Prof. Jassem AJAKA
Physicist and Economist

إفتتاح منتدى «الاقتصاد اللبناني: التوجه الاستراتيجي للتنمية الاقتصادية والاجتماعية»

عجاقة: لخلق شركة نفط وطنية لتسهيل استخراج النفط

أجمع المتحدثون في افتتاح المنتدى الاقتصادي المصرفي اللبناني، والذي انعقد تحت عنوان «الاقتصاد اللبناني: التوجه الاستراتيجي للتنمية الاقتصادية والاجتماعية» الذي نظمه اتحاد المصارف العربية بالتعاون مع مصرف لبنان، ووزارة الاقتصاد والتجارة والمؤسسة العامة لتشجيع الاستثمارات في لبنان «إيدال»، والاتحاد الدولي للمصرفيين العرب، أهمية الاستقرار السياسي والأمني لتحقيق عائدات مرتفعة من جراء الاستثمارات في لبنان أو في المنطقة العربية، بدليل ما قاله وزير الاقتصاد والتجارة اللبناني آلان حكيم بصفته راعي المنتدى، في كلمته خلال حفل الافتتاح «إن الاقتصاد اللبناني يعيش حالاً من الركود ناجمة عن انكماش حركة الاستثمار، باعتبار أن لا نمواً من دون استثمارات، ولا استثمارات من دون سلامة الوضعين الأمني والسياسي»، معتبراً «أن ما يزيد خطورة الوضع هو تفاقم البطالة نتيجة المنافسة من قبل العمال السوريين». وقد شارك في حفل افتتاح المنتدى إلى راعي المنتدى الوزير آلان حكيم، أكثر من 400 شخصية قيادية مالية، ومصرفية واقتصادية عربية ولبنانية يتقدمهم حاكم مصرف لبنان رياض سلامه، ورئيس الاتحاد الدولي للمصرفيين العرب، رئيس اللجنة التنفيذية في اتحاد المصارف العربية الدكتور جوزف طربيه، الوزير السابق، رئيس الهيئات الاقتصادية عدنان القصار، رئيس جمعية مصارف لبنان الدكتور فرنسوا باسيل، ورئيس المؤسسة العامة لتشجيع الاستثمارات في لبنان نبيل عيتاني، والامين العام لاتحاد المصارف العربية وسام حسن فتوح، وحشد وزاري كبير، وسفراء عرب وأجانب. كذلك شارك في المؤتمر ممثلون لمؤسسات دولية كالبنك الدولي، والاحتياطي الفيدرالي الأميركي، ووزارة الخارجية الهنغارية. طربيه: لبنان يتأثر بأزمات محيطه تحدث خلال حفل الافتتاح رئيس الاتحاد الدولي للمصرفيين العرب، رئيس اللجنة التنفيذية في اتحاد المصارف العربية الدكتور جوزف طربيه فقال: «أربع سنوات مرّت على اندلاع ما سمي بـ«الربيع العربي» الذي سرعان ما تبدّل إلى تحوّلات في البلدان العربية التي تشهد الحروب، مخلّفة وراءها شرق أوسط مشرذم ومقطّع الأوصال الاقتصادية والاجتماعية والتراثية». أضاف: «في ظل هذا الوضع، تأثر لبنان، بطبيعة الحال بأزمات محيطه، فتراجعت معدلات النمو الاقتصادي خلال السنوات الأربع السابقة إلى أقل من 2 في المئة سنوياً. كذلك تعطّلت حركة التجارة مع البلدان العربية على نحو كبير نتيجة الحرب في سوريا، وانقطاع الحركة الطبيعية لانتقال الأشخاص والبضائع من خلال البر السوري، فضلاً عن توافد النازحين السوريين الذين قارب عددهم المليون ونصف المليون، والذين وضعوا لبنان أمام تحدّيات اقتصادية وإنسانية واجتماعية وأمنية كبيرة، وخصوصاً في ظل غياب المساعدات الدولية الجدّية. فلبنان يشكو اليوم من غياب توجه أو خيار حكومي واضح لتحييده عن مشاكل المنطقة وتأثيراتها على اقتصاده. فالصادرات انخفضت أكثر من 23 في المئة مما أدّى إلى ارتفاع العجز في الميزان التجاري، فيما عجز الموازنة إلى ازدياد، كذلك الدين العام الذي تعدّى 66 مليار دولار، وقطاعات الصناعة والزراعة مهمّشة، حيث تبلغ موازنة الزراعة أقل من 1 في المئة من الموازنة العامة على الرغم من وجود 20 في المئة من اللبنانيين يعملون في هذا القطاع، فيما يعاني القطاع الصناعي من جمود ثقيل في حركة النمو يؤدي إلى الاستغناء عن الآلاف من فرص العمل». ولفت د. طربيه إلى «أن التحدّي الأكبر يتمثل بعودة الاقتصاد اللبناني إلى النمو بمعدلات مرتفعة، مما يستدعي وضع سياسات طويلة المدى كفيلة بمعالجة انعكاسات الأزمة الخارجية، كذلك العمل على إنتاج اقتصاد معافى يخدم المجتمع وتقدّمه ورفاهيته، وتالياً يجب أن يتوزع التخطيط والتركيز على الأساسيات، أبرزها رأس المال البشري، والبنى

التحتية، والاستقرار، والتنافسية، والشفافية، والاستدامة، والمرجعية القضائية، والأمن، والأبعاد الاجتماعية الشاملة لتعزيز المستوى المعيشي والتعليم والصحة وتكافؤ الفرص وسواها. علماً أنه لا يكون النمو هدفاً مستقلاً بذاته، بل الركيزة الأهم ربما في عملية التنمية الأشمل». وتناول الدكتور طربيه وضع القطاع المصرفي اللبناني قائلاً: «على الصعيد المصرفي، أظهر القطاع المصرفي اللبناني الذي يؤدي دور الرافعة الاقتصادية، صلابة تجاه الأزمات، مع المحافظة على معدلات نمو مقبولة». وخلص إلى أنه «لا يمكن أن ننسى في هذا السياق سلة التحفيز الاقتصادي التي طرحها المصرف المركزي في السوق اللبنانية والتي تخدم أهداف استعادة النمو والتسليف الاجتماعي والسكني والتعليمي ومشاريع الطاقة والبيئة، واقتصاد المعرفة، وكلها أهداف انبرى حاكم البنك المركزي على خدمتها بالتعاون مع المصارف لخلق المزيد من القيمة، ودفع عجلة النمو المستدام، في وقت تعاني فيه الدولة اللبنانية صعوبات سياسية حالت منذ سنوات عدة من دون إصدار موازنة عامة، وتحقيق إدارة فاعلة للاقتصاد». وتابع: «إن أفضال القطاع المصرفي على لبنان ثابتة، فهو طالما أمّن التمويل، ليس فقط للقطاع الخاص، وإنما للقطاع العام أيضاً عن طريق تأمين التمويل للدولة لفترات متمادية، وضمن استمرارية أجهزة الدولة الإدارية والسياسية والعسكرية والدبلومسية». وختم: «إن إتحاد المصارف العربية، وإيماناً منه بدور لبنان التاريخي في المنطقة والعالم، يسعى من خلال هذا المنتدى إلى الحض على وضع الإستراتيجيات والأفكار اللازمة لإعادة التوازن إلى الإقتصاد اللبناني، ووضعه على المسار الصحيح نحو النمو والأزدهار، مؤكدين أهمية الإستقرار الأمني والسياسي كعامل أساسي للنهوض الاقتصادي، وقمّة شرم الشيخ الإقتصادية لم تكن لتحقق هذا النجاح الكبير لولا الإرادة السياسية والإصلاحات الجريئة التي قامت بها القيادة المصرية لتأمين هذا المناخ الجيّد للإستثمار».

باسيل: حصة الاستثمار العام شبه معدومة بدوره قال رئيس جمعية مصارف لبنان الدكتور فرنسوا باسيل: «معلومٌ أن النموَّ الإقتصادي والإجتماعي يأتي خصوصاً نتيجةَ استثماراتٍ وتوظيفاتٍ في الإقتصادِ الوطني، وهو تالياً وفي لبنان تحديداً، من فِعلِ القطاع الخاص على نحو أساسي. فالإحصاءاتُ وتقاريرُ صندوق النقد الدولي حول السنوات الخمس عشرة الأخيرة تُظهر أن حصةَ الإستثمارِ العام من إجمالي الإستثمارات كانت شبهَ معدومة، ولا سيّما أن المشاريعَ التي قامت بها الدولة إبّان تلك الفترة، عبر مجلس الإنماء والإعمار، لا تعدو كونَها تعويضاً عن التآكلِ اليومي الحاصل في البنيةِ التحتية ومساعيَ محمودة لتسيير أو صيانةِ ما هو قائمٌ من مرافق أو مؤسّساتٍ عامة. وهذا الوضعُ الإستثنائي لا يمكن ولا يجوز أن يستمرّ». وتابع: «إن الجزءَ الأساسي من هذه المشاريع البنيوية، ذاتِ الإنعكاسِ الأكيد على إنتاجيّةِ القطاع الخاص وفاعليته، يتطلّبُ استثماراتٍ ضخمة تعجزُ الدولةُ عن توفيرها في ضوءِ العجوزاتِ المتراكمةِ لموازناتِها وتنامي المديونية العامة. من هنا، يتّضحُ أن الحلَّ الأسلمَ والأفضل يكمنُ في الإعتمادِ على إشراكِ القطاع الخاص في تمويلِ وتشييد وتشغيلِ هذه البنى والمرافق». أضاف: «إذاً، الشراكةُ بين القطاعين العام والخاص هي في رأينا الركيزةُ الأولى التي ينبغي أن يقومَ عليها أي توجّهٍ استراتيجي للتنمية الإجتماعية والإقتصادية في المستقبل القريب، على أن ترافقَها ركيزتان أُخريان هما: اللامركزيّةُ الإدارية، وإصلاح الإدارة العامة وتحديثُها. فاللامركزيةُ الإدارية باتت ضروريةً بل ملحّة من أجل تمكين السلطات المحلية، وخصوصاً البلديات واتّحاداتِها، من التحرّرِ من ثقلِ وبُطء الروتين الإداري، ومن التمتّعِ بقدرٍ معقولٍ من الإستقلاليةِ الماليةِ والإدارية في سبيل إعدادِ وتنفيذِ المشاريع الإنمائية التي هي بأمسّ الحاجةِ إليها، وذلك بالتعاون مع الفعاليّاتِ المحليّةِ والدوليّة وبالشراكةِ مع القطاع الخاص، وفي طليعتِه المصارف». وقال باسيل: «أما إصلاح الإدارة العامة وتحديثُها، عبر ملءِ الشواغر في مِلاكات الدولة بالكوادر الكفوءة والنزيهة ومكْنَنةِ جميع معاملاتِ المواطنين، فأمـرٌ لا مفرَّ منه لتفعيل وتحديثِ أداءِ الإدارة العامة وزيادةِ إنتاجها وإنتاجيّتها وتمكينِها من مواكبةِ استراتيجيةِ التنميةِ المنشودة. وغنيٌّ عن القول أن ملءَ الشواغـر ينبغي أن يتمَّ وفق معايير وآليّات علميّة وموضوعية، بعيداً عن حساباتِ الزبائنيّةِ الفئويةِ والحزبية، لأن إداراتِ الدولة يجب أن تكونَ في خدمةِ الوطن كلّه وفي خدمةِ المواطنين جميعاً بلا أي استثناءٍ أو تمييزٍ أو استنساب». وختم: «رغم الأوضاع الدقيقة بل الخطيرة، داخلياً وإقليمياً، فإن تسليفات المصارف للإقتصاد اللبناني مستمرّة، بل أن تسليفاتها للقطاع الخاص حقّقت نمواً قاربت نسبتُه 7,5 في المئة على أساس سنوي. ويهمّنا التأكيد أن المصارفَ كانت ولا تزال، بفضل ملاءتِها وسيولتِها وآلياتِ التمويل المُتاحة وتعاونِها الدائمِ مع السلطاتِ النقدية والرقابية، قادرةً على تلبيةِ احتياجاتِ الإقتصادِ الوطني، وتفعيلِ أداءِ هذا الإقتصاد وزيادةِ نموه بوتيـرة مستدامة شريطةَ أن تقـومَ في لبنان دولةٌ قـادرة، وقضاءٌ مستقلّ، وإدارة عصريةٌ وفاعلة، حصينةٌ ضد الفساد، وشراكةٌ مثمرةٌ ومُجدية بين القطاعين العام والخاص. همُّنا الأول تنميةُ اقتصادِنا المحلّي على الرغم من توجّهنا إلى الخارج للمساهمةِ في تنميةِ اقتصاداتِ بلدان أخرى. فلبنان وطنُنا، والتزامُنا به يتقدّم على سائرِ الأولويّات». القصار: الطاقات الشبابية هي ثروة لبنان من جهته، قال رئيس الهيئات الاقتصادية الوزير السابق عدنان القصار: «صحيح أن وضع لبنان أفضل من الدول المحيطة به، لكن عجلة النمو بالكاد تتحرك عند تقديرات تبلغ 2 في المئة حداً أقصى، وهو ما يقل بنسبة 75 في المئة عن المستوى الذي يستطيع الاقتصاد تحقيقه في الأوضاع الطبيعية. ولولا الإنخفاض الحالي في أسعار النفط، لكانت نسبة الدين العام إلى الناتج المحلي الإجمالي قد ارتفعت إلى أكثر بكثير من النسبة الحالية المقدرة بما بين 129 – 133 في المئة. وعلينا أن نستفيد من ذلك، بالعمل على تعزيز عوامل الاستقرار السياسي وتفعيل الإصلاح لترشيد الانفاق العام، والحد من الإهدار والفساد، لحساب تفعيل الانفاق الاستثماري المجدي في المجالات الحيوية للبنى التحتية، بالتزامن مع تفعيل الشراكة بين القطاعين العام والخاص، وفق أسس شفافة لاستثمار الطاقات الهائلة للقطاع الخاص اللبناني في شتى مجالات التنمية التي يحتاجها وطننا، وفي مقدمتها قضايا الطاقة، والمياه، والنقل، والنفط». أضاف: «الأهم من ذلك هو الاهتمام بثروة لبنان الأهم والأغلى، ألا وهي الطاقات البشرية والشبابية من المهارات والكفاءات، التي تُعتبر بوابة الصعود إلى عالم الاقتصاد المعرفي. ومن الاولوية تأهيلها لمتطلبات الاقتصاد الحديث والاحتياجات الجديدة والمتنوعة للأسواق من المهن والمهارات العلمية والبحثية، لتعزيز تنافسية اقتصادنا بالمحتوى المعرفي والتكنولوجي، وتوفير فرص العمل الجديدة والمستدامة. وأضيف إلى ذلك الطاقات العظيمة للاغتراب اللبناني التي يحسن الاستفادة منها». وتابع: «إلى جانب أهمية احتواء تداعيات الجوار الإقليمي المضطرب، علينا أن لا ننسى أهمية وضع تنفيذ السياسات الاقتصادية التي تعزز قدرة القطاع الخاص على الصمود والنهوض، ومواكبة متطلبات التنمية التكنولوجية الحديثة، واحتياجات استدامة الموارد وشروط البيئة السليمة، وما يستتبعه من حوافز، يأتي في طليعتها اعتماد سياسة الاستقرار الضريبي، عوضاً عن البحث في الإدراج عن ضرائب جديدة تثقل كواهل القطاع الخاص اللبناني لحساب توسع اقتصاد الظل». وختم: «يقيني أننا لا نزال قادرين على الإمساك بزمام المبادرة ليستعيد لبنان عافيته، ويتألق بطاقاته وبهمة أبنائه ليحتل دوره الطبيعي الرائد في محيطه العربي، كذلك على المستوى العالمي».

