Prof. Jassem AJAKA
Physicist and Economist

مصرف لبنان: الوضع النقدي مستقر ولا خوف على الليرة

أثار قرار المملكة العربية السعودية بوقف هبة الثلاثة مليارات دولار أميركي لتسليح الجيش اللبناني وقوى الأمن الداخلي «ذعراً» في الأوساط الرسمية، وسط مخاوف من تحولات جذرية في سياسة المملكة تجاه لبنان، لما لذلك من تداعيات خطيرة على الجسم الاقتصادي اللبناني المترنح أصلاً منذ بداية الأزمة السورية في 2011.

 

 

مما لاشك فيه أن السعودية أثبتت في السنوات الماضية دعمها للبنان في تحقيق الاستقرار النقدي والمالي، بعد أن قدمت المملكة وديعة مالية للبنك المركزي اللبناني بقيمة مليار دولار أميركي في العام 1997، لتتابع النهج عينه خلال الحرب الإسرائيلية على لبنان في تموز 2006 عبر وضع كل من المملكة ودولة الكويت ودائع جديدة بنحو مليار و500 مليون دولار لدى «مصرف لبنان المركزي» حفاظاً على استقرار قيمة الليرة اللبنانية.

وبحسب أوساط مصرفية رفيعة المستوى، بلغ مجموع القروض الميسرة والمنح التي حصل عليها لبنان من المملكة العربية السعودية وصندوق التنمية السعودي، 942 مليون دولار خلال أعوام 1992 و2014، خصصت لمشاريع تطوير البنية التحتية، علماً أنها تشكل 9 في المئة من إجمالي القروض الممنوحة للبنان آنذاك. كما منحت السعودية في مؤتمر باريس «3» ما يقارب مليار و100 مليون دولار لمساعدة لبنان.

من هنا يطرح السؤال الآتي: ماذا لو سحبت السعودية ودائعها المالية من البنك المركزي اللبناني؟ وما تأثير ذلك على الاستقرار النقدي والمالي؟

يستبعد نائب حاكم مصرف لبنان د. محمد بعاصيري في حديث خاص لـ «العربية. نت» إقدام السعودية على سحب ودائعها المالية من لبنان، واضعاً هذه الإشاعات في إطار «التهويل» لا أكثر، مشدداً على متانة العلاقات الاقتصادية بين لبنان والمملكة العربية السعودية.

من جهته، يؤكد الخبير الاقتصادي والاستراتيجي البروفسور جاسم عجاقة أن لا خوف على استقرار سعر صرف الليرة اللبنانية أمام الدولار، وهذا يعود بالدرجة الأولى إلى احتياطات مصرف لبنان من العملات الأجنبية بنحو 38 مليار دولار.

وبحسب أرقام جمعية مصارف لبنان، فإن إجمالي الودائع في المصارف اللبنانية حقق نمواً بنسبة 7 في المئة في 2015 إلى 152 مليار دولار، أمّا على صعيد ودائع غير المقيمين فهي تمثّل نحو 31 مليار دولار من اجمالي ودائع المصارف، في حين أن نحو نصف هذه الودائع (15 مليار دولار) يعود إلى رجال الأعمال العرب والخليجيين.

في المقابل، يبدي عجاقة تخوفه، في حال سحبت السعودية ودائعها المالية، من إقدام المودعين بدورهم على سحب ودائعهم وأموالهم في المصارف اللبنانية بشكل ممنهج في ظل فقدان المودع ثقته بالقطاع المصرفي اللبناني.

وفيما تطمئن الأوساط المصرفية إلى استقرار الوضعين المالي والنقدي، لدى الخبير الاقتصادي إيلي يشوعي وجهة نظر مختلفة، إذ يعتبر أن قطع العلاقات السعودية – اللبنانية سيكون له تداعيات سلبية على صعيد التحويلات المالية من المغتربين اللبنانيين في دول الخليج، وحجم التبادل التجاري بين لبنان والدول العربية الخليجية.

وإذ يستبعد يشوعي إقدام المملكة والدول الخليجية على ترحيل النصف مليون اللبناني العاملين في الخليج، باستثناء من هم منغمسون في وحول السياسة اللبنانية، يشير إلى أن قيمة تحويلات المغتربين اللبنانيين إلى لبنان بلغت 7.5 مليارات دولار في 2015، فيما تشكل السعودية حوالي 15 في المئة من مُجمل هذه التحويلات أيّ مليار و125 مليون. ما يعني أنّ لبنان قد يخسر مليار دولار في حال تمّ صرف كلّ العمال اللبنانيين من السعودية فقط.

كما أن المملكة العربية السعودية تحتل المرتبة الأولى في الشراكة التجارية مع لبنان، إذ يُصدر حوالي 500 مليون دولار سنوياً إلى السعودية من إجمالي الصادرات اللبنانية البالغة مليارين و800 مليون دولار. ما يعني أنه في حال فرض العقوبات، ستفوق خسارة لبنان المليار دولار من جراء توقف الصادرات إلى الدول الخليجية.

يضاف إلى ذلك تراجع الإقبال العربي على لبنان في الآونة الأخيرة، والمتمثل في التدني الحاد في عدد الشركات المستثمرة في البلاد، والذي وصل إلى 8 شركات عاملة، فضلاً عن وجود نية لسحب الاستثمارات السعودية من لبنان، أقله في القطاع الخاص، ولجوء السعوديين إلى بيع عقاراتهم بنسبة ناهزت 70 في المئة في المناطق الجبلية و34 في المئة في المناطق الساحلية، وتدني مستوى المساهمة في شركة «سوليدير» من 18 في المئة إلى نحو 3 في المئة وتدهور عدد السياح الخليجيين وصولاً إلى أدنى مستوياته.

 رابط النهار الكويتية  

Print Friendly, PDF & Email