Prof. Jassem AJAKA
Physicist and Economist

تحقيق اخباري: البطالة أزمة مستمرة في لبنان

عجاقة: أسباب البطالة الى غياب الاستقرار الداخلي، وتتابع الأزمات السياسية والأمنية

بيروت 15 يناير 2019 (شينخوا) مع انتهاء العام 2018، أقفلت 2200 شركة ومؤسسة في لبنان أبوابها وفق تقديرات رئيس الهيئات الإقتصادية اللبنانية محمد شقير، فيما أعلنت وزارة المال أن 3250 مؤسسة ومحلا تجاريا تقدمت بالتصريح لجهة توقفها عن العمل.

وفي غياب أية أرقام رسمية حول عدد الموظفين والعمال الذين خسروا عملهم نتيجة اقفال هذه المؤسسات، أشارت تقديرات لاقتصاديين الى أن عددهم يبلغ أكثر من 4750 موظفا وعاملا.

وتعتبر البطالة أزمة غير مستجدة في لبنان، لكنها مستمرة في التفاقم في ظل الحالة الإقتصادية التي وصل إليها البلد الذي يعتبر أحد أكثر الدول مديونية في العالم.

وتشير أرقام البنك الدولي الى أن 23 ألف فرد يدخلون سوق العمل اللبناني سنويا، وأن الإقتصاد يحتاج لإستيعابهم إلى خلق أكثر من 6 أضعاف عدد الوظائف الموجودة أساسا، علماً أن متوسط صافي فرص العمل التي كانت متاحة بين العامين 2004 و2007 قد بلغ 3400 وظيفة فقط.

ويهدد المأزق السياسي الذي يمنع تشكيل حكومة بعد نحو 8 أشهر من الإنتخابات البرلمانية بتقويض خطط الإصلاحات التي من شأنها أن تطلق 11 مليار دولار من المساعدات التي أقرها مؤتمر (سيدر) لدعم الاقتصاد اللبناني في العام الماضي والذي تعهدت فيه الحكومة اللبنانية بتنفيذ إصلاحات في الاقتصاد والهيكل المالي والإداري للدولة.

ووسط غياب احصاءات رسمية تشير تقديرات غير رسمية الى أن معدل البطالة ارتفع الى 51 في المئة في شهر ديسمبر الماضي ، الا أن التقديرات التي أصدرها البنك الدولي تشير الى أن معدل البطالة في لبنان بلغ في العام 2018 نسبة 25 في المائة فيما تجاوزت هذه النسبة لدى الشباب 36 في المائة.

وقالت الشابة ريم عبد الله لوكالة أنباء ((ِشينخوا)) “تخرجت منذ سنتين من كلية الإعلام، وحتى الآن لم أوفق بالحصول على عمل ، ما دفعني الى دراسة الحقوق لاستثمار الزمن الضائع بدون انتاج”.

أما سليم عاشور الذي تخرج في كلية الهندسة بتقدير مرتفع فقد حصل على فرصة عمل في مكتب هندسي أقفل بعد فترة كما قال بسبب قلة الإستثمارات.

وقال عاشور انه يقوم اليوم بإعطاء دروس خصوصية لطلاب الشهادات الرسمية “لكي أحصل مصروفي الشخصي”.

بدوره قال سعد عبد اللطيف “بعد حصولي على الشهادة الثانوية قبل 3 سنوات تقدمت لمسابقة أجراها مجلس الخدمة المدنية لوظيفة كاتب في احدى الادارات الرسمية، لكن النتائج لم تصدر حتى اليوم بسبب الخلافات السياسية”.

وفي غضون هذا الوقت درس سعد علوم الكمبيوتر لكنه لم ينجح في الحصول على عمل في القطاعين الخاص والعام.

وأعاد الخبير الاقتصادي والأستاذ المحاضر في النظريات والقضايا الاقتصادية في الجامعة اللبنانية جاسم عجاقة أسباب البطالة الى غياب الاستقرار الداخلي، وتتابع الأزمات السياسية والأمنية التي تؤثر بدورها على الإقتصاد عموما وخاصة قطاع الخدمات الذي يعتبر ركيزة الإقتصاد اللبناني.