عيتاني: تكثيف الجهود لمساعدة المستثمرين وتحدث رئيس المؤسسة العامة لتشجيع الإستثمارات في لبنان (إيدال) نبيل عيتاني فقال: «إن المؤسسة العامة لتشجيع الإستثمارات في لبنان، وفي إطار المساهمة في تعزيز مسيرة النمو وتفعيلها، معنية في المحافظة على جاذبية المناخ الإستثماري، وتحرص دوماً على المساهمة في استنباط الحلول من أجل تعزيز وتفعيل مسيرة التنمية. وخلال الفترة الماضية، قامت بالعديد من الخطوات التي تندرج في إطار المحافظة على جاذبية بيئة الأعمال في لبنان، منها: تكثيف الجهود لمساندة ومساعدة المستثمرين الموجودين وتشجيعهم على توسيع أعمالهم في لبنان، واستقطاب المزيد منهم. الترويج للبنان وميزاته التفاضلية عبر الوسائل الحديثة، إضافة إلى الوسائل التقليدية. المحافظة على وتيرة تواصل مستمرة مع كل فئات المستثمرين، سواء المحليين أو الإقليميين أو الأجانب مع التركيز على المغتربين اللبنانيين، وتشجيعهم على بناء علاقة إقتصادية مع وطنهم الأم من خلال الاستثمار المباشر والتبادل التجاري والإعتماد على خدمات لبنانية من شركات لبنانية وخصوصاً في قطاع التكنولوجيا والمعلوماتية والصناعة. التشجيع على الاستثمار في اقتصاد المعرفة والترويج للفرص الاستثمارية في القطاعات التي تعتمد على الابتكار وعلى الكفاءات البشرية كالتكنولوجيا والمعلوماتية والإعلام. كذلك قامت المؤسسة بإعداد مشروع متكامل لتعديل المراسيم التطبيقية لقانون تشجيع الاستثمار، الأمر الذي يفتح المجال أمام استقطاب المزيد من الاستثمارات وتوفير بنية استثمارية متكاملة تسأهم في تفعيل المسيرة الاقتصادية في لبنان». أضاف: «رغم الظروف الإقليمية المحيطة السائدة، لا يزال لبنان من بين الدول الأكثر جذباً للإستثمارات الأجنبية المباشرة مع تسجيل هذه الاستثمارات نسبة مئوية مرتفعة تعادل ما قيمته 6.3 في المئة من الناتج المحلي، وعند احتساب المجموع التراكمي للإستثمار الأجنبي المباشر، يأتي لبنان في طليعة دول منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، لا بل هو من بين أكبر الدول العالمية على هذا الصعيد، حيث إن هذا المجموع التراكمي يشكل نسبة 126 في المئة إلى الناتج المحلي الإجمالي، أما الاستثمار الأجنبي المباشر إلى لبنان، فحافظ على مستويات مقبولة، وبلغ 2.83 مليار دولار أميركي في العام 2013. ومن المتوقع أن يسجل الرقم نفسه في عام 2014». وختم: «أمّا بالنسبة إلى المشاريع التي ساندتها المؤسسة العامة لتشجيع الإستثمارات في لبنان «إيدال»، فقد بلغ عددها منذ مطلع عام 2013، تاريخ دخول قانون تشجيع الإستثمارات حيّز التنفيذ، وحتى نهاية عام 2014، 54 مشروعاً قاربت قيمتها الملياري دولار، ووفّرت ما يزيد عن 6250 فرصة عمل مباشرة و 14000 فرصة عمل غير مباشرة». سلامة: هدفنا صون الاستقرار المالي وتناول حاكم مصرف لبنان رياض سلامة، مبادرات مصرف لبنان وأهدافها. وقال: «إنها تهدف إلى تمتين الثقة بالقطاع المصرفي والمالي وصون الإستقرار النقدي». وشدّد سلامة على «المحافظة على التدفقات النقدية نحو لبنان الذي يُعتبر أمراً أساسياً لتمويل القطاع الخاص والقطاع العام وللإبقاء على نسب فوائد مقبولة»، مشيراً إلى «أن مصرف لبنان سيبقي على الفوائد المعمول بها حالياً طوال سنة 2015». وقال سلامة: «إن تراجع أسعار النفط وأسعار السلع يشجعنا على الحفاظ على سيولة مرتفعة في الأسواق، من دون أن يهدّد ذلك استقرار الأسعار». أضاف: «إن تطوير نظام مدفوعات بين الدول العربية يمتاز بالفاعلية والشفافية، إذ يشجع التجارة بين البلدان العربية التي باتت بحاجة اقتصادية لنظام كهذا»، لافتاً إلى «أن مصرف لبنان وهيئة التحقيق الخاصة يسهران على حماية سمعة القطاع المالي اللبناني، وذلك بتنظيم نشاط هذا القطاع وفق قواعد عمل تحول دون دخول أموال غير مشروعة إلى قطاعنا. علماً أن تنظيم هذا النشاط بات ضرورياً في زمن تكثر فيه العقوبات المالية المفروضة على دول ومنظمات في المنطقة». وأوضح «كذلك نسعى إلى الحد من توجه المصارف العالمية إلى الاسترسال في تطبيق سياسات تقليص المخاطر Derisking متواصلين مع المؤسسات الدولية لهذه الغاية. أن تجاوب المصارف اللبنانية وسائر المؤسسات مع تعاميمنا يؤمن حركة أموال طبيعية بين لبنان والخارج». وعرض حاكم مصرف لبنان دور هيئة الأسواق المالية وأهدافها، قائلا: «إن الهيئة تسعى إلى تأمين المناخ المؤاتي لتطوير سوق رأسمالية متميزة تطمئن المستثمر. ومن أجل ذلك طورنا قدراتنا التنظيمية والرقابية وأوجدنا الإمكانات اللازمة». أضاف: «تقوم هيئة الأسواق المالية بترخيص صناديق الاستثمار، وهذا الترخيص إلزامي، وبمراقبة تسويتها وبتنظيم التداول بالأوراق المالية والعملات والسلع، وهي تراقب هذه الانشطة وستُفصح إلى الأسواق عن الممارسات الشاذة كما يخوّلها القانون»، لافتاً إلى «أن هيئة الأسواق قررت القيام بما يلزم للترخيص لسوق إلكترونية تتيح التداول الرقمي بالأسهم والعملات والسلع والسندات وتشارك فيها المصارف والمؤسسات المالية ومؤسسات الوساطة المالية، على أن تشرف مؤسسة «ميدكلير» على التسوية والمقاصة. ويمكن أن تُدار هذه البورصة الالكترونية من بورصة بيروت إذا قامت الحكومة بخصخصة بورصة بيروت، استناداً لما ينص عليه القانون. وفي حال لم يتم ذلك، فستكون هذه البورصة الالكترونية مستقلة ومملوكة من القطاع الخاص». وخلص سلامة إلى «أن هدفنا من خلال ذلك هو توفير السيولة للمؤسسات الصغيرة والمتوسطة الحجم، وإيجاد المخرج المناسب للشركات الناشئة أن اختارت أن تُباع إلى الجمهور، كذلك نسعى إلى تخفيض مديونية القطاع الخاص، مما يحرر أموالاً للإستثمار ويخلق فرص عمل». حكيم: إنكماش حركة الاستثمار والاستهلاك أما الكلمة الأخيرة لراعي المنتدى وزير الإقتصاد والتجارة الدكتور آلان حكيم، فقد جاء فيها: «يعيش الإقتصاد اللبناني اليوم حالاً من الركود الناجمة عن انكماش في حركة الاستثمار والاستهلاك، وعليه فإن رؤيتنا المستقبلية تعتمد وعلى نحو أساسي على ثلاثية الاستهلاك والاستثمار والإصلاحات». وقال الوزير حكيم: «في ظل هذه الأوضاع، بات من الضروري اتخاذ الإجراءات التي تدفع بنسب النمو باتجاهات أعلى، والمحافظة على مصادر فرص العمل من خلال الإبقاء على المؤسسات الصناعية والتجارية وتشجيع فتح مؤسسات جديدة وتأمين مصادر التمويل ووضع آليات لمساعدة المؤسسات الصغيرة والمتوسطة الحجم بدل الدفع باتجاه اقفال المؤسسات القائمة. وبالتالي، يجب أن يكون التركيز الآن على وضع رزمة من الإصلاحات وعلى إعادة هيكلة مالية القطاع العام». أضاف: «من هذا المنطلق، ينضوي تحت هذه الاستراتيجية الاجراءات الاقتصادية والسياسية التي وضعناها ضمن رؤية اقتصادية شاملة وأرسلناها إلى كلّ الجهات المعنية للعمل على تطبيقها: أولاً: تحسين أداء القطاع العام من خلال التنمية الادارية وتفعيل عمل المؤسسات العامة، وضع وتنفيذ إصلاحات إدارية وتشغيلية يكون من شأنها ضبط المرافئ العامة ولجم الفساد. ثانياً: تشجيع الاستثمارات من خلال تأمين مناخ ملائم ومن خلال ضبط الأمن وتسهيل المعاملات الإدارية والاجراءات، هذا بالإضافة إلى تفعيل الديبلوماسية الإقتصادية بهدف ترويج لبنان كبلد ذي مقومات استثمارية، سياحية وجغرافية وإيجاد أسواق خارجية جديدة غير كلاسيكية لتصريف الإنتاج اللبناني. ثالثاً: تحفيز خلق فرص العمل وخاصة في القطاعات الواعدة والمبنية على الابتكار بالإضافة إلى تطوير ومراجعة البرامج التربوية لتتلاءم مع سوق العمل، خاصة مع اكتشاف الثروة النفطية التي توجب التمتع بمهارات وتقنيات عالية. رابعاً: تحسين البنية التحتية عبر الشراكة بين القطاعين العام والخاص وذلك من خلال استخدام الخبرة وقدرة التمويل الخاصة على المنصة العامة». وتابع: «إننا نؤمن بأنه في ظل انتخاب رئيس للجمهورية وإقرار قانون انتخابي وتسليح الجيش اللبناني، من المتوقع أن ينمو الاقتصاد اللبناني بما يزيد عن الخمسة بالمئة. وهذه النسبة مبرّرة بتحرير الاستثمار مما سيدفع بالعجلة الإقتصادية إلى نسب نمو عالية عبر زيادة فرص العمل للبنانيين وتحديث الماكينة الإنتاجية. فلا نهوض للإقتصاد إلاً بإنتخاب رئيس للجمهورية. ولا جذب وتحفيز للإستثمارات إلاً بإنتخاب رئيس للبلاد. ولا نمو مستدام وحماية للإقتصاد إلا بإنتخاب رأس الدولة». ورأى حكيم «ضرورة الإسراع في هذه الخطوات المقترحة بغية تحسين بيئة الاسستثمار في لبنان، وخلق بيئة مؤاتية تجذب المستثمرين العرب والأجانب وتحثهم على المساهمة في خلق مشاريع التنمية لتنشيط الدورة الاقتصادية وتعزيز النمو. كل هذا مشروط، بالاستقرار الأمني والسياسي الذي تعمل الحكومة جاهدة على استمراره».

