Prof. Jassem AJAKA
Physicist and Economist

مهن في لبنان مهددة بالانقراض… ودّعوا هذه الوظائف!

كريستل خليل

نسب البطالة في لبنان ارتفعت الى ما فوق معدلاتها الطبيعية، والوضع الاقتصادي الى تراجع ويواجه الخريجون ندرة في توفر فرص عمل لعدة اسباب منها نقص السيولة الحاد وتراجع الحركة التجارية وضعف الحركة السياحية وتراجع الاستثمارات في المشاريع أضف الى الضغوطات المالية وغيرها. أضف الى وجود قطاعات لديها تخمة من الموظفين والعمال مقابل قطاعات تعاني من النقص التوظيفي بسبب غياب الكفاءات والمهارات المطلوبة خصوصا بعد ان ادى التقدم التكنولوجي الى اندثار بعض الوظائف وظهور مجالات عمل جديدة تتكيف مع متطلبات هذا العصر.اختلال التوازن هذا بين المهن القديمة التقليدية والمهن المنبثقة من عالم التكنولوجيا والاتصال والمعلوماتية انسحب على وضع سوق العمل في المنطقة العربية والمحيط، ما بات يشكل تهديدا لبعض المهن من خطر الانقراض. وتخوّف بعض اصحاب المهن السائدة من انتهاء صلاحية المهنة التي عملوا على تأسيسها سنوات بعد 10 أعوام من الآن ما ينذر باشتداد الأعباء الاجتماعية والاقتصادية على المواطنين.

رفض الخبير الاقتصادي والاستراتيجي البروفسور جاسم عجاقة لـ”ليبانون ديبايت” اعتماد كلمة انقراض للمهن معتبرا ان التطور التكنولوجي يحجّم عدد كبير من الوظائف من دون الغائها. من بين هذه المهن، تلك المتعلقة بطباعة وتوزيع الجرائد والمجلات، وما احدثته ثورة التطور التقني والانترنت صدمة على المجال الذي صارع سنوات للحفاظ على نسخاته المطبوعة.

مع تراجع لا بل تدهور مبيعات المجلات والصحف بدأ استسلام النسخ الورقية يظهر بشكل واسع، ولفت عجاقة الى ان التهديد لا يطاول مهنة الاعلام بل العاملين في الصحف المطبوعة الذين لا يملكون مهارات تخوّلهم الانتقال الى الاعلام الالكتروني فيجدون أنفسهم بلا وظائف. وهو ما اصاب عدد كبير من العاملين في المجال الّا ان البعض حاول التكيّف والانخراط مع الواقع. واعطى مثالا عن رجل عمل في مهنة الصحافة المكتوبة منذ الستينات ووسيلته كانت الورقة والقلم، واليوم يقاوم انقراض مهنته عبر تعلمّه كيفية الطباعة على جهاز الكمبيوتر وارسال النص عبر البريد الالكتروني للناشر في الصحيفة الالكترونية حيث يعمل.

خطوتان وحيدتان تعلم الرجل التقليدي اعتمادهما حتى لا يخسر وظيفته، ولكن هل سيتمكن من مواجهة التطور وذوي المهارات والخبرات التكنولوجية في المجال؟ من هنا يطرح البروفيسور أكثر من استفهام حول مصير العاملين التقليديين في المهن التي تطورت الوسائل المعتمدة لاستمرارها.

وأوضح ذلك مشيرا الى ان “مؤسسات اصحاب المولدات الكهربائية الخاصة الذين بدأوا يتخوفون من خسارة عملهم بعد وعود وزارة الطاقة بتأمين الكهرباء 24 ساعة في كل المناطق اللبنانية مهددة بالإقفال وبالتالي اختفاء مهنتهم. الا انه في الواقع احدى الخطط الموضوعة لتأمين الكهرباء هي الاستعانة بخبرات اصحاب هذه المؤسسات في شراكة بين القطاعين العام والخاص، بالتالي تأهيل البعض للانخراط في الوسيلة الجديدة المعتمدة لا يلغي المهنة بل يحجّمها ويغيّر آليات عملها”.

قلق اصحاب المولدات حول مستقبل مهنتهم، رافقه قلق أصحاب شبكات “الدش” (موزعي الكابلات) التقليدية، وشبكات الانترنت وغيرها من الوظائف التي تطورت امكانيات تأمينها بجودة وتقنية أفضل، وأطاحت بالوسائل القديمة المعتمدة والتي لا تتطلب المهارات العلمية والتقنية نفسها لتلك الحديثة. وقارب الخبير الاقتصادي ثورة التطور التكنولوجي هذه، والتهديدات التي تطاول بعض المهن، بالتحجم الذي اصاب المهن التقليدية القديمة التي كانت وحدها معتمدة ومتوفرة منذ سنوات ورغم ندرتها اليوم لم تختفي نهائيا مثل “الكندرجي، المبيّض، المكوجي, المنجّد…”

الاستثمارات في المهن تمر في فترات ذروة وفترات دنيا، وبالتزامن مع تلاشي بعض المهن خلال السنوات المقبلة، شهدت السنوات الأخيرة استحداث وظائف جديدة واكبت المجالات المبتكرة. ولفت عجاقة الى انه منذ سنوات لم يكن لمهنة المحرر الالكتروني وجود، ولا للوظائف المتعلقة بالإعلانات الالكترونية، كذلك مبرمجو التطبيقات الهاتفية ومديرو الأمن الالكتروني ومطورو الحوسبة وغيرهم.

التطور التكنولوجي لم يلغي مجالات عمل بل غير بطبيعتها، لذا للحفاظ على التوازن الاقتصادي في المستقبل وضبط حجم الخسائر في الاستثمارات على الدولة اعتماد الأنظمة والاستراتيجيات المعتمدة في الدول المتطورة، وادراج ضمن قوانينها قانون يلزم الشركات الخاصة والعامة تخصيص نسبة من موازنتها السنوية لتأهيل الموظفين. بالتالي هذا التدريب يساعد العامل على مواكبة تطور مهنته لما يتناسب مع التطور الحاصل من دون التعرض لخطر خسارة مهنته بسبب تغير طبيعة العمل فيها.

رابط ليبانون ديبايت

Print Friendly, PDF & Email