حركة الأسواق والأوضاع الاقتصادية قبيل ليلة رأس السنة، أشار كيدانيان إلى أن «الأوضاع غير جيّدة ولا تبشر بخير»، لافتا إلى أنه «يفضل التحدث عن الأشياء الإيجابية وبما أن الأوضاع سلبية فلا شيء يستدعي الكلام». وختم كيدانيان، قائلا: «أنا أبذل كل جهدي لأعكس الأجواء الإيجابية، لكن أنا في وادٍ والسياسيون في وادٍ آخر».

الحركة الاستهلاكية عضو جمعية تجار بيروت، محمد رضا سنّو، أشار في حديثه لـ«المجلة» إلى أنه «لا شك أنه عندما كان التأليف الحكومي قاب قوسين في الأسابيع الماضية تأثرت الأسواق وكانت الأجواء إيجابية جدا ونسبة الاستهلاك جيّدة، إلا أنه عندما خاب أمل اللبنانيين من عملية التشكيل انعكس ذلك سلبا وترجم ذلك من خلال الانكماش الذي شهدته جميع الأسواق اللبنانية». وتابع: «وهو ما كان مفاجئا لا سيما أننا كنا متوقعين أن تكون حركة الأعياد إيجابية وقوية على الصعيد التجاري بانتظار ما يخبئه العام المقبل للتجار». وأكّد سنّو على أن «ثمة تراجع في الحركة الاستهلاكية مقارنة بالأعوام الفائتة لكن ليس بنسبة كبيرة إذ لا تتخطى الـ10 في المائة في السوق الاستهلاكية فحسب وليس السوق التجارية ككل». لافتا إلى أن «السوق التجارية أيضا تشهد تأثرا وتراجعا عن العام الفائت خصوصا فيما يتعلق بالتحصيل في ظلّ وجود عدد كبير من الشيكات المرتجعة وامتناع عدد من الأفراد عن الدفع بسبب الأحوال المادية الطارئة». وتمنّى سنو أن «يكون عام 2019 فاتحة خير على جميع المواطنين، وأن يرأف السياسيون بحال هذا الشعب لا سيما أن الاقتصاد في لبنان أهم من الوضع السياسي وفي حال انهياره من الصعب جدا إعادة ترميمه».

وقد أكّد الخبير الاقتصادي البروفسور جاسم عجاقة في حديث لمجلة «المجلّة» على أن «هذا العام الحركة التجارية تأثرت بشكل كبير وكان هناك تراجع ملحوظ في نسبة المبيعات خصوصا خلال فترات الأعياد في نهاية العام التي سجلت نسبة تراجع مرتفعة جدا، وهذا كلّه بسبب الأوضاع السياسية والتعطيل الحكومي». مشيرا إلى أن «الأشهر الخمسة من بداية العام نسبة المبيعات فيها كانت مرتفعة وذلك بسبب إقرار سلسلة الرتب والرواتب حيث تمّ استخدامها بالإنفاق بشكل واضح»، لافتا إلى أنه «حتى الآن لا وجود لأرقام دقيقة نظرا لعدم إفصاح وزارة المال وإدارة الإحصاء المركزي عن قيمة الاستهلاك». إلا أن ما يمكن قوله: «إن نسبة المبيعات في الأشهر الستة الأولى من عام 2018 كانت مرتفعة مع الاستقرار السياسي والانتخابات النيابية والتكليف الحكومي، إذ كان اللبنانيون متأملين بتأليف الحكومة واستثمارات مؤتمر (سيدر) إلا أنه مع استمرار التعطيل وصولا إلى فترة الأعياد وصلنا إلى أدنى مستوى في الاستهلاك، والأصعب أن هذا المستوى أدنى بكثير من السنوات الفائتة». وتابع: «التقديرات تقول: إن عام 2018 كان أسوأ عام على صعيد الاستهلاك ما سوف ينعكس سلبا على النمو الاقتصادي». وأكّد عجاقة أن «النمو الاقتصادي هذا العام بالكاد يستطيع بلوغ نسبة الواحد في المائة لأن الحركة التجارية هي 26 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي، في وقت تسجل فيه القطاعات الأخرى تراجعاً كالصناعة خصوصا الصادرات الصناعية وقطاع الزراعة وحتى القطاع المصرفي صحيح أنه استمر بالنمو إلا أنه لا يزال بعيدا عن الأرقام التي سجلت في عامي 2016 و2017». وتابع: «باعتقادي سوف نسجل هذا العام أرقاما سيئة هذا العام». وحمّل عجاقة في الختام الوضع السياسي وعرقلة التأليف مسؤولية التردي في الأوضاع الاستهلاكية، مؤكدا أن «ثمة تراجعا على كافة المستويات، واستمرار التعطيل سيكون له تداعيات سلبية أكثر على عام 2019 وبالتالي شهر يناير (كانون الثاني)، وفبراير (شباط) سوف يسجلان تراجعا إضافيا بنسبة كبيرة جدا كردّ فعل على الفترة السابقة».