جلسات عمل منتدى «الاقتصاد اللبناني: التوجه الاستراتيجي للتنمية الاقتصادية والاجتماعية» حَفلت جلسات عمل منتدى «الاقتصاد اللبناني: التوجه الاستراتيجي للتنمية الاقتصادية والاجتماعية» الذي نظمه اتحاد المصارف العربية، بجملة افكار طرحها المشاركون حول الاستقرار السياسي والاجتماعي والمالي من أجل التنمية، والنزوح السوري وتأثيره على الاقتصاد اللبناني وفرص العمل والتعليم والصحة، وكيفية استفادة لبنان من ثروته النفطية للنمو بالاقتصاد ودور التمويل المصرفي. وخلصت هذه الجلسات إلى وجوب تحقيق الفرص للشباب اللبناني ومنحهم حق العمل والتعليم والصحة في سبيل مجتمع أفضل. جلسات العمل في اليوم الأول ربيع عيتاني أمين سر هيئة «أوجيرو» : تكنولوجيا المعلومات أحد أهم عناصر التنمية ألقى أمين سر هيئة «أوجيرو» ربيع عيتاني كلمة وزارة الاتصالات نيابة عن المدير العام للوزارة الدكتور عبد المنعم يوسف. وقال عيتاني: «تُعتبر تكنولوجيا المعلومات والاتصالات إحدى محفزات التغيير وأحد أهم عناصر التنمية الحديثة في إطار العولمة. لذا، يطال أثرها مختلف الجوانب الحياتية للأشخاص ومؤسسات الأعمال والصناعات والمجتمعات والحكومات، وتتغير باستخدامها الأنشطة والعمليات اليومية، وتالياً يمتد أثر تكنولوجيا المعلومات والاتصالات إلى التنمية الاقتصادية والاجتماعية». يضيف عيتاني: «كذلك أن لتكنولوجيا المعلومات والاتصالات أهمية في بناء مجتمع المعلومات، الذي يعتمد النجاح الاقتصادي والاجتماعي فيه على توافر المعلومات والتكنولوجيا وسهولة النفاذ إليها. فمثلاً، ظهور وانتشار الخدمات الإلكترونية يأتي نتيجة تداخل تكنولوجيا المعلومات والاتصالات في عمليات القطاعات كالمصارف والتجارة والعمالة والتعليم والحكومة والصحة. وقد تزايد وتنوع استخدام تكنولوجيا المعلومات والاتصالات أخيراً عبر انتشار الشبكات الاجتماعية والأجهزة النقالة التي أصبحت تيسر تفاعلاً للمواطنين في ما بينهم ومع الحكومات في عملية صنع وتوجيه القرارات، وتالياً أصبحت تدعم المسار نحو بناء مجتمع واقتصاد المعرفة». يرى عيتاني «أن الثورة في تكنولوجيا الاتصالات والمعلومات، قد أدخلت العالم في عصر الاقتصاد الرقمي، الذي يعتمد على تدفق المعلومات والبيانات، لمصلحة المعاملات التجارية، وإنجاز الأعمال عبر شبكة الإنترنت. وأصبح تعبير الحكومة الإلكترونية، تعبيراً شائعاً، في العديد من دول العالم؛ إذ إنه علامة للتيسير في المعاملات، والسرعة في إنجازها، واختصار الجهد والوقت والكلفة». يتابع: «في عصر ثورة المعلومات، يعتمد الاقتصاد الرقمي، أساساً، على إنتاج التكنولوجيا الحديثة وتوزيعها واستخدامها، في مجال المعلومات والاتصالات. ويركز في الاستغلال الأمثل لموارد المجتمع المحدودة، في جميع مراحل الإنتاج والتوزيع؛ مع الاعتماد شبه الكلي على المكون التكنولوجي في الإنتاج، في مقابل الوفر الشديد في عناصر الإنتاج الأخرى من مواد خام، وعمل، ورأس مال، كذلك الاستثمار المتزايد في هذا المكون، وخصوصاً في البحوث والتطوير، وفي تنمية القدرات والمهارات البشرية بهدف توسيع دائرة الاستغلال الأمثل لها في القطاعات كافة». ويوضح عيتاني: «إن جودة البنية التحتية للاتصالات، أصبحت عاملاً منافساً في جذب الاستثمارات الأجنبية المباشرة؛ فالدول التي لا يمكنها تحمّل الحصول على أحدث تقنيات الاتصال، وبنية تحتية، وأنظمة اتصالات متطورة؛ ولا تمتلك المقدرة على بناء التقنيات المرتبطة بها وتشغيلها وإدارتها وصيانتها، لن تتمتع بمميزات ثورة الاتصالات في جذب الاستثمارات إليها». ويختم: «يتوجب على عالمنا العربي الاستفادة من محدثات العولمة المتمثلة بالترابط بين المجتمعات، بحرية التبادل والاستثمارات، بالمنافسة، بالتطور، بثورة الانترنت ووسائل الاتصالات وغير ذلك، من دون أن يعني ذلك تسلط القوى الاقتصادية الكبرى على الدول النامية والفقيرة واستنزاف مواردها واليد العاملة فيها، ومن دون أن يعني ذلك التفريط بالسيادة وبالهوية والقومية وبخصوصية كل دولة من الدول العربية، حيث إن التكامل بين الدول العربية من شأنه أن يخدم التنمية الاقتصادية ويشكل حافزا للالتقاء والتطور والنمو، وخصوصاً أن الدول العربية تملك الإمكانات البشرية والموارد الطبيعية اللازمة لذلك. مما يحولنا إلى شريك أساسي في صنع القرارات العالمية ومما يضمن مصالح وحقوق الشعب العربي بوجه كل المشاريع التي تهدف إلى تمزيق الوطن العربي».

الجلسة الأولى «الاستقرار السياسي والاجتماعي والمالي من أجل التنمية» تناولت الجلسة الأولى كلمات رئيسية عن «الاستقرار السياسي والاجتماعي والمالي من أجل التنمية» تحدث فيها كل من: رئيس لجنة الرقابة على المصارف، لبنان سمير حمود، رئيس مجلس الإدارة المدير العام لبنك الموارد، لبنان مروان خير الدين، نائب مدير المجلس الاحتياطي الفدرالي الأميركي – واشنطن سركيس يوغورداجيان والرئيس التنفيذي لمعهد الحوكمة، الإمارات الدكتور أشرف جمال. حمود: نواجه صعوبات ونلتزم المعايير خلصت مداخلة رئيس لجنة الرقابة على المصارف، لبنان سمير حمود إلى «أننا في لبنان نواجه صعوبات منذ أكثر من 40 عاماً ونلتزم المعايير الدولية إن لجهة كفاية الرأسمال، أو مكافحة تبييض الأموال، والمحافظة على ثقة العالم الخارجي بالدولة وثقة بيوت المال والمودعين في القطاع المصرفي، واتباع سياسة استقرار سعر صرف العملة الوطنية وتحمل كلفة توافر السيولة وإدارتها، والاهتمام بحجم الأموال الواردة سواء من أبناء الوطن على شكل تحاويل أو في الاستثمارات الخارجية المباشرة في الاقتصاد أو في القطاع المصرفي، وتنوع مصادر إيرادات المصارف من خلال دخول الأسواق الخارجية من دون إغفال حجم المخاطر ومتابعة أوضاع المصارف في الخارج، وتحفيز الاقتصاد الوطني باتباع سياسة نقدية مرنة وتقديم رزمة برامج إقراض ميسّرة للقطاعات الإنتاجية وللحاجات السكنية وتحمّل مسؤولية الهندسة المالية للدولة وذلك بتوازن سد العجز في الموازنة والتحكم بالكتلة النقدية ونسب الفوائد وحجم التضخم». يقول حمود: «ندرك أن قوة لبنان في ظل استمرار عدم الاستقرار السياسي والمالي تكون في حجم التحاويل الواردة من أبناء الوطن العاملين في الخارج، ومرونة المنتج والمستثمر اللبناني في التأقلم مع الأوضاع السياسية لإنتاج اقتصاد مقبول، وحكمة السلطة النقدية وحيوية القطاع المصرفي». يضيف: «إذا كانت نقطة الضعف لدينا في ظل هذه الأوضاع، العجز المستمر في المالية العامة، فإننا على يقين بأن حجم الاقتصاد الحالي وحجم القطاع المصرفي الحالي هما دون قدرة لبنان على الإنتاج، وأن هذه الأحجام بكل تواضع ستتضاعف في حال عودة الاستقرار الكامل إلى لبنان. هذا البلد لديه الكثير ليظهره وما يطلبه هو الاستقرار السياسي ولنبدأ بانتخاب رئيس للجمهورية». خير الدين: القطاع العام عبء على تطور القطاع الخاص يرى رئيس مجلس الإدارة المدير العام لبنك الموارد، لبنان الوزير السابق مروان خير الدين أنه «كي نحدد العقبات الاساسية التي تشكّل حواجز أمام النمو الاقتصادي في لبنان، يجب مراجعة دقيقة لدور الدولة، أي دور القطاع العام في الحياة الاقتصادية اللبنانية». ويشرح خير الدين: «إن القطاع العام في لبنان، في معظم مؤسساته، شكّل عبئاً على تطور القطاع الخاص ونموه، بدل أن يكون محفّزاً لنموه، فالدولة في لبنان ذات شخصيات متعددة، فهي: المشّرع وحافظ الأمن، وفي الوقت عينه تاجر يمتلك امتيازات حصرية. هي المراقب وهي تراقب نفسها. هي الهيئات الناظمة التي لا تجتمع ولا تطبق القوانين. هي بصراحة، وفي شكلها الحالي، عبء على أي نمو اقتصادي. فعلى سبيل المثال، الدولة اللبنانية قد تكون الدولة الوحيدة في العالم، التي لا تزال تملك وتشغّل قطاع الاتصالات على نحو شبه حصري، فهي تملك شركتي الخليوي والهاتف الثابت. وفي الوقت عينه يفترض بها أن تراقب هذا القطاع. فكيف ذلك من دون تطبيق قانون اتصالات حديث يفصل بين الدولة كمشرّع والشركات التي تقدم خدمات للمواطنين؟». يقول خير الدين: «إن الحل بنظرنا يبدأ بتعريف دور الدولة وتحديد مهماتها مستقبلاً. برأينا على الدولة أن تكون المراقب والمشرّع والمنظّم للقطاع الخاص من دون أن تنافس هذا القطاع في أي من المجالات الاقتصادية. فدورها يقتصر على المحافظة على حقوق المواطنين والتأكيد أن الخدمات المتوافرة لهم عبر القطاع الخاص هي خدمات ذات نوعية عالية وكلفة مضبوطة». ويلفت إلى «أن خلاص لبنان قد يكون عبر إقرار برنامج لخصخصة بعض المرافق العامة بأفضل الشروط وعبر إقرار قانون الشراكة بين القطاعين العام والخاص. علماً أن هكذا خطوات هي صعبة وسهلة في آن معاً. فهي سهلة في حال اتفق أهل السياسة على خدمة المواطنين. وصعبة للغاية في حال قرر أهل السياسة الاستمرار في مبدأ المحاصصة في كل شيء». يوغورداجيان: الاستقرار ضروري للتنمية تحدث نائب المدير، المجلس الاحتياطي الفدرالي الأميركي، واشنطن سركيس يوغورداجيان عن أهمية الاستقرار السياسي والاجتماعي، فضلاً عن وجوب العمل الحكومي الدؤوب في سبيل تحقيق التنمية الاقتصادية. ورأى أن الارادة السياسية ضرورية في سبيل تحقيق التنمية المطلوبة، في ظل موارد بشرية كفوءة، واستقرار حكومي فاعل وإلا فما معنى الحديث عن الاستقرار من دون ارادة حكومية ناضجة من اجل تحقيق ذلك الاستقرار المنشود. علماً أن الإنسان اللبناني لا تنقصه خبرة، ولا موهبة، بل على العكس فإن لبنان يُصدّر مواهبه إلى الخارج». ولاحظ «أن لبنان لم يتغير منذ أشهر، من حيث التنمية والنمو والنشاط الاقتصادي، مما يُدمي القلب ويُكسره، إذ إن أي بلد لم يتقدم بنموه على نحو مطرد فإن ذلك يؤدي إلى التراجع. وهذا أمر غير صحي». وتناول يوغورداجيان أهمية دعم المشاريع الصغيرة والافرادية عبر التمويل المصرفي لها في سبيل تحقيق التنمية المنشودة. وقال: «إن السوق المحلية تتحرك بفضل المشاريع، فضلاً عن الخبرات المصرفية التي توجد لدى المصارف بغية تحقيق التطور الاقتصادي»، مشيداً بجهود مصرف لبنان المركزي الذي لا يزال يدعم الاقتصاد اللبناني في سبيل تحقيق التنمية. جمال: الحوكمة لمحاربة الفساد تناول الرئيس التنفيذي، معهد الحوكمة، الامارات الدكتور أشرف جمال موضوع «الحوكمة وتأثيرها على الاستقرار السياسي والاجتماعي والمالي وانعكاسها على التنمية الاقتصادية». يُعرّف الحوكمة بأنها «إضافة قيمة لأكبر عدد من أصحاب المصلحة المرتبطين بالمؤسسة». (باين آند باند، 1996). أما المبادىء الاساسية للحوكمة والتي تنعكس على الاستقرار فهي: المسؤولية – المساءلة، الإنصاف/العدالة والشفافية». يقول جمال: «ثمة 3 أنواع من الحوكمة المؤثرة على استقرار الدولة هي: الحوكمة السياسية أو العامة: العملية التي يتبعها المجتمع لتنظيم شؤونه وإدارة نفسه، وحوكمة الشركات: السياسات والعمليات والآليات التنظيمية الضرورية لإنتاج وتوزيع الخدمات والمنتجات ومراعاة أصحاب المصالح والحوكمة الاجتماعية: مؤسسات المجتمع المدني، بما فيه المواطنون والمنظمات غير الهادفة للربح». عن حوكمة الشركات والمسؤولية الاجتماعية للشركات والمصارف، يشرح جمال «أن الحوكمة تحرص على قيام المؤسسات برعاية أصحاب المصالح وفي مقدمهم العاملون والمجتمع. كذلك تبدأ المسؤولية الاجتماعية داخلياً من التزام الشركات باحترام حقوق العاملين والعملاء والموردين وشركاء الأعمال. وتمتد المسؤولية الاجتماعية لطريقة أداء الأعمال بما يحافظ على البيئة وموارد المجتمع». ويقترح جمال وضع قواعد حوكمة مناسبة مستقاة من المعايير الدولية، ولا تستنسخها، ليس للمصارف فحسب لكن لكل المؤسسات الاقتصادية، ووضع قواعد حوكمة لمؤسسات المجتمع المدني تساعد في تعزيز صدقيتها وتالياً القيام بالدور المنوط بها والإشراف الجدي على تطبيق قواعد الحوكمة بما فيها قواعد الحوكمة العامة ومحاربة الفساد.

