Prof. Jassem AJAKA
Physicist and Economist

ما هي كلفة الحرب الأميركية على سوريا؟

لا يُمكن للإدارة الأميركية أن تبقى في موقف المتفرّج تجاه ما حصل في الغوطة الشرقية، لأن مصداقيتها على المحك، خصوصاً عقب تصريح أوباما، منذ عام تقريباً، أن على النظام السوري عدم تخطي الخط الأحمر. ويظهر الخيار العسكري كأحد الخيارات أمام الإدارة الأميركية للجم الأزمة السورية. فما هي كلفة هذا الخيار ومن سيتحمله؟ وما هي التداعيات على الإقتصادات الإقليمية والدولية؟ لا شك أن مجزرة الغوطة الشرقية في ريف دمشق أدّت إلى إعادة الحسابات الإستراتيجية في منطقة الشرق الأوسط على خلفية إستخدام أسلحة كيميائية مصنفة كأسلحة دمار شامل (هذا المقال لا يهدف إلى تحديد المسؤوليات في مجزرة الغوطة الشرقية).

وأمام هذا الواقع المستجد، وتصريح أوباما أن على النظام السوري عدم تخطي الخط الأحمر (أي إستخدام أسلحة الدمار الشامل)، أخذ الخيار العسكري طريقه خارج نطاق مجلس الأمن.

هذا الخيار، الذي ستقوده الولايات المتحدة، رأس الحربة في الحرب ضد النظام والذي هو دليل على قوتها (مزيج من الإرادة السياسية، حرية العمل الدبلوماسي والموارد المالية الساحقة)، مقسوم إلى أربعة أنواع: هجوم مباشر وشامل على سوريا؛ خلق منطقة عزل جوّي (بحسب المادة 4 من قرار مجلس الأمن 1973)؛ ضرب بعض المواقع العسكرية؛ ودعم الثوار لوجستياً (معدات، تدريب ومعلومات).

هذه الخيارات لها كلفة إقتصادية…وكل خيار بين هذه الخيارات له كلفته الإقتصادية التي لن تتحملها الولايات المتحدة الأميركية وحدها. وتتوزع الكلفة على البلدان على الشكل التالي:

– سوريا: ما يُعادل النصف أو أكثر على شكل ديون طويلة الأمد.

– دول الخليج: الأموال المباشرة على دول الخليج (السعودية، قطر، الإمارات، الكويت) والإحتمال الأكبر أن تكون على شكل دعم نفطي للعمليات العسكرية إضافة إلى مستشفيات ميدانية.

– تركيا وإسرائيل: مساهمة بتأمين دعم لوجستي أرضي عبر تأمين قواعد عسكرية للولايات المتحدة الأميركية وحلف الناتو. كما وتدريب الجيش السوري الحر على الأرض.

– الولايات المتحدة الأميركية، فرنسا، بريطانيا ودول حلف الناتو: تأمين المعدات العسكرية من بوارج وحاملات طائرات، وطائرات، ودبابات، ومضادات صورايخ وغيرها إضافة إلى جنود.

ومع استبعاد الهجوم المباشر على سوريا نظراً الى كلفته المادية العالية، وبسبب مخاطر وصول الحرب الى إسرائيل، في حال قررت إيران تنفيذ تهديداتها، فمن المرجح أن أميركا، وفي حال قامت بخطوة عسكرية، ستشمل ايجاد منطقة عزل جوّي، قصف بعض المواقع العسكرية ودعم الثوار لوجستياً.

العقوبات الإقتصادية لن تمر عبر مجلس الأمن…

إن زيادة مستوى العقوبات على سوريا لن يمر عبر مجلس الأمن وذلك بسبب الفيتو الذي سيُفرض من قبل الحليف الروسي. لذا ستعمد الدول الغربية ودول الخليج العربي إلى زيادة العقوبات عبر مراسيم رئاسية مما سيزيد الطوق على النظام السوري. وتبقى فعالية هذه العقوبات مرهونة بشكل كبير بقدرة الغرب على ضبط الحدود مع العراق ولبنان.

الكلفة المالية…

ليس من السهل تحديد الكلفة بدقة لعدم معرفتنا بمجرى العمليات ومداها ومدتها، لكن تخميناً بسيطاً يسمح لنا بأخذ فكرة عن كلفة فرض منطقة حظر جوي في سوريا، قصف بعض المواقع العسكرية كما ودعم الثوار عسكرياً دون إرسال قوات برية.

من المتوقع أن تتمركز في البحر المُتوسط نحو 25 بارجة مع حاملتي طائرات أو ثلاث وأكثر من 400 طائرة حربية. كما يُتوقع أن يكون عدد العمليات الجوية بحدود 200 عملية في النهار الواحد (70 إلى 9

لذا وإذا إعتبرنا أن الحرب ستدوم ثلاثة أسابيع، فإن الكلفة سترتفع إلى 10 مليار دولار. أضف إلى هذا المبلغ المعدات العسكرية التي ستُقدم إلى الجيش السوري الحر والتي تُقدر بملياري دولار (دبابات، صواريخ…).

التداعيات الإقتصادية

أما في ما يخص التداعيات الإقتصادية لسيناريو هذه العملية، فقد تكون كارثية في حال كانت ردة الفعل الإيرانية، السورية، وردة فعل حزب الله على مستوى التهديدات التي أُعلنت.

ففي حال بدأت الحرب على سوريا، هناك إحتمال لردة فعل روسية عبر بوارجها في طرطوس وأخرى من قبل إيران عبر مضيق هرمز. وهذا يعني أن أسعار البترول ستشهد إرتفاعاً جنونياً. وفيما “قناة سويس” تعيش تحت ضغوطات الأزمة المصرية، سيكون “مضيق هرمز” تحت نيران القوات الإيرانية. هذا الحدث سيكون جنونياً، إذا لم يتم التنسيق في شأنه مسبقاً مع روسيا.

وهذان المعبران (مضيق هرمز وقناة السويس) لهما تأثير كبير على إقتصادات دول عدة منها قطر، الكويت، السعودية، والعراق وذلك من ناحية إنخفاض الصادرات والواردات وإرتفاع أسعار البترول التي ستقتل دون أدنى شك نمو أوروبا وأميركا.

وعلى هذا الصعيد، ستشهد كل من قطر، الكويت، السعودية، الإمارات، والعراق إنخفاضاً حاداً للصادرات النفطية والغازية (وربما بسيناريو تشاؤمي جداً ضرب المنشآت النفطية في هذه الدول).

على صعيد إسرائيل، سيُضرب القطاع السياحي والتجاري، وربما وقف الإقتصاد في حال إستهدفتها إيران بأسلحة صاروخية. وفي تركيا، ستُضرب السياحة بشكل قوي وهي التي بدأت تأخذ موقعاً مهماً في الإقتصاد التركي. أما في لبنان الذي يعيش حالة إقتصادية كارثية، فسيُسرّع الخيار العسكري في سوريا وتيرة الإفلاسات والهجرة.

على صعيد الدول الغربية، وخصوصاً الولايات المُتحدة الأميركية، سيؤدي إرتفاع أسعار البترول إلى قتل النمو فيها. ولحين حصول أميركا على إستقلالها النفطي، سيبقى النفط عاملا أساسيا في حساباتها الجيوستراتيجية وحروبها عبر العالم. هذا العامل لوحده يدعم فكرة محدودية الضربة التي ستوجهها الولايات المُتحدة الأميركية الى سوريا.

هذه الحرب لها فوائد على الصناعة العسكرية الغربية… وسيكون لها بدون أدنى شك فوائد على الصناعة العسكرية الأميركية والأوروبية. فمنذ لحظة تحرُّك الآلة الحربية، بدأت معامل تصنيع الأسلحة بتصنيع الأسلحة لهذه الحرب وسيتم ختمها بعقود لإعادة تسليح الجيوش الإقليمية.

ونظراً للوزن الكبير للصناعة العسكرية في إقتصادات الدول الغربية، سيكون لهذه الحرب فوائد إقتصادية تُترجم بنمو الإقتصاد العسكري، بحسب ضراوة المعارك وتطور الحرب، ما بين 3

رابط الجمهورية 

Print Friendly, PDF & Email