Prof. Jassem AJAKA
Physicist and Economist

خصخصة إدارة مطار رفيق الحريري الدولي أصبحت ضرورة قصوى

المشاكل الأخيرة التي واجهت مطار رفيق الحريري الدوّلي كانت لتؤدّي إلى الإطاحة بحكومة في الدوّل التي تحترم قوانينها، إلا أنه ومع ضعف تطبيق القوانين في لبنان وتفشّي آفة الفساد، هذا الأمر لن يحصل ولا حتى موظّف واحد لن يُقال من منصبه. لذا تظهر خصخصة إدارة المطار كضرورة قصوى تبريراتها إقتصادية وإدارية بحتة. لمحة تاريخية إفْتُتِحَ مطار بيروت لأول مرّة في 23 نيسان من العام 1954 كبديل عن مدرج كان موجودًا في منطقة بئر حسن. عند الإفتتاح، كان المطار يتألّف من مدرجين للهبوط والإقلاع (3250 و3180 م) مع مبنى حديث جدًا (لوقته) ويحوي مساحة ترحيبية مُميّزة مع مقهى. وسريعًا تطوّر المطار ليُصبح المركز الأوّل في الشرق الأوسط مع منافسة إقليمية شبه معدومة، وأخذت أربع شركات طيران بالعمل فيه هي ، طيران الشرق الأوسط (MEA)، الخطوط الجوية اللبنانية ، خطوط طيران البحر المتوسط (TMA)، والخطوط الجوية اللبنانية الدولية (LIA)، إضافة إلى العديد من شركات الطيران الأجنبية.

وفي العام 1968، قام العدوّ الإسرائيلي بعملية كومندوس إجرامية دمّر من خلالها 14 طائرة مدنية في المطار، تسبّبت بالكثير من الخراب وأدّت إلى إفلاس شركة الخطوط الجوية اللبنانية الدولية (LIA). ومع إندلاع الحرب الأهلية في سبعينات القرن الماضي، توقفّ العمل بالمطار وتلقّى خسائر كبيرة نتيجة هذه الحرب، إلا أنه وعلى الرغم من هذه الأخيرة تمّ إعادة ترميم المبنى في العام 1977 ليُعاود العدوّ الإسرائيلي تدميره خلال الغزو الذي طاول لبنان في ذلك الوقت. وبشكل شبه تلقائي قامت الحكومة أنذاك بإعادة إصلاح المدارج.

ومع نهاية الحرب الأهلية، قامت الحكومة اللبنانية برئاسة الرئيس الحريري بإعادة إعمار مطار بيروت بشكل يسمح بإستيعاب أعداد ضخمة من المسافرين (6 ملايين شخص سنويًا مع إحتمال توسيعه لإستيعاب 16 مليوناً) مع إنشاء مبنى أخر وتجهيزات حديثة. أيضًا تمّ إنشاء مدرجين جديدين للهبوط والإقلاع (3395 و3800 م) ومبنى للمديرية العامّة للطيران.

وعلى إثر إغتيال الرئيس رفيق الحريري تمّت تسمية مطار بيروت الدوّلي بإسم مطار رفيق الحريري الدوّلي تخليدًا لذكراه.

وعلى عادته، قام العدوّ الإسرائيلي في تمّوز 2006 بعدوانه الشهير على لبنان وقصف كل مدرجات المطار وتمّ إقفال المطار. إلا أن صلابة الإرادة اللبنانية أعادت ترميم المطار بعد فترة قصيرة وتمّت إعادة فتح المطار في أيلول 2006 وأعاد الرئيس بوش السماح للطائرات الأميركية بالسفر إلى لبنان ناهيًا بذلك حظر دام أكثر من عشرين عامًا.

الجدوى الإقتصادية من المعروف في عالم الإقتصاد أنه ومنذ ثمانينات القرن الماضي، شهدت الماكينة الإنتاجية العالمية تحوّلات مُهمّة ناتجة عن العوّلمة وتطوّر وسائل النقل. وأصبحت وسائل النقل أساسية في الماكينات الإقتصادية نتيجة تعلّق الإقتصادات بعضها ببعض. وبالتالي أخذ الطيران الذي يُعتبر وسيلة النقل الأكثر فعّالية، دورًا حيويًا في نقل الأشخاص ولكن أيضًا السلع والبضائع التي تتطلّب وقتًا قصيرًا لنقلها من بلدٍ إلى أخر وبالتالي لدى الطيران قدرة خرق تجارية كبيرة.