الجلسة الثانية «النزوح السوري وتأثيره على الاقتصاد اللبناني وفرص العمل والتعليم والصحة» جاءت الجلسة الثانية تحت عنوان: «النزوح السوري وتأثيره على الاقتصاد اللبناني وفرص العمل والتعليم والصحة»، وتحدث فيها كل من مستشار وزير الصحة العامة، لبنان الدكتور بهيج عربيد، مستشار وزير الاقتصاد والتجارة، لبنان البروفسور جاسم عجاقة، كبير الاقتصاديين ومدير قسم البحوث والتحاليل الاقتصادية، بنك بيبلوس نسيب غبريل، وعميد كلية إدارة الأعمال، الجامعة اللبنانية الأميركية الدكتور سعيد اللادقي وعميد كلية إدارة الأعمال والاقتصاد، جامعة الحكمة، لبنان الدكتور روك – أنطوان مهنا. عربيد: ثمة مليونان و700 ألف فقير في لبنان تحدث مستشار وزير الصحة العامة، لبنان بهيج عربيد عن موضوع النزوح السوري إلى لبنان. ولاحظ التطور الديموغرافي الذي حدث في لبنان خلال السنوات الثلاث الأخيرة، «إذ إنتقلنا من 34 ألف نازح في تموز/يوليو 2012، إلى مليون ونصف مليون نازح حالياً وفق تقارير الأمم المتحدة، إلى جانب العاملين السوريين». ويقول: «إن هذا التطور الديموغرافي لا يستطيع أن يتحمل لبنان أعباءه، فضلاً عن الانتشار الافقي الفوضوي والحركة الدائمة للنازحين التي تعقد الامور صحياً وأمنياً». ويشير عربيد إلى تطور الفقر في لبنان، «حيث زاد عدد الفقراء السوريين فضلاً عن الفقراء اللبنانيين، وفق الأمم المتحدة»، ويقول: «ثمة مليونان و700 ألف فقير في لبنان مما ولَّد مشكلات اقتصادية واجتماعية ناجمة عن مشكلة الفقر في لبنان، والصراع على لقمة العيش وفرص العمل (أكثر من 50 في المئة عمالة سورية في لبنان)». أضاف: نحن كوزارة الصحة اللبنانية لم نحصل على أي مساعدات مالية دولية أو إقليمية، فانحسرت المساعدات بالامم المتحدة وبعض المنظمات. فيما حصلنا على مساعدة واحدة من الاتحاد الأوروبي تحت عنوان «تخفيف حجم التوتر بين النازح السوري واللبنانيين». ولفت إلى «أن ثمة مشكلات صحية ناجمة عن تلوث المياه والبيئة من جرّاء النزوح السوري، وقد تعاملنا كوزارة بالتعاون مع شركائنا في القطاع الاهلي والبلديات بغية تعزيز خدمات الرعاية ومكافحة الامراض المعدية». وختم قائلاً: «ثمة مشكلات واجهناها أبرزها: استمرار الأحداث السورية، فاللبنانيون استضافوا النازحين السوريين في بيوتهم عند بدء الاحداث في سوريا، لكن في ظل استمرار هذه الاحداث السورية لم يعد في إمكان اللبنانيين أن يتحملوا الأعباء الناجمة عن النزوح، فضلاً عن التداعيات الاقتصادية التي يحصدها لبنان من جراء هذا النزوح، إذ ليس للبنان إمكانات لخدمات السياحة العلاجية في ظل زيادة معدلات الفقر (30 في المئة – 40 في المئة)، إضافة إلى التداعيات الأمنية (60 في المئة من الجرائم سببها سوريون أو عصابات من النازحين السوريين). وتحدث عن «تصاعد الحاجات في ظل تردي المساعدات تجاه النازحين في مؤتمر الكويت كان مطروحاً تقديم 8 مليارات دولار كمساعدات للنازحين السوريين وغير السوريين، لكن جُمع منها 3 مليارات ونصف مليار دولار فقط. فيما الأمم المتحدة تقلّص مساعداتها تجاه هؤلاء النازحين». عجاقة: حقائق مُرَّة عن واقع الاقتصاد اللبناني تحدث مستشار وزير الاقتصاد والتجارة اللبناني جاسم عجاقة عن واقع الاقتصاد اللبناني، مشيراً إلى «حقائق مرَّة» أبرزها: ماكينة إنتاجية متآكلة في غياب الاستثمارات، وسيطرة للقطاع الخدماتي، واستيراد قسم كبير من الاستهلاك، وفاتورة حرارية عالية، وإحتكار الدولة لقطاعات غير منتجة ومكلفة وفساد وإهدار، وعجز مالي وغياب الموازنة، وهجوم مسلحي الدولة الإسلامية، ونزوح سوري كثيف، وغياب رئيس جمهورية، ومجلس نواب ممدد له». وتناول عجاقة تأثير النزوح السوري على لبنان من الزاوية الاقتصادية قائلا: «كان للنزوح السوري الكثيف التأثير المباشر على فقدان مئات الألوف من العمال اللبنانيين لوظائفهم. كذلك أن المعارك الطاحنة التي تدور في سوريا منعت التصدير عن طريق البر مما زاد كلفة البضائع اللبنانية عبر تصديرها من البحر والجو. ويُمكن ذكر التأثير على الطلب الداخلي على بعض السلع المدعومة كالمازوت الأحمر مثلا، الذي تم تهريبه إلى سوريا وتالياً زادت الكلفة على كاهل المواطن اللبناني، مما حرم الاقتصاد من الأموال التي كانت لتُستهلك فيه». مالياً، يلفت عجاقة إلى «أن زيادة الطلب على بعض المواد المدعومة من الخزينة كالقمح، المازوت الأحمر والكهرباء، أدّت إلى زيادة العجز في خزينة الدولة»، مشيراً إلى ««كلفة الاعتناء بالنازحين السوريين والتي كان يُفترض أن يدفعها المجتمع الدولي والذي لم يحترم وعوده مما أدى إلى زيادة العجز». اجتماعياً، يرى «أن الأزمة السورية دفعت إلى زيادة النزوح السوري في لبنان، مما أدى إلى تفاقم الحوادث الأمنية في هذا البلد، فزادت عمليات السرقة والقتل التي شارك فيها بعض النازحين السوريين. كل ذلك يحصل في ظل إنقسام سياسي لبناني قوي حيال عملية جمع النازحين داخل المخيمات لضبط وجودهم على الأرض اللبنانية أسوة ببقية الدول المجاورة كالأردن وتركيا». غبريل: الأزمة السورية ليست سبباً لتراجع النمو يلفت كبير الاقتصاديين ومدير قسم البحوث والتحاليل الاقتصادية، بنك بيبلوس نسيب غبريل إلى «أن الاقتصاد اللبناني يعتمد على ثقة المستثمر والمستهلك في لبنان. فعلى صعيد ثقة المستثمر، يسجل ميزان المدفوعات عجزاً سنوياً منذ عام 2011، كذلك في بدء عام 2015 حيث يستمر العجز السنوي على نحو مستمر. وهذا يعني أنه يخرج من لبنان أموال أكثر مما يدخل إليه. وهذا يشكل أحد المؤشرات السلبية. أما على صعيد ثقة المستهلك، فبحسب مؤشر بنك بيبلوس والجامعة الأميركية لثقة المستهلك في لبنان، تُسجل مستويات قياسية في 2009 وقد بدأ يتراجع هذا المؤشر في 2011، كذلك في 2013 و2014 حيث وصل إلى أدنى المستويات القياسية». يضيف: «إن ثقة المستهلك في لبنان تتأثر بالتطورات السياسية والامنية على نحو شبه كلي، في حين أن البلدان الصناعية والناشئة تتأثر بحركة البورصة وأرقام البطالة وعدد الوظائف التي يخلقها الاقتصاد»، معتبراً أنه ليس لدينا إحصاءات اقتصادية، فيما يطغى العاملان السياسي والأمني على ثقة المستهلك، مشيراً إلى «أن ثقة المستهلك والمستثمر يميلان إلى التراجع، مما يؤدي إلى تراجع نمو الاقتصاد اللبناني من معدل سنوي بلغ 9,2 في المئة بين 2007 و2010 إلى 1,4 في المئة بين 2011 و2014». واعتبر «أن تراجع النمو الاقتصادي في لبنان ليس مرده النزوح السوري إليه، إنما الاختلالات في الاقتصاد اللبناني، مما يؤدي إلى التراجع في النمو»، وقال: «إن المقصود بالاختلالات الاقتصادية يعني تراجع تنافسية الاقتصاد اللبناني، إذ بحسب مؤشر المنتدى الاقتصادي العالمي تراجعت مرتبة لبنان نحو 24 درجة بين 2011 و2015، ويعود هذا التراجع إلى ترهل البنى التحتية والفساد والمعاملات الادارية البيروقراطية وعدم وجود سياسات حكومية واضحة». ورأى «أن النمو الاقتصادي في الربع الأول من 2011 كان سلبياً، بسبب إسقاط حكومة الرئيس سعد الحريري، ومن ثم بدء الأزمة السورية التي استوردت إلى لبنان في وقت لاحق، مما يؤثر سلبا على ثقة المستهلك والمستثمر والتصدير والسياحة وغيرها»، مشيراً إلى أننا «لم نستفد (في لبنان) من استثمار الأزمة السورية – النزوح السوري بفعل نزوح الطبقة السورية الثرية من حلب والشام التي كانت تفكر بنقل استثماراتها إلى لبنان أو إلى بلدان اخرى، لكن هذه الطبقة اصطدمت بالروتين الاداري وغير ذلك». اللادقي: تكنولوجيا المعلومات والتنمية الاقتصادية بدوره تحدث عميد كلية إدارة الاعمال، الجامعة اللبنانية الأميركية الدكتور سعيد اللادقي عن أهمية استخدام تكنولوجيا المعلومات والتنمية الاقتصادية في البلدان الأقل تطوراً، ويقول: «تستخدم الحكومات والشركات في البلدان المتقدمة، تكنولوجيا المعلومات والاتصالات على نحو مطرد في الأعوام الأخيرة، مما يؤدي إلى زيادة معدل النمو في هذه البلدان»، مشيراً إلى «أهمية تطوير البنى التحتية وشبكات الكهرباء، الماء والاتصالات، ورأس المال البشري وتبادل المعلومات في الدول النامية والاقل نموا في سبيل تعزيز الأعمال والاستهلاك»، معتبراً «أن إنتاج التكنولوجيا واستخدامها يتطلب قوة عمل ماهرة قادرة على استخدام أساليب جديدة، وأن يكون لديها القدرة على حل المشكلات التي تنجم عنها. لذا يجب أن يستمر الابتكار في الدول عموماً من أجل تحقيق استثمارات منتجة». وتناول اللادقي التجربة الماليزية حيال التطور التكنولوجي في سبيل تحقيق التنمية. ويقول في هذا السياق: «لقد استثمرت الدولة الماليزية بناها التحتية، على نحو فاعل فأدخلت إليها الألياف الضوئية والأقمار الصناعية والتكنولوجيا الخليوية. وأنشأت خطوط الهاتف الثابت والهواتف في المناطق الريفية والنائية، بما فيها المدارس العيادات والمكتبات. ووضعت خططاً لإطلاق خدمات تكنولوجيا المعلوماتية، في جميع أنحاء البلاد. علماً أن الحكومة الماليزية طورت رأس المال البشري، والعلاقات العرقية في سياق الإندماج الوطني، ووضعت خطة لتوزيع الدخل والثروة وجودة الحياة المعيشية». وخلص إلى أنه «كان على لبنان أن يعتمد الخطة الماليزية لتطوير بناه التحتية مثل ضمان حرية الملكية، تقديم حوافز مالية تنافسية (ضريبة الدخل / الاستثمار مجاناً)، وضمان عدم وجود الرقابة على الإنترنت، فيصبح هذا البلد دولة رائدة إقليمياً في مجال قوانين حماية الملكية الفكرية». مهنا: البطالة، من أخطر تداعيات النزوح يشير عميد كلية إدارة الأعمال والاقتصاد في جامعة الحكمة، رئيس الرابطة العالمية للاقتصاد في لبنان البروفسور روك – أنطوان مهنا إلى «أن عدد النازحين السوريين في لبنان تخطى مليوناً و600 ألف، مسجل منهم رسمياً نحو مليون و200 ألف. وهي أعلى نسبة لجوء في العالم، علماً أن ثمة 50 ألف مولود سوري جديد كل سنة (مكتوم القيد). وقد بلغ مجموع النازحين السوريين في الدول التي نزحوا إليها نحو 4 ملايين. أما الكلفة التراكمية لهذا النزوح فتخطت الـ 9 مليارات دولار». يقول مهنا: «يستهلك السوريون في لبنان نحو 340 ميغاواط (كهرباء) (احصاءات 2014)، ومياه 90 مليون ليتر ماء يومياً و6 ملايين رغيف خبز يومياً، أما كمية النفايات الصلبة ومياه الصرف الصحي فقد تضاعفت، فيما زادت أزمة السير بين 20 و30 في المئة». يضيف مهنا: «أن ثمة 40 في المئة من السجناء في لبنان هم من الجنسية السورية، في حين أن أخطر تداعيات النزوح السوري على لبنان هو البطالة التي زاد معدلها العام نحو 10 في المئة (عنصر الشباب 20 في المئة )، فيما بلغت نسبة عدد المهاجرين اللبنانيين ما دون الـ 35 عاماً نحو 80 في المئة. كذلك بلغت نسبة خريجي الجامعات العاطلين عن العمل نحو 38 في المئة (45 في المئة من الذكور و25 في المئة من النساء)، حيث يُهاجرون خلال سنة من تخرجهم، فيما يوجد نحو 50 في المئة وظائف في لبنان من دون عقد عمل». عن الحلول، تحدث عجاقة عن نوعين من الإصلاحات: استراتيجية وتشغيلية. ودعا الحكومة اللبنانية إلى أن تتولى «وضع سقف لعدد النازحين، وإعادة بعضهم إلى مناطق آمنة، وتجميد اتفاقية العمل مع سوريا (1993)، وإحصاء النازحين، وتقديم مساعدات أساسية (من دون إمتيازات)، والتمييز بين «الهجرة الاقتصادية» و«النزوح المؤقت» عند الحدود (بواسطة القوى الأمنية)». الجلسة الثالثة «كيف يستفيد لبنان من ثروته النفطية للنمو بالاقتصاد ودور التمويل المصرفي؟» أدار الجلسة الثالثة بعنوان «كيف يستفيد لبنان من ثروته النفطية للنمو بالاقتصاد ودور التمويل المصرفي؟» وتحدث فيها المستشار القانوني في الشؤون الدولية، إتحاد المصارف العربية المحامي الدكتور بول مرقص. كذلك تحدث في هذه الجلسة مستشار وزير الاقتصاد والتجارة، لبنان البروفسور جاسم عجاقة ومدير الفروع، فينيسيا بنك/لبنان علي بدران. مرقص: ثروة لبنان النفطية تُخوّله دخول «نادي الدول النفطية» يقول المستشار القانوني في الشؤون الدولية، إتحاد المصارف العربية المحامي الدكتور بول مرقص في مداخلته: «من كان ليتصوّر يوماً أن بلداً كلبنان بصغر مساحته وافتقاره إلى كل أنواع الثروات الطبيعية سيعقد مؤتمراً حول النفط، فمن المحتل الإسرائيلي جنوباً إلى تسرّبات الأزمة السورية شمالاً وشرقاً لم يبقَ سوى البحر كمنفذ أخير للبنانيين – ليس انتحاراً -: فهذا البحر الذي عبره انطلق أجدادنا نحو العالم، من شأنه اليوم بثرواته النفطية المختزنة، أن يغيّر مركز لبنان الإقتصادي من الدولة الأكثر مديونية في المنطقة إلى دولة تدخل نادي الدول النفطية». يضيف مرقص: «مع ترجيح وجود كميات من النفط تصل إلى حد 80 تريليون قدم مكعب، ما يعادل نحو ملياري ونصف مليار برميل، ومع كل ترليون قدم مكعب بقيمة 12 مليار دولار، فهذا الكنز المدفون في قعر بحرنا تساوي قيمته ما يفوق 960 مليار دولار أميركي. وإن كانت هذه الأرقام تبعث على التفاؤل بعدما خبرنا في لبنان مختلف مراحل اليأس في ما يتعلق بمختلف الثروات الطبيعية، فإن تحقيق الأرباح من جرّاء النفط لا يتم إلا بالإستثمار السليم لهذه الثروة. فتماماً كما أن سوء إدارة الأموال تؤدي إلى خسارتها، فإن سوء استثمار الثروات الطبيعية يؤدي إلى تبددها، وها هي المطامع الإسرائيلية تستفيد من الفراغ اللبناني على شتى الأصعدة لكي تستنفد ما نملكه حقاً وشرعاً». يلفت إلى «أن التقديرات الحالية حاجة لبنان – بصفته دولة نفطية حديثة العهد – ترجّح إلى إستثمارات بقيمة 30 مليار دولار لخلق بنى تحتية مناسبة لإستخراج النفط من منصات الإستخراج، ومحطات التكرير، والمرافئ المناسبة إلى ما هنالك من منشآت تستلزمها الصناعة النفطية… إلا أنه أمام عجز الدولة عن تمويل هذه الإستثمارات بفعل الدين العام وعجز الموازنة عن تحمّل هكذا نفقات لا يوجد أفضل من المصارف لتأمين السيولة اللازمة للمشاريع النفطية». يتابع مرقص نقلاً عن المثل اللبناني الشهير: «أعطِ خبزك للخباز ولو أكل نصفه»، ويقول: «فإن كان ثمة عقول متخصصة في تمويل المشاريع وقادرة على استيعاب مخاطر الإستثمارات فهي العقول المصرفية».

