Prof. Jassem AJAKA
Physicist and Economist

هروب رؤوس الأموال من روسيا

في خطوة متوقعة، قام البنك المركزي الروسي برفع سعر الفائدة من 7.5% إلى 8%. وعلّل البنك هذه الخطوة بمكافحة التضخم. لكن التحاليل تُظهر أن هذه الخطوة لها أبعاد كثيرة.

Print Friendly, PDF & Email

ليبانون فايلز / بروفسور جاسم عجاقة

منذ قضم شبه جزيرة القرم من قبل روسيا، وروسيا عرضة لعقوبات غربية بدأت بها الولايات المُتحدة الأميركية وتبعتها الدول الأوروبية. هذه العقوبات التي بدأت بشكل خجول، خوفاً من التدعيات التي من الممكن أن تطال إقتصادات الدول الأروربية نظراً إلى تعلق هذه الأخيرة بالصادرات الروسية وخصوصاً الغاز منها، بدأت بالتزايد يوماً بعد يوم بشكل مدروس (Smoothly) يسمح بالضغط على روسيا من دون أن يكون هناك من كسر لميكانيكية العلاقات الاقتصادية (Discontinuity).

يتميز الاقتصاد الروسي بخصائص عديدة تجعل منه إقتصاداً هجنياً حيث من أول خصائصه أنه إقتصاد في مرحلة إنتقال من إقتصاد مركزي إلى إقتصاد حرّ. كما وأن تفكك الإتحاد السوفياتي جعل من إقتصاد روسيا إقتصاد ريعي يعتمد بشكل رئيسي على الموارد الطبيعية وعلى رأسها الثروة الغازية وذلك بغياب كل الإستثمارات في القطاع الصناعي.

أدّى هذا الامرإلى تباين حاد بين الطبقات الاجتماعية في روسيا بسبب الفساد المُستشري حول إستخراج وبيع هذه الثروة. كما بدأت روسيا التي تمتد على 17 مليون كم2 مع عدد سكان يُقارب الـ 144 مليون نسمة، تعاني من خلل ديموغرافي حيث قل عدد الشباب لصالح كبار السن مما يُقفد روسيا أهم عامل إنتاجي تنافسي في الإقتصادات المُتطورة، أي القوى العالمة.

وأخيراً يُمكن القول أن الاقتصاد الروسي مُتأثر بشكل كبير بدور الدولة الكبير في هذا الاقتصاد من ناحية سيطرتها على أهم الشركات الروسية كما وبالفساد المُستشري حيث صُنفت روسيا في المرتبة 154 على 178 من ناحية الفساد في العالم. وبما أن الاقتصاد الروسي بعد تفكك الإتحاد السوفياتي، أصبح إقتصادا شبه حرّ ومفتوح على العالم، إستخدم الغرب هذه الميزة كسلاح ضد روسيا عبر فرض عقوبات تؤثر بالدرجة الأولى على الإستثمارات الأجنبية في روسيا.

فمنذ تفكك الإتحاد السوفياتي وعلى مدى عشرة أعوام، شهدت روسيا نوعاً من التراجع الصناعي بسبب غياب الإستثمارات مما جعلها بحاجة إلى التكنولوجيا الأجنبية وخصوصاً الصناعات الأوروبية. وبُعيد وصول بوتين إلى سدة الرئاسة، بدأ الإستثمار الأجنبي في روسيا يزيد حيث شهد تطوراً ملحوظاً منذ العام 2006، لكن هذا الإستثمار يشوبه عيوب أهمها أن قسم كبير يأتي من شركات قابضة يملكها رجال أعمال روس وتوجد في جنات ضريبية.

فعلى مخزون يُقارب الـ 500 مليار دولار أميركي من الإستثمارات، 128 مليار دولار تأتي فعلاً من مستثمرين أجانب والباقي تابع لرجال أعمال روسيين يستخدمون الجنات الضريبية كقبرص، جزر العذراء البريطانية ، برمودا، اللوكسمبورغ، الباهاماس وغيرها لكي يستفيدوا من الأنظمة الضريبية المرعية الإجراء.

لكن السؤال المطروح هو عن السبب الذي يدفع رجال الأعمال الروس إلى الإستثمار في روسيا عبر شركات قابضة توجد في جنات ضريبية؟في الواقع السبب الرئيسي يعود إلى الفساد والمحسوبيات الذين يسيطران على الاقتصاد الروسي مما خلق خللاً في توزيع الثروات في روسيا حيث نجد الأغنياء جداً والفقراء مع إنقراض للطبقة الوسطى.

كل هذا أدّى إلى ضعف هيكلي للإقتصاد الروسي والذي يظهر في بدء تراجع نموه بعد عشرة أعوام من النمو المميز. لذا وعلى أثر تشديد العقوبات حديثاً من قبل الإتحاد الأوروبي، بدأ المستثمرون الأجانب بسحب إستثماراتهم من روسيا كما بدأت المصارف الأوروبية تُقلل من قيمة القروض الممنوحة للإستثمار في روسيا مما أدى إلى حركة هروب لرؤوس الأموال حيث تُشير الأرقام إلى أن الصراع مع أوكرانيا والعقوبات الغربية على روسيا، أدّت إلى هروب رؤوس أموال بقيمة 75 مليار دولار أميركي في النصف الأول من العام 2014.

من هنا جاء رد البنك المركزي الروسي برفع سعر الفائدة من

لكن هذا الإجراء سيكون له عواقب على النمو الاقتصادي الروسي ما دفع صندوق النقد الدولي إلى خفض توقعاته لنمو الاقتصاد الروسي إلى 0.

Print Friendly, PDF & Email
Source ليبانون فايلز