أصبحت المطارات صلة الوصل الأساسية التي تربط المُجتمعات العالمية بعضها البعض لأنها تُعظّم العلاقات بين الشركات في الوقت المُناسب. وفي دول العالم المُتقدّمة، نرى أن هناك تجمّعاً للشركات (ذات النشاط العالمي) في منطقة المطار والتي بحكم العالمية تزداد بشكل كبير ما جعل التجارة الخارجية وبالتالي النقل أساسي للتنافس الإقتصادي ويُساهم النقل الجوي في تسريع عملية النقل مع ترشيد تقنيات الإدارة في هذا القطاع في وقت أصبح الوقت يُعادل المال. بمعنى أخر للنقل للجوّي وزن إقتصادي ودور إستراتيجي في الإقتصاد.

مطار رفيق الحريري الدولي في لبنان، يُعتبر مطار رفيق حريري الدولي بوابة لبنان الأساسية على صعيد نقل الأفراد والحمولة (مع مرفأ بيروت) كما تُثبته الأرقام (أنظر إلى الرسم). لكن أداء هذا المطار تعرّض للعديد من النكسات منها الخدمات المُقدّمة في المطار وحديثًا التأخير في إدارة الرحلات (إستلام الشنط، البوردينغ،…).

لكن هذا الأمر ليس بالوحيد من ناحية أن هناك ظواهر فساد تتمثّل بمعاملة خاصة لكل من له تأثير أو معارف في العالم السياسي حيث نرى مُخالفات واضحة للقوانين (مثلًا جلب أشخاص من الطائرة مباشرة، عدم إخضاع شنط أو حمولات للتفتيش، إستفادة أشخاص من صالة الـ VIP…). وكان للإتحاد الأوروبي (خصوصًا بريطانيا أنذاك) ملاحظات جدّية على أمن المطار ما إستدّعى عدداً من الإجراءات من قبل الحكومة. وهذا الأمر يجعل من خصخصة إدارة المطار أمرًا أساسيًا على أساس أن مداخيله يجب أن تتجاوز عدّة مليارات من الدولارات !!! فأين نحن اليوم من هذا الرقم؟ ولمن يُشكّك في هذا الرقم، نقول أنظروا إلى مطارات ولاية كولورادو في الولايات المُتحدة الأميركية.

المُشكلة التي تواجه هذا المطار تبقى بدون أدنى شكّ مُنافسة المطارات الإقليمية له وعلى رأسها المطارات الإسرائيلية. وبالتالي هناك إلزامية لتطوير هذا المطار ولكن أيضًا فتح مطارات أخرى في لبنان أقلّه لسدّ الحاجة عند مواجهة مطار رفيق الحريري الدولي لأي مُشكلة طارئة. وعلى هذا الصعيد هناك مطار القليعات (مطار رينيه معوّض)، ومطار حامات اللذين يُمكن الإستفادة منهما.

أيضًا من المشاكل التي يواجهها مطار رفيق الحريري الدوّلي هو سيطرة عدد من الشركات على الخدمات فيه من دون منافسة فعلية ما يجعل مستوى الخدمات فيه مُتدنّياً كما أن عدد العمّال الذي من المُفترض أن يتخطّى مئات الأولوف مباشرة أو غير مباشرة، لا يتعدّى بضعة ألالاف بسبب فساد بعض الشركات التي تؤمّن الخدمات في المطار.

إن مُشكلة المطار هي حيوية وحبّذا لو أن الحكومة ومن خلفها مجلس النواب يعمدون إلى نسف الزبائنية الموجودة حاليًا من خلال تخصيص إدارة المطار إلى شركة أجنبية مثل الشركة التي تُدير مطارات باريس والتي ستضمن للبنان خدمة أعلى ووظائف أكثير مع مداخيل للخزانة أعلى. كما أنه يتوجّب العمل على فتح مطارات أخرى مثل مطار حامات أو مطار القليعات أمام الطيران المدني.

رابط الشرق

Print Friendly, PDF & Email