Prof. Jassem AJAKA
Physicist and Economist

هل تسرّع الإحتياطي الأميركي برفع الفائدة على الدولار؟

يبقى الدولار الأميركي العملة الرئيسية في العالم التي تُستخدَم لتقويم المواد الأولية وللتبادل التجاري العالمي. لذا من المنطقي القول أن سعر صرف الدولار (والفائدة عليه) له تداعيات على إقتصادات الدول الأخرى. فما هي تداعيات رفع الفائدة الأخير على الإقتصادات الخليجية والنامية وخصوصاً تلك التي ترتبط عملتها بالعملة الخضراء؟  في خطوة شبه مُتوقعة من قبل الأسواق، قام البنك الإحتياطي الفديرالي في الشهر الفائت برفع سعر الفائدة على الدولار ب25 نقطة أساس لتكون بذلك المرة الأولى التي يرفع فيها أسعار الفائدة خلال العقد الماضي. هذه الزيادة التي دفعت بسعر صرف الدولار الأميركي صعوداً، كانت لها أصداء سيئة في الإقتصادات العالمية وخصوصاً تلك التي تربط عملتها بالعملة الأميركية. تتميز العملة الأميركية بإنها عملة التبادل التجاري العالمي وبالتالي فإن معظم المواد الأولية وعلى رأسها النفط والغاز والمعادن وغيرها مُقوّمة به. وإرتفاع قيمة سعر صرفه له تأثير مباشر في التبادل التجاري لبعض الدول التي لا تكون عملتها الدولار مثل اليابان، والبلدان الأوروبية، والصين، والهند، والبرازيل (من أكبر مستهلكي النفط في العالم) حيث أن إرتفاع الدولار يزيد الفاتورة الإستيرادية على هذه الدول. لكن هذا الأمر ليس بالوحيد، فالتأثير المالي كبير جداً في الدول التي تربط عملتها بالعملة الأميركية من ناحية أن إرتفاع سعر الدولار يزيد الكلفة المالية على الدول صاحبة العملة المُرتبطة به. وينصّ مثلث عدم التوافق (أو مثلث مانديل) على أنه لا يُمكن تحقيق الأشياء الثلاثة التالية في آن واحد: (1) سعر صرف عملة ثابت؛ (2) حرية تنقل رؤوس الأموال؛ و(3) سياسة نقدية مُستقلة. لذا من الضروري القول أنه في الإقتصادات التي تتسم بحرية تنقل رؤوس الأموال وسعر صرف عملة ثابت، لا يُمكن للسلطات النقدية أن تتمتع بإستقلالية في سياساتها النقدية وبالتالي من المفروض عليها إتباع خطوات البنك الإحتياطي الفديرالي الأميركي صاحب العملة المرجع للعملة الوطنية. وهذا ما حصل في دول الخليج العربي حيث قامت معظم هذه الدول برفع فوائدها كنتيجة لرفع الإحتياطي الفيديرالي الأميركي أسعار الفائدة على الدولار. وللتذكير فإن دول الخليج العربية تربط عملاتها بالدولار الأميركي على شكل هامش تتحرك فيه وبالتالي، فإن المصرف المركزي في كل من هذه الدول يتدخل في حال كان هناك من ضغط صعوداً أو نزولاً على سعر صرف العملة المحلية مقابل الدولار الأميركي. وهذا يعني أن رفع الفائدة على الدولار في الولايات المُتحدة سيرفع كلفة الإستيدان في العالم أجمع خصوصاً على المصارف التي رفعت أسعار الفائدة كالمصارف الإماراتية التي قامت بزيادة الفائدة على الأدوات المالية لفترة 3 أشهر من 0.67 وتعرّضت عملات بعض الدول الخليجية إلى ضغوطات كبيرة كالريال السعودي الذي شهد مضاربات في أسواق العقود بأجل على الريال نتيجة رفع الفائدة على الدولار الأميركي ما يعني إنخفاض الريال السعودي. وهذا ما دفع كل من السعودية إلى رفع سعر الفائدة على الريال السعودي بـ 25 نقطة أساس، والكويت بـ 25 نقطة أساس، والبحرين بـ 50 نقطة أساس والإمارات بـ 25 نقطة أساس، وذلك على الرغم من تراجع أسعار النفط العالمية. وكرد فعل تجاوبت الأسواق المالية في هذه البلدان إيجابياً حيث إرتفعت مؤشرات أسواق الأسهم فيها بإستثناء البحرين. أما قطر التي لم تُخفّض فوائدها بالنسب عينها للإحتياطي الفيديرالي الأميركي خلال الأزمة المالية العالمية، فقد حافظت على سعر الفائدة عينه. وإذا كان الضرر على إقتصادات دول الخليج هو مالياً في الدرجة الأولى، إلّا أن الضرر على إقتصادات الدول النامية هو ضرب للماكينة الإقتصادية التي ستتعرض في الأمدين المتوسط والبعيد لضغوطات كبيرة من ناحية أن رؤوس الأموال المُستثمرة في هذه البلدان والتي بلغت 9 تريليونات دولار منذ العام 2005، ستعود أدراجها إلى الأسواق الأميركية خصوصاً مع مخطط الإحتياطي الفيديرالي برفع الفائدة خلال العام 2016. وهذا الأمر إذا ما حصل ستكون له تداعيات سلبية على مديونية الشركات في هذه البلدان والتي قد تأخذ أبعاداً كارثية مع تراجع عملات هذه الدول، ما سيؤدي إلى تداعيات سلبية على الناتج المحلّي الإجمالي العالمي بحكم أن الدول النامية تُساهم بأكثر من 3

رابط أسواق العرب 

 

Print Friendly, PDF & Email