Prof. Jassem AJAKA
Physicist and Economist

خاص- اسعار المحروقات تتجه صعودا.. وسعر مفاجىء لـ”تنكة” البنزين!

يارا الهندي

“ما بعد 6 أيار على اللبنانيين، لن يكون كما قبله”.. عبارة يرددها المرشحون للانتخابات النيابية كثيرا قبل الاستحقاق.

ما قبل 6 ايار، بقيت تنكة البنزين خصوصا، والمحروقات عموما، ترتفع اسبوعيا وبوتيرة مستمرة بنحو الـ300 ليرة (كمعدل) اسبوعيا. أما ما بعد 6 ايار، فارتفعت بوتيرة اكثر فأكثر، وارتفع معها صوت اللبنانيين، ينادون الدولة ويستنجدونها لوضع حل سريع لهذا الارتفاع الجنوني لأسعار المحروقات، بعدما وصل سعر تنكة البنزين اليوم 28 الف ليرة لبنانية. فأين الدولة من هذه الأزمة التي تضرب الاقتصاد والمجتمع اللبناني تدريجيا؟ أأسبابها داخلية، ام خارجية؟ وهل سيلامس سعر التنكة الـ30 الف ليرة لبنانية واكثر؟

وفق الخبير الاقتصادي البروفيسور جاسم عجاقة لموقع الكلمة اونلاين، فان ثمة عوامل جيوسياسية عدة تؤثر على ارتفاع نسبة اسعار المحروقات في لبنان الا وهي: – الصراع الايراني- الاميركي، في حال تطبيق العقوبات الاميركية عليها، سيصبح هناك نقصا في السوق، لا يقل عن 3 ملايين برميل يوميا، كما وان انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق النووي يوحي بانه سيصبح هناك نقص في سوق العرض. – ارتفاع وتيرة القصف الحوثي على المملكة العربية السعودية، الامر الذي يخلق مخاوفا لدى المستثمرين، وهي ان تصيب الصواريخ احدى منشآتهم باعتبار ان المملكة من أهم المنتجين للنفط، الامر الذي يقلل العرض ويزيد الاسعار. – ارتفاع المخاوف من صراع عسكري بين ايران وحلفائها من جهة، وبين اميركا وحلفائها من جهة اخرى، جراء الضربات الاسرائيلية على سوريا في مواقع ايرانية. ففي حال حصول اي اشتباك عسكري مع ايران، كون الأخيرة تفرض سيطرتها الجغرافية والعسكرية على مضيق هرمز، قد توقف مرور العبارات والبواخر عن طريق هذا الممر مما يزيد الاسعار. – حالة التخبط التي تعيشها فنزويلا، احد المنتجين الاساسيين للنفط، وذلك بسبب موت رئيسها السابق هيوغو شافيز، والمشاكل الاقتصادية والاجتماعية الكبيرة، مما أخفض انتاجها للنفط وبالتالي تراجع العرض. وبالاضافة الى كل تلك العوامل الجيوسياسية، يضيف عجاقة ثمة سبب اقتصادي يعود الى تحسن “نسبي” للاقتصاد الاميركي، مما زاد الطلب على النفط ليس فقط من قبل الولايات المتحدة ولكن أيضا من قبل الصين، الامر الذي ادى الى ارتفاع نسبة الطلب وبالتالي لكي يكون هناك توازنا، يجب العمل على رفع الاسعار.

ولكن يبقى السؤال المشروع، هل تلامس التنكة الـ30 الفا وأكثر؟ النفط لديه سقفا في الارتفاع، يؤكد عجاقة لموقعنا، اذ لا يستطيع ان يرتفع سعره كثيرا، لأنه يقتل الاقتصاد الاميركي ويشكل خطرا عليه. فبرميل النفط قد يصل الى الـ85$ ما يعني ان سعر تنكة البنزين قد تتخطى بسهولة الـ30 الفا، لأن تسعيرة التنكة في لبنان تقوم على اساس معدل الاسابيع الاربعة لمؤشر PAX للمشتقات النفطية. ويشير عجاقة لموقعنا الى ان التنكة قد تصل الى الـ35 الف ليرة لبنانية، في حال قررت مصافي تكرير النفط عدم انتاج كميات كافية من البنزين.

اقتصادنا متعلق بشكل كبير بالنفط.. وسنظل “نتلوع” فأكثر قطاع يستهلك مشتقات نفطية هو قطاع النقل، يليه نسبة استخدام هذه المشتقات في المنازل مثل الـchauffage والـAC والكهرباء.. اذا اليوم يؤكد عجاقة لموقعنا ان اقتصادنا متعلق بشكل كبير بالنفط، وسنظل “نتلوع”. اذ تعود كلفة استيراد المشتقات النفطية، بحسب عجاقة، الى الـ5 مليار $ سنويا، بين الكهرباء والاقتصاد عامة، وعلى الدولة ان تخفّض فاتورة الاستيراد من الخارج، وبالتالي في حال ارادت ان تحل هذه المشكلة، عليها تخفيف استهلاك قطاع النقل، وبالتالي تخفيف هذا الاستهلاك، يتطلب منها حل مشكلة السير في لبنان. في ظل استمرار العوامل الجيوسياسية، اصبح هناك تغيير هيكلي لمستوى سعر النفط الذي كان بين الـ 40$ والـ60$ اصبحنا اليوم بين الـ60$ والـ80$، بحسب عجاقة.

الحلول البديلة بالنسبة للمحروقات عامة، يقترح عجاقة على الدولة اللبنانية خطة بديلة، وهي فرض ضريبة منعكسة، بحيث انه عندما ترتفع اسعار المحروقات، ينخفض تلقائيا سعر الضريبة، والعكس صحيح. وتكون الدولة بذلك قد حافظت في الوقت عينه على المدخول نفسه، من دون اي يتأذى المواطن. ولكن الدولة وللأسف، يلفت عجاقة لموقعنا، الى انه ليس لديها اقتراحات او سياسيات بديلة وحلول عملية وفعلية لتخفيف الفاتورة، والحلول الآنية ليست موجودة، بل على الامد الطويل. وعليه، ثمة حلين امام لبنان يشير عجاقة لموقعنا، فاما ان يتنج بترول ويكفي ذاته، او ان يغير طريقة استهلاكه وذلك من خلال طريقة ترشيد الطاقة، وضبط عدد السيارات التي تسير على الطريق ودعم قطاع النقل العام. اذ ان مجموع الاستيراد اليوم في لبنان يضيف عجاقة، هو بحدود الـ17 مليار $ سنويا، اما النفط فيشكل 5 مليار $ منها وهي مادة واحدة كما ان الاستهلاك النفطي كبير جدا بالنسبة للحجم الاقتصادي اللبناني. ويختم عجاقة حديثه معربا عن اسفه لكون في حال استمر هذا الارتفاع، سيصبح لدينا مشكلة اقتصادية – اجتماعية، كون الطبقة الغنية لن تتأثر بهذا الارتفاع، بل ان الطبقة الفقيرة هي من ستزداد فقرًا.

رابط الكلمة أونلاين

Print Friendly, PDF & Email