وقال عجاقة لـ (شينخوا) ان غياب الاستثمارات هو السبب الأول والأساسي لاستفحال أزمة البطالة في لبنان، بالإضافة الى المنافسة الشرسة التي تتعرض لها اليد العاملة اللبنانية من قبل اليد العاملة الأجنبية.

ولفت الى أن رفع الحد الأدنى للأجور في لبنان دفع ببعض المؤسسات الى تقليص نفقاتها بصرف أعداد من العاملين لديها.

وأضاف أن الأزمة الاقتصادية العالمية أدت بدورها الى صرف لبنانيين يعملون في مؤسسات في دول خليجية وأوروبية، وفي دول شمال أفريقيا.

وولدت أزمة البطالة عدة مشكلات اجتماعية أهمها الهجرة وتأخر سن الزواج وانزلاق العاطلين عن العمل نحو الانحراف والاكتئاب والمشاكل النفسية.

وقال سعيد عيسى انه يعمل في شركة في دولة قطر منذ 10 سنوات ويعيش وحيدا بعيدا عن عائلته لأنه لم يجد فرصة في بلده.

بدوره عبر أحمد شحادة عن الخيبة واليأس وقال “فقدت الأمل بالمستقبل فقد بلغت 35 عاما من العمر ولازلت عاطلا عن العمل وأعجز عن التفكير في الزواج، وأمضي الوقت بتقديم طلبات الهجرة من سفارة الى أخرى”.

من جهتها قالت رولا سعادة “حصلت على فرصة عمل في الخارج لكنني اخترت البقاء مع عائلتي واضطررت بعد تعذر حصولي على فرصة عمل، للعمل بمردود لا يذكر من خلال انشاء موقع على شبكة الانترنتً لبيع الاكسسوارات المصنوعة يدوياً”.

وتعجز “المؤسسة الوطنية للاستخدام” التي أسستها الحكومة اللبنانية في العام 1977 عن القيام بدورها في ايجاد فرص العمل لطالبيها.

وقال المدير العام للمؤسسة جان أبو فاضل لـ (شينخوا) ان “المؤسسة تعاني من نقص في موازنتها التشغيلية وتعمل حاليا مع البنك الدولي على مشروع لتدريب وتوظيف حوالي 12 ألف شخص على فترة 4 سنوات”.

ويأمل شباب لبنان أن تكون الوعود بتوفير 900 ألف فرصة عمل من خلال برنامج الحكومة لاعمار البنية التحتية الذي حمله لبنان الى مؤتمر (سيدر) لدعم الاقتصاد اللبناني الذي انعقد في باريس في شهر ابريل الماضي، فرصة حقيقية لبناء مستقبلهم.

لكن الخبير الاقتصادي جاسم عجاقة رأى أن هذه الوعود مستحيلة وأن برنامج الحكومة لاعمار البنية التحتية الذي يستمر 10 سنوات لايمكنه خلق 90 ألف وظيفة سنوياً.

وأوضح أن منح وقروض مؤتمر “سيدر” تشكل فرصة مهمة أمام الإقتصاد اللبناني لأنها قادرة على خلق ما يقارب 20 ألف وظيفة سنويا.

ولفت عجاقة الى أن حصول لبنان على المنح والقروض يشترط تشكيل حكومة مكتملة دستوريا تتولى تنفيذ التعهدات اللبنانية في تحقيق إصلاحات في الاقتصاد والهيكل المالي والإداري للدولة ومكافحة الفساد.

ويدور لبنان في حلقة مفرغة في مسار تشكيل الحكومة الجديدة منذ أكثر من 7 أشهر جراء صراعات القوى السياسية على حجم التمثيل وتقاسم الحقائب الوزارية.

وانعكس التأخير في التشكيل ذلك شللا جزئيا لمؤسسات الدولة الدستورية كما خلف آثارا سلبية على المستوى الاقتصادي بتفاقم الأزمات المعيشية في ظل اقتصاد منهك بعجز في موازنة العام الماضي تخطى 6 مليارات دولار وبدين عام يبلغ حوالى 81.9 مليار دولار.

رابط شينخوا

Print Friendly, PDF & Email