Prof. Jassem AJAKA
Physicist and Economist

الأقساط في الجامعات الخاصة.. من عجائب لبنان وأقساط اللبنانية رمزية لكن امكاناتها محدودة

مارسل محمد

في دولةٍ المواطن فيها يكاد يكون محروماً من أقل حقوقه، بات التعليم الجيّد من رفاهيات الحياة، يتمتّع به الميسورون دون سواهم من الفئات الفقيرة، إذ تبدأ أقساط الجامعات الخاصة في لبنان بنحو 2000 دولار أميركي إلى ما يفوق هذا الرقم، خلال السنة الواحدة (فصلان أو ثلاثة)، وتختلف التكلفة وفق الجامعة والاختصاص أيضاً. أما في الجامعة اللبنانية، فالأقساط شبه رمزية، لكن إمكاناتها محدودة والإنماء مفقود.وفي تقرير أصدرته مؤسسة “مهنا” المتخصصة في البحوث والدراسات الاكتوارية والتعليم، عام 2010 بعنوان “الجامعات الخاصة في لبنان: مؤشرات الأداء، المساءلة والقيمة مقابل المال”، برز الفارق الكبير بين الجامعات عند اختيار اختصاص إدارة الأعمال الذي راوحت تكلفته ما بين 2000 دولار أميركي إلى 12 ألف دولار أميركي سنوياً. ويظهر الرسم أدناه أنه عام 2010 بلغت كلفة اختصاص إدارة الأعمال في جامعتين فقط ما بين 2000 و3000 دولار أميركي. في حين أنّ جامعتين أيضاً تبلغ كلفة الاختصاص فيهما ما بين 13001 و14 ألف دولار في السنة. أما النسبة الكبرى من الجامعات (6 جامعات)، فتراوح التكلفة ما بين 4001 و 5 آلاف دولار أميركي.

الأرقام عالية وبعيدة كل البعد من القدرة الشرائية للمواطن اللبناني العادي ومداخيله، فهل تنخفض كلفة التعليم في الدول العربية؟

أوضح مصدر أكاديمي لـ”النهار” أنّ التعليم الرسمي في لبنان ينحصر في جامعة واحدة هي الجامعة اللبنانية، بينما تعلو نسبة دعم الحكومات للجامعات الرسمية على صعيد العالم العربي والمنطقة، كما يرتفع عددها مقارنة بلبنان، موضحاً أنّ التعليم الرسمي في وطننا شبه مجاني والأرخص على صعيد المنطقة، إذ يحتاج بعض الطلاب إلى مساعدات لإكمال تحصيلهم العلمي في الجامعات الحكومية في الدول العربية.

وتبقى الهوة في لبنان بين كلفة التعليم الرسمي والخاص كبيرة، علماً أنّ الاهتمام بالجامعة اللبنانية يوفر فرص تعليم لمعظم اللبنانيين ويساعد على الحد من الجامعات الخاصة التي تكون أحياناً مستوياتها محدودة نسبياً بينما أقساطها مرتفعة.

أما كلفة التعليم الخاص، ووفق المصدر، فتكاد تكون مشابهة لباقي الدول العربية ولكن المشكلة تكمن في مداخيل العائلات اللبنانية المنخفضة مقارنة بمداخيل العائلات العربية عموماً. أما الحل فربما يكون عبر هيئة محلية منظمة تراقب أقساط الجامعات الخاصة وتحدّدها بشكل يتناسب مع كلفة المعيشة والرواتب.

من جهته، اعتبر الخبير الاقتصادي جاسم عجاقة أنّ الأقساط الجامعية في التعليم الخاص مرتفعة، والأمر لا يحدّد عبر المقارنة مع أقساط التعليم الرسمي، بل وفق القدرة الشرائية والمدخول في البلدان، معتبراً أنّ القدرة الشرائية في لبنان لا تسمح للأهالي بتعليم أولادهم في الجامعات الخاصة.

يتساءل البعض عن سبب ارتفاع نسبة طلاب الجامعات الخاصة، والجواب يكمن في “فرص العمل”. إذ استطلعت “النهار” آراء نحو 20 عائلة برّرت أنّ الأهل يعملون ليلاً نهاراً وأحياناً يقترضون مبالغ كبيرة من المصارف، لتأمين أقساط أولادهم في الجامعات الخاصة، لأنّ معظم الشركات المهمة تعمد الى اختيار موظفيها من الجامعات الخاصة عبر اتفاقات تُجريها مع الإدارة، كما أنّ بعض الجامعات تسعى إلى إيجاد وظائف لطلابها بعد التخرّج. أما خريجو اللبنانية فغالباً ما تكون عملية البحث عن عمل لهم شاقة، تستمر سنوات أحياناً.

عجائب لبنان كثيرة ومنها المجال التعليمي، فرغم أنّ التعليم حق مكتسب لجميع سكان الأرض، يبقى تحقيقه في لبنان مشروعاً مدمراً يقتل طاقة الطلاب وأهلهم على حد سواء. ومع ارتفاع الأقساط بشكل متكرّر، هل ستستمر الدولة في غضّ النظر عن مستقبل أبنائها؟

Print Friendly, PDF & Email