Prof. Jassem AJAKA
Physicist and Economist

القروض السكنية مش ماشي الحال.. مصرف لبنان يعيد الدعم آخر السنة ولكن!

نوال الأشقر

في آخر جلسة نيابية عامة إعتبرت السلطة التشريعية أنّها حقّقت إنجازًا إسكانيًا، بفتح إعتماد بقيمة 100 مليار ليرة لبنانية لدعم القروض السكنية لذوي الدخل المحدود، على أن تضع الدولة سياسةً إسكانيةً خلال ستة أشهر. مرّ حوالي شهر على “الإنجاز الكبير” من دون أيّ ترجمة فعلية، بدليل أنّ القروض السكنية من المؤسسة العامة للإسكان لا زالت مجمّدة. هل فشلت الدولة بتأمين دعم بديل عن ذاك الذي يوفّره مصرف لبنان؟ ما الحل؟ وكيف يمكن للمؤسسة العامة للإسكان أن تطلق عجلة القروض السكنية من جديد بالفوائد المتدنية السابقة؟بات واضحاً أنّ المصارف لن تنخرط بالصيغة التشريعية الإسكانية الأخيرة، لأنهّا وكما أعلنت سابقاً بحاجة إلى ضمانات باستمرارية الدعم. فضلاً عن أنّ دعم الدولة للفائدة بنسبة 5 في المقابل المصارف لن تعمد إلى تخفيض فائدة الإقراض التي تترواح بين 10 و 15 ما الحل إذن؟ وكيف يمكن لذوي الدخل المحدود أن يبتاعوا شققًا؟ عجاقة لديه مقاربة إسكانية لحل المعضلة على المدى الطويل، وفي المدى القصير يلفت عجاقة في حديث لـ “لبنان 24” إلى أن الحلّ المؤقت الذي سيتيحه مصرف لبنان من خلال إعادة الدعم في بداية العام المقبل “ولكنّه سيكون حلاً بمفعول قصير لا سيّما وأنّ الفئة التي ستُقبل على القروض السكنية ليست بقليلة عددياً، بفعل تعليق القروض طيلة هذه المدّة من جهة، وبفعل مفاعيل سلسلة الرتب والرواتب التي حفّزت الطلب على القروض العقارية من جهة ثانية، لذا سيتم امتصاص هذا الدعم. كما أنّ إقبال هذه الفئة على القروض السكنية سيرفع الطلب على الكتلة النقدية”. أضاف عجاقة: “إعادة مصرف لبنان لدعمه سيزيد التضخم وترتفع بالتالي نسبة الفائدة، وما سيدعمه مصرف لبنان ستعمل المصارف على زيادته برفع الفوائد. أمّا في حال أرادت الدولة تمويل القروض، ستستدين لذلك إذ لا أموال لديها، الأمر الذي من شأنه أن يخلق تضخّماً، ويلقي بتداعياته السلبية على الإقتصاد وعلى القدرة الشرائية للمواطن، وعلى الفائدة التي سترتفع تلقائياً “. ولأنّ هذه الحلول لها مفاعيل مؤقتة وسلبية، يطرح عجاقة أن تدخل الدولة بشراكة بين القطاعين العام والخاص من دون أن تتكبّد أيّ إلتزامات مالية أو إنفاق مالي، “بحيث تعقد إتفاقًا مع الشركات العقارية لإنشاء وحدات سكنية بأعداد تغطي نسبة الحاجة السنوية، وتكون هذه الشقق خاضعة لمعايير معينة تتلاءم والهدف الذي أنشئت لأجله. ويتمّ بيعها لمستفيدين يُحدّدون وفق شروط ومعايير معينة لضمان أن تذهب هذه الشقق لذوي الدخل الحدود. وضمانة الدولة في هذه العملية ستحفّز الشركات على الدخول في المنظومة من دون أن تتكبّد الدولة قرشاً واحداً”. حلّ آخر من وجهة نظر عجاقة يكمن بفرض ضرائب على الشقق الشاغرة “لاسيّما وأن المواطن التي يمتلك أكثر من شقّتين هو فعلياً قادر على دفع ضرائب، ويكون الأمر عاملا محفّزًا لتأجير هذه الشقق وتخفيض بدل الإيجار، وهذه السياسة من شأنها أن تشكّل حلاً سكنيًا أيضاً لا سيّما بوجود حوالي 55 ألف شقّة شاغرة في بيروت، ومئات ألوف الشقق الشاغرة في لبنان”. في أيّ حال أزمة القروض السكنية وعلى رغم سلبياتها المتعددة في حرمان ذوي الدخل المحدود من التملّك، وتراجع عشرات القطاعات المرتبطة بها، وزيادة الجمود في السوق العقاري، إلا أنّ إيجابيتها تكمن بقناعة الدولة بوجوب وضع سياسة إسكانية شاملة، على أمل أن تُترجم هذه القناعة على أرض الواقع بخطوة أولى تنطلق من استحداث وزارة للإسكان.

Print Friendly, PDF & Email