Prof. Jassem AJAKA
Physicist and Economist

انخفاض النفط Vs ثبات الأسعار.. وعلى ’عينك يا مستهلك’

لا تخضع تجربة لبنان مع أسعار السلع لأدنى معايير “الاقتصاد الحر” في العالم. يُردّد الناس في هذا البلد مقولة “ما في شي بيغلى بيرجع بيرخص”. حقيقة نكتشفها في يومياتنا، وكأنّ الغلاء بات قدراً يُلاحقنا دون رقيب أو حسيب، لا يتحرّك مؤشّر الأسعار في السوق اللبنانية سوى بشكل تصاعدي. أساساً لا يعرف الاستقرار، حتى ينال منه الهبوط.

 

 

اقتصادنا المحلي قائم على الاحتكار، ما يعني حُكماً ضرب الانخفاض الخيالي لأسعار النفط العالمية عُرض الحائط و”على عينك يا مستهلك”. وعلى الرغم من أنّ بورصة النفط العالمي، واضحة للعيان، بمعنى لا يمكن إخفاؤها، إلا أنّ رفع الأسعار يبقى “الشغل الشاغل” لجوقة من التجار الممسكين بلعبة السوق. مؤخرّاً، هبطت أسعار النفط. استبشر اللبنانيون خيراً وفقاً لديناميات العرض والطلب، إلا أنّ الإشارات الإيجابية من خلف الحدود بددتها الآليات الاقتصادية الاحتكارية المتحكمة باللعبة منذ عقود، على حدِّ تعبير رئيس جمعية حماية المستهلك د. زهير برو، الذي يُرجع اللاتناغم بين الاقتصاد المحلي (المستهلك من الخارج بنسبة 80

لا يجد مستشار وزير الاقتصاد للشؤون الاقتصادية البروفسور جاسم عجاقة حرجاً لدى حديثه عن الواقع الاحتكاري المستشري في السوق اللبنانية. وفق قناعاته، قامت الوزراة بأكثر من واجبها في هذا الصدد، لكن “ما باليد حيلة”. المرسوم الاشتراعي 73/83 لا يزال المتحّكم في العملية الاقتصادية، وهو من يرسم الإطار القانوني لتحرك وزارة الاقتصاد. الأخيرة تُواجه مشكلتين أساسيتين خلال قيامها بعملها في ضبط الأسعار. الأولى تتلخّص بعدم وجود قاعدة بيانات مشتركة بين الجمارك – وزارة المالية – وزارة الاقتصاد، ما يعني حُكماً، وفق عجاقة، تعثّر احتساب الكلفة الحقيقية على التاجر، والاكتفاء بالفاتورة التي يتقدّم بها، الأمر الذي يقف عائقاً أمام تحديد سعر موحّد للسلعة. أما المشكلة الثانية، فيُرجعها عجاقة الى الاحتكار “أم المشكلات”. يوضح أنّ عدد التجار في كل قطاع محدود، الأمر الذي يُعطي التاجر الضوء الأخضر للعب دور “الكينغ” في أي عملية تجارية، وبالتالي، تحديد الأسعار تبعاً لما يهوى.  

يأسف عجاقة لهذا الواقع المرير الذي يذهب ضحيته المواطن اللبناني القابع تحت جمر أهواء التجار. وزارة الاقتصاد تقوم بأكثر مما يلزم، وفق قوله. يشرح كيف أرسلت كتابين الى وزارة الطاقة والمياة والأشغال العامة والنقل لإعادة النظر في تسعيرة المولدات وتعرفة النقل، وذلك بناء على شكاوى من المواطنين. الوزراة تحرّكت حالياً واعلنت عن زيادة حجم ربطة الخبز 50 غراماً. الواقع وفق المتحدّث يقتضي خفض سعر الربطة ما يقارب 300 ليرة قياساً بسعر الطحين الذي انحدر بقوة. المساعي جارية، وفق مستشار وزير الاقتصاد، لاستعادة حقوق المواطنين في هذا الصدد. لكنّ لا حل جذريا برأيه لوضع حد لمهزلة التلاعب بالأسعار سوى بإقرار قانون المنافسة القابع في أدراج مجلس النواب منذ عام 2012 والذي يضع حداً لكل الممارسات الإحتكارية في السوق ويُحرّر الإقتصاد من جشع التجار. غياب هذا القانون، من وجهة نظر المتحدّث، يترك سلطة فعلية للتجار بالاحتكار أنّا شاؤوا”.

لا يبدو كلام عجاقة مقنعاً لـ”رئيس جمعية المستهلك” الذي يعتبر وزارة التجارة والاقتصاد جزءاً من تلك اللعبة المتحكمة بالبلد. بنظره، وجود قانون منافسة ليس شرطاً لتقوم الدولة بواجباتها تجاه شعبها. المنافسة تحتاج الى سياسة عامة معتمدة لدى الحكومة مجتمعةً. بلدنا يفتقد للرقابة وحكم المؤسسات. ينطلق برو من تجربته ليقول أنّ وزراة الاقتصاد ليس لها أية علاقة بحماية المستهلك، وهي بنظره مرجعية يحتمون خلفها التجار. منذ 11 عاماً حتى الساعة لم تصدر المراسيم التنظيمية لحماية المستهلك، يقول برو بأسف. الحل الوحيد برأيه لمعالجة ارتفاع الأسعار غير المبرر هو إعادة النظر بالطبقة السياسية الفاسدة والحاكمة من رأس الهرم الى أصغر سياسي” يختم برو.

رابط موقع العهد الإخباري

 

Print Friendly, PDF & Email