Prof. Jassem AJAKA
Physicist and Economist

عجاقة: التكتل الاقتصادي الداعم لإيران لن ينفع وأمن أوروبا بيد أميركا

مع دخول العقوبات الاميركية «الضخمة» على حد وصف الرئيس الاميركي دونالد ترامب، على إيران حيّز التنفيذ امس، مستهدفة قطاعات النفط والطاقة والنقل البحري والمصارف، تتصلب طهران أكثر فأكثر بموقفها بوجه واشنطن متسلحة بعوامل عدة. فإلى جانب تكاتف الشعب الايراني مع النظام بوجه «الشيطان الاكبر»، تعول طهران بشكل رئيسي على الاوروبيين كـ»خشبة خلاص» تقيها، ولو بالحد الادنى، شر العقوبات، وذلك من خلال التحايل على العقوبات عبر فضاء المبادلات التجارية الذي أنشأه الاتحاد الأوروبي معها والذي يمكّن الشركات من الالتفاف على العقوبات.الدفعة الثانية من العقوبات الاميركية غير المسبوقة، واجهها المسؤولون الايرانيون بتشدد أكبر، ومن خلال الترويج الى أن أميركا باتت معزولة أمام تكتل دولي ضخم داعم ومساند لها. فانتقال أميركا من سياسة تصفير النفط الى الموافقة على استثناء ثماني دول من خلال السماح لها  بمواصلة شراء النفط حتى بعد فرض العقوبات، شكل متنفسا لطهران، وظفه القادة الايرانيون في تصريحاتهم لتصويره وكأنه تراجع ورضوخ أميركي لارادة السوق.

فالى أي مدى تملك طهران القدرة على الصمود؟ الخبير الاقتصادي البروفسور جاسم عجاقة أوضح أن «تطبيق العقوبات لن يكون ضربة واحدة، فالهدف ليس إسقاط إيران بالضربة القاضية، بل خنقها تدريجيا لجرها الى طاولة المفاوضات»، مضيفا أن «استثناء ثماني دول من العقوبات يعود الى أن أميركا والسعودية لا تملكان القدرة على ملء النقص الذي سينتج عن وقف الصادرات الايرانية(2.5 مليون برميل في اليوم)، فالاسواق العالمية لا يمكنها استيعاب هذا النقص مرة واحدة، وهناك تجربة حصلت أخيرا عندما حصل نقص بــ300 ألف برميل، ارتفع بعدها سعر برميل النفط الى 83$، من هنا النقص الحاد قد يرفع سعر البرميل الى 100$ ما يعرض الاقتصاد الاميركي الى الخطر».

وأضاف «وبناء على ما سبق كان لا بد من إقرار اعفاءات لبعض الدول، ولجأت واشنطن الى استراتيجية الخنق التي تهدف الى التضييق على الخصم حتى يضطر تحت تهديد العقوبات الى تغيير سياسته والرضوخ».

وقال إن «أوروبا لن تستطيع تحدي الولايات المتحدة طويلا»، مشيرا الى أن «الكلام بأن واشنطن محاصرة  بتكتل اقتصادي ضخم (روسيا، الصين، اوروبا) يساند موقف إيران وقادر على انقاذ اقتصادها، غير واقعي، فهي قد تعطي طهران مسكنات وقدرة إضافية على التحمل، ولكن لا يمكن صرفه على المدى البعيد لسبب بسيط وهو العامل الجيوسياسي، المرتبط بالخلاف التاريخي بين الاوروبيين وروسيا. فواشنطن تملك ورقة في غاية الاهمية هي أمن الاوروبيين ( الذي يؤمنه حلف الناتو)، ولا سبيل للقارة العجوز للوقوف في وجه المطامع الروسية المستمرة في أوروبا الشرقية سوى عبر هذا الحلف العسكري»، مشيرا الى أن «المصالح الاقتصادية لأوروبا في طهران لن تكون على حساب أمنها القومي».

واستبعد أن «تنجح أوروبا من خلال التحايل على العقوبات في انقاذ الاقتصاد الايراني، فأي من الشركات الاوروبية الضخمة ليست مستعدة للمخاطرة بقطع علاقاتها مع مصدر التمويل الاول في العالم(الولايات المتحدة الاميركية)»، مشيرا الى أن «المخرج الانسب لانقاذ ايران هو عبر مجلس الامن، إلا أن الفيتو الاميركي سيكون بالمرصاد».

وقال إن «الاقتصاد الايراني يتلقى الضربات الاميركية منذ أواخر السبعينات، ومنذ تلك الحقبة وطهران تضحي باقتصادها مقابل المحافظة على نفوذها السياسي، لكن الى متى؟ الى متى سيبقى الشعب الايراني قادر على التحمل خصوصا إذا ما طالت العقوبات المواد الغذائية».

ولفت الى أن «الانتخابات النصفية الاميركية غدا (اليوم) تشكل عاملا مؤثرا في استراتيجية الرئيس الاميركي تجاه إيران، وهو يستخدم سلاح العقوبات لجذب الرأي العام المناهض لطهران»، مضيفا أن «في حال خسر الجمهوريون الاكثرية في مجلس الشيوخ تكون طهران كسبت المعركة بوجه ترامب، أما في حال ربحوا فسينتهج الرئيس الاميركي سياسة أكثر عدائية الى حين الجلوس الى طاولة المفاوضات حيث سيسعى الى انتزاع القدر الاكبر من المكاسب التي تخدم أجندة «أميركا أولا».

Print Friendly, PDF & Email