ويسأل: «لكن هل المصارف اللبنانية مستعدة لتقبّل المخاطر التي ستواكب القروض الإستثمارية في مجال النفط ولا سيما في ظل الأجواء السلبية في لبنان والمنطقة؟ ففي الآونة الأخيرة رأينا أن سياسة الحذر باتت هي المسيطرة على عمل المصارف اللبنانية، بحيث باتت ثقافة المخاطر شبه معدومة لدى المصارف اللبنانية تداركاً لأي انتكاسة في ظل الرقابة المكثفة التي يتعرض لها العمل المصرفي». يضيف: «إلا أن الوضع الحالي يتطلب من المصارف اللبنانية بصفتها عصب أساس في هيكلية الإقتصاد اللبناني، إعادة النظر في سياستها في ما يخص التسليفات، فإن كل تأخير وكل تأجيل للمباشرة في استخراج النفط هو إهدار غير محق لهذه الثروة التي لطالما حلم بها اللبنانيون. كذلك، فإن الجميع يعلم بأن الأرباح التي ستحققها المصارف من هذه الإستثمارات تفوق بأضعاف احتمالات المخاطر». يختم مرقص داعياً المصارف اللبنانية بالتعاون مع مصرف لبنان، إلى «اتخاذ خطوة جريئة في سبيل منح قروض إستثمارية، من شأنها أن تعود عليها وعلى الدولة اللبنانية بفوائد مالية لا تختزلها أرقام». بدران: القطاع المصرفي هو رافعة الاقتصاد اللبناني تناول مدير الفروع، فينيسيا بنك/لبنان علي بدران موضوع «المصارف اللبنانية ودورها في تمويل قطاعات الإنتاج». ويقول: «تميَّز القطاع المصرفي اللبناني بلعب دوره الأساسي في الإقتصاد واستقراره، وبمرونة العمل والتكيُّف مع الظروف التشغيلية الصعبة، وإتباع السياسات الإحترازية والوقائية في ظل تراجع غالبية النشاطات الإقتصادية، فالمصارف هي من دعائم الدولة للتوجه نحو عملية التنمية الإقتصادية والإجتماعية، ولا سيما إذا كانت هذه الأُسس قوية ومتينة. كذلك فإن المصارف تتمتع بملاءة مالية عالية وبنية حديثة ومتطورة، وهذا ما دفعها لتكون المموِّل الرئيسي للإقتصاد وللقطاع العام، من خلال القروض والتسليفات التي كانت المحرِّك الأساسي للنمو الإقتصادي». يضيف بدران: «استطاع القطاع أن يحقق نمواً معتدلاً في ظل ظروف إقليمية وبيئة عمل صعبة، وأن يكون عاملاً مهماً لإستقرار الإقتصاد اللبناني بفضل سمعة المصارف الجيدة وثقة المودعين، وتحويلات المغتربين والجاليات اللبنانية في الخارج. فالمصارف اللبنانية بإعتبارها المُؤتمنة على الودائع، هي شديدة الحرص على إدارة أموال نحو مليوني مودع ونصف مليون مقترض، وفق التدابير الإحترازية لأصول العمل المصرفي السليم ومعايير الإدارة الرشيدة. كذلك تستقطب المصارف اللبنانية المدخرات والإستثمارات لتعيد ضخها إلى الإقتصاد الوطني، مما يُعزز قدرتها على تمويل مختلف القطاعات، بالإضافة إلى تمويل الدين العام بإستمرار، وتُعتبر كشريك إستراتيجي للدولة وللإقتصاد الوطني. وتسأهم بنحو 6 في المئة في تكوين الناتج المحلي الإجمالي». يلفت بدران إلى «أن القطاع المصرفي هو رافعة للاقتصاد اللبناني في مواجهة الأوضاع السياسية والأمنية المضطربة، والأداة التمويلية الأولى والرئيسية للمشاريع والأنشطة الاستثمارية من خلال أدوار عديدة أهمها: المساهمة في زيادة الناتج المحلي الإجمالي، من خلال منح القروض اللازمة لدعم التنمية الإقتصادية والإجتماعية، وتوفير العديد من الفرص الإستثمارية ذات القيمة المضافة في مجموعة من القطاعات، وإكمال دور الحكومة من خلال المبادرة في التمويل، وتوفير المناخ المناسب للإستثمار والإستهلاك، وتنفيذ خطط التنمية الإقتصادية والإجتماعية والتزام مبادئ المسؤولية الإجتماعية، من خلال الدور الفاعل في حل مشكلة البطالة والفقر ولو على نحو محدود، ومن خلال ما تقدمه المصارف من قروض صغيرة، والتوسع بالتمويل لأكبر شريحة من فئات المجتمع، وتطوير القطاع الخاص على نحو يُؤدي إلى فرص عمل جديدة، والمساهمة في النمو الإقتصادي، من خلال تأمين القروض اللازمة إلى القطاعات الإقتصادية الإنتاجية، ودعم وتمويل المشاريع الصغيرة والمتوسطة، التي تعتبر محركاً أساسياً للاقتصاد، وخصوصاً في ظل العلاقة الوثيقة بين النمو الإقتصادي الفعلي، ونمو محافظ التسليف، التي تُشكِّل الشريان الحيوي للدورة الإقتصادية في لبنان».