لكن ماذا عن حفلات رأس السنة في لبنان؟ مع نهاية كل عام وبداية آخر، تنشط الحركة الفنية في لبنان والعالم العربي، ويجتمع نجوم الفن في سهرات فنية لاستقبال العام الجديد بأمل وتفاؤل وفرح. وفي لبنان حفلات 2019 تجمع هذا العام عدد متواضع من النجوم اللبنانيين ويتصدرهم نوال الزغبي ومايا دياب ومروان خوري، في ظلّ توجه العدد الأكبر من نجوم الصف الأول نحو عواصم عربية كالنجم عاصي حلاني، راغب علامة، وائل كفوري، إليسا، رامي عياش، وائل جسار، هيفاء وهبي، ميريام فارس وفارس كرم، وذلك مع تردّي الأوضاع في السنوات الأخيرة.

نقابة أصحاب المطاعم والمقاهي والملاهي الليلية في لبنان نائب نقيب أصحاب المطاعم والمقاهي والملاهي الليلية في لبنان، خالد نزهة، قال في حديث لـ«المجلّة» إن «الأوضاع هذا العام سيئة خصوصا أن معظم الفنانين اللبنانيين ارتبطوا بعقود في الخارج لإحياء ليلة رأس السنة، بسبب الوضع المتردي في البلد، بدليل أنه لا إعلانات ترويجية لحفلات الفنانين في لبنان ليلة رأس السنة باستثناء القلّه منهم». مشيرا إلى أن «حجوزات رأس السنة ليست مكتملة حتى الساعة، على أمل أن تسجل الأيام القليلة المقبلة تزايدا في عدد الحجوزات»، لافتا إلى أنه «في السنوات القليلة الماضية لم نعد نشهد حجوزات مسبقة قبل أسابيع، بل إنها تحصل قبل أيام قليلة من ليلة رأس السنة أو حتى في الليلة نفسها».

