Prof. Jassem AJAKA
Physicist and Economist

هل سيتأثر اللبنانيون العاملون في السعودية بعجر موازنتها؟

ميليسا لوكية

جاء الإعلان عن العجز في موازنة السعودية لعام 2015، والذي بلغ 97,9 مليار دولار تقريباً، ليثير تكهنات في شأن مستقبل اللبنانيين العاملين في المملكة، وما إذا كانت سياستها التقشفيّة الجديدة ستؤثر على أعمالهم أم لا؟ وفيما أصيبت المالية العامة السعودية بجروح عميقة نتيجة عوامل عدة، يبقى الموظفون اللبنانيون واستثمارات رجال الأعمال رهن ما ستحمله الأيام المقبلة، على رغم وجود إجماع على أنَّ التبعات في هذا السياق لن تكون وخيمة.

 

 

لا يمكن أن تمر الخطط التقشفيّة التي وضعتها السعودية لتقليص العجز في موازنتها الحكومية، من دون أن تجد الجالية اللبنانية نفسها معنية بها، بطريقة مباشرة أو غير مباشرة. ففي حين يصل عدد اللبنانيين القاطنين في المملكة إلى نحو 350 ألفاً يقومون بتحويل نحو 4,5 مليارات دولار سنوياً إلى لبنان، أصبحت استثماراتهم في المملكة، والتي تقدّر بعشرات المليارات من الدولار، تحت المجهر. فهل يخسر العديد منهم رهاناتهم ومشاريعهم ويفقدون وظائفهم؟ يختصر رئيس هيئة تنمية العلاقات الاقتصادية اللبنانية – السعودية إيلي رزق الإجابة عن تلك التساؤلات بتأكيد أن اللبنانيين لن يتأثروا كثيراً بهذا الموضوع أقله في المدى القصير، إذ انَّ السعودية مصمّمة على المضي قدماً في المشاريع التي يعمل فيها هؤلاء وتخصيص ميزانيات لها، حتى وان حددت موازنة السنة الجارية الإنفاق بواقع 840 مليار ريال، انخفاضاً من 975 ملياراً في 2015. وفي الوقت الذي تساهم فيه شركات لبنانية في مشاريع عدّة، ابرزها مترو الرياض (بقيمة تصل إلى 28 مليار ريال تقريباً)، ومطار جدة الدولي الجديد (سيكلف نحو 46 مليار ريال)، ومبان حكومية، ومنشآت بنية تحتية، وجسور وغيرها، يشير رزق لـ”النهار” إلى أنَّ القاعدة الكبرى من المغتربين اللبنانيين المقيمين في السعودية هي من الموظفين في الفئتين الأولى والثانية، وتالياً فإنَّ “رواتبهم لن تتأثر بل ستُدفع في الوقت المحدد”. ولفت الى أن “رجال الأعمال اللبنانيين سيضطرون بدورهم إلى المحافظة على نسب من السيولة في السوق السعودية لأنَّ أحجام المشاريع القائمة كبيرة وحجمها بالمليارات”. وكانت السعودية قد أعلنت عن خطط لتقليص العجز القياسي في موازنتها الحكومية، عبر خفض الإنفاق وإجراء إصلاحات في منظومة دعم الطاقة والسعي إلى زيادة الإيرادات من الضرائب وعمليات الخصخصة، في الوقت الذي تضرّرت فيه ماليتها العامة من جراء هبوط أسعار النفط. وتنطوي موازنتها لسنة 2016 على أكبر تغيير في السياسة الاقتصادية خلال ما يزيد عن عشر سنوات، خصوصاً انها تتضمن إصلاحات حسّاسة سياسياً أحجمت عنها السلطات في السابق. وتشير خطة الموازنة إلى أنَّ المملكة، أكبر مصدّر للنفط في العالم، لا تعوّل على تعاف كبير لأسعار الخام قريباً، بل تستعد لبقاء أسعار النفط منخفضة لسنوات عدّة.

 

المستقبل مرهون بالسياسة تكمن أهمية السعودية بالنسبة إلى الاقتصاد اللبناني، وفق عدد كبير من المطّلعين على العلاقات بين البلدين، في انها تشكل أكبر سوق للمنتجات اللبنانية، فضلاً عن وجود استثمارات سعودية في لبنان وسيّاح سعوديين يشكّلون رافعة أساسية للاقتصاد الوطني. ويقول الخبير الاقتصادي جاسم عجاقة لـ”النهار”، ان “التراجع الكبير في أسعار النفط، ورفع الفائدة في الولايات المتحدة، وواقع ارتباط الريال بالدولار وشراء المملكة كميات كبيرة من الأسلحة من جراء الأوضاع الجيوسياسية، ادت الى خسائر ألمّت بها وأدمت احتياطاتها التي بدأت تتآكل، بما دفعها إلى رفع أسعار الفائدة لديها 25 نقطة أساس”. ويشير الى أنَّ كل هذه العوامل فرضت على المملكة عدداً معيّناً من الإجراءات التقشفيّة التي تُعتبر بمثابة البداية، إذ “لا أحد يمكنه ان يعرف ما هي الخطوات التي قد تتبع لاحقاً، لكن الأكيد أنَّ التقشف فرض أساسي”. ويضيف أنَّ “خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز أكَّد أنّ المشاريع التي تمولها خزينة الدولة قد تتوقف، لكن التي بدأتها المملكة أساساً ستستمر”. ويتطرق إلى الموظفين اللبنانيين، معتبراً أنَّ عدداً من العاملين لدى الشركات التي لا مشاريع لديها قد يخضعوا لعمليات صرف، مشدّداً على أنَّ هذا القرار “سيكون سياسياً وليس ناتجاً من المستجدات الاقتصادية”. ويختم عجاقة: “في ظل هذا القلق المستجد، كنا نتمنّى أن تكون هناك سياسة حكومية تضمن فرص عمل لكل المهددين بالصرف من وظائفهم واعمالهم، كي لا يقعوا، في حال حصول الأسوأ، في براثن البطالة”.

 

Print Friendly, PDF & Email