Prof. Jassem AJAKA
Physicist and Economist

هبوط أسعار النفط يخفّض من العجز في لبنان؟

مصائب قوم عند قوم فوائد، هذا المثل الشعبي ينطبق على أسعار النفط إذ من المُتوقع أن يتفاقم عجز الموازنات في الدول المُنتجة للنفط وفي الوقت نفسه ستنخفض الفاتورة الحرارية في لبنان مع إنخفاض أسعار النفط التي تهاوت ما يُوازي الـ 30 بالمئة من سعرها في تموز الماضي. 

Print Friendly, PDF & Email

الجمهورية / بروفسور جاسم عجاقة

يتعلّق الاقتصاد اللبناني بشكل كبير بالنفط. وهذا التعلق هو نتيجة الهيكلية الإستهلاكية لهذا الاقتصاد حيث لا يوجد تقريباً أيّ نشاط إقتصادي في لبنان لا يستخدم النفط بشكل أو بآخر. والمُلفت للنظر أنّ الاقتصاد اللبناني لا يستخدم النفط في صناعات تحويلية إلّا بنسبة ضئيلة والسبب يعود إلى غياب الصناعات الثقيلة التي تستهلك كثيراً من الطاقة الحرارية.

وهنا نرى أنّ الإستخدام يقتصر على الإستهلاك النهائي حيث يتعلق بعض القطاعات بشكل شبه حصري بالنفط كقطاع النقل الذي يعتمد كلياً على النفط وقطاع الكهرباء الذي يُشكل النفط 7

هذا الإستهلاك يُكلّف لبنان ما يوازي 5 مليارات دولار سنوياً حيث يتأثر لبنان وبشكل كبير بتقلب أسعار النفط بنسب تزيد عن الـ 3

والأن ومع هبوط الأسعار بنسبة 3

وإذا بدأ المواطن يلحظ تدنّي الأسعار على محطات الوقود، فإنّ هذا الإنخفاض ليس بالحجم المنتظَر والسبب يعود إلى طريقة حساب هذه الأسعار والتي تعتمد على معدل الأسعار في الأسابيع الثلاثة الأخيرة, والمشكلة أنّ الفواتير التي تبرز هي فواتير المنشأ ولا تدقيق للدولة فيها ما يجعلها عرضة للتلاعب.

يستورد لبنان ما يقارب الـ 5.5 ملايين طن سنوياً من المشتقات النفطية مع سعر متوسطي يبلغ 687 دولاراً أميركياً للطنّ الواحد خلال الأعوام الأربعة الماضية. وهذا السعر هو سعر مُرتفعٌ جداً نسبة إلى بلدان أخرى كالصين التي يبلغ معدل السعر فيها 777 د.أ. أما في فرنسا مثلاً فقد بلغ سعر الطنّ الواحد 950 د.أ. في العام 2012 مقارنة بلبنان 900 د.أ مع الأخذ بعين الإعتبار كلفة النقل والإستخدام المكثَف للنفط في الصناعات التحويلة في فرنسا والإستخدام الإستهلاكي النهائي في لبنان.

التداعيات على الخزينة العامة…

وبالنظر إلى حجم تحاويل الخزينة إلى مؤسسة كهرباء لبنان في العام 2013 وإذا ما اعتبرنا أنّ 7

وعلى رغم أنّ هذا المبلغ محدودة إلّا أنه من المفروض أن يخفف الأعباء على الخزينة العامة في وقت أصبح فيه العجز يتخطى الـ 6 مليارات دولار سنوياً أيْ ما يعادل 1

وفي حال إستمرّ هذا الإنخفاض على الوتيرة نفسها لفترة تفوق السنة فإنه من المفروض أن يصل التوفير على الخزينة الـ 700 مليون دولار مع نتائج إيجابية في الاقتصاد عامة- ولو بشكل محدود نظراً لغياب الصناعات التحويلية والثقيلة. كيف يُمكن الإستفادة من هذا التوفير…

ممّا لا شكل فيه أنّ قطاع الكهرباء يستنزف الخزينة اللبنانية. هذا الإستتزاف يُمكن وقفه عبر إنشاء معامل حديثة عن طريق إستخدام الأموال التي يتمّ توفيرها من إنخفاض أسعار النفط. فكلفة بناء معمل توليد للكهرباء مع طاقة بحدود 1000 ميغاوات هي بحدود الـ 400 مليون دولار أميركي، ما يعني أننا قادرون على بناء المعمل الأول في غضون سنة واحدة.

والأمر لا يتوقف هنا، فتشغيل المعمل الجديد سيسمح بتوفير كلفة الفيول والتشغيل في المعمل الذي سيتمّ توقيفه ما يعني البدء ببناء معمل أخر وهكذا دواليك ليتمّ في النهاية بناء 5 معامل تؤمّن ما لا يقل عن 3500 ميغاوات. هل ستسمح كارتيلات النفط بهذا الأمر…

أظهر التاريخ أنّ قوة كارتيل النفط في لبنان كبيرة حيث رفضت الحكومة السابقة منذ بضع سنوات العرض القطري بإنشاء معمل توليد كهرباء مقابل إستيراد الغاز من قطر. وإذا كان السبب الرسمي لهذا الرفض غير واضح إلّا أنّ التحليل يُظهر أن المستفيدين من إستيراد الفيول رأوا في هذا المشروع ضرباً لمصالحهم وبالتالي قاموا بإستخدام نفوذهم لوقفه.

لذا من غير المُتوقع أن يؤدي التوفير الناتج عن الدعم لشركة كهرباء لبنان إلى نتيجة في قطاع الكهرباء وسيتمّ إستخدام الأموال في الموازنة في بنود إنفاقية أخرى.

في الختام لا يُمكن إلّا أن نتساءل عن مدى كفاءة إقتصاد تُشكل فيه الفاتورة الحرارية أكثر من 1

Print Friendly, PDF & Email
Source الجمهورية