عجاقة: لخلق شركة نفط وطنية لتسهيل استخراج النفط قدم مستشار وزير الاقتصاد والتجارة البروفسور جاسم عجاقة بعض الاقتراحات الاساسية بغية تسهيل عملية استخراج النفط من الأراضي اللبناني، أبرزها: خلق شركة نفط وطنية لنقل المعرفة التي تشكل عاملاً أساسياً في عملية إستخراج النفط، وتأسيس صندوق سيادي حيث تذهب إليه المداخيل النفطية. والأهم هو أنه في حال إنشائه أن يعمد مجلس النواب إلى توزيع المصاريف مع تحديد السقف Fund Allocation. كذلك إعتماد رقعتين (بلوكات) فقط للتلزيم، وأعتماد مبدأ الشفافية وذلك عبر: هيكلة بعض أصحاب الشركات التي يجب أن تكون من التصريحات الإلزامية للشركات، وإلزام الشركات وهيئة قطاع النفط نشر تقرير دوري على البوابة الالكترونية التابعة لهما للتصريح عن الكميات المستخرجة كمّا، والنشاط الذي تمَّ خلال الفترة السابقة، والتحقق من المخاطر التي تواكب عملية التنقيب، وذلك له عواقبه على الواقع المالي للدولة اللبنانية في حال لم يتم إيجاد نفط أو غاز، والعمل ديبلوماسياً على اقتراح خط أنابيب للغاز يمر بسوريا وتركيا إلى أوروبا، والعمل على مفاوضات مع الدول الخليجية لتكرير قسم من نفطها في مصفاة طرابلس، والتسريع بمراسيم التقسيم والتلزيم والتسريع بإقرار قانون الشراكة بين القطاعين العام والخاص». يضيف: «في عام 1949، قامت السعودية بمد أنابيب نفط لضخه إلى مصفاة الزهراني. في ذلك الوقت كانت هذه الأنابيب تدر أموالا على خزينة الدولة بمعدل 11 سنتاً للبرميل»، مشيراً إلى «أن المصافي توقفت عن العمل أيام الحرب الأهلية، فيما أصبح لبنان يستورد النفط بواسطة البواخر مما زاد الكلفة. أما أيام الوصاية السورية، فقد كان يُعرض في لبنان السعر العالمي زائداً 19 دولاراً، ويُعرض في سوريا السعر العالمي زائدا 11 دولاراً، فكانت النتيجة كارثية على مؤسسة كهرباء لبنان». أما عن تمويل البنية التحتية التي تواكب الاستخراج، تحدث عجاقة «أن ثمة عدداً من المنصات النفطية في العالم، وتبلغ مساحة البعض منها 5 آلاف متر مربع. ويُراوح سعر المنصة بين 200 مليون ومليار دولار، ويتم الاستثمار في هذه المنصات من الشركات التي تسترد ثمنها من مدخول النفط. علماً أن مصفاتي طرابلس والزهراني متوقفتان عن العمل، وفي حاجة إلى استثمارات تقارب 3 مليارات دولار لإعادة تشغيلها. لكن هذه المصافي تكرّر النفط العراقي والسعودي. لذا نحن في حاجة إلى إعادة تأهيلها لتصلح لتكرير النفط اللبناني، وإنشاء مصافي تكرير الغاز تقريبا بنحو مليار دولار لكل مصفاة تكرير (في قطر مثلا، تم إقرار مشروع لإنشاء أكبر مصفاة للغاز السائل حيث يبلغ حجم الاسستثمار 14 مليار دولار). ويشير عجاقة إلى أنه «لا يمكن لطرق لبنان أن تتحمل نقل الغاز والنفط بين مختلف المناطق في وضعها الحالي. وقد يفترض المرء أن أحد الحلول تكمن في إستخدام النقل البحري بين مختلف المرافىء اللبنانية، لكن هذا الخيار يفرض تأهيل المرافىء والطرق إلى الداخل اللبناني. علماً أن كيلو متر الإسفلت لتعبيد الطرق يُكلف ما بين 10 إلى 20 دولاراً».

 

اليوم الثاني – الجلسة الاولى «التجربة المصرفية اللبنانية في إدارة الأزمات» تناولت الجلسة الأولى موضوع «التجربة المصرفية اللبنانية في إدارة الأزمات»، أدارها الأمين العام لجمعية مصارف لبنان الدكتور مكرم صادر. وتحدث فيها كل من: مدير إدارة أمن المعلومات واستمرارية العمل، «فرنسبنك»، عادل مبارك، الخبير المالي والمصرفي الدولي، كندا أنطوان حبيش، والمستشار في القانون الدولي في اتحاد المصارف العربية المحامي أنطوان صفير. صادر: هناك 3 أنواع من الأزمات المصرفية لفت الأمين العام لجمعية مصارف لبنان الدكتور مكرم صادر إلى «أن ثمة 3 أنواع من الأزمات المصرفية، التي تواجهها الانظمة المصرفية في العالم هي كالآتي: – الأزمة الاولى هي أزمة السيولة: التي يمكن أن تتفرع عنها عناوين اخرى. فالسيولة هي من أهم الأزمات، باعتبار أن المصرف يتلقى الودائع ويدفع كلفتها ويعيد توظيفها. فثمة مصارف توظف بنسبة 100 في المئة من الودائع لديها. وهذا ما شاهدناه خلال الأزمة المالية العالمية، إذ إن ثمة مصارف في الدول الغربية كانت توظف أكثر من 100 في المئة من ودائعها. وذلك لأن لديها إمكانية الاقتراض من الأسواق النقدية. كذلك الأمر في الدول العربية مثل الامارات العربية المتحدة حيث كانت تديّن بنسبة 110 في المئة من ودائعها، باعتبار أن لديها إمكانية التمول في السوق النقدية النشطة عند حصول أي عملية ضغط على السيولة. – الأزمة الثانية تتعلق بما يُعرف بأزمة أسواق القطع: أن ثمة دولاً نتيجة العجوز المتراكمة في مدفوعاتها الخارجية قد تولد لديها أزمة قطع. فإما أن يتراجع سعر العملة في هذا البلد تجاه العملات الاجنبية، أو أن تُستنفد لديها العملات الاجنبية فتولد مشكلة في تمويل تجارتها الخارجية، فضلاً عن امكان إقبال المواطنين إلى العملات الاجنبية فتحول ودائعها من عملتها الوطنية إلى تلك العملات، مما يولد أزمة قطع لدى البنك المركزي في البلد المعني في حال لم يكن لديه أموال احتياط. هذه الأزمة شهدناها في العالم ولديها انعكاس سلبي على المصارف وتالياً ينبغي على هذه الاخيرة أن تدير أزمة القطع إذا نشأت لديها. – الأزمة الثالثة تتعلق بما يُعرف بأزمة الملاءة: من المعروف أن لجنة «بازل» حددت قواعد الملاءة المصرفية (8 في المئة معدل الملاءة)، فيمكن أن ينشأ لدى مصرف معين أو مجموعة مصارف أو قطاع مصرفي في بلد معين أزمة ملاءة. فإذا نشأت هذه الأزمة لدى معظم المصارف في بلد معين، فلا يمكن عندها لهذه المصارف أو البنك المركزي وحده أن يتعامل مع هذه المشكلة، إنما ينبغي عندها أن تتدخل الحكومات في هذا الشأن، كما حصل في الولايات المتحدة، عند حصول الأزمة المالية العالمية (2008 – 2009) إذ إن معظم المصارف الكبيرة الأميركية تعرضت لأزمة ملاءة، بمعنى أن رساميلها المصرفية تبخرت، فاضطرت الخزينة الأميركية (الحكومة الأميركية) إلى أن تعيد «رسملة» هذه المصارف. وخلص د. صادر إلى «أن هناك مشكلة لدى الدول التي لا تتعامل مع عملتها الوطنية فقط. فالبنك المركزي الأوروبي، والاحتياطي الفيدرالي الأميركي، يتدخلان في السوق عندما تقتضي الضرورة أي عند حصول الأزمات الكبيرة، باعتبار أن هذه الدول من السهل عليها أن تطبع عملة الدولار أو الاورو بغية إعادة ضخها في مصارف الدول التابعة لها. اما في لبنان فلديه مشكلة إضافية على هذا الصعيد، باعتبار أن الحكومة اللبنانية والبنك المركزي ليس لديهما القدرة على تشغيل المطبعة، باعتبار أن لبنان يتعامل في السوق المحلية بنظام العملتين، العملة اللبنانية (نحو 35 في المئة من ودائعنا و25 في المئة من تسليفاتنا). في حين أن التعامل بالدولار في لبنان يتمثل بنحو 65 في المئة من ودائعنا و75 من تسليفاتنا، وتالياً فإنه في الدول التي تتعامل مع نظام العملتين (منها لبنان) لديها «حراجة» في حال تعرضت لأزمة ملاءة أكثر من الدول التي تتعامل في السوق ضمن عملتها الوطنية الواحدة فقط». مبارك: توحيد إمكانات المصارف لمواجهة الاخطار تناول مدير إدارة أمن المعلومات واستمرارية العمل، «فرنسبنك» عادل مبارك موضوع كيفية إدارة الأزمات. فأوضح أنه «من المهم في المؤسسات المالية وغير المالية التي تضع خطط طوارىء في الأزمات، أن يكون لدى الإدارة العامة داخل المؤسسة تصور واضح لحجم الاخطار التي تغطيها. فينبغي وضع سيناريوهات واضحة: مثل الحروب الأهلية، الكوارث الطبيعية.. وغيرها». وأشار إلى «أن تحديد الخطر يُبنى عليه ماهية الخطر وردات الفعل. في حال الحريق على سبيل المثال، ينبغي وضع سماكة معينة للأبواب لعدم تسرب الحريق إلى الغرف»، لافتاً إلى «أن بناء خطة الطوارىء ينبغي تجديدها سنوياً، لذا فإنه يمكن الافادة من المواقع الالكترونية لتنشر التعليمات والمكونات التي يمكن الإفادة منها لتنبيه الناس إلى بنود خطة الطوارىء». وتحدث عن استثمار معين للتعاون في مكافحة الأوضاع الخطرة، فقال: «في لبنان لا يوجد تعاون جماعي لوضع خطة طوارىء، فكل مؤسسة لبنانية تضع خطتها على حدة بخلاف ما هو حاصل في البلدان الأوروبية عموماً. فالتعاون بين المؤسسات المصرفية اللبنانية ليس وارداً حتى تاريخه. فالإشكالية متوافرة في ثقافتنا اللبنانية. لذا، أدعو مصرف لبنان المركزي وجمعية المصارف، أي القيمين على القطاع المصرفي إلى الاستثمار الجماعي لوضع خطة شاملة حيال الدفاع الشامل ضد الأخطار على مستوى جماعي وليس فردياً». وختم مبارك: «إن لدى لبنان مواهب بشرية متعددة، نظام ليبرالي مصرفي.. لكن مشكلته تكمن في الإنسان الذي فقد القيم وحب العطاء والتعاون، فالانسان اللبناني بات يهمه نفسه وليس غيره. لذا، فإن هذا الانسان اللبناني يحتاج إلى اعادة بناء قيمه كي يغير ذهنيته وفكره، من أجل أن يتقدم في الحياة. أما ما دون ذلك فإنه لن يحصل أي نجاح أو تقدم يُذكر». حبيش: الجوانب القانونية والعملية للمشكلات المصرفية من جهته تناول الخبير المالي والمصرفي الدولي، كندا أنطوان حبيش خلال مداخلته موضوع الامان المصرفي، وكيفية التعامل مع المعضلات التي تواجهها المصارف عموما (على المستوى التقني) حيال الأعمال الإرهابية وتبييض الأموال. وقال: «إن الولايات المتحدة تنبهت إلى جرائم الأموال ولا سيما خلال الأزمة المالية العالمية»، معتبرا أن الحرب ضد الإرهاب ليست حديثة العهد إنما منذ امد بعيد. وأشار إلى «أن الشرق الأوسط عانى من عمليات مكافحة الإرهاب وتبييض الأموال، فضلاً عن معاناة البلدان الأوروبية في هذا الشأن». صفير: السلطات المصرفية اللبنانية واكبت قانون «فاتكا» يلفت المستشار في القانون الدولي في اتحاد المصارف العربية المحامي أنطوان صفير إلى «أن السلطات المصرفية اللبنانية واكبت قانون الامتثال الضريبي الأميركي الجديد «فاتكا»، فيما تركت لكل مصرف حرية التصرف في كل ملف على حدة»، مشيراً إلى «أن هذه السلطات النقدية فعلت خيراً في هذا السياق كي لا يصبح القطاع المصرفي اللبناني بأكمله في مأزق في حال تعرض مصرف معين لمشكلة مخالفة القانون الأميركي المشار إليه». ويخلص صفير إلى أن لبنان «واكب القرارات الدولية المتعلقة بموضوع مكافحة الإرهاب، بدءاً من القرار رقم 1390 الذي صدر بعد أحداث 11 ايلول 2001 في نيويورك وصولا إلى القرار 1540، حيث عقد اتحاد المصارف العربية مؤتمراً في فيينا منذ نحو عامين في هذا الشأن. باعتبار أن آليات التمويل المشكوك فيها، هي المعنية والاساس في القرار، وهي التي تُلاحق قانونا، في حين لا تُلاحق معرفة مصير الأموال، لأن السلطات النقدية الأميركية لا تريد أن تعرف إلى «أين تذهب الأموال» أي مصير الأموال، بمقدار ما تريد أن تعرف عن آليات التمويل».

