Prof. Jassem AJAKA
Physicist and Economist

اقتصاد لبنان وطلابه رهينة الإضرابات

أعلنت هيئة التنسيق النقابية الإضراب العام يوميّ الإثنين والثلاثاء، كما أكدت على موقفها الرافض لتصحيح الإمتحانات الرسمية لحين إقرار سلسلة الرتب والرواتب. وهذا سيلحق الضرر بالإقتصاد اللبناني وبالطلاب خصوصاً أولئك الذين يهمّون بالسفر إلى الخارج لإكمال دروسهم.

 

تحولت هيئة التنسيق النقابية من صاحب حق إلى أكلة حقوق الطلاب وحقوق الشعب اللبناني. بإعتمادها مبدأ الإضراب، الذي هو حق أخلاقي لكن غير منصوص عليه في الدستور، بدأت الهيئة النقابية تأخذ الإقتصاد اللبناني رهينة مطالبها. فكل يوم إضراب يُشكل خسارة على الإقتصاد اللبناني تُقدر بـ 118 مليون دولار أميركي (إذا ما شُلّ البلد كلياً). وهذا يعني أن الهيئة قادرة على تكبيد الدولة خسائر توازي كلفة سلسلة الرتب والرواتب في فترة أسبوعين! كما أن رفضها تصحيح الإمتحانات الرسمية يضع الطلاب في موضع الرهائن لمطالب محقة ولكن “لا ناقة ولا جمل” للطلاب فيها. وسيتم القضاء على مستقبل العديد منهم وخصوصاً الطلاب الذين يطمحون بالسفر إلى الخارج لتكملة دراستهم. فلتعلم الهيئة أنها وبهذا الإجراء تُشجع الطلاب على عدم الإهتمام بالبكالوريا اللبنانية واعتماد البكالوريا الفرنسية المتوفرة في الكثير من المدارس. كما أنها توجه رسالة واضحة إلى الأهالي بعدم تسجيل أولادهم في المدارس الرسمية واستبدالها بالمدارس الخاصة. فهيناً للهيئة هذا التخطيط الاستراتيجي للحصول على حقوق المعلمين والموظفين!

لا يُمكن أخذ البلد رهينة المطالب بغض النظر عن نوعها وأصحابها. هذا الإجراء يُوازي قطع الطرق أو إقفال مرفأ عام يقوم به كل شخص له مطالب محقة.

حق الإضراب في القانون اللبناني…

لا يوجد في الدستور اللبناني مواد تنص بصراحة (Explicit) على حق الإضراب. وأبعد من ذلك، فإن الإضراب في بعض الحالات التي نص عليها قانون العقوبات اللبناني في فقرة “جرائم الاغتصاب والتعدي على حرية العمل”، هو جريمة يعاقب عليها بالحبس او بالإقامة الجبرية والغرامة كما وبإلغاء عقد العمل.

لكن إضراب إتحاد النقابات في العام 1946، دفع إلى صدور قانون “عقود العمل الجماعية والوساطة والتحكيم” والذي أخذ طابعاً إجتماعياً مع إعتراف ضمني بحق الإضراب للعمال بهدف إعادة التوازن بين العمال وأرباب العمل. وهذا الحق يأتي من باب فشل المفواضات بين الفرقين على المطالب والتي تشمل: الأجور، المطالب الإجتماعية وتحسين ظروف العمل.

السلسة لن تُقرّ في الظروف الراهنة…

كلنا نعلم أنه من شبه المستحيل إقرار السلسلة بشغور منصب الرئاسة الأولى لأن بعض الكتل النيابية لن تقبل بعمل تشريعي للمجلس وذلك بسبب عدم قانونية التشريع في ظل الشغور وإمكانية الطعن به أمام المجلس الدستوري كما وإقتناع هذه الكتل أن السلسلة سيكون لها تدعيات سلبية على الإقتصاد والمالية العامة. أضف إلى ذلك الخسائر الإقتصادية الناتجة عن إضراب القطاع العام والضرر الذي سيلحق بالطلاب نتيجة عدم تصحيح مسابقات الإمتحانات الرسمية. كل هذا يؤدي إلى الإستنتاج أن لا الإضراب ولا الإمتناع عن التصحيح سيؤديان إلى إقرار السلسلة، وهذا تعرفه جيداً هيئة التنسيق النقابية. لكنها تُخطط في حساباتها لإشراك الأهالي والطلاب في إعتصاماتها وذلك بهدف خلق ثورة إجتماعية كنا نتمنى لو كانت لمحاربة الفساد. وباعتقادنا فإن الهيئة لن تنجح في هذه الخطوة لأسباب عدّة وعلى رأسها الوضع الأمني الحالي.

إقرار السلسة بدون إضرابات…

من الحكمة البحث عن حل يسمح بإقرار سلسلة عادلة ومُنصفة للعمال وذلك بدون إضرابات ولا إعتصامات ولا مقاطعة للتصحيح. والمضي في الإضرابات هو إعتراف صريح بعدم قدرة المسؤولين على التفاوض وتفضيلهم “لغة الشارع”. من هنا نرى أن الحل يكمن بقبول الأفرقاء بالحل الذي ينص على أن تعمد حكومة المصلحة الوطنية إلى وضع خارطة طريق تتضمن النقاط الآتية:

  • تقييم حقيقي لكلفة السلسلة مبنية على عدد الموظفين المستفيدين من السلسلة مع إعطاء المعلمين الست الدرجات لأنها حق لهم؛

  • إقرار سلّة من الإجراءات الإصلاحية (بالدرجة الأولى) والضريبية (بالدرجة) الثانية لتأمين تمويل حقيقي للسلسلة. على أن يتم بدء دفع السلسة للعام 2014 والمستحقات على شكل سندات خزينة مع فوائد كتلك التي تقتضيها المصارف؛

  • تحويل المشروع إلى مجلس النواب بشكل سريع على أن يتم وضعه من قبل مجلس النواب على جدول أعمال أول جلسة تشريعية تنعقد.

إن النقابات العمالية أصبحت تعي بشكل واضح تداعيات السلسلة إن من ناحية تمويلها أو من ناحية دفعها بالكامل. من هنا ندعوها كما وحكومة المصلحة الوطنية إلى حوار بنّاء بهدف إقرار السلسلة التي أصبحت المتاجرة بها غير مقبولة.

www.lebanonfiles.com/news/735444

 

Print Friendly, PDF & Email