Prof. Jassem AJAKA
Physicist and Economist

خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي ضربة للإقتصاد العالمي

أدّت سياسات الإنفتاح التي اعتمدها الاتحاد الأوروبي تجاه الجوار وتجاه اللاجئين السوريين، إلى صعود الأحزاب اليمينية المُتطرفة في أوروبا. وهذا الأمر دفع البريطانيين إلى المطالبة بالخروج من الاتحاد الأوروبي، وبالتالي فتح باب خروج العديد من الدول الأخرى كبولندا وغيرها. فما هي تداعيات خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي. الرواية تعود إلى العام 2007 حين كان ديفيد كامرون رئيس حزب اليمين البريطاني آنذاك، مرشحاً لمنصب رئيس وزراء بريطانيا. فتحت ضغط الحملة الانتخابية قام بوعد انتخابي ينص على إجراء إستفتاء على معاهدة ليشبونة التي حلّت مكان المشروع الأوروبي. انتصر كامرون بمساعدة الوسط البريطاني وأصبح رئيس وزراء بريطانيا في العام 2010، لكنه نسي وعده الانتخابي خوفاً من تأزم العلاقات مع حلفائه البريطانيين الذين يؤيدون المشروع الأوروبي. ومع بروز التطرف في الأحزاب اليمينية المُتطرفة والرفض الشعبي للبقاء في الاتحاد الأوروبي، قام كامرون في العام 2015، بهدف ربح الانتخابات، بوعد انتخابي غير إعتيادي قد تكون كلفته عالية جداً على بريطانيا وأوروبا وحتى على الإقتصاد العالمي. هذا الوعد ينص على تنظيم إستفتاء شعبي حول بقاء بريطانيا في الاتحاد الأوروبي أو الخروج منه (Brexit– Bristish Exit). ومع فوزه في الانتخابات تمّ تحديد تاريخ 23 حزيران 2016 كموعد لهذا الإستفتاء. وعد قديمينص مبدأ الاتحاد الأوروبي على التضامن بين الدول للنهوض بالشعوب الأوروبية اجتماعياً وإقتصادياً، من خلال مشاريع مُشتركة وفتح الأسواق بعضها على بعض ضمن قوانين مُشتركة وعادلة للجميع. هذا الأمر يسمح للدول الأوروبية الفقيرة وتلك التي لا تتمتع بتطور عالٍ، بالإستفادة من الاتحاد لتحديث أنظمتها وإقتصاداتها للوصول إلى مستوى الدول الأوروبية الُمتطورة. مُشكلة بريطانيا مع الاتحاد الأوروبي تكمن في أن الرأي العام البريطاني يُحمّل مسؤولية التراجع الإقتصادي في بلاده إلى الأنظمة الأوروبية، التي وفق البريطانيين تؤخر تطور وتقدم الإقتصاد البريطاني. وإستغل اليمين البريطاني هذا الأمر في الانتخابات كوسيلة للوصول إلى الحكم. فالمرأة الحديدية (مارغريت تاتشر) قالت في ثمانينات القرن الماضي: لقد حاربنا من أراد حكمنا، فكيف لنا أن نقبل بأن نُحكم من قبل بروكسل؟ وحتى رئيس بلدية لندن السابق بوريس جونسون إعتمد هذه الإستراتيجية بهدف قيادة حزب اليمين البريطاني وبالتالي الوصول إلى رئاسة الوزراء. قام الاتحاد الأوروبي بإقرار قوانين الهجرة والعمل للأوروبيين داخل حدود الاتحاد وفرض على بريطانيا ودول الاتحاد قبول عمّال الدول الأوروبية الأخرى ومنحههم حقوق العمّال البريطانيين. وبالتالي، هاجر أكثر من مليون عامل بولندي إلى بريطانيا في أقل من عشر سنوات، ما خلق امتعاضاً لدى البريطانيين تحول إلى غضب مع بدء حملات الهجرة السورية إلى أوروبا. وإزدادت بذلك المُطالبة بالخروج من الإتحاد الأوروبي. تفاصيل الخروجماذا تُقدّم بريطانيا فعلاً للاتحاد الأوروبي؟ وما هي تداعيات الخروج من الاتحاد؟منذ دخول البريطانيين إلى الإتحاد الأوروبي في العام 1973، وهم يُظهرون الإرادة بعدم الإنخراط الكلّي في الإتحاد. فبين رفض العمّلة الموحدة، وتقليص “ثاتشر” للمساهة البريطانية في الموازنة الأوروبية مروراً برفض دخول معاهدة شنغين، كانت بريطانيا تظهر بمظهر المُشارك الذي يُريد ولا يُريد. ورغم ذلك، تلعب بريطانيا دوراً مهماً في الحياة السياسية والإقتصادية والاجتماعية للاتحاد الأوروبي. هذا الدور يتمثّل في مساهمة في الموازنة الأوروبية بقيمة 17 مليار يورو على إجمالي 135 مليون يورو (أي ما يوازي 1

Print Friendly, PDF & Email