 

الجلسة الثانية «القطاعات الاقتصادية اللبنانية وتحديد الإصلاحات لمواكبة المرحلة» تناولت الجلسة الثانية موضوع «القطاعات الاقتصادية اللبنانية وتحديد الإصلاحات لمواكبة المرحلة»، أدارها رئيس تجمع رجال الأعمال اللبنانيين الدكتور فؤاد زمكحل. وتحدث فيها كل من: المديرة العامة لوزارة السياحة اللبنانية ندى السردوك، المدير العام لوزارة الاقتصاد والتجارة، لبنان علياء عباس ومستشار وزير الشؤون الاجتماعية اللبناني أديب نعمة. زمكحل: لبنان في مرحلة حرجة تحدث رئيس تجمع رجال الأعمال اللبنانيين الدكتور فؤاد زمكحل عن أهمية تحديد نقطة الانطلاق اقتصادياً واجتماعياً، إذ إن لبنان يمر في مرحلة حرجة اقتصادياً، اجتماعياً وسياسياً، فضلاً عن الصعوبات التي تعانيها المنطقة العربية والعالم. وتناول التغيير الذي أصاب الشركات والافراد فضلاً عن الدولة، «إذ يمكن أن تتحول إلى نقاط ضعف، واذا لم نعمل على انقاذ اقتصادنا سيتراجع نمو مؤسساتنا في ظل تراجع اسعار النفط والحرب الباردة التي نشهدها في لبنان. وقد بلغت الاستثمارات الخارجية في لبنان عام 2010 نحو 4,8 مليارات دولار، وأصبحت في أواخر 2014 نحو 2,5 مليار دولار في ظل تفاقم بطالة بنسبة 25 في المئة». وإذ يلفت زمكحل إلى «المخاطر السيادية التي يتعرض لها لبنان والتي تهرّب الاستثمارات نحو البلدان المجاورة»، طالب الدولة «بأن تضخ السيولة على نحو أكبر للقطاعات الإنتاجية، والأموال التشغيلية (تبلغ نسبة الشركات الصغيرة والمتوسطة 90 في المئة من السوق المحلية) التي تدفع الثمن غالياً بغية مساعدة هذه الشركات وجذب الاستثمارات في هذا الشأن، فضلاً عن ارتفاع مديونية الدين العام التي وصلت إلى نحو 67 مليار دولار». ويقول: «إن مديونية القطاع الخاص وصلت إلى 53 مليار دولار أي ما يساوي 110 في المئة من الناتج المحلي في 2014، مما يعني أن هذه الشركات اللبنانية تعاني صعوبات ونضوباً في السيولة، وصعوبة في الاستدانة بعدما استخدمت معظم احتياطها مما يولد الركود وسيولة أقل». ودعا إلى «الانتقال من الاقتصاد التقليدي إلى الاقتصاد المعرفي، بمعنى اننا كرجال أعمال لبنانيين ما يُميزنا عن غيرنا هو تأقلمنا تجاه التحديات والمخاطر والأزمات. لذا علينا أن نتعامل مع أسواق جديدة مثل أميركا اللاتينية وأفريقيا كي نشهد مردودا للاستثمارات على نحو يفيد الاقتصاد اللبناني ويطوره». السردوك: تحسن الإنفاق على السياحة الدولية تناولت المديرة العامة لوزارة السياحة ندى السردوك التحديات التي تواجه السياحة العالمية. ولفتت إلى «أن حركة السياحة العالمية بلغت نحو مليار و138 مليون دولار، أي بزيادة 4.7 في المئة عن العام السابق (نمو فوق المعدل للسنة الخامسة توالياً منذ الأزمة الاقتصادية عام 2009) وفق نشرة منظمة السياحة العالمية التي توقعت نمواً في حركة السياحة العالمية بين 3 و4 في المئة مما سيساهم في عودة الاقتصاد العالمي إلى الانتعاش». وفق السردوك، «تتمثل أبرز التحديات المستقبلية للقطاع السياحي اللبناني (اقتصادياً، اجتماعياً، فكرياً ومناخياً) كالتحديات الإقتصادية: وهي ناجمة عن التحول والتغيير في المناخ الاستثماري العام من جراء التحول في طبيعة المشاريع السياحية في لبنان. كذلك التحديات الاجتماعية – الثقافية الناجمة عن الإرهاب، وأخيراً التحديات المناخية. عباس: مرحلة اقتصادية صعبة في لبنان تلفت المديرة العامة لوزارة الاقتصاد والتجارة اللبنانية علياء عباس إلى «أن لبنان يمر منذ عام 2011، أي منذ بداية الأزمة السورية في مرحلة صعبة نجم عنها تباطؤ مقلق في نسب النمو الاقتصادي اللبناني التي يُتوقع الا تتعدى 2 في المئة في سنة 2015 مقارنة بمعدلات النمو التي تراوحت بين 7,5 في المئة و9 في المئة بين عامي 2007 و2010». وعزت عباس أسباب هذا التحول في نسب النمو إلى «التشنجات السياسية الداخلية، الاضطرابات الإقليمية وخصوصاً في سوريا، الأزمة الاقتصادية العالمية، عدم كفاية الإصلاحات الداخلية وضعف الإدارة والحوكمة». أما أهم المؤشرات المقلقة للنشاطات الاقتصادية الأساسية فهي وفق عباس هي: «تراجع في الحركة السياحية، تباطؤ في قطاع البناء، تفاقم العجز في الميزان التجاري، عجز متكرر في ميزان المدفوعات، تباطؤ في نمو القطاع المصرفي وتراجع الاستثمارات». على صعيد القطاع السياحي، تقول عباس: «تأثر هذا القطاع سلباً نتيجة الأزمة السورية والأوضاع الداخلية والتحذير من سفر رعايا دول الخليج. ويظهر هذا التأثر السلبي من خلال تراجع عدد السياح الوافدين إلى لبنان بين عامي 2011 و2013، إلا أن هذا الاتجاه انعكس في عام 2014. وشهد عدد السياح ارتفاعاً للمرة الأولى منذ عام 2010. علماً أن معدل الإشغال في الفنادق شهد إنخفاضاً من 68 في المئة في عام 2010 إلى 52 في المئة في سنة 2014». عن الإصلاحات المقترحة للقطاع السياحي، تحدثت عباس عن «الحاجة الملحة لوضع خطط واقعية، تقنيات جديدة مقاربات جديدة ومتطورة بغية تنشيط الحركة السياحية في البلاد، وإعادة جذب السياح والمغتربين وخصوصاً العرب منهم». نعمة: لا دور للقطاع الخاص في العمل التنموي لفت مستشار وزير الشؤون الاجتماعية اللبناني أديب نعمة إلى «أن ليس لدى لبنان موازنات مالية رسمية في ظل مشكلات إدارية ومالية كبيرة». وسأل: «ألا يوجد دور للقطاع الخاص، ولا سيما للقطاع المصرفي والمجتمع المدني بأن يعمل على نحو «ممنهج» في سبيل العمل التنموي؟». ويقول: «إن نجاح القطاع المصرفي والقطاع الخاص الناجح يؤدي إلى تحقيق التنمية. علماً أن القطاع الخاص حتى تاريخه لم يوضح وجهة نظره في منع الفراغ المؤسسي أن يتمدد في لبنان. كذلك لم يوضح وجهة نظره على صعيد الفراغ في رئاسة الجمهورية وكأن الأمر لا يعنيه». ويخلص إلى «أن لبنان لن يُنقذ إلا إذا تعاون الاقتصاد والشؤون الاجتماعية كي يصبحا جزءاً من القرار السياسي». الجلسة الثالثة «المبادرات العربية والدولية لتمويل الاستثمار في لبنان» تناولت الجلسة الثالثة موضوع «المبادرات العربية والدولية لتمويل الاستثمار في لبنان»، وتحدث فيها كل من: رئيس قسم التعاون، بعثة المفوضية الأوروبية في لبنان الكسيس لوبر، المدير العام للمصرف الصناعي، العراق كاظم ناشور ورئيس لجنة العلاقات الاقتصادية وعضو مجلس الإدارة، جمعية الصداقة المصرية اللبنانية لرجال الأعمال، مصر فؤاد حدرج. لوبر: الإضاءة على برنامج الاتحاد الأوروبي في لبنان سلّط رئيس قسم التعاون، بعثة المفوضية الأوروبية في لبنان الكسيس لوبر، الضوء على برنامج الاتحاد الأوروبي والبنك الأوروبي للاستثمار حيال تمويل بعض القطاعات التنموية اللبنانية على المستوى الجغرافي أي على صعيد سائر المناطق اللبنانية. إذ ثمة عمليات تمويل يقوم بها الاتحاد الأوروبي لقطاعات اقتصادية لبنانية معينة كالاستشفائية، الصحية والتعليمية والبيئة. وأمل لوبر في أن يحصل المزيد من التعاون مع السلطات اللبنانية للدفع قدما في هذه البرامج التنموية التي تشترط بيئة استثمار لبنانية أكثر مواءمة بغية الابتعاد عن كل ما يُسيء إلى هذه الاستثمارات بعيداً عن أنواع الإنحراف والفساد. ناشور: لبنان بلد استثمارات بالدرجة الأولى يشير المدير العام للمصرف الصناعي، العراق كاظم ناشور إلى «أن الاقتصاد اللبناني هو إقتصاد حر يعتمد على المبادرة العربية والانفتاح على العالم الخارجي حيث يستحوذ القطاع الخاص على أكثر من 75 في المئة من إجمالي أعمال الاقتصاد». بعدما يسأل ناشور: «لماذا اختيار لبنان بلدا للاستثمار فيه؟» يوضح قائلاً: «بفضل اعتماده سياسة عدم التدخل في الاستثمارات الخاصة، يُعتبر لبنان أحد أكثر مناخات الاستثمار حرية في الشرق الأوسط. فغياب القيود القانونية على دخول الشركات وخروجها يُعزز الانفتاح الاقتصادي، مما يشجع التنافس في السوق الحرة، ويُعزز تنمية القطاع الخاص. كذلك أن حرية التجارة والاستثمار في لبنان ساهمت في تشكيل الاستثمارات الأجنبية المباشرة، حصة مهمة من إجمالي الناتج الداخلي. وتُعتبر الضرائب في لبنان من بين الأدنى في العالم، إذ يبلغ معدل الضريبة على الشركات بنسبة 15 في المئة، إضافة إلى أن النظام القانوني اللبناني يحمي الملكية الخاصة ويمنح المستثمرين اللبنانيين المقيمين والأجانب حوافز وحقوق متساوية». أما عن الأسباب التي تشجع على الاستثمار في لبنان، وفق المؤسسة العامة لتشجيع الاستثمار في لبنان، يرى ناشور «أن أحد أهم الاسباب لذلك هو الموقع الاستراتيجي للبنان، باعتبار أن لبنان يشكل بحسب موقعه الوسطي بين أوروبا وآسيا وأفريقيا، قاعدة إقليمية ودولية للأعمال بفضل سهولة الانطلاق منه إلى الأسواق الإقليمية والعالمية مما يجعله يصل إلى نحو 300 مليون مستهلك. كذلك فإن إقتصاد السوق الحرة الليبرالية والمبادرة الفردية التي باتت تقليدا، يشكلان حافزاً لاستقطاب الاستثمارات الاجنبية في ظل عدم وجود قيود قانونية على الدفع والتحويلات». يعتبر ناشور «أن القطاع المالي اللبناني هو من بين البلدان الأكثر تحررا في المنطقة بفضل القوانين والتشريعات الشفافة وعدم وجود قيود على تأسيس البنوك، فضلاً عن النظام الضريبي العادل والحوافز الضريبية، وبيئة أعمال تنافسية، وموارد بشرية كفوءة ويد عاملة ذات كلفة مخفوضة، العناية الصحية والتعليم ذات الجودة العالية، وأسلوب حياة مريح وطقس معتدل وغنى تاريخي وثقافي».

حدرج: التنمية تحتاج إلى تمويل المشروعات الصغيرة يلفت رئيس لجنة العلاقات الاقتصادية وعضو مجلس الإدارة في جمعية الصداقة المصرية اللبنانية لرجال الأعمال، مصر فؤاد حدرج إلى «التحديات الضخمة التي تمر فيها الامة العربية، حيث يلعب الاقتصاد الدور الأهم في تجاوز ما نمر به من محن سياسية واجتماعية، كان لها ولا تزال آثار سلبية على التنمية الاقتصادية والاستقرار السياسي والاجتماعي». ويقول حدرج: «لم تمر فترة كنا بحاجة إلى توحيد رؤية البنوك العربية وتطويع برامجها للمشاركة في تنمية المجتمعات العربية مثل تلك المرحلة التي تمر بها منطقتنا العربية من أخطار وتحديات ضخمة، إذ لا طريق لتلافي آثارها السلبية على شعوبنا إلا بالعمل وزيادة الإنتاج وإقامة المشروعات لتوفير فرص العمل وتحويل طاقات الشباب العربي إلى البناء والإنتاج». يضيف: «تبلغ نسبة الشباب في العالم العربي تحت سن 25 عاما نحو 60 في المئة، وبمقدار ما تبدو النسبه مباشرة، فإنها في الوقت عينه تشكل سيفاً ذا حدين»، وينقل عن الاحصاءات الرسمية أنه «حتى سنة 2020 فإن على الحكومات بالتعاون مع المجتمع المدني توفير 51 مليون فرصة عمل لتوظيف الشباب الذي سيخرج إلى سوق العمل. فهل نحن مستعدون لهذا الوضع مسبقا؟ وكيف سيكون الوضع الاجتماعي في ذلك الوقت وماذا سيجر على المجتمع من مشكلات؟». وأمل في «أن تنتهي اجتماعات هذه القوى الاقتصادية والمصرفية والمالية الكبيرة إلى توفير أليات تمويلية للمشروعات الصغيرة والمتوسطة في الدول العربية، وخصوصاً التي عانت اقتصادياً جراء عمليات التغيير السياسي التي شهدتها المنطقة، ولا تزال تدفع شعوبنا ثمناً باهظاً في انتظار المستقبل الأفضل».

