Prof. Jassem AJAKA
Physicist and Economist

أوقفوا الحرب المذهبية وإلا…

إنه خيار اللبنانيين الذهاب إلى حرب مذهبية والإقتتال في الشوارع وما ستُخلّفه من خسائر بشرية للوصول إلى دوحة 2. لكن الفارق مع الحروب الأهلية السابقة سيكون البعد الإقليمي لهذه الحرب والتي سيكون لها مفعول مضاعف على عدد الضحايا البشرية وعلى إقتصاد على حافة الإنهيار. إن سياسة النأي بالنفس التي تمّ الإعلان عنها في بعبدا لم يتمّ الإلتزام بها إلا من قبل الإقتصاد اللبناني مع العلم أن العكس هو المقصود في هذا الإعلان. هذا الأخير الذي أبصر النور في 11 حزيران 2012، أتى كنتيجة للمخاوف من تأثير الأزمة السورية على لبنان وعلى أمنه. إلا أن الأزمة السورية جرفت في طريقها كل حياد من كل الأطراف الداخلية والخارجية وأصبح المطلوب من لبنان موقف رسمي من هذه الأزمة تحت طائلة عقوبات إقتصادية بدأت بتطبيقها المملكة العربية السعودية مع وقف الهبة إلى الجيش اللبناني وطرد 90 لبنانياً يعملون على أراضي المملكة.لم تلتزم الطبقة السياسية بأي بند من بنود إعلان بعبدا على الرغم من الإجماع عليه لحظة إقراره، لإن الإلتزام بالخارج أقوى من الإلتزام الوطني حتى ولو في ذلك كسر للعمود الفقري للوطن أي العيش المُشترك.هذا الأمر بالطبع إنسحب على الإقتصاد اللبناني وخصوصاً أن تسييس الإقتصاد هو من خصائص الشعب اللبناني حيث نرى أن كل طائفة تملك مصالحها وزبائنها من نفس الطائفة ومورديها من نفس الطائفة. وهذا الأمر ضعف الإقتصاد اللبناني عبر آلية غير منطقية تقوم على إنحياز في العمليات التجارية في الأسواق وبالتالي فإن التفاعل الإقتصادي الذي من المفروض أن يُحفز النمو الإقتصادي مفقود.إن فرضية إقتتال داخلي بالسلاح سيكون قاضياً على الكيان اللبناني مع ما يرافقه من خسائر بشرية لن تسلم منها أي منطقة. وفي حال إنتهت الحرب الأهلية، أي إقتصاد سيكون أمامنا؟ ما هي الخسائر عليه جراء الحرب العبثية؟ وما هي التداعيات على القطاعات الإنتاجية؟أولاً مداخيل الدولة : إن حرب أهلية في لبنان ستضرب مداخيل الدولة اللبنانية في وقت تُعاني فيه الخزينة العامة من عجز مُزمن. وهذه الضربة ستأتي من منطلق أن الدولة ستكون عاجزة عن تحصيل مستحقاتها من الضرائب والرسوم. كما أن التهريب البرّي، البحري والجوّي سيزداد بنسب كبيرة وبالتالي فإن الدولة ستعمد إلى الإستيدان من المصارف أكثر وأكثر. هذا الواقع سيكون مريراً مع إستمرار الإقتتال الداخلي وسيؤدي إلى تراجع التصنيف الإئتماني للبنان ولمصارفه وبالتالي الدخول في حلقة مُفرغة.ثانياً: القطاعات الإنتاجية : إن إندلاع حرب مذهبية في لبنان ستؤدي دون أدنى شك إلى بطئ الماكينة الإنتاجية وبالتالي فإن قطاع الصناعة والزراعة سيترجعان من ناحية الإنتاج ولكن أيضاً من ناحية التصدير بحكم أن الطرقات ستكون غير سالكة. أيضاً وبحسب وتيرة المعارك من المُمكن أن يكون هناك ضرر مادي على المعامل بحكم تعرضها للقصف.ثالثاً القطاعات الخدماتية : بالطبع الخاسر الأكبر من هذه الحرب سيكون القطاع الخدماتي برمته من سياحة ونقل ومطاعم وملاهي وفنادق وحتى الخدمات المصرفية. ولن يسلم بالطبع قطاع الخدمات العامة من كهرباء ومياه وإتصالات ما يعني أن عصب الحياة الإقتصادية سيتوقف ومعه أهم مرفق حيوي، المُستشفيات.رابعاً المجتمع: بالطبع لا يُمكن فتح مدارس أو جامعات في ظل حرب أهلية وهذا يعني أن الطلاب سيكونوا من الخاسرين الأساسيين. أضف إلى ذلك فقدان المواد الغذائية من الأسواق وإرتفاع الأسعار بحكم الإحتكار. كما أن الحصول على أدوية سيكون صعباً بحكم صعوبة إستيرادها وهي التي تتمتع بمدة صلاحية أحياناً لا تتخطى الأيام. والمُلفت في الأمر أن الحرب الأهلية، في حال إندلاعها، ستكون أقسى بكثير من سابقاتها نظراً لنوعية السلاح العالية والأضرار التي تنتج عنها. وبما أن تداخل النسيج المُكون للمجتمع اللبناني مُنتشر على كامل الأراضي اللبنانية وخصوصاً تلك التي تشهد كثافة سكانية كبيرة، من المُتوقع أن تكون الأضرار المادية أكبر. ما يعني أن حساب الخسائر سيكون أكبر وشامل أكثر مع معرفة أن المناطق الكثيفة بالسكان تُساهم بأكثر من 8

Print Friendly, PDF & Email