Prof. Jassem AJAKA
Physicist and Economist

لا خطة صرف واضحة للبناني. و”التقشف” لا يخلّصه

أكثر من 5 بيّنت النتائج الأولية للمسح الوطني “حول الإلمام بالمسائل المالية” الذي نشرته “حديث المالية” ان 5

اللبناني تتآكله الديون وفي حديث خاص لـ “صدى البلد” اكد الخبير الإقتصادي جاسم عجاقة ان اللبناني بالإجمال يصرف اكثر من قدرته الشرائية، وما سبب له ضيقة مادية اضافية انخفاض نسبة الأموال المرسلة اليه من المغتربين، وعدم توافد رؤوس الأموال الى لبنان. ولفت الى ان المشكلة الأكبر تكمن في ان اللبناني يلتزم بقروض مصرفية لشراء العديد من حاجاته، من سيارة، الى المنزل، والى كل مستلزماته، وهذه القروض تقتصر على الطبقة التي تكون على حدود الفقر. واضاف “ليس هناك حل امام المواطن سوى إتباع سياسية تقشف مالي محكمة خصوصاً بعد ان تطايرت زيادة الرتب والرواتب مع الغلاء المعيشي وهذا ما تتحمل اعباءه الحكومة اللبنانية، فهي من اوصل بالناس الى هذا الوضع الإقتصادي المتردي، فكل شيء من حولهم غالٍ، بينما مدخولهم لا يكفيهم لدفع اقساطهم المصرفية فيعجزون عن شراء شيء بل يقعون تحت كاهل الديون”.

كما اوضح ان “قسما كبيرا من الشباب يعمل ضمن عمل محدود، وليس ضمن إختصاصاتهم العلمية، ولكنهم لا يستطيعون بناء مستقبلهم رغم كل هذا التعب وساعات العمل الطويلة في اكثر من مهنة، والدولة لا تقف الى جانب اي مواطن في ازمته المالية، فإلتزاماتها المادية اعمق من هموم اللبنانيين وتتخطى حدود الوطن”.

الراتب لا يكفي الضروريات وفي السياق عينه كان لـ”صدى البلد” جولة مع الناس، اكدوا جميعهم انهم يعيشون في قلّة مادية لم يسبق ان مرّت عليهم، وبات همهم الوحيد ان تنخفض الأسعار لينهضوا من عجزهم المالي.

ولفتت اليان حرب الى ان راتبها الشهري لا يكفي لشراء حاجات عائلتها الضرورية، مضيفةً “هذا دون ذكر الضرائب المفروضة على اللبناني، فكل شيء ندفعه مرتين، من منتصف الشهر ابدأ بطلب المعونة المادية من ابنتي، وهذا ليس لأنني مبذّرة بل السياسة الإقتصادية المتبعة من الدولة تفرض ان لا يكفيني راتبي”. واشارت الى انها لا تشتري سوى الضروريات لأنها لا تستطيع ان تحرم عائلتها من شيء، و”يبدأ الصرف مع تسديد كل الفواتير اولاً ومن ثم النفقات الغذائية”، مشيرةً الى انه لا يمكن لراتبها ان يكفي فاتورة إستشفاء واحدة ان مرض احد افراد العائلة.

اما مارك حاتم صاحب متجر خلوي، فاشار الى ان كل شهر يختلف عن الآخر حسب نسبة البيع والمدفوعات التي تتوجب عليه، لافتاً الى انه “قبل كل شيء يجب عليه تسديد كلفة إيجار متجره، وراتب العامل لديه، هذا دون ذكر المستحقات الأخرى من مياه وكهرباء وغيرها”. وشرح انه يتبع استراتيجية واضحة لصرف امواله لأن لديه إلتزامات كثيرة ومدخوله ليس ثابتاً فيتغير حسب الظروف الشرائية.

لا حل “راتبي 700 الف واصرف شهرياً اكثر من مليون ليرة” تقول برناديت، مضيفةً “كل شهر اطلب سلفة من رّب العمل، لأنه مستحيل ان يتساوى راتبي ومصاريفي الضرورية منها والتي تتمثل بدفع فواتير المياه والكهرباء والهاتف، وتأمين الغذاء للعائلة”.

كما لا تجد لودي كوسا بدورها حلاً للعيش دون اعباء إقتصادية، وللوصول الى الإكتفاء المادي فهي كسواها من الناس في لبنان، تتخبط بين راتب قليل ومصروف كبير جداً يقتصر على مستلزمات الحياة. واعتبرت انه حتى لو كان الراتب عالياً، فضروريات العيش في لبنان تتخطاه لأن كل شيء غالٍ، خصوصاً التأمينات الغذائية، فدائماً نشعر اننا نحتاج الى سيولة مادية إضافية، رغم إتباع خطة صرف محكمة.

وتوضح نسرين محاسب انه لا يمكن ان يبقى معها فائض من راتبها الشهري لأن مسؤولياتها كبيرة جداً، وكل شيء من حولها يزيد سعره من دون رقابة من الدولة التي لا تساهم في ضبط الأسعار، بل إكتفت بزيادة الرواتب التي قابلتها زيادة متفاقمة في الأسعار، “فكيف يمكن ان نتبع خطة صرف في ظل كل هذه الفوضى المالية من حولنا؟”.

ثقافة اقتصادية الواضع ان معظم اللبنانيين لا يديرون اموالهم من خلال خطة مالية لأن مدخولهم اقل بكثير من التزاماتهم المادية، مما يجعلهم يقعون فريسة الصرف العشوائي، والديون المتكدسة، والحياة المليئة بالهموم. وفي المقلب الآخر هناك الدولة لا تأخذ هموم المواطن المادية على محمل الجد كونها رفعت الحد الأدنى للأجور، واصدرت زيادة على الرواتب، فلا يمكنها ان تقدم اكثر من ذلك، فهمومها، التزاماتها، وصفقاتها المادية، اكبر من حجم الفقراء، لتتخطى حدود الوطن، وتكون اهم بكثير من معادلة بسط ثقافة اقتصادية تسهل على المواطنين حياتهم.

Print Friendly, PDF & Email