الأسعار إلى ذلك، أكّد نزهة أن «الأسعار المتوافرة مدروسة لا سيما أن أصحاب المؤسسات يدركون جيدا سوء الوضع الاقتصادي والمعيشي، وبالتالي ليس صحيحا أن الأسعار في ليلة رأس السنة مرتفعة وخيالية، مضيفا: «الأسعار تناسب الجميع وما على المستهلك إلا أن يختار ما يعجبه من باقة برامج وقوائم طعام». لافتا إلى أنه «في حال وقع خيار المستهلك على حفلات نجوم الفن والعروض الموسيقية بالطبع ستكون الأسعار مرتفعة بشكل أكبر، خصوصا أن الموسيقيين اللبنانيين ينتظرون هذه الليلة طيلة العام للاستفادة منها». وأشار نزهة إلى أن «معظم المطاعم وأماكن السهر أعدت لمناسبة رأس السنة لائحة طعام (A la carte)، وبالتالي بات بإمكان المستهلك اللبناني أن يسهر ويحتفل في هذه الليلة وكأنها يوم عادي لناحية أنه يدفع مقابل ما يطلبه من مأكولات ومشروبات، علما بأنه يحصل على برنامج فني و(كوتيون) مجانًا، كما أن ثمة مطاعم أخرى أعدت لائحة طعام (a la carte) مصحوبة بـ(medium charge) أو (extra charge) تتراوح تسعيرتها ما بين 10 و20 دولارا وهو ما يعود للزبون». مضيفا أن «الملاهي الليلية أيضا أعدت أسعارا تشجيعية، لكن القدرة الشرائية للبناني تقلصت، نسبة للظروف الصعبة التي يعيشها البلد منذ عام 2011 والخضات السياسية والأمنية التي تعرض لها بما في ذلك سوء الأوضاع في البلدان العربية المجاورة». وفي مقارنة بين عام 2018 والأعوام الفائتة، قال نزهة إن «حركة الأسواق سجلّت انخفاضا 15 في المائة في الستة أشهر الأولى من عام 2018. واستمر الانخفاض في القسم الثاني من العام نفسه بنسبة 25 إلى 30 في المائة بالمقارنة مع 2017». ختاما، قال نزهة «كنا نتأمل تشكيل الحكومة قبل الأعياد كي تنعكس إيجابيا على الأوضاع الاقتصادية إلا أنه لسوء الحظ لم تتشكل»، كذلك رأى أن «ثمة عوامل وظروفا أخرى ساهمت في المزيد من التدهور بالإضافة إلى الأوضاع السياسية وهي المتعلقة بالبيئة والتلوث الحاصل في لبنان، عدا عن أن عددا من المواطنين اللبنانيين اختاروا تمضية ليلة رأس السنة في البلدان المجاورة كتركيا ومصر لأن الأسعار منخفضة مقارنة بلبنان بوجود دولة تدعم شركات الطيران والفنادق والمطاعم فيما في لبنان الكلفة مرتفعة جدا على أصحاب المؤسسات بغياب الدعم الحكومي». كذلك دعا نزهة اللبنانيين إلى إحياء الأعياد في لبنان والاستهلاك فيه، وقال: «إيماننا كبير باللبنانيين بوجود القدرات البشرية والفكرية التي ساهمت بإنماء الكثير من الدول العربية والعالمية وبالتالي ليس من الصعب عليه أنه ينهض من جديد».

خريطة حفلات رأس السنة لعام 2019 في لبنان:

كاظم الساهر الجمهور اللبناني على موعد مع حفل يحييه الفنان العراقي كاظم الساهر، في العاصمة بيروت وتحديدا في كازينو لبنان.

نوال الزغبي تستقبل الفنانة اللبنانية نوال الزغبي عام 2019 مع جمهورها في حفلين في بيروت، الأول في فندق فينيسيا والثاني في صالة بافيون.

مروان خوري ومايا دياب يتشارك النجم اللبناني مروان خوري والنجمة اللبنانية مايا دياب حفلة رأس السنة في فندق «لو رويال» في بيروت.

زياد برجي يودع النجم اللبناني زياد برجي عام 2018 في حفل مشترك مع كل من الفنانين ربيع بارود وجاد نخلة في الأطلال بلازا – لبنان.

ناصيف زيتون اختار الفنان السوري ناصيف زيتون الاحتفال بالعام الجديد في لبنان بحفلين في بيروت أحدهما في فندق الهيلتون، والثاني في فندق حبتور.

آدم يودع النجم اللبناني آدم نهاية العام في حفل غنائي في «Tierra nova village club» بزغرتا.

محمد إسكندر ومحمد المجذوب الفنان اللبناني محمد إسكندر والفنان السوري محمد المجذوب سيقدمان حفل ليلة رأس السنة في فندق بيبلوس بالاس – لبنان.

ككل عام ينتظر التجار وأصحاب المصالح في لبنان مناسبة رأس السنة الميلادية كي تحلّ البركة على الجميع إذ يرتفع منسوب المبيعات ويطغى النشاط على الجمود الذي يشلّ الحركة، إلا أن الأمور لم تعد كما هي والظروف الاقتصادية والمعيشية تبدلت، على أمل أن تتحسن الحركة التجارية والاستهلاكية في الأسبوع الأخير قبل نهاية العام.

Print Friendly, PDF & Email