فتوح: الاستقرار الأمني في المنطقة العربية يؤدي إلى التنمية في ظلّ الظروف التي يعيشها لبنان والمنطقة ككلّ، يشكّل الحديث عن التنمية أكثر من حاجة ملحّة، مع وصول معدّلات البطالة المحلية إلى 25 في المئة، والأزمات المتلاحقة التي يعيشها القطاع الخاص، مما أدى إلى إقفالات وعمليات صرف جماعي في بعض المؤسسات، ما يستوجب سياسات إنمائية شاملة. في هذا السياق، لمناسبة انعقاد منتدى «الاقتصاد اللبناني: التوجّه الإستراتيجي للتنمية الاقتصادية والاجتماعية»، الذي نظمه إتحاد المصارف العربية، حيث ركّزت الكلمات على ضرورة التعاون بين القطاعين العام والخاص، وبسط الاستقرار السياسي، يشدد الأمين العام للاتحاد وسام حسن فتوح في حديث صحفي على «ضرورة تأمين الاستقرار الامني في الدول العربية ولا سيما لبنان، كبداية لطريق التنمية الحقيقية»، مشيراً إلى أن «الأمن هو العنصر الأوّل لأي نشاط اقتصادي ومالي، فأي مستثمر يحتاج إلى أن يطمئنّ إلى هذه المسألة قبل أن يضع ماله وطاقته في المشاريع». يضيف: «إن لبنان قادر على جذب الإستثمارات، كذلك القطاع المصرفي قادر على تمويل المشاريع، لكن لا تستطيع المصارف التمويل في بيئة استثمارية خطرة»، داعياً إلى «العمل بغية الاستقرار الأمني والسياسي تحقيقا للإنجازات والإصلاحات الاقتصادية والمالية والسياسية». وأمل فتوح في أن «تنتقل تجربة الإمارات ومصر وغيرهما في تحقيق التنمية والنمو إلى لبنان»، مبرزا «دور المصارف العربية، علماً أن الودائع الخليجية الموجودة في المصارف اللبنانية هي أبسط دليل على الاهتمام العربي بالاستثمار في لبنان ودعم اقتصاده». ويقول: «إن لبنان بلد جاذب للاستثمار وتالياً فإن المشكلة ليست في الاستثمار في حد ذاته بل في الاستقرار الأمني المطلوب». ويخلص فتوح إلى أن «انعقاد منتدى الاقتصاد اللبناني شكل فرصة للتشديد على أهمية الشراكة المصرفية مع مختلف القطاعات الإقتصادية رغم الظروف التي تمر في لبنان»، وقال: «إن المنتدى سعى إلى توسيع مجالات التعاون بين المصارف والقطاع الإقتصادي اللبناني لتحسين أطر الاستثمار في مختلف القطاعات اللبنانية وتحسين البيئة الاستثمارية في لبنان، كذلك يهدف إلى تسليط الضوء على أهمية الاقتصاد في تنمية المجتمع اللبناني»، مؤكداً أن العمل «مستمر لتوفير الحشد اللبناني العربي – الدولي بغية تأمين كل عناصر الدعم المطلوبة للنهوض بالاقتصاد الذي يتمتع بمرونة استثنائية». تمويل المشروعات الصغرى ويرى فتوح «أننا مهتمون بتمويل المشروعات الصغرى والمتوسطة لما لها من أهمية حيال التنمية الاقتصادية والاجتماعية وخلق فرص عمل». يضيف: «نحن نعيش في مخاطر عالية، إذ إن كل حدودنا تُعتبر ساحات معارك، والخطر الأكبر هو في المنظمات الإرهابية لأنها متغلغلة في مجتمعاتنا وليست كيانا واضحا، إنما هي مخبأة بيننا ولا نعلم متى تظهر، وما يزيد من خطورتها هو امتلاكها إمكانات مالية هائلة تستخدمها لجذب عقول الشباب وإغرائهم. إذاً، في حال لم نخلق فرص عمل لهؤلاء الشباب فنحن ندفعهم بطريقة غير مباشرة للانخراط في هذه المجتمعات الإرهابية، وخصوصاً أن البطالة تتزايد بالذات لدى الشباب الذين تُراوح أعمارهم بين 20 و30 سنة». شروط تمويل المشاريع عن شروط التمويل، يوضح فتوح «أن الشروط هي نفسها التي يضعها المصرف في الحالات العادية على الجهة المدينة. أي أن يكون المشروع عمليا، وأن تكون الجهة موثوقة إلخ.. لكن في لبنان تكمن مشكلة في هذا الموضوع وهي خارجة عن إرادة الطرف المدين وهي الوضع غير المستقر أمنياً والذي قد يدمر المشروع الممول، ويكون الطرفان خاسرين عندها. إذاً، الشروط الإدارية والمالية هي العادية، لكن التردد من المصرف يكمن في موضوع الاستقرار». ويأمل فتوح في «أن يُعقد مؤتمر اقتصادي كذاك الذي عُقد أخيراً في مصر»، شاكراً الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي مطالبته بضرورة «أن يُعقد هذا المؤتمر سنوياً من دون أن يكون مشروطا عقده في مصر وحدها من دون غيرها». ويسأل: «ماذا يمنع أن يُعقد المؤتمر الاقتصادي في لبنان في حال عملنا على هذا الموضوع؟». ويقول: «أملنا كبير بأن يُعقد هذا المؤتمر في لبنان في ظل الحضور الدولي والخليجي القوي». يتحدث فتوح عن حصة تمثيلية للبنك الفيدرالي الأميركي في المنتدى «لأنه ينقل وجهة نظر المؤسسات الدولية عن لبنان، فالدولار يتحكم بإقتصاد العالم. لذا، فإن وجود شخص يمثل هذه الجهة، يسلط الضوء على التحديات المطلوبة وكيفية رؤية المجتمع الدولي للبنان أكان البنك الدولي، أو غيره وخصوصاً أن معظم التمويل والتجارة هي بالدولار الأميركي».

فتوح إثر لقائه مفتي الجمهورية:

نأمل في تحسن البيئة الاستثمارية

شكلّ انعقاد منتدى «الاقتصاد اللبناني: التوجه الاستراتيجي للتنمية الاقتصادية والإجتماعية» الذي نظمه اتحاد المصارف العربية، مناسبة لقيام الأمين العام لاتحاد المصارف العربية وسام حسن فتوح، بزيارة مفتي الجمهورية اللبنانية الشيخ عبد اللطيف دريان، في دار الفتوى، حيث كان بحث في الشؤون الاقتصادية والمصرفية.

في هذا السياق، أطلع فتوح المفتي دريان، على نشاط الاتحاد في لبنان والعالم، وقدّم له دعوة كضيف شرف للمشاركة في حفل افتتاح المنتدى الاقتصادي المشار إليه.

وصرح فتوح على الأثر قائلاً: «ستستمر وتبقى المسيرة الاقتصادية في نجاحها في ظل ما يحصل على الحدود اللبنانية، وحركة النزوح التي تُلقي على الإقتصاد اللبناني أعباء لا يُمكن تحملها على المدى الطويل. وسنسعى من خلال هذا المنتدى بمشاركة نحو 400 شخصية اقتصادية ومالية ومصرفية واستثمارية محلية، عربية ودولية إلى توسيع مجالات التعاون بين المصارف والقطاع الإقتصادي اللبناني لتحسين أُطر الاستثمار في مختلف القطاعات».

وأمل فتوح في «أن تكون المرحلة المقبلة مزدهرة حيال تحسين البيئة الاستثمارية في لبنان».

 

الخبير المالي العراقي أحمد خليل أحمد:

مصارفنا متطورة أسوة بالمصارف العربية والدولية

 

رغم الظروف الاقتصادية الصعبة التي تمر في العراق، لا تزال المصارف الحكومية المتمثلة بمصرفي الرشيد والرافدين، والمصرف العراقي للتجارة، والمصارف التخصصية وهي المصارف الزراعية، العقارية والصناعية ومصرف النهرين الإسلامي الذي تأسس حديثا، تُطور قدراتها، أسوة بالمصارف العربية والعالمية، وذلك من خلال نشر المكننة في جميع فروعها واستخدام الوسائل الحديثة، وإدخال البطاقات الذكية لصرف رواتب الموظفين والمتقاعدين والزبائن.

في هذا السياق، يشير الخبير المالي في وزارة المال العراقية أحمد خليل أحمد إلى «أن هذه المصارف التجارية رغم الظروف الصعبة التي تمر في العراق، استطاعت أن تستحوذ على أكثر من 95 في المئة من الودائع الحكومية والأهلية. أما بقية الودائع فتذهب إلى المصارف الاهلية التي تقوم باستكمال المتطلبات الاخرى».

ويرى أحمد «أن تطوير المصارف الحكومية يجري من خلال تحسين أداء الموظفين المنتسبين إليها، وذلك من خلال دورات مصرفية تتعلق بالمكننة والحاسبات، والتدريب وإتقان اللغة الإنكليزية داخل العراق وخارجه، حيث يقوم المكتب المالي والمحاسبي في العراق بإعداد قسم من الدورات المشار إليها. أما القسم الآخر من هذه الدورات فيتمثل بإيفاد عدد من الموظفين إلى خارج العراق بهدف تبادل الخبرات المصرفية وخصوصاً إلى مصر، تركيا وماليزيا».

من أبرز منتجاته المبتكرة إقراض المشاريع الصغيرة والمتوسطة

كاظم ناشور: ينقل تجربته من «مصرف الرشيد» إلى «المصرف الصناعي العراقي»

حقق مصرف الرشيد في الأعوام الأخيرة إنجازات لافتة على مستوى الودائع والخدمات والمنتجات المصرفية الحديثة، فهو مصرف تجاري عريق تأسس بقانون رقم (52) لسنة 1988 مملوك بالكامل للدولة العراقية ويمارس عمل قبول الودائع ويخضع حالياً لقانون الشركات العامة رقم (22) لسنة 1997 وقد وصل عدد فروعه إلى نحو 150 فرعاً داخل العراق. وقد ضع مصرف الرشيد خطة متكاملة لسنة 2012 تنظم عملية الإقراض والتسليف المتنوع، تتضمن ضوابط جديدة تسهل من عملية الإقراض للمواطنين سواء كانوا من موظفي الدولة أو من الزبائن وخصوصاً أن سقف التمويل حسب ميزانية 2012 بلغ 6 مليارات دولار لدعم القروض المصرفية.

في حديث خاص لمجلة «اتحاد المصارف العربية» على هامش منتدى «الاقتصاد اللبناني: التوجه الاستراتيجي للتنمية الاقتصادية والاجتماعية» الذي نظمه اتحاد المصارف العربية، تناول المدير العام الحالي للمصرف الصناعي العراقي (المدير العام السابق لمصرف الرشيد) كاظم ناشور حيثيات نجاح مصرف الرشيد في الآونة الأخيرة قائلاً: «إن مجموع موجودات المصرف (الميزانية) من عام 2009 حتى عام 2014 زادت بنسبة 100 في المئة بخلاف أي مصرف أو مؤسسة داخل العراق أو خارجه»، مشيراً إلى «أهمية كبيرة لموضوع القروض الصغيرة والمتوسطة التي تمنحها البنوك بانتظام، بينها مصرف الرشيد إلى المواطنين والشركات، لتساهم على نحو مباشر في القضاء على الفقر ومساعدة الفئات الفقيرة والمعدمة في المجتمع على كسب (الرزق) على نحو منتظم، وفتح قنوات وآفاق لتحريك الاقتصاد المحلي، وتوفير الحياة الكريمة للمواطنين»، مشدداً على «أن إصدار منتج القروض الصغيرة والمتوسطة من مصرف الرشيد يُعتبر من أهم منتجات المصرف».

ويقول ناشور: «إن النجاحات التي حققها المصرف في الأعوام الأخيرة تعود إلى أسباب عدة أبرزها أنه يُشكل حاجة وطنية في الاقتصاد الوطني، وخدمة التجارة الخارجية، فضلاً عن الحاجة إلى مصرف يخرج عن دائرة المطالب القضائية».

يضيف: «لا شك في أن العراق بدأ يمر في ظروف سياسية وأمنية صعبة منذ بداية تسعينات القرن الماضي، ومن أبرز مظاهرها تجميد أرصدة مصرفية، ومصادرة مصارف وحقوق من دون وجه حق، مما دفع مصرف الرشيد إلى التوسع في حجم الودائع والمحافظة على حقوق المودعين وابتكار منتجات جديدة لرفع مستوى النمو الاقتصادي. فابتكرت إدارته بمبادرة منها منتجات مصرفية حديثة عدة منها إقراض المشاريع الصغيرة التي أدّت إلى تحقيق الاستقرار المصرفي والاقتصادي والتوسع في مشاريع النقل والاستثمارات الأخرى، علماً أن المصرف أصدر منتجاً آخر هدفه إقراض موظفي الدولة لبناء وحدات سكنية لأن غياب فرص الاستثمار يؤدي إلى غياب فرص التمويل في الصناعة والزراعة والتجارة. فالقروض على المستوى العقاري حققت مردوداً كبيراً، وأدت إلى إنشاء آلاف الوحدات السكنية مما انعكس إيجاباً على سمعة المصرف».

وتحدث ناشور عن وضع مصرف الرشيد آليات لتمويل المستثمرين الذين يرغبون في إنشاء مشاريع بتكاليف عالية، بالتزامن مع وضع ضمانات تكفل نجاح تلك المشاريع التي حققت انجازات موفقة، لافتا إلى الدور الخارجي الذي يؤديه المصرف حيال قيام الإدارة العامة لمصرف الرشيد بايفاد مسؤولين مصرفيين إلى دول عربية وأجنبية عدة بغية التنسيق معها، رغم مظاهر الحصار الذي يعانيه العراق. كذلك اهتمت إدارة المصرف «في بناء الموارد البشرية وفق نصائح البنك الدولي وصندوق النقد الدولي، فأنفقت مبالغ طائلة من موارد المصرف في سبيل تحسين أداء موظفيها».

Print Friendly, PDF & Email