Prof. Jassem AJAKA
Physicist and Economist

أيسلندا: دروس للبنان

في خطوة فريدة من نوعها، أخذت الحكومة الإيسلندية قراراً بتخفيض الدين العقاري الذي ترزح تحته العائلات في إيسلندا. وهذا التخفيض الذي قد يصل إلى 33 ألف دولار أميركي لبعض العائلات يُذكّرنا بوضع العائلات اللبنانية التي ترزح أيضاً تحت عبء ديون عقارية. فما هي الدروس الواجب الإقتياد بها؟

Print Friendly, PDF & Email

ليبانون فايلز / بروفسور جاسم عجاقة

الاقتصاد الإيسلندي…

في الفترة التي سبقت الأزمة المالية العالمية في العام 2008، كانت إيسلندا تتمتع بإقتصاد مُزدهر مع ناتج محلي إجمالي للفرد يُوازي 57 ألف دولار أميركي، نسبة بطالة 2.

وتتميز هيكلية الاقتصاد باعتمادها على الزراعة بنسبة

أما الإستيراد فيبلغ 6.2 مليار دولار مما يعني أن إيسلندا تُعاني عجزاً تجارياً مزمناً أظهرت أزمة العام 2008 مدى خطورته. وبلغ الدين العام 10.9 مليار دولار أي 90.

ويعتمد الاقتصاد الإيسلندي، بنسبة كبيرة، على صيد السمك والذي يزن ما يقارب الـ 6

وتُصدّر إيسلندا إضافة إلى السمك، الألومينيوم، معادن حديدية أخرى، وثياب من الصوف.

من إحدى خصائص الاقتصاد الإيسلندي، التضخم العالي في هذا البلد. ففي العام 1973، أثرت أزمة البترول بشكل هائل على هذا الاقتصاد وبلغ التضخم الـ 4

لكن التطور العقاري دفع من جديد بالتضخم إلى عتبة الـ

عندما نشأت أزمة الـ Subprimes في الولايات المُتحدة الأميركية، أخذت الأزمة المالية بالتمدد إلى دول العالم وخصوصاً تلك التي كان لها إستثمارات في الأسواق الأميركية. وأول دولة خارجية ضربتها الأزمة كانت إيسلندا التي استثمرت بشكل كبير في هذه المشتقات السامة. ومن عواقب هذه الأزمة ضرب العملة والتي فقدت ما يُوازي الـ 6

وزاد حدة هذه الأزمة النفخ في ميزانيات المصارف المحلية والاستراتيجيات الخطرة التي اعتمدتها المصارف عبر زيادة ديونها للاستفادة من مفعول الرافعة والتي بلغت حد الخمسين (Leverage).

وهذه الاستراتيجيات أدت إلى حد إفلاس إيسلندا التي عمدت الى تأميم الثلاثة مصارف الأساسية كما والتعهد بدفع مستحقات المستثمرين الأوروبيين في المصارف الإيسلندية.

وللذكر بلغ حجم المصارف 10

تخفيف الديون العقارية خطوة لتحفيز النمو

خلال الانتخابات النيابية الأخيرة في إيسلندا، قام الحزب التقدمي بإطلاق وعد يقضي بتخفيض الديون العقارية في حال وصوله إلى سدة الحكم. وهذا ما حصل حيث قامت الحكومة بتنفيذ هذا الوعد الإنتخابي والذي ينص على تخفيض الدين لكل عائلة (Ménage) تمتلك قرضاً عقاريّاً.

ويُحدد نسبة التخفيض عاملان أساسيان: الأول حجم القرض العقاري والثاني مدخول العائلة. وهذا التدبير الذي سيطال 8

لكن هذا الإجراء ليس الوحيد، فقد أقرت الحكومة أيضاً أن من يُسدد دينه العقاري من مُدخراته، سيُعفى من الضرائب. هذه الإجراءات تتعدى كونها مجرد وعد انتخابي، إذ أن تخفيض الديون سيُترجم بزيادة القوة الشرائية لدى 8

مما سيدفع الإستهلاك إلى الصعود أقله بنسبة 70 إلى 7

مقارنة مع الوضع في لبنان…

حجم الإقتصاد اللبناني أكبر من حجم الإقتصاد الإيسلندي. فالناتج المحلي الإجمالي بلغ 39 مليار دولار في العام 2011 أما الدين العام فقد قارب الـ 13

لكن نسبة كبيرة من اللبنانيين استطاعت شراء عقارات بفضل الدعم الخارجي الآتي من المغتربين اللبنانيين وتمويل المصارف لقسم من هذه العقارات. وشهد القطاع المصرفي نمواً ملحوظاً بفضل ازدياد الودائع. وبقي هذا القطاع بمنأى عن الأزمة المالية العالمية من ناحية عدم استثماره في المشتقات المسمومة (تعميم مصرف لبنان).

وإذا ما نظرنا إلى وضع العائلات في لبنان نرى أن الناتج المحلي الفردي يبلغ 9862 دولار أميركي مقارنة بـ 41739 دولار أميركي للفرد الايسلندي. كما أن نسبة الفقر في لبنان تُقارب الثلت في حين أنها لا تتخطى الـ 1

ومن هنا نطرح السؤال عن الإجراءات التي اتخذها حكامنا في لبنان للتخفيف عن كاهل المواطن؟ في الحقيقة لا يوجد أي إجراء لا بل على العكس يتزعزع الإقتصاد اللبناني يوماً بعد يوم وتتردى حالة المالية العامة مع زيادة الدين العام وعجز الموازنة. لذا، يتوجب الوقوف على دور الأحزاب الحاكمة في الدول الأجنبية التي لا تنفك تبحث عن إجراءات تُسهل حياة المواطن أي أن الحكام يسعون لخدمة شعوبهم. في حين أنه في لبنان، نرى أن الشعب هو في خدمة الحكام والأحزاب، وأكبر دليل على ذلك ما يحصل في طرابلس التي تستنزف بنيتها الاقتصادية إرضاءً للزعماء.

Print Friendly, PDF & Email
Source ليبانون فايلز