jassemajaka@gmail.com
هل راضى عون السعودية؟
فيفيان الخولي
لم يكشف المكتب الإعلامي في القصر الجمهوري جديداً، أمس الاثنين، عن أن الرئيس ميشال عون ألغى زيارته الى العاصمة القطرية الدوحة بسبب الظروف المستجدة والتطورات الأخيرة، سوى خبر تكليف وزير الثقافة غطاس خوري تمثيله في الاحتفال الذي أقيم أمس، في الدوحة لمناسبة افتتاح المكتبة الوطنية. وتؤكد مصادر “ليبانون ديبايت” أنّ هذا القرار متوقّع، تزامناً مع عودة عون من السعودية بعد اختتام القمة العربية بدورتها الـ29.لكن هذه المصادر تحدّثت عن أسباب مغايرة، مشيرة إلى أنّ رئاسة الجمهورية على الرغم من ترحيبها بالدعوة القطرية في آذار الماضي، لكنها لم تعط جواباً نهائياً لتلبيتها، خصوصاً أنها تتزامن عقب القمة العربية التي انعقدت في الظهران السعودية. وهي المرة الأولى التي يزور فيها الرئيس المملكة بعدما اتهمها باحتجاز رئيس الحكومة سعد الحريري في تشرين الثاني 2017.
وسلم السفير القطري في لبنان علي بن حمد المري، سابقاً، الرئيس عون رسالة خطية من أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني تضمنت دعوة لزيارة قطر وحضور افتتاح المكتبة الوطنية القطرية.
تربط المصادر ذاتها كلام الرئيس مع الصحافيين على متن الطائرة في ما يخص وعد الرياض بعد اللقاء الذي جمع عون والملك سلمان بن عبد العزيز بحضور الحريري ووزير الخارجية والمغتربين جبران باسيل على هامش القمة، بعدم تلبيته الدعوة شخصياً، باعتبار أنّ عون يحاول تجنُّب أي صدام جديد مع المملكة التي تفرض حصاراً على قطر منذ حزيران 2017، لما فيه مصلحة البلاد اقتصادياً.
وقال رئيس الجمهورية في دردشة مع الصحافيين على متن الطائرة التي أقلته ليلاً إلى بيروت في ختام زيارته للمملكة إن اللقاء مع الملك سلمان “كان إيجابياً وممتازاً ومثمراً”. وأكد أن سلمان أبلغه أن الخليجيين سيعودون هذا الصيف إلى لبنان، وأعلن الأخير وقوف المملكة إلى جانب البلد ودعمه في كل ما يتصل بمسيرة النهوض التي بدأتها الحكومة الحالية”.
في السياق ذاته، لا تستبعد أوساط وزارية أن تكون نتائج اجتماع الرئيس في المملكة هي العامل الأساسي التي جعلت عون يكمل طريقه إلى بيروت عوضاً عن الدوحة، في ظلّ غياب الشيخ تميم عن حضور القمة العربية، نتيجة لمراوحة الأزمة الخليجية مكانها منذ ما يقارب العام.
وترى هذه الأوساط أنه على الرغم من علاقة بيروت والدوحة المقرّبة، تسعى السلطات اللبنانية إلى انتشال البلاد من المأزق الاقتصادي والمالي الذي تعيشه. وفي هذه الحالة، يلجأ الرئيس إلى اختيار وجهته الأساسية المطلوبة حالياً، أي الرياض، على الزيارة القطرية التي قد ينتج عنها تداعيات سلبيّة لن تصب لصالح لبنان، سعودياً.
وتصف خطوة الرئيس بتكليف غطاس بـ”الدبلوماسية”، إذ تمكّن من حفظ ماء الوجه، معتذراً عن تلبية الدعوة، لكنه في الوقت عينه أرسل الوزير حفاظاً على العلاقة مع قطر، وتجنّب أية ردة فعل سعودية سلبية، في الوقت الذي يُنتظر أن تنعش العودة الخليجية إلى لبنان، السياحة، في فصل الصيف.
من جهته، يتساءل الخبير الاقتصادي والاستراتيجي البروفسور جاسم عجاقة عن الأسباب التي تضع لبنان في موقف محرج للاختيار بين مراضاة السعودية أم قطر. ويربط هذه الوعود بشكل أو بآخر بعدم ذهاب الرئيس إلى قطر، مطالباً وقوف لبنان في الوسط، وعدم الانحياز إلى جهة بعينها، باعتبار أنّ المعضلة في الأزمة القطرية الخليجية تمددت نحو أميركا، وتجسدت في التهافت على شراء السلاح أخيراً.
وأشار البروفسور إلى أن لبنان لا يحتمل الدخول في متاهات الصراع القطري الخليجي، ولا يمكنه تحمُّل مقاطعة أي من الجهتين، إذ يعمل في الخليج حوالي 500 ألف لبناني، 350 ألف منهم في السعودية، وبين 30 إلى 50 ألف في قطر، ولا مصلحة للبنان بأن يضرّ رعاياه.
ويدعو عجاقة الرئيس إلى أن يقوم بدور الوسيط ويأخذ المبادرة لمصالحة الطرفين، كما فعلت الكويت، معتبراً أنّ لبنان صغير بحجمه لكنه كبير بفكره وحكمته، استناداً إلى خطابه في القم