Prof. Jassem AJAKA
Physicist and Economist

سندات خزينة لتمويل سلسلة الرتب والرواتب

على مثال اللجان السابقة، فشلت اللجنة المختلطة بطرح مشروع سلسلة واقعي ومنصف للموظفين وللدولة في آن واحد. فما هي الطريقة لتصحيح هذا الفشل؟

 

 

 

صار من المعلوم لدى مختلف المعنيين أن تمويل السلسلة وتداعياتها على الاقتصاد هو مشكلة حقيقية. ولا يُمكن مع حسابات بسيطة حلّ مشكلة معقّدة كمشكلة سلسلة الرتب والرواتب. فالقيود الموضوعة على حل هذه المشكلة كثيرة وتتضمن قيوداً اجتماعية (حقوق الموظفين) وقيوداً مالية (مشكلة التمويل)، وقيوداً اقتصادية (التداعيات التضخمية). والعقدة الأساسية كانت عقدة التمويل وعملت عليها الحكومة السابقة واللجان النيابية والمختلطة من دون الوصول إلى حل يسمح بتمويلها من دون إجراء إصلاحات قويّة ومُلزمة. لذا عمدت اللجنة المختلطة في تقريرها الأخير إلى نسف حقوق الموظفين عبر قضم حقوقهم بحجة عدم القدرة على التمويل. 

 

حلّ لتمويل السلسلة…لفهم الحل الذي نطرحه، يجب الإجابة على سؤالين:أولاً: لو توفر المبلغ بالكامل (لنفترض هبة)، هل سيتمّ دفعه بالكامل للموظفين؟ الجواب بالطبع لا، لأنّ المبلغ المستحق مع المفعول الرجعي يتجاوز الـ 4500 مليار ليرة لبنانية وهذا المبلغ على شكل كتلة نقدية 1 (M1) ستكون له تداعيات تضخمية تفوق الـ 6

 

ما هي إيجابيات هذا الحل؟إن إيجابيات هذا الحل تكمن في ثلاث نقاط:أولاً: تُحفظ حقوق الموظفين بالكامل؛ثانياً: لم يعد من مشكلة لتمويل السلسلة بالكامل بل على الدولة تأمين مبلغ وقدره 900 مليار ليرة لهذا العام والباقي أي 3600 مليار ليرة يتم دفعها على شكل سندات خزينة مدتها 5 سنوات مع فوائد سنوية؛ثالثاً: أصبح الاقتصاد بمنأى عن التضخم الذي يُمكن لجمه تحت عتبة الـ 1

 

ماذا عن الدين العام؟إن الدين العام سيزيد بالطبع بقيمة 3600 مليار ليرة مع فوائدها، لكن الدولة اللبنانية لم تعد مرهونة للأسواق لاقتراض المبلغ بل أصبحت مديونة للشعب وبذلك لن يكون هناك من تخفيض للتصنيف الإئتماني لأن الشعب هو الذي يدفع في النهاية. 

 

من أين سيتم تأمين 900 مليار ليرة لهذا العام؟بنود التمويل الواردة في تقرير اللجنة المختلطة صالحة باستثناء رفع الضريبة على القيمة المُضافة. ولا يظنّ أحد أن الإصلاحات مهما كانت النوايا صادقة في تنفيذها، ستعطي مفعولاً هذا العام بل لن يكون لها من مفعول فعلي على الأرض إلا إبتداءً من العام المقبل مع فرضيّة أن يتمّ البدء بالإصلاحات فور ظهور القانون. 

 

لكن هل ستقبل النقابات العماليّة؟إنّ حقوق الموظفين والعمّال مقدسّة لكن يجب الرجوع إلى الواقع، والواقع ينصّ على استحالة دفع المبلغ بالكامل لأنّ التمويل مستحيل من دون تداعيات ماليّة خطيرة، ولأنّ دفع المبلغ بالكامل سيكون كارثيّاً على الاقتصاد من ناحية التضخم. من هذا المنطلق فإنّ عدم قبول النقابات العماليّة بهذه الحل سيكون بمثابة انتحار خصوصاً أنّ انهيار الاقتصاد سيطاول الطبقة الفقيرة والمتوسطة بالدرجة الأولى من ناحية أنّ ثرواتهم، إذا ما وجدت، هي بالليرة اللبنانية. 

 

الإصلاحات هي الأساس لتمويل السلسلة في الأعوام القادمة…بما أنّ الوضع المالي للدولة اللبنانيّة في العام القادم سيكون في أحسن الأحوال كوضعها المالي هذا العام، فإنّ مشكلة التمويل مطروحة في العام 2015. لذا من الضروري الشروع إلى تطبيق الإصلاحات الجذريّة وعلى رأسها محاربة الفساد. هذا الفساد المستشري في جسم الدولة اللبنانية يحرمها من أموال طائلة كانت لتكفي لسدّ السلسلة وتخفيض الدين العام. ومن أهم الاصلاحات التي على الدولة القيام بها: بسط سلطة الدولة الماليّة على المرافئ العامة، التشدّد بجلب الضرائب والفواتير، محاربة الفساد في التخمينات العقاريّة، إزالة المخالفات وعلى رأسها الأملاك البحرية والنهرية ومخالفات البناء، محاربة الفساد في الدوائر الرسمية، القضاء على السمسرة في دوائر الدولة، وقف مهزلة الكهرباء وغيرها. www.lebanonfiles.com/news/711974

 

Print Friendly, PDF & Email