Prof. Jassem AJAKA
Physicist and Economist

إرتفاع الأسعار.. ما له وما عليه – الجزء الثاني

لم يمرّ تقرير إدارة الإحصاء المركزي عن الرقم القياسي لأسعار الإستهلاك لشهر حزيران 2018 مرور الكرام، فقد إرتفعت أسعار الإستهلاك ما يقارب 7.6 النفط والتضخّم في لبنان يدخل النفط في صناعة، تعليب ونقل ما لا يقلّ عن 9

وإرتفاع أسعار النفط يدخل في مؤشّر الأسعار من خلال آليتين أساسيتين: الأولى مباشرة عبر مكونات ​الطاقة​ في المؤشّر والثانية بشكل غير مباشر عبر المكونات الأخرى.

وتُظهر أرقام الإحصاء المركزي أن إرتفاع أسعار الطاقة مكوّن الطاقة في لبنان كان 9.0

ويبقى أن قطاعي النقل و​الكهرباء​ من أكثر القطاعات إستهلاكًا للنفط وبالتالي فإن إرتفاع الأسعار في هذين القطاعين يدلّان بشكل واضح على ضعف الكفاءة الحرارية فيهما من ناحية أن إعتمادهما الأساسي هو على النفط أي أن كل إرتفاع في أسعار النفط يُترّجم بإرتفاع بالأسعار بشكل عالٍ نسبة لباقي القطاعات (5.9

إرتفاع أسعار النفط آتت على خلفية الإتفاق (أواخر 2016) الذي أبرمته منظمّة أوبك مع الدول المُنتجة للنفط غير الأعضاء في المُنظّمة على تخفيض إنتاجها للنفط للحفاظ على أسعار مقبولة. وقد أدّى الإلتزام بهذا الإتفاق من قبل المُوقّعين عليه إلى رفع الأسعار بشكل ملحوظ من 45 دولار أميركي إلى حدود الـ 75 دولار أميركي للبرميل الواحد. وعلى الرغم من الإتفاق على زيادة الإنتاج بحدود المليون ونصف مليون برميل في النهار، إلا أن الأسعار عاودت الإنخفاض تحت تأثير الحرب التجارية التي أطلقها الرئيس الأميركي ​دونالد ترامب​.

سلسلة الرتب والرواتب الشق الأساسي الثاني المسؤول عن رفع الأسعار هو إقرار مجلس النواب في آب 2017 لسلسلة الرتب والرواتب والتي رفعت ​الأجور​ بشكل كبير ناهز الـ 10

وزاد الطلب بشكلٍ كبير على ​العقارات​ بشكل كبير إرتفع معها عدد الطلبات على القروض السكنية من 1600 طلب سنويًا إلى حدود الـ 5000 طلب مما أدّى إلى إندلاع أزمة في ​القروض المدعومة​ سببها حجم ​الكتلة النقدية​ التي ضخّها ​مصرف لبنان​ (1.5 مليار دولار أميركي في سنة وشهرين). هذا الضخّ الهائل للكتلة النقدية دفع ب​حاكم مصرف لبنان​ إلى الطلب إلى ​المصارف​ بإستخدام أموالهم التي هي ضمن الماكينة الإقتصادية لأن أي ضخّ إضافي من قبل مصرف لبنان سيكون من خارج الماكينة الإقتصادية وبالتالي سيرفع من التضخّم. بالطبع الأمر لم يرق للمصارف على الرغم من إستمرار حاكم مصرف لبنان دعمه للفائدة على القروض.

كوكتيل مؤذي مما تقدّم نرى أن إرتفاع الأسعار يأتي من عاملين أساسيين: الأول التضخّم الضمني الذي فرضه إرتفاع أسعار النفط والثاني التضخّم الذي فرضته سلسلة الرتب والرواتب.

التضخّم الضمني الذي فرضه إرتفاع أسعار النفط، لا يُمكن تخفضه إلا من خلال زيادة الكفاءة الحرارية في الإقتصاد اللبناني وعلى رأسه قطاعي الكهرباء والنقل. وبالتالي فإن غياب الحكومة حاليًا لا يسمح بأية خطوة في هذا المجال.

أما ​التضخم​ الآتي من سلسلة الرتب والرواتب فهو نتاج ضخ كمّية من الأموال في الأسواق، والحل يكمن بالدرجة الأولى بسحب قسم من هذه الأموال من الماكينة الإقتصادية حتى لا يتضرّر النمو الإقتصادي ولكن أيضًا لا يزداد الضغط على ​الليرة اللبنانية​. هذا الواقع يفرض رفع الفائدة بشكل “مُدوّزن” يسمح بإمتصاص قسم من التضخم ولكن أيضًا لا يضرب النمو الإقتصادي.

في الختام لا يسعنا القول إلا أن هذا التضخّم لم يكن ليُشكّل مُشكلة لو أنه كان نتاج النمو الإقتصادي. إلا أن رفع سلسلة الرتب والرواتب في ​القطاع العام​ الذي يتميّز بإنتاجية مُنخفضة، أثّر بشكل كبير على القدرة الشرائية للقطاع الخاص (7

من هنا نرى أهمية تشكيل الحكومة والبدء بتنفيذ مشاريع سيدر 1 كما والإصلاحات التي إلتزمت بها الحكومة اللبنانية وعلى رأسها قطاع الكهرباء الذي يبقى شوكة كبيرة في خاصرة المالية العامّة اللبنانية، ومحاربة الفساد و​التهرب الضريبي​ الذي تبلغ نسبته 7.

Print Friendly, PDF & Email