Prof. Jassem AJAKA
Physicist and Economist

أيّها الموظّفون ضريبة الراء 8 فوق رقابكم فاحذروا غراماتها المليونية!

نوال الأشقر

“الراء 8” مصطلحٌ ضريبي كثُر تداوله في الآونة الأخيرة، وإن كان هذا النموذج وغيره من النماذج ومنها “ص 10″، هي ضمن السياسة الضربية للدولة اللبنانية منذ أكثر من ثمانية عشر عاماً، إلاّ أنّها تبدو غير مفهومة بالنسبة للغالبية العظمى ليس من العاملين والأجراء فحسب، بل من النواب الذين أقروها. في غرفة الصحافة في مجلس النواب حال الصحافيين ليس بأفضل، فبينما ينتظرون انتهاء جلسة اللجان النيابية المشتركة، يسأل الإعلاميون بعضهم بعضاً عن حقيقة  “الراء 8″، وما إذا كانت تطالهم، لاسيّما وأنّ منهم من يعمل في أكثر من وسيلة إعلامية، ليتبين أنّ معظمهم يجهل مستلزمات هذه الضريبة. فقط من وقع منهم ضحية غراماتها يدرك حقيقتها، بحيث تراكمت الغرامات دون علمه حتى وصلت إلى مبالغ مليونية تخطّت راتبه بعشرات المرات. ولا فرق إن كانت وزارة المال مقصّرة بإعلام المواطنين بما يتوجب عليهم من ضرائب، أم المواطن نفسه مهمل بالسؤال والإستفسار، النتيجة واحدة “القانون لا يعفي المغفلين”، ولا يُسأل عند دفع الغرامات القاسية عن هوية المسؤول عن عدم المعرفة.

الخبير الإقتصادي البروفسور جاسم عجاقة شرح لـ”لبنان 24” ماهية “الراء 8” ومن يتوجب عليه تسديد مستحقاتها  “هي عبارة عن ضريبة تطال العامل أو الأجير الذي يشغل في آنٍ واحد وظيفة أو عملاً في أكثر من مؤسسة. وهذا لا يعني أنّ الذي يعمل في مؤسسة واحدة معفي من ضريبة الدخل، بل أنّ الضريبة مفروضة على كلّ الموظفين، ولكن من يعمل في مكان واحد وتقوم الشركة بحسم ضريبة الدخل بمقدار سبعة ونصف

أضاف عجاقة: “كلّ موظف عمدت الشركة إلى التصريح عنه، بات يمتلك رقماً مالياً في وزارة المال، وبالتالي يتوجب عليه القيام بالتصريح الشخصي عن دخله ودفع الضريبة بموجب نموذج “راء 8 ” في حال كان يعمل بأكثر من مؤسسة “. وهذه الضريبة واردة في المادة 53 من المرسوم الإشتراعي رقم 144 تاريخ 12-  6 – 1959 ، أعادت وزارة المال إحياءها عام 2003 ، مع تعديل نصّ على وجوب أن يتقدّم العامل أو الأجير من مالية المنطقة التي يسكنها قبل الأول من أيار من كلّ سنة بتصريح، يبيّن فيه أسماء أرباب العمل الذين عمل لديهم خلال السنة السابقة وعناوينهم ومقدار المبالغ التي تقاضاها من كلّ منهم. وكان النائب سيرج طورسركسيان قد تقدّم بشهر آذار من العام 2017 باقتراح قانون معجل مكرر لإلغاء هذه الضريبة، وطلب فيه “تعليق العمل بالنموذج راء 8 إحقاقاً للحق، لحين اعتماد نظام الضرائب الموحّد على الدخل، أو إلى حين تعديل التنزيلات العائلية وشطور ضريبة الرواتب”. وفي اقتراح طورسركسيان “أنّ تحصيل الراء 8 من دون هذه التعديلات يعني أنّ الدولة تأخذ أموالاً دون وجه حق وتضرب مبدأ العدالة الضريبية، إذ لا يعقل أن تصل ضريبة الرواتب والأجور إلى 20

ولكنّ نواب الأمة لم يصوتوا لصالح الإقتراح وإلغاء هذه الضريبة، لاسيّما وأنّها لا تطال جيوبهم، فكان أنّ بقيت الضريبة وتمّ تخفيف عبء غراماتها في حينه، بناءً على القانون رقم 66 تاريخ 3-11-2017 المنشور في الجريدة الرسمية بتاريخ 7-11-2017، والذي نصّ على  “إعفاء المستخدمين والعمال والأجراء الذين يشغلون في آنٍ واحد وظيفة أو عملاً في مؤسسات أو محلات عدّة،  من غرامات التأخر في تقديم التصريح ومن غرامات التأخر في تسديد الضريبة عن سنة  2016 وما قبل، شرط أن يصرّحوا ويسدّدوا الضرائب المتوجبة عليهم في مهلة ثلاثة أشهر من نشر هذا القانون”.  كما وأجاز القانون  “تقسيط هذه الضرائب دون فائدة على ثلاث سنوات، شرط تسديد دفعة نسبتها 25

في المحصلة إن كنت موظفاً تعمل في أكثر من مكان، وقامت إحدى الشركات حيث تعمل بالتصريح عنك لوزارة المال، فالراء 8 لجيبك بالمرصاد، وسياسة التطنيش التي يتّبعها معظمنا للتهرب من عبء هذه الضرائب المسلطة على رقابنا لن تجدي نفعاً، كما التذرع بلا عدالة الدولة التي تبدع بالضرائب على فئة المستضعفين من دون أن تقدّم الخدمات البديهية من كهرباء وطبابة ومياه. معايير لا تُؤخذ بالحسبان عند الدفع، ومقولة “ما بيروح شي عالدولة” تنطبق هنا على أكمل وجه، ولا مفر من تسديد هذه الضريبة المسماة “راء 8 ” مهما طال الزمن.

Print Friendly